أدلة أخرى دامغة على دعم النظام الإيراني لعصابات داعش

تطرح واقعية الأحداث وحقيقة المجريات على الساحة الأقليمة عددا من الأدلة المقنعة على وجود وشائج وطيدة تربط النظام الإيراني وعسكره بعصابات داعش الإرهابية، ولعل الإجابة على سؤال: لصالح من تعمل داعش؟ وأعمالها تصب في منفعة من وتلحق أضرارا بمن؟ دليل كاف على دعم النظام الإيراني لهذه العصابات المجرمة، التي لم تأل جهدا في قتل الأبرياء وتشريد المدنيين لإشاعة الفضوى وحالة عدم الاستقرار في بعض البلدان العربية لإضعافها وإيجاد منافذ فيها، لدخول الأيادي العابثة وعلى رأسها الحرس الثوري وأذرعه، الذي يتولى تنفيذ أفكار ومخططات النظام الملالي المؤدلجة.

ثم إن تشابه التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي للقتال بين عصابات داعش وأذرع إيران في البلدان العربية، وتداخل الأهداف والمصالح بينها، يدل بحد ذاته على وجود إدارة واحدة لهذه المجموعات الإرهابية تعمل ضمن معتقد يرمي إلى أهداف موحدة، رغم وجود بعض الخلالفات الأيدلوجية بين داعش وطوابير إيران الخامسة، والذي يفسر لأجل إبعاد الأنظار عن حقيقة العلاقة الحميمة التي تجمع داعش والنظام الإيراني بأذرعه، وهو ما كشفه الديبلوماسي الإيراني المنشق عن النظام “فرزاد فرهنكيان” والذي أعلن عن انضمامه إلى الحركة الخضراء المعارضة، في تقرير له نشره على مدونته في الإنترنت، وذكر فيه مستندا إلى وثائق سرية اطلع عليها من قيادي كبير في الحرس الثوري الإيراني، أن تنظيم داعش الإرهابي يدار ويتم التحكم به من خلال غرفة عمليات حربية موجودة في مدينة مشهد الإيرانية، وهذه الغرفة يديرها كبار قادة المخابرات الروسية والإيرانية، بغاية إيجاد حالة فوضى وعدم استقرار في البدان العربية عامة، والخليج خاصة والسعودية تحديدا، وأشار فرهنكيان في تقريره هذا إلى أن غرفة العمليات في مشهد تتولى عبر استخدام الأقمار الاصطناعية الروسية مهام مساعدة تنظيم داعش الإرهابي في مخططاته وتحركاته التي يتبعها خلال عملياته، وكذلك كشف طلعات طائرات التحالف الدولي التي تستهدف عصابات هذا التنظيم في سوريا والعراق.

ولكن الدليل الأقوى الذي يبطل على الأقل أكذوبة العداوة بين داعش والنظام الإيراني، هو عدم محاولة هذه العصابات تشكيل أي تهديد واقعي على كيان الخامنئي، على الرغم من مقدرتها دخول الأراضي الإيرانية وبسهولة تامة وبعناصر تتجاوز الآلاف، وذلك لعدم مقدرة الأمن الإيراني على ضبط كافة حدودة مع العراق وأفغانستان وباكستان، وهو ما كان واضحا في جواب وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي للسؤال الذي وجهه له اثنين من النواب (حسين آذين ومحمد مهدي زاهدي) حول وجود عدد كبير من الأجانب غير المرخصين والذين دخلوا إيران بطريقة غير مشروعة ودون علم السلطات، والذي قال فيه: إن هذا الموضوع ليس جديدا، ووفقا لآخر الإحصائيات فإن هناك 2 مليون ونصف المليون أفغاني في إيران، مليون منهم فقط مرخص وقانوني، ويملكون بطاقات شخصية، وهناك 450 ألف أيضا لديهم جوازات سفر، أما المليون الباقي فهم غير مرخصين ويعيشون في إيران بطريقة غير قانونية، وأضاف أنه في العشر سنوات الماضية تم إعادة نحو 5 مليون أفغاني إلى بلادهم، أي سنويا يتم إرجاع 500 ألف أفغاني غير مرخص إلى بلادهم، وفي نفس الموضوع صرح مدير دائرة الأجانب والمهاجرين في وزارة الداخلية “أحمد محمدي فر” أن هناك مليون أفغاني متواجدين في إيران بصورة غير قانونية، كما صرح وزير الداخلية الإيراني “عبدالرضا رحماني فضلي” أن هناك 2000 أفغاني يدخلون يوميا إيران بطريقة غير قانونية، وهو ما يسبب أضرار جسيمة على الدولة وعلى أنفسهم.

إن دخول نحو مليون شخص الأراضي الإيرانية دون علم الجهات الأمنية وحرس الحدود، يشير إلى سهولة دخول عناصر داعش إلى إيران لو أرادت ذلك، ولكن رغم تهديداتها لإيران وتهديد إيران لها، لم نر حتى الآن أي محاولات لأحد الطرفين بتشكيل خطر حقيقى على الآخر في أرض الواقع، لأن علاقتهما عبارة عن تحالف مفهوم، فإيران تريد أي ورقة تستخدمها لإرهاب خصومها في المنطقة، وخاصة العشائر السنية في العراق والثورة الشعبية في سوريا، كطريقة لدعم الحكومة والمليشيات العراقية ونظام بشار الأسد، كما تحتاج إلى عصابات توجهها للقيام بعمليات إرهابية وتفجيرة في البلدان العربية لزعزعتها وتهديدها، أما داعش فهي تريد أي طرف يساعدها بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، ولو كان الشيطان، لاستهداف البلدان العربية لنشر الفوضى فيها والسيطرة عليها.

وهذا ما جعل بعض القادة العسكريين في إيران يؤكدون أن داعش لا تشكل أي خطر أو تهديد على إيران، ومنهم المتحدث باسم الداخلية الإيرانية “حسين علي أميري” الذي صرح أن الأمن مستتب في إيران، وداعش بعيدة عن حدودنا وهي لا تشكل تهديدا على إيران، وفي خضم إرهاب داعش في المناطق العربية، صرح نائب قائد القوة البرية في الجيش الإيراني “كيومرث حيدري” أنه لن تكون هناك مواجهة محتملة لإيران مع تنظيم داعش، وليست هناك تهديدات من قبل التنظيم لإيران، وأن مهمة قوات الجيش المنتشرة على طول الحدود الغربية لإيران قد انتهت.

إن وجود عناصر تابعة لإيران واستخبارات نظام بشار الأسد في صفوف عصابات داعش الإرهابية، والانسحاب المقصود من بعض المواقع المسيطر عليها من قبل قوات بشار الأسد في سوريا والجيش الحكومي في العراق وترك الأسلحة والعتاد أمام عصابات داعش لغنيمتها كخطوة لضرب الثوار في سوريا والعشائر السنة في العراق، أدلة أخرى توضح مدى التخطيط والتفاهم اللذين أصبحا مكشوفين بين عصابات داعش والأذرع الإيرانية!!

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق