هل تستعيد جامعة الدول العربية دورها في سورية؟

أقام أوباما حلفا مع أكراد سوريا وتركهم يمزقون شمال سوريا وهو ما جعل تركيا تقيم تحالفا مع روسيا، ورغم الخلاف الخطير بينهما انتزعت تركيا من روسيا محاولة إحباط الحلم الكردي في غرب الفرات بمحاولة سيطرتها على مثلث المدن جرابلس ومنبج رغم تواجد قوات أميركا وروسيا وتركيا، لكن لم تسمح تركيا بأن يدخلها الأكراد إلى جانب مدينة الباب وتمكنت تركيا من طرد داعش منها.

هناك عدة أهداف لتركيا منها أهداف إقامة منطقة آمنة لثلاثة ملايين لاجئ سوري لديها، والهدف الأكبر عبور الفرات لتقويض الجيب الكردي القائم على حدودها الممتد شرقا ويلامس كردستان العراق، لذلك أبدت تركيا استعدادها اجتياح داعش في الرقة ودير الزور بالتحالف مع السعودية التي أبدت استعدادها لإرسال قوات إلى سوريا باعتبارها منطقة عربية، لكن ترامب الذي ورث تعاون أوباما مع أكراد سوريا بأن يحرر أكراد سوريا الرقة ودير الزور على ظهر الدبابة الأمريكية.

لذلك يتساءل عدد من الدبلوماسيين بأن ترامب لا يزال يواصل سياسات أوباما في سوريا، فيما أن البعض يرى أن ترامب أراد تجميد الوضع في سوريا حتى يحقق أولوياته التي هي ليس فقط في تصفية داعش في المنطقة بل تصفية التطرف في العالم كله التي تسببت في توافد اللاجئين، والأولوية الثانية مواجهة إيران ومحاصرتها وإجبارها على الخروج من المنطقة التي هددت المصالح الأمريكية، واستبدال سياسات أوباما التي أدت إلى مزيد من التوسع الإيراني في المنطقة.

إدارة ترامب تطرح خريطة تجمع بين متناقضات لكنها تشكل رؤية جديدة تراعي مصالح تركيا والولايات المتحدة بجانب صيغة جديدة للتعايش إقليميا مع الروس، وهي رسالة فهمتها روسيا رغم أن تطمينات حسن روحاني لدول الخليج غير كافية بسبب أن روحاني لا يملك المليشيات التي يقودها قاسم سليماني في سوريا، لذلك تحولت الآستانة إلى بحث مسألة المجموعات الشيعية التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، وفي مقدمتها حزب الله وانسحابها إلى خارج الأراضي السورية حيث أتت زيارة أبو الغيط إلى بغداد من أجل إقناعه بسحب المليشيات التابعة له من سوريا، وستكون المهمة الرئيسية التي سيقوم بها المركز الروسي في حميميم هي مراقبة انسحاب المجموعات الشيعية التي تقاتل إلى جانب الأسد من عدد من المناطق السورية، وبحثوا بصورة خاصة حول إمكانية تخصيص منطقة لحزب الله تخضع لمسؤوليته وسحب قواته من المناطق الأخرى في سوريا وبصورة خاصة من شمال سوريا وهي جزء رئيسي من التسويات السياسية الجارية في الوقت الحاضر في سوريا، مقابل أن تقدم تركيا ضمانات حول الاستقرار في شمال سوريا.

وجاء تجميد عضوية سوريا في القمة العربية التي ستعقد في الأردن في نهاية مارس 2017 يدل دلالة على أن السعودية ومصر لديهما تفاهما حول تسوية سياسية في سوريا وسيحضر مؤتمر القمة مبعوث الرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف مع مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس دلالة أيضا على أن العالم بدأ يتجه نحو إيجاد حل سلمي في سوريا خصوصا بعد التوافق العربي بين مصر والسعودية والعراق بعد زيارة عادل الجبير إلى بغداد تمثل نقلة نوعية في العلاقات العربية وتعتبر القمة محطة لعودة العمل العربي المشترك في دورتها الثامنة والعشرين والتي ستكون استثنائية من أجل توحيد الصف العربي المشتت بفعل اختلاف المواقف حول جملة من الملفات الساخنة وعلى رأسها الأزمة السورية.

يبدو أن النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا بعدما خسرت روسيا دعواتها المتكررة لإنهاء تعليق عضوية سوريا في مجلس الجامعة العربية، يسعى النظام السوري إلى تثبيت مكاسبه العسكرية التي حققها في شمال سوريا ويخسرها في الوسط خصوصا بعد رد المعارضة على فشل وقف النار بهجوم على أحياء دمشق ما يعني أن النظام السوري لن يتمكن من فرض انتصاراته على طاولة المفاوضات أو مفاوضات تحت النار يسميها البعض حماما دمويا في جنيف المقبلة، ويجرب النظام استعادة السيطرة على الحدود الجنوبية مع الأردن والجولان عن طريق مرتزقته حزب الله بعدما رسمت تركيا لحزب الله خطا أحمر في مدينة الباب في شمال سوريا حيث هددت تركيا إذا اقتحم حزب الله مدينة الباب ستتقدم تركيا إلى حلب.

أعتقد أن الجامعة العربية ستستعيد دورها بعدما حاول الشرطي الروسي خطف الدور العربي وكذلك خطف دور الأمم المتحدة فلم تعد إيران مرتبكة بل كذلك روسيا بعد فشل روسيا الثلاثي مع تركيا وإيران، وسيستعيد دي مستورا قدرته التفاوضية التي انتزعتها روسيا وستستعيد جنيف مكانتها مرة أخرى.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق