ماذا يريد النظام الإيراني من ادعاءات إحباط هجمات إرهابية؟

أصبح ليس من الغريب أن تعلن طهران بين الفينة والأخرى عن إحباط مخطط إرهابي أو تكفيري، حسب وصفها، كان يستهدف أمن واستقرار إيران، ولكن ما يثير العجب هو الإعلان عن إحباط سلسلة من التفجيرات في أماكن متفرقة في العمق الإيراني واعتقال مجموعات إرهابية كانت تخطط لتفجير 50 هدفاً في مناطق حيوية ومكتظة بالسكان، وقد تم إلقاء القبض عليهم جميعاً في غضون أسبوع، وضبط عدد من القنابل وكميات كبيرة من المتفجرات، دون تقديم أية إشارة تدل على مصداقية البيانات التي أصدرتها الأجهزة الأمنية الإيرانية حول إحباط هذا المخطط الذي وصفته بواحد من أكبر المخططات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار إيران.

لقد عجت وسائل الإعلام الإيرانية بالأخبار المتعلقة بهذا الحدث، ووجدتها فرصة للتغني بقوة ويقظة الأجهزة الأمنية الإيرانية، وربطت العقيدة الدينية والوحي الإلهي بقدرة القوات الإيرانية على كشف مثل هذه المؤامرات، وبدأت تنسج الخطابات الشعبوية والعاطفية وتؤلف القصص الخيالية والبطولية لشحن المواطن بالولاء للنظام الإيراني، وأرجعت سبب هذه الإنجازات والقدرات إلى دعاء الصائمين وبركة الولي الفقيه الذي يتلقى التوجيهات من المهدي المنتظر الذي حسب إيحاءات بعض قادة طهران فإنه يلتقي بخامنئي ليزوده بالإرشادات.

ولكن كيف لدولة مصنفة بأنها أكثر الدول دعماً للإرهاب وصناعة للجماعات المتطرفة، وتدعم وتدير غالبية العصابات الإرهابية في المنطقة، أن يستهدفها الإرهاب بهذا الحجم المعلن عنه؟ وما وراء هذه الدعاية الإعلامية التي تروج لها إيران؟

بعد التململ الذي أصاب المواطنين الإيرانيين وحتى بعض المسؤولين في المؤسسات الحكومية والعسكرية من كثرة سقوط الضحايا الإيرانيين خارج البلاد خلال القتال الطائفي في سوريا والعراق، وارتفاع حدة التساؤلات عن جدوى التدخلات الإيرانية في الحروب الإقليمية وإنفاق المليارات عليها، وهدر السلاح والعتاد، اتجه النظام الإيراني إلى خلق الأجوبة لهذه التساؤلات بدعاية إعلامية خداعة يريد منها إقناع الرأي العام الإيراني بوجود أعداء وجماعات متواجدة في جوار إيران وتحركها وتديرها قوى معادية للشعب الإيراني، لذا يجب تقديم الضحايا وإنفاق المليارات من أجل القضاء على هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية والمتواجدة في سوريا والعراق.

لذا فإن النظام الإيراني يهدف من وراء هذه البيانات التي يصدرها بين حين وآخر ويعلن فيها عن إحباط مخططات إرهابية كانت تسعى إلى استهداف أمن واستقرار البلاد إلى خداع الشعب وإجباره على الصمت والسكوت، ومن جهة أخرى يريد أن يستخدمها في الحرب الإعلامية التي يشنها ضد دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ليقول أن هذه الأعمال الإرهابية قادمة من السعودية وحلفائها، كذلك يريد أن يظهر أن إيران مستهدفة من قبل الجماعات الإرهابية، ليبين لشعبه وللعالم أنه لا يدعم ولا يمول هذه الجماعات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار إيران.

والأخطر من ذلك هو نية النظام الإيراني في التخلص من القوى السنية المتواجدة داخل حدوده، فيجد من الإعلان عن مثل هذه المخططات الإرهابية التي تستهدف إيران ذريعة لتنفيذ مشروع الخلاص من المعارضين والقوى السنية وإخضاع كافة القوميات غير الفارسية التي بدأت تظهر رغبتها في التخلص من هذا النظام القمعي، لذا فهو سيبدأ بعمليات تطهير لكافة القوى المعارضة له بذريعة مكافحة الإرهاب ومقاتلة الجماعات الإرهابية.

وتدور رحى زيف الإعلام الإيراني على السعودية والوهابية بهدف الإساءة إلى السنة للنيل من الشعوب والبلدان العربية وخاصة السعودية، ليظهر للعالم أن التطرف والإرهاب مصدره المذهب السني، لذا فإنه يستخدم مصطلح الوهابية والتكفيرية قاصداً به المذهب السني، ونرى هذا بوضوح في البيان الذي أصدره يوم الثلاثاء وزير المخابرات الإيراني محمود علوي وجاء فيه أنه تم إلقاء القبض على عشرة تكفيريين وهابيين كانوا يخطّطون لتفجير 50 هدفاً في أجزاء مختلفة من البلاد، أي عشرة متشددين من السنة، ووصف الإعلام الإيراني هؤلاء بأنهم “إرهابيون تكفيريون وهابيون” والغاية واضحة هي لصق الإرهاب بالمذهب السني.

كما يمكن ترجمة هذه الدعاية الإعلامية من قبل إيران بأنها ذريعة لمواجهة الأكراد الإيرانيين علناً بعد أن بدأوا بالتحرك الخطير، مع العلم أن الكثير من الصدامات وقعت بين الحرس الثوري والأكراد ولكن لم يعلن عنها، ولكن الآن بعد ظهور خطر الاستقلال الكردي أصبح من الضروري ردعه بالقوة المسلحة.

وفي سعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين صورتها أمام العالم تحاول طهران إيصال فكرة للعالم تتحدث عن قوة الأمن والاستقرار في إيران، ما يستوجب راحة المستثمرين وجذب استثماراتهم.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق