عاصفة الحزم: إشعار بنهاية مشروع محور الممانعة والمقاومة

عاصفة الحزم أعادت الروح إلى جسد الأمة، وهي تؤذن بأن زمن الانكسار والهزائم  ونقلت العرب من حالة الانتظار إلى حالة المشاركة والفاعلية، وهي مقدمة لعواصف أخرى في المنطقة العربية خصوصا في سوريا.

لم يعد البكاء على الأطلال ينفع، صحيح أن إيران تكتف بالبكائيات في الحسينيات، ولكنها استبدلت البكاء على الأطلال بكيل من الخطب والتصريحات المتناقضة والممزوجة بالشتائم والسباب للسعودية.

ما يثبت أن إيران تعيش حالة من التخبط والارتباك خصوصا وأن عاصفة الحزم تزامنت مع ظروف حساسة تمر بها إيران من المفاوضات حول النووي الإيراني قبل التوصل إلى اتفاق إطار بمعزل عن أي نفوذ وتمدد على المنطقة العربية.

بعد أن كانت تروج إيران لشعارات محور الممانعة والمقاومة والتي تلاشت تماما بفعل عاصفة الحزم، رغم أنها كانت كذبة كبرى ممزوجة بشعارات مثلها مثل البكائيات السائدة في الحسينيات لتغرير العامة تحت شعار محبة آل البيت والتي شوهت روح ونقاء وحيوية الدين الإسلامي.

تلك الشعارات وتلك الممارسات ساهمت في تحقيق مخططات أعداء الإسلام في تقسيم المسلمين الذين يحرصون على دعم مخطط ومشروع إيران الداعم لتقسيم خريطة المنطقة العربية بنيت عليها مشاريع عديدة في مراكز أبحاث عالمية دون بذل أي جهد أو أي تكاليف تتحملها تلك الدول والمنفذ المشروع الإيراني.

إيران وأذرعها في المنطقة بعد عاصفة الحزم أصبحت في حالة من الهستيريا، خصوصا بعد تمرد فرق في الجيش السوري على الضباط الإيرانيين، وتمرد ألوية في الجيش اليمني على الحوثيين وانضمامهم للشرعية، وهناك تغيرات مفاجئة في العراق وفي لبنان وفي المنطقة ما يمثل صحوة شيعية عربية ضد إيران وضد مشاريعها التي دمرت المنطقة تحت شعار محور الممانعة والمقاومة.

وبشكل خاص تبرأ الشيعة العرب من خطابات حسن نصر الله بعدما خرج بثالث خطاب بعد عاصفة الحزم، وهو يتصرف بإيعاز من قيادة ولاية الفقيه، والمسؤول عن الجبهات العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين والسعودية وبقية البلاد العربية، وهو ينطق بلسان عربي مبين ولكن بقلب وولاء إيراني حتى أصبح حسن نصر الله ابن العلقمي في أمتنا الذي استخدمه هولاكو ثم قتله.

فهو ينتحر سياسيا، وستتخلص منه إيران لاحقا، كما تخلصت من العديد من القيادات بعد انتهاء مهماتها، خصوصا بعدما فشل في قيادة مسيرة ضد عاصفة الحزم في اليمن ضد السعودية وقلصها إلى مجالس وخطابات، بعد أن أعلن الشيعة في لبنان منهم رئيس التيار الشيعي في لبنان تأييدهم لعاصفة الحزم.

الشيعة العرب يعتبرون حسن نصر الله طرفا في حرب ظالمة في سوريا وفي العراق وفي اليمن، ويعتبرونه هو من حرك ودعم انقلاب الحوثيين في اليمن ومن قبل في لبنان، ويعتبرون خطاباته ينطبق عليها قول الله سبحانه وتعالى التي تغرر العامة والحاقدين على السنة وأصحاب المشاريع الأجنبية ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) وينطبق عليه كذلك قول الله سبحانه وتعالى ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين).

فأكثر ما يزعج إيران توحد العرب سنة وشيعة لأنهم يعتبرون أن عاصفة الحزم تدل على قوة العرب، وهي حركة مباركة، وأن الأمن القومي العربي تعرض للاختراق ولا يمكن تجزئته سواء في البحرين أو اليمن أو لبنان أو العراق وسوريا، ويرفضون اعترافهم بولاية الفقيه أو أن يكونوا جزء منها،  وأن حسن نصر الله وكيل إيران يقود حربا في خاصرة الأمة العربية، ولن تنخدع الأمة العربية مجددا بتمرير شعارات دينية جديدة واعتبار بأن ما يحدث في اليمن هي ثورة تمهد لخروج المهدي.

عاصفة الحزم حققت كثيرا من الأهداف، بل قادت إلى تغيير المعادلة في المنطقة العربية، ووقوف العرب بقيادة السعودية بحزم وقوة في وجه فرض إيران واقع على المجتمع الدولي، وخطف اليمن من قبل مليشيات مدعومة من إيران غير قادرة على حكم اليمن لكنها قادرة على تدمير اليمن، وهم جماعات ليس لديها أي أفق سياسي ولا تنموي لإخراج اليمن من محنته، بل هيمنة تقود إلى تفتيت اليمن، وليس إلى تقسيمه فقط شمالا وجنوبا.

إيران تريد محو آثار معركة القادسية التي قادها العرب زمن الخليفة عمر بن الخطاب لتحرير الشعوب من العبودية، ومنها شعب فارس الذين وجدوا في الدين الإسلامي بغيتهم.

لذلك هي بشرت بمشاريع فارسية باسم الإسلام والمذهب الشيعي، لتغرير المستضعفين والعامة من خلال مشروع محور الممانعة والمقاومة تحت شعار تحرير فلسطين واسترجاع القدس بينما المشروع الحقيقي يكمن في السيطرة على المنطقة العربية وقيادة حروب مباشرة وغير مباشرة عبر المليشيات التي تشرف على نشأتها، خصوصا بعد نجاح المشروع المليشياوي بقيادة حسن نصر الله في لبنان في غفلة من العرب وضغط على القيادات العربية بدعم شعبوي لقتال إسرائيل عبر خطف عدد من الجنود لتحقيق المشروع الإيراني تحت اسم الممانعة والمقاومة الذي نجح في تثبيت المشروع، لكن أفشلت عاصفة الحزم المشروع الإيراني، مشروع الممانعة والمقاومة إلى الأبد وبدأت عاصفة الحزم تعيد رسم خريطة عربية جديدة.

 

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق