أزمات عاصفة تنتظر خليفة خامنئي

كثيرة هي الأزمات التي تعصف بإيران وشائكة هي الملفات التي تنتظر خليفة خامنئي الذي يعاني المرض والتقدّم في السن. ولعلّ أبرز الأزمات تكمن في تدهور الوضع الاقتصادي والعقوبات والملف النووي وخفض أسعار النفط، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والجريمة والإدمان، ناهيك عن قضية الشعوب غير الفارسية المحتلة من قبل الدولة الفارسية، التي تشكّل بركانا مؤهلا للانفجار.

رغم موجة الانتقادات الشديدة التي تلقاها، إلا أن رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفسنجاني، كان أهم من أثار قضية “ما بعد خامنئي”، فوصفها بالمثيرة للقلق. وفي ذات الوقت، أشار إلى ما يعاني منه مجلس خبراء القيادة من أزمات، والمعروف أن هذا المجلس مكلف بانتخاب ما يسمى بولي الفقيه وفقا للدستور الإيراني، وهو مقبل على الانتخابات كما هو الحال بالنسبة للبرلمان.

تقترب إيران من الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في العام الإيراني المقبل. انتخابات وصفها أسد الله بادامجيان قائم مقام الأمين العام لحزب الائتلاف الإسلامي الإيراني بالمعقدة، وحذّر من أنّ العدو يسعى لتكرار تجربة الانتخابات التونسيّة المزوّرة في إيران على حد قوله، ولكن دون تقديم أي دليل أو حجّة على ذلك!

لذلك بدأت المخاوف تدب في إيران من دخول العسكر في الانتخابات، خاصة الحرس الثوري والباسيج التابع له، ورغم أن الدستور الإيراني يمنع العسكر من المشاركة في الانتخابات، إلا أنّ الحرس الثوري يعمل على الدوام للتغول في السلطة وزج عناصره في البرلمان وكذلك مجلس خبراء القيادة، حتى وإن كانوا مختبئين تحت العمامة بدل الخوذة.

اعترف بذلك كل من القائد العام للحرس الثوري عزيز جعفري ونائب خامنئي في الحرس علي سعيدي باعترافهما بتدخل الحرس الثوري والباسيج لقمع الاحتجاجات الشعبية ضد تزوير الانتخابات عام 2009 واقتحام المقرات الانتخابية التابعة لمير حسين موسوي ومهدي كروبي، وأكد سعيدي أن مؤسّسة الحرس الثوري تعدّ الأقرب لمواقف خامنئي.

أكد وزير الداخليّة الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي أن عائدات التهريب والمخدّرات تنفق في الانتخابات وانتقال السلطة، وأعلن عن وجود أموال قذرة في السلطة السياسية الإيرانية.

وتستهلك إيران 450 طنا من مخدّر الترياق سنويا، كما ارتفعت نسبة المدمنين إلى 52 بالمئة خلال السنوات الثماني الأخيرة، أي بنسبة 42 بالمئة من إجمالي الاستهلاك العالمي للترياق. وتتفوق إيران على أفغانستان في نسبة المدمنين، رغم أن الأخيرة تعد الأولى عالميا في زراعة المخدرات. وأكدت إحدى الجمعيات الطلابيّة في تحقيق لها، الارتفاع المتزايد لإقبال الأطفال دون سن السابعة عشرة على المخدرات في إيران، إذ أن 116 طفلا من كل 1500 طفل يتعاطون المخدّرات. ولا ريب أن هذه الأرقام والنسب المفزعة، سيرثها خليفة خامنئي بعد وفاة الأخير.

“الخزانة فارغة والحكومة تعيش أزمة حادّة في الميزانية”، هذا ما أكده علي أكبر ناطق نوري رئيس مكتب التحقيقات في مكتب خامنئي، حيث أكد أن الحكومة الحالية أقرّت ميزانيّتها باعتماد 74 دولارا لبرميل النفط، بينما يصل سعر البرميل اليوم إلى 40 دولارا فقط، وعليه فإن الحكومة تواجه عجزا في ميزانيتها وفي الإيفاء بالتزاماتها.

وتواجه إيران أزمة حادّة في قطاع الإنتاج الذي يواجه شللاً تامّا بنسبة 70 بالمئة، وأكّد ذلك فرهاد رهبر رئيس جامعة طهران ضمن المؤتمر الوطني للاقتصاد المقاوم بطهران، ويرى أن الاقتصاد المقاوم الذي أقرّه خامنئي يجب ألا يعتمد على النفط ويهمل الفساد الحكومي، بينما الواقع أن الفساد ينخر جسد الحكومة الإيرانية، وليس أدلّ على ذلك من اعتراف النائب الأوّل لنجاد بدفعه الرشوة إلى 170 نائبا برلمانيا لدعم حملتهم الانتخابية.

كما تواجه إيران أزمة حادة في البطالة بلغت 49 بالمئة وفقا للخبير الاقتصادي في كليّة اقتصاد طباطبائي بطهران، محمد قلي يوسفي. وبين الأخير أن سبب ارتفاع البطالة يعود بالأساس إلى النقص الحاد في قطاع الإنتاج وما تعانيه البلاد من ركود اقتصادي وتضخّم مالي مستمر.

يعتقد التيار المحافظ في إيران، أن رئيس مجمع خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني يتطلع إلى تسلّم رئاسة مجلس خبراء القيادة وذلك لتعيين خليفة خامنئي، لذلك وخلافا للدستور الذي نص على إشراف مجلس خبراء القيادة على سير عمل ما يسمى بولي الفقيه، نفى أحمد خاتمي خطيب جمعة طهران وعضو مجلس خبراء القيادة، وجود ما ينص على مراقبة القائد في الدستور الإيراني.

الأمين العام لمجمع رجال الدين الشيعة في إيران موحدي كرماني، يقول إنّ ما من عضو في مجلس خبراء القيادة يتجرّأ على البوح بكلمة أمام خامنئي، ولكنه أعرب أن الأزمة تكمن فيما بعد خامنئي. لذلك تسعى المدارس الدينية إلى إزالة الخلافات القائمة والتوصّل إلى إجماع على اختيار خليفة خامنئي، للحيلولة دون دخول البلاد في صراعات فيما بين الأجنحة المتعطشة للسلطة.

إلى جانب كل هذه الأزمات، فإن الدولة الفارسية تواجه معضلة أخرى تتمثل في كيفيّة تمويل الجماعات الموالية لها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وغيرها، في ظل ما تشهده من أزمات اقتصادية خانقة وعجز في الميزانية بالنسبة للعام المقبل، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة العربية.

وما يزيـد خطـورة تفجـر اـلوضع الـداخلي الإيراني، هو أزمة الشعوب غير الفارسية ضمن ما تسمى بخارطة إيران السياسية والتي تشكل معضلة حقيقيـة، وليـس أدل على ذلك إعلان دولـة الاحتـلال الفـارسية حالة الطوارئ في الأحواز مؤخرا نتيجة ما تشهـده الأخيرة من انتفاضة شعبيّة ضد الإجراءات التعسفيّة للاحتلال وتجفيفه الأنهر والأهوار وتدمير البيئة الأحوازية.

واحتج المئات من الأكراد ضد تجفيف الدولة الفارسية المتعمد لبحيرة زيوار الكردية، كما تظاهر أضعافهم من الآذربيجانيين احتجاجا على جفاف بحيرة أورومية وتغيير المناخ وتدمير البيئة وقطع الأرزاق في الإقليم.

هذه الأزمات وموجات الغضب الشعبي، تؤكد أن خليفة خامنئي مقبل على أزمات متداخلة علـى الصعيدين الـداخلي والخارجي في آن، وكفيلة بوضعه بين فكي كماشة.

عباس الكعبي

 نقلا عن العرب اللندنية

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق