انخفاض سن المطلقة في إيران إلى 16 عاماً وفي كل ساعة 19 حالة طلاق

أثار الازدياد المتسارع لحالات الطلاق في المجتمعات الإيرانية ردود أفعال العديد من الخبراء والمختصين الاجتماعيين، لما يحمله من تداعيات حالية مقلقة وآثار سلبية مستقبلية، وخاصة على ضحاياه من الأطفال والنساء، إذ عادة ما يعتبر الطلاق من المعضلات التي تهدد عواقبها الأجيال القادمة نفسياً وتنموياً لما يتركه  من مشاكل وصعوبات يعاني منها الطفل في الوقت الذي يحتاج فيه إلى رعاية تؤهله وتحفزه على تنمية الذات من خلال تقديم كافة وسائل الحياة المريحة، ورعايته رعاية صحيحة وتثقيفية من أجل بناء جيل يقود البلاد إلى النمو والازدهار.

ويعتقد الدكتور “مجيد أبهري” الباحث والخبير في الشؤون الاجتماعية أن لارتفاع حالات الطلاق في المجتمعات الإيرانية أسباب سلوكية وأخرى بيئية، أما العوامل السلوكية فتتمثل في تغيير نمط الحياة وتأثير الفضائيات وعدم الاكتراث بتحمل المسؤوليات، ومن العوامل البيئية التي تزيد من ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمعات: التضخم والبطالة وغلاء الأسعار وضعف المهارات السلوكية في إدارة العواطف والسيطرة على الغضب، ويقول الدكتور مجيد أبهري: إنه في الوقت الحالي من بين كل 6 حالات زواج في إيران يقع طلاق واحد، وفي طهران من بين كل 4 حالات زواج يسجل طلاق واحد.

وليس الخطير في ظاهرة الطلاق في إيران أنها تتزايد بشكل متسارع فحسب، بل يعتقد الخبراء أن ما هو أخطر في هذه الظاهرة هو انخفاض سن المطلقة، إذ يؤكد الدكتور “مجيد أبهري” بأن سن المطلقة في إيران انخفض إلى ما دون الــ 16 عاماً، وهذا فيه مخاطر جدية على تكوين الأسر، وذلك لأن النظرة المجتمعية والثقافية للمطلقات تجبرهن على الزواج غير التقليدي أو غير الشرعي مثل الزواج الأبيض أو الزواج من رجل كبير متزوج أو الدخول في عالم بيع الخدمات الجنسية، وخاصة أن أعمار 80% من المطلقات في إيران تحت سن الـ 30، وهو ما يمثل ضرراً اجتماعياً كبيراً، كما أن تجربة الطلاق تعرضهم لـ 14 نوعاً من الأمراض أبسطها الاكتئاب.

كما يرى الأستاذ الجامعي وعالم الاجتماع “علي باصري” أيضاً أن الطلاق باعتباره واحداً من الأمراض الاجتماعية الأساسية والجدية، فإنه يشكل تهديداً لبنيان الأسرة، وأن العوامل الشخصية والنفسية والثقافية والاجتماعية والقانونية والقضائية من الأمور التي تؤثر بشكل مباشر على هذه الظاهرة، وبشكل عام: فإن هناك عوامل وظروف مختلفة تلعب دوراً بارزاً في تزايد حالات الطلاق، مثل: الإدمان والفقر والبطالة والمشاكل الجسدية والزواج غير الشرعي واختلاف وجهات النظر بين الرجل والمرأة والمشكلات النفسية وتعدد الزوجات وتدخل أطراف خارجية وعدم مقدرة الرجل على تغطية النفقات.

إن العوامل المذكورة مسبقاً جميعها منتشرة في المجتمعات الإيرانية، وهو ما يفسر ارتفاع حالات الطلاق على هذا النحو المتسارع، وهذه العوامل هي دائماً ما تكون منتوج وعصارة إدارة البلاد بشكل عام، لأنها وليدة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وارتفاع حالات الطلاق عادة ما يفسر تردي الأوضاع الاجتماعية والثقافية والمعيشية لدى المواطن والمسؤول عنها في الأول والأخير هو الحكومات وسياساتها في إدارة البلاد واعتمادها على المنهجية الصحيحة والهادفة إلى الرقي بالمجتمع والنهوض بالمواطن.

لقد صدم التقرير الذي تلاه مدير عام مكتب الإحصاء وعدّ السكان في دائرة النفوس الإيرانية “علي أكبر محزون” الخاص بظاهرة الطلاق في العام الفارسي المنصرم (21 مارس 2014 حتى 20 مارس 2015) الدهشة لدى العديد من الخبراء الاجتماعيين، بسبب ما أشار إليه من  تزايد متسارع وبشكل مستمر لحالات الطلاق في إيران، إذ تم تسجيل 19 حالة طلاق في كل ساعة في العام الفارسي الماضي، ووصلت حالات الطلاق في عام 1393 (12-3-2014 حتى 20-3-2015) إلى 163 ألف و572 حالة طلاق، وبالمقارنة مع العام الذي سبقه فإن هذا العام شهد زيادة بنسبة 5.3 في حالات الطلاق، وقد شهدت المدن 149 ألف و647 حالة، وفي القرى 13 ألف و935 حالة أيضاً، وتشير هذه الإحصائيات إلى أن إيران في العام الماضي كانت تسجل نحو 13 ألف و631 حالة طلاق شهرياً، ويومياً 448 حالة، ووفقاً لهذه الأرقام فإن معدل الطلاق يكون 2.1% مقابل كل ألف نسمة في إيران.

إن منحنى الطلاق في السنوات الـ 10 الأخيرة ارتفع بشكل ملحوظ في إيران، وكان متوسط الطلاق حسب إحدى الإحصائيات الإيرانية قد بلغ 22% أو 23%، كما كان المعدل أعلى من ذلك في المدن الرئيسية في إيران، وحسب الدراسات فإن 33% من حالات الزواج في إيران تنتهي بالطلاق خلال الـ 5 سنوات الأولى للزواج، ومن 15% إلى 20% من تلك الحالات تتم في السنة الأولى من الزواج، مما يدل على وجود تفكك أسري، ومن بين كل 5 زيجات تحدث حالة طلاق، والأربعة المتبقية تهددها عوامل الاضطرابات الأسرية، والنزاعات، وإيذاء الزوجات والأطفال، ومن بين هذه الأربعة حالات هناك زيجة واحدة ناضجة فقط، أي أن 20% فقط من حالت الزواج في إيران تكون ناجحة وناضجة، والباقي تعاني من المشاكل.

وإلى جانب ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمعات الإيرانية بنسبة 5.3% خلال العام الماضي، فقد شهدت أيضاً انخفاضاً في معدلات الزواج بنسبة 5.6% وهو مؤشر آخر على دخول هذه المجتمعات في خلل اجتماعي وعوز اقتصادي، وهو ما زاد نسبة العنوسة في إيران حتى أصبحت بين الرجال 46% وبين النساء 48%، أي أن ما يقارب نصف أفراد المجتمعات الإيرانية في دائرة العنوسة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات عن أسباب ترك الشباب الإيراني للزواج.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

 

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق