درس من التاريخ.. للمخدوعين بثورات الجحيم العربي..الخميني نموذجا

في يوم 12 فبراير 1979 سقط نظام الشاه محمد رضا بهلوي وأعلن روح الله مصطفى الموسوي الخميني قيام جمهورية إيران الإسلامية، ولكن من هو هذا الخميني وكيف وصل ومن أوصله إلى السلطة في إيران؟ هذا ما سنتناوله في هذه الورقة، فالاستخبارات البريطانية التي استحدثت بكل خبث ودهاء الإسلام السياسي السني منذ القرن الثامن عشر، تلته أيضاً بإسلام سياسي شيعي بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية.

بمجرد استيلاء الخميني على السلطة قابل جيمي كارتر الرئيس الأميركي ذلك بترحيب، ووصف النظام الإيراني الجديد بالأصدقاء رغم الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة الأميركية في طهران! لكن كارتر، مع بريطانيا، كان قد عقد العزم على عزل الشاه والاستعانة بالمتاجرين بالدين من الشيعة لحكم إيران، وكان لدى كارتر فريق عمل يعمل على تنفيذ مهمة إسقاط الشاه، وكان الفريق يتكون من شخصيات سياسية ومجموعة من المختصين في شؤون الشرق الأوسط وإيران، وشخصيات من جهاز الاستخبارات الأميركية CIA، وعملاء من جهاز الاستخبارات البريطانيةMI6 ، وكذلك التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، والذين سبق لهم أن تحالفوا مع الخميني منذ ثلاثينيات القرن الماضي، كما كانت جماعة الإخوان المنسق الرئيس ما بين الخميني والولايات المتحدة، وترأس تلك العملية المريبة النائب الأميركي رامزي كلارك عام 1977.

كانت الاستخبارات الأميركية معجبة للغاية بالدهاء البريطاني في اللعب بورقة الدين، واستخدام الأصولية الإسلامية كسلاح في مواجهة الأعداء، وهذا ما فعلوه في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي، فالأصولية الإسلامية ستشكل عنصر ضغط ضد الروس، علماً أن الإدارة الأميركية قد تبنت جماعة الإخوان الإرهابية منذ خمسينيات القرن الماضي، ثم كثفت من تعاونها معهم لرفع نسبة عداء المسلمين للاتحاد السوفييتي، خاصة وأن بعض الجمهوريات السوفييتية السابقة مسلمة، وهذا ما ساعد في التشكيك في ولاءات شعوب الجمهوريات المسلمة تجاه الاتحاد السوفييتي الذي تفكك لاحقاً، ومع استمرار تدفق المساعدات الأميركية للأصولية الإسلامية، قام الروس باجتياح أفغانستان، وهذا ما لم تتوقعه الولايات المتحدة، وبدلاً من إعادة الإدارة الأميركية النظر في سياستها تجاه توظيف الإسلام السياسي استمرت أميركا في تلك السياسة الرعناء وبقوة.

في العام 1976 قامت منظمة العفو الدولية، وهي في الأصل منظمة تتبع الاستخبارات البريطانية، وكذلك منظمة “هيومان رايتز ووتش”، وهي الأخرى تتبع الاستخبارات الأميركية، وكلاهما أدوات ابتزاز تستخدمهما بريطانيا وأميركا لابتزاز الدول التي تعاديها، بإصدار تقارير مفبركة ضد الشاه تتهمه باضطهاد وتعذيب السجناء السياسيين، وكان هذا التقرير بداية المواجهة بين الشاه من جهة وبين لندن وواشنطن من جهة أخرى، وفي الوقت ذاته كثفت الاستخبارات البريطانية رعايتها وعنايتها لجماعات الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، فيما قامت الاستخبارات الأميركية بالاستعانة بمعهد أسبن للدراسات في كولورادو، والذي بدوره ساعد الإدارة الأميركية وزودهم بالدراسات اللازمة لإنجاح الثورة الخمينية.

في العام 1977 وبعد وصول جيمي كارتر لسدة الحكم، وفي ظل التعاون التكنولوجي بين إيران وفرنسا وألمانيا الغربية، أرسل كارتر مندوبيه إلى تلك الدولتين الأوروبيتين مبدياً اعتراضه على هذا التعاون أو مع أي دولة من دول العالم الثالث (حسب وصفه المتعجرف)، خاصة في مجال التقنية النووية الذي كان يسعى الشاه إليه، كما أبدى كارتر غضبه من التعاون الاقتصادي القائم بين إيران والاتحاد السوفييتي وألمانيا الغربية في مجال الغاز الطبيعي. وعلى إثره قررت الاستخبارات البريطانية والأميركية استعمال سلاح الحرب النفسية ضد الشاه، وذلك بتوجيه الأوامر إلى الملالي للتظاهر ضد الشاه، وبدورهم قام الملالي بدعوة البسطاء والطبقات الفقيرة من الشعب الإيراني للتظاهر، تماماً كما حصل مؤخراً مع ما يسمى ثورات “الربيع العربي”، وقد بلغ عدد الملالي الذين تمت الاستعانة بهم الآلاف، وتم توزيعهم على وجه الخصوص في القرى والمحافظات لتجييش مشاعر البسطاء من الشعب الإيراني، والذين كانوا ينخدعون ببساطة بكلمات جياشة ومنافقة يطلقها كل من لبس عمامة وعباءة، والسؤال الآن: أين كان جهاز السافاك (المخابرات الإيرانية) من هذا كله؟

البريطانيون (MI6) والإسرائيليون (الموساد) هم من قاموا بتأسيس جهاز الاستخبارات الإيراني، وتدريب العاملين فيه، وليس من المستغرب تواطؤ السافاك، حالهم حال بقية أفراد المعارضة الإيرانية المتعاونين مع الاستخبارات الأميركية والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، ومنهم صادق قطب زاده، والذي تم تعيينه لاحقاً وزيراً لخارجية نظام الخميني، وإبراهيم يازدي، وأبو الحسن بني صدر، وهؤلاء جميعهم عاشوا في الغرب قبل الثورة الخمينية وتلقوا تدريباتهم من (CIA) و (MI6)، وقدموا خدماتهم لهم لمدة نحو 15 سنة قبل نجاح الثورة الخمينية حتى حصلوا على المكافآت بتعيينهم في مناصب قيادية بعد نجاح الخميني في الوصول إلى السلطة.

في العام 1978 ازدادت الاضطرابات في إيران، فقام الشاه بتغيير الحكومة وتعيين جمشيد أموزيغار رئيساً للوزراء، والذي بدوره اتخذ موقفاً عدائيا من رجال الدين وأوقف عنهم المعونة المالية المخصصة لهم، وألقى القبض على البعض منهم، بينما كان يعتقد الشاه أنه لا يخشى التصعيد مع الملالي، كونه تحت حماية جهاز السافاك، ولكن الحقيقة أن رئيس السافاك الجنرال حسين فردوست قد خان الشاه وانضم بكل سرية إلى الخميني، علماً أن فردوست هذا كان صديق الطفولة للشاه، وقد أحبط الشاه كثيراً لخيانته، ولكن الإحباط جاء متأخراً بعد استيلاء الخميني على السلطة. ومع استمرار أعمال الشغب في العام نفسه (1978) ساهمت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) الناطقة بالفارسية في تأجيج الأوضاع الداخلية الإيرانية، الأمر الذي اعتبره الشاه خيانة بريطانية له، فيما كانت الحكومة الإيرانية تحول الأموال إلى حسابات بنكية سويسرية، وفي الوقت نفسه تتصاعد الاحتجاجات بتحريض من الملالي، الذين كانوا يمطرون الخميني بوابل من المدائح الإلهية، وأنه المنقذ للشعب الإيراني، والمحتجون الإيرانيون كانوا يقابلون تلك الخطب العاطفية بالبكاء والنواح؛ وبلغ عددهم بالملايين عندما نزلوا إلى الشوارع، في تصرف شاذ وغريب يدل على مدى انخداعهم بالملالي، إذ كانوا ينقادون بسهولة بإشارة من الملالي، الذين لم تهمهم عدد الأرواح البريئة التي ستزهق، فأصدر الشاه أوامره بإعلان الأحكام العرفية، الأمر الذي لم تتقبله منظمة العفو الدولية، ولكن الشاه كان مضطراً إلى اتخاذ الحزم الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 500 متظاهر في إحدى أيام الجمع من شهر سبتمبر 1978.

في شهر أكتوبر من العام 1978 ازدادت المظاهرات الخمينية ولم تنفع معها الأحكام العرفية، وازداد الوضع الاقتصادي سوءاً خاصة بعد قيام العديد من التجار بتحويل مئات ملايين الدولارات خارج إيران، هذا بالإضافة إلى إضرابات عمالية في قطاع النفط، الذي كان يعاني من الأساس من عدم التوافق مع شركة النفط البريطانية، بإيعاز من الاستخبارات البريطانية، والتي ساعدت على تهريب كميات كبيرة من السلاح إلى إيران لتعزيز المظاهرات ضد الشاه، فردّ عليهم الشاه بتأميم شركة بريتش بتروليوم في إيران.

وفي خضم هذه الاضطرابات في إيران، قامت العراق بوضع الخميني (كان مقيماً في النجف) تحت الإقامة الجبرية، لكن فرنسا منحت الخميني اللجوء السياسي، في تصرف غريب يكون على الأرجح بطلب من الشاه نفسه، معتقداً أنه في حال مغادرة الخميني إلى فرنسا سيتخلص منه، ولكن حدث العكس تماماً، فالخميني استغل وضعه في فرنسا بالحديث بكل حرية مع وسائل الإعلام الدولية، وبث خطبه الدموية المحرضة على العنف. ومن جهة أخرى، كانت أغلب الدول العربية قد أبدت استعدادها لمساعدة الشاه ضد المتأسلمين، خشية أن تنتقل تلك الثورات إلى الدول العربية، خاصة وأن بعض الدول العربية لديها بعض التجارب مع جماعة الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، إلا أن الاستخبارات الأميركية نجحت فعلياً بالتعاون مع الإخوان المسلمين وبعض الدول الإقليمية في الشرق الأوسط وعلى رأسهم إيران، في إيصال تلك الثورات إلى بعض الدول العربية بدءاً من العام 2011.

استمرت توجيهات الاستخبارات البريطانية إلى هيئة الإذاعة البريطانية بتغطية الأوضاع في إيران وفبركتها بما يخدم الخميني، وأرسلت العديد من المراسلين إلى إيران، وبعض هؤلاء المراسلين كانوا عبارة عن جواسيس يتبعون الـ (MI6)، وكانت الـ (BBC) ذلك الوقت من العام 1978 صورة طبق الأصل عن قناة “الجزيرة” الإخوانية، التي كانت تفبرك الأحداث في مصر لصالح جماعة الإخوان الإرهابية، إذ كانت الإذاعة البريطانية تذيع خطب الملالي الخمينية تماماً كما فعلت الجزيرة عندما أذاعت خطب الإخوان الإرهابية في ميدان رابعة بمصر، وكأنما التاريخ يعيد نفسه وبنفس التعليمات من الـ MI6و CIA.

في ديسمبر 1978 كانت الحرب النفسية التي كانت تقودها الاستخبارات البريطانية – على وجه الخصوص – ضد الحكومة الإيرانية قد ازدادت انفجاراً، وكانت أذرع الـ MI6الممتدة في إيران عبارة عن جواسيسها الذين كانوا في هيئة مراسلين للـ BBC، والذين قاموا أيضاً بإدخال تقنيات صوتية ذات جودة عالية وفي غاية الدقة، بحيث مكنتها من تسجيل أصوات إطلاق رصاص ومفرقعات، ومن ثم بثها عبر مكبرات صوت المساجد، وذلك لإيهام المتظاهرين أن القوات الأمنية تستخدم السلاح ضدهم وعليهم مقابلة القوة بالقوة، وهذا ما كانت تنتظره حكومة كارتر والإدارة الأميركية التي لعبت بورقة حقوق الإنسان، وأعلنت دعمها للمعارضة الإيرانية برئاسة الخميني في يناير 1979، وأبدت عدم رغبتها في بقاء الشاه.

كان مقر الخميني في فرنسا مشغولاً دائماً بمريديه من عملاء استخبارات بريطانيا والولايات المتحدة وعلى رأسهم المنسق العام الأميركي لعملية الإطاحة بالشاه وتسليم السلطة إلى الخميني المدعو رامزي كلارك، وفي الوقت ذاته من شهر يناير 1979 كان الشاه يحاول التماسك، وعندما فشل رئيس وزرائه جمشيد أموزيغار في معالجة الفوضى التي كانت تمر بها الدولة الإيرانية، قام بإحالة رئاسة الوزراء إلى شخص آخر يُدعى شهبور بختيار، على أمل إرضاء الجماهير الغاضبة من أموزيغار المعادي للملالي، وقد حاول بختيار الحفاظ على العرش الشاهنشاهي وذلك بحل مشاكل الامتيازات النفطية مع بريطانيا، ووقف الأحكام العرفية، وإلغاء جهاز السافاك، والانسحاب من “حلف بغداد”، وإقالة السفير الإيراني لدى الولايات المتحدة المدعو أردشير زاهدي، الذي خان الشاه ودار بأوامر أميركية في صف الخميني، كما حاول بختيار التصالح مع المتأسلمين ولكن الخميني رفض الصلح بأوامر من الوسيط الأميركي رامزي كلارك، بل دعا الخميني جماعته من المتظاهرين إلى المزيد من الفوضى والدمار.

المؤسف في الأمر، أن الجيش الإيراني كان محايداً ولم يقف مع حكومة بختيار لإنقاذ العرش الشاهنشاهي من السقوط، وهذا مهد الطريق للخميني للعودة إلى إيران يوم 1 فبراير 1979، ليعلن يومها سقوط حكومة بختيار، وشكّل حكومة جديدة تديرها مجموعة من الملالي برئاسة المُلا مهدي بازركان، ولكن بتوجيه من رامزي كلارك، ومع ذلك حاول بختيار مجدداً الدخول في مفاوضات تصالحية مع الملالي، ولكن بختيار واجه مشكلة أخرى حقيقية في حكومته وهي حالات الانشقاقات في حكومته والقوات المسلحة، وكان جنرالات الجيش الإيراني يرفضون الانصياع لأوامر بختيار، بل إنهم – أي رئاسة الأركان للقوات المسلحة الإيرانية – عقدوا اجتماعاتهم وقرروا عدم الدخول كطرف في المواجهة القائمة بين بختيار والملالي، وكأن حالة الفوضى تلك التي تمر بها البلاد لا تهم الجيش الإيراني!

في يوم 9 فبراير 1979 وقع جنرالات رئاسة الأركان الإيرانية، إعلان “الحياد” تجاه الفوضى الحاصلة في إيران، وكان عددهم 19 جنرالاً في الجيش الإيراني، وقد دفع هؤلاء الجنرالات الثمن غالياً، لأنه تم الزج بأغلبهم في السجون بعد استيلاء الخميني على السلطة، وأما الآخرون فقد تم تصفيتهم بالقتل، ووحدهم فقط من بقي على قيد الحياة من وإلى الخميني والإدارة الأميركية.

كان الجنرال الإيراني غاراباغي رئيس الأركان يشاهد بلاده تحترق، وكان على علم بأن إيران ستقع فريسة سهلة بيد المتأسلمين، وهذا ما عارضه آخرون في رئاسة الأركان، لكن غاراباغي رفض ونفذ الإعدامات بالرمي بالرصاص لكل من عارضه، هذا بالإضافة إلى حالات الاغتيالات التي نفذها غاراباغي في ما لا يقل عن 350 ضابط إيراني في الجيش، أي أن الجيش الإيراني هو كذلك في حالة من عدم الاستقرار واتخاذ القرار، الأمر الذي ساعد الخميني على تأسيس جهاز استخبارات خاص له تحت مسمى جهاز “السافاما”، وهو جهاز قائم على الجهاز الاستخباراتي الذي ألغاه بختيار “السافاك”، وقام الخميني باختيار الجنرال الإيراني الذي خان الشاه والرئيس السابق للـ “السافاك” حسين فردوست لإدارة السافاما، وازداد الأمر سوءاً بفرار بعض كبار الجيش الإيراني من إيران إلى الخارج.

ورغم وصف الخميني، بعد استيلائه على السلطة الإيرانية، للولايات المتحدة بـ “الشيطان الأكبر”، فإنها كانت مستمرة في دعمه، وخصصت جسراً جوياً تشحن له الأسلحة لتعزيز سلطته، هذا بالإضافة إلى خدمات الـ CIAلجهاز السافاما الاستخباراتي الجديد من تدريب وتمكين، ثم قام الخميني بتأسيس الحرس الثوري الإيراني بقيادة مصطفى شمران، وهو شخص على الرغم من إيرانيته من صنيعة الـ CIA، وكذلك حادثة أو مسرحية الاستيلاء الطلابية على السفارة الأميركية في طهران 4 نوفمبر 1979، كانت خطة وضعها المنسق الأميركي العام للخميني رامزي كلارك. أما الشاه، فقد غادر إيران نهائياً يوم 16 يناير 1979 بضغط من شهبور بختيار، ثم ارتحل إلى نيويورك في 22 أكتوبر 1979 للعلاج من مرض السرطان، وتزامن ذلك مع استيلاء الإدارة الأميركية على 6 مليار دولار من الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة. وتوفي الشاه يوم 27 يوليو 1980 في مصر التي عاش فيها آخر ما تبقى من عمره بعد أن منحه أنور السادات اللجوء السياسي. أما شهبور بختيار الذي استعمل لغة الصلح والتفاهم مع الخميني، استعمل معه الخميني لغة “التصفية”، وهذا ما تم باغتيال بختيار في فرنسا التي هرب إليها.

أول من قام بتهنئة روح الله مصطفى الموسوي الخميني هم جماعة “الإخوان المسلمون”، فقد أرسل مرشد الإخوان حينها عمر التلمساني وفداً إخوانياً رفيع المستوى برئاسة يوسف ندا لتهنئة الخميني عام 1979؛ ذلك العام الذي شهد تأسيس أول جماعة للإخوان المتأسلمين في إيران برئاسة شخص يُدعى ناصر سبحاني، رغم أن النظام القانوني الخميني يمنع كل ما هو سني، ولكن للـ “السافاما” ترخيص خاص ليس بالضرورة أن يكون قانونياً! فعلاقة الخميني بالإخوان عميقة جداً، فذلك الخميني الشاب في ثلاثينيات القرن الماضي كان في غاية الإعجاب بمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا، وسجّلَ التاريخ أول لقاء جمعهما في العام 1938 في مقر المرشد الإخواني في مصر، وطلب الخميني من البنا تأسيس جمعية للإخوان في إيران، وهذا ما حصل عام 1979، (كما أن الخميني كان مهووساً بالبنا لدرجة جعلته يطلق على نفسه لقب “المرشد” تيمناً بحسن البنا.)

تلك الزيارة الخمينية إلى زعيم الإخوان حسن البنا لم تكن مجرد زيارة عابرة، حاله حال بقية علماء الشيعة الإيرانيين الذين كانوا ينزلون ضيوفاً في مقر الإخوان، فالخميني لم يكن حينها مشهوراً أو معروفاً بالمقارنة مع علماء شيعة إيرانيين آخرين مثل المرجع محمد تقي القمي، لكن الخميني كان مشروعاً إخوانياً مستقبلياً، أما القمي فقد كان على علاقة وثيقة بحسن البنا خصوصاً في إطار نشاطات دار التقريب بين السنة والشيعة تحت مسمى “دار التقريب بين المذاهب الإسلامية”.. تلك الدار كانت تحمل في طياتها الكثير من الأجندات السياسية، وسبق للبنا أن التقى أحد كبار علماء الشيعة ويدعى آية الله الكاشاني، وذلك في موسم الحج من العام 1948 – أي قبل أقل من عام على اغتيال البنا – وتفاهم معه حول آلية “تقريب” التعاون، كونه (البنا) عميلاً للاستخبارات البريطانية، والملالي بحاجة إلى من يقربهم إلى الاستخبارات الغربية للاستيلاء على السلطة، وتحويل الدول العربية والإسلامية إلى دول ثيوقراطية متخلفة يتحكم بها المتأسلمون.

أخيراً، لم يمنح التنظيم الإخواني حسن البنا الفرصة حتى يشاهد ثمرة إنجازه المستقبلي “الخميني” عام 1979، أو حتى يوم وصول محمد مرسي إلى سدة الرئاسة بمصر عام 2012، لأنه ارتكب خطأ شنيعاً عندما قال “ليسوا إخوان ولا مسلمين”! فتمت عملية التصفية.. الخميني صاحب المقولة الشهيرة عند قبول إيران بوقف إطلاق النار مع العراق “أشعر كأني أتجرع كأس السم”! ذلك الخميني الذي مات من أجله ملايين الإيرانيين! هكذا هو حال الدول الثيوقراطية، محكوم عليها بالفشل لأنها عبارة عن دمى!

مركز المزماة للدراسات والبحوث

بقلم: د. سالم حميد

المراجع:

Mohammad Reza Shah Pahlavi, Answer to History, Stein & Day Pub; First Edition edition (September 1980)

Ashraf Pahlavi, Faces in a Mirror: Memoirs from Exile, Prentice Hall Trade; First Edition (May 1980)

Robert Dreyfuss, Hostage to Khomeini, New Benjamin Franklin House; 1st edition (June 1981)

Robert Dreyfuss, Devil’s Game: How the United States Helped Unleash Fundamentalist Islam(American Empire Project), Metropolitan Books; First Edition (October 2006)

ثروت الخرباوي، أئمة الشر.. الإخوان والشيعة أمة تلعب في الخفاء، مركز المزماة للدراسات والبحوث، الطبعة الأولى،

الوسم : إيران

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق