انضمام تشاد لجامعة الدول العربية في ضوء العلاقات المصرية-التشادية

مقدمة                                   

يوجد بين مصر وتشاد علاقة مميزة، اتسمت السياسة الخارجية لجمهورية تشاد بالتوازن فى علاقاتها الثنائية مع دول الشمال الإفريقي خاصة مصر، حيث حرصت تشاد على الاحتفاظ بالعلاقات مع مصر نظرا للدور والمكانة المصرية على الساحة الأفريقية وذلك منذ أن حصلت مصر على الاستقلال. والعلاقة بين مصر وتشاد ممتدة وطويلة باعتبارها دولة مهمة للأمن القومي المصري ولها حدود مشتركة مع السودان وليبيا.

يعود تاريخ تشاد إلى عصر الإمبراطوريات، حين قامت أول مملكة عربية إسلامية في تشاد في القرن الثاني الهجري والثامن الميلادي، كان اسمها مملكة كانم شمال شرق بحيرة تشاد، ثم اتسع نفوذها في القرن الثالث الهجري حتى شمل منطقة السودان الأوسط بأكملها، إلى أن وقعت تحت الاستعمار الفرنسي بدءاً من عام 1920م إلى أن نالت استقلالها عام 1960م. وفي عام 1979 قامت الحرب الأهلية التي استمرت حتى عام 1982.

وعلى هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 23/9/2014، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بنيويورك إدريس ديبي، رئيس جمهورية تشاد، حيث بحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك (1).

 

المبحث الأول: العلاقات المصرية التشادية

أولاً: التعريف بدولة تشاد (2)

 

الدولة:

الاسم الرسمي: جمهورية تشاد

الاسم المختصر: تشاد

العاصمة: نجامينا

اللغة: الفرنسية (رسمية) والعربية (رسمية)، مع وجود أكثر من مائة لهجة محلية.

النظام السياسي: جمهوري

تاريخ الاستقلال/اليوم الوطني: 11 أغسطس/آب 1960 (عن فرنسا).

العملة: فرنك وسط أفريقيا.

الجغرافيا:

الموقع: تقع تشاد في وسط أفريقيا، وتحدها من الشمال ليبيا ومن الشرق السودان ومن الجنوب أفريقيا الوسطى ومن الغرب الكاميرون ونيجيريا والنيجر.

المساحة: 1.284 مليون كلم2.

الموارد الطبيعية: النفط واليورانيوم والذهب والحجر الجيري والرمل والملح.

المناخ: مداري في الجنوب وصحراوي في الشمال.

السكان:

التعداد: 11.412.107 نسمة (تقديرات يوليو/تموز 2014).

نسبة النمو: 1.92% (تقديرات 2014).

التوزيع العرقي: يتكون سكان تشاد من عدة أعراق أبرزها: السارا (27.7%) والعرب (12.3%) والمايوكبي (11.5%) والبرنو (9%) والوداي (8.7%) وعرقيات أخرى كثيرة.

الديانة: أكثر من نصف السكان مسلمون (53%)، والبقية ينقسمون بين المسيحية (43%) والمعتقدات المحلية واللادينيين.

 

الاقتصاد:

الناتج المحلي الإجمالي: 13.59 مليار دولار.

الناتج الفردي السنوي: 2500 دولار.

نسبة النمو: 3.9%.

نسبة البطالة: 7.03%.

نسبة التضخم: 4.5%.

الدين الخارجي: 1.828 مليار دولار.

أهم المنتجات: القطن والذرة والدخن والفول السوداني والأرز والماشية والنفط والمنسوجات القطنية والصابون والسجائر ومواد البناء والنفط.

 

 

ثانياً: العلاقات الاقتصادية والتجارية

لا توجد علاقات تجارية كبيرة بين البلدين بل تقتصر على قيام عدد من التجار المصريين باستيراد بعض المنتجات المصرية، وذلك نظراً لبعد المسافة وعدم وجود خطوط مواصلات مباشرة ويتم الاستيراد 90% من تجار تشاد عبر ميناء دوالا فى الكاميرون ثم تنقل براً لندجامينا (1200كم تقريباً) مما يزيد أسعار الشحن وبذلك تحمل على تكلفة السلع، وذلك إلى جانب 10% شحن جوى ولبعد المسافة يزداد أسعار الشحن الجوي (3).

أكد “إدريس ديبي” رئيس جمهورية تشاد أنه تم تدشين خط مباشر لمصر للطيران بين البلدين.

في 14/12/2014 تم التوقيع على مذكرتي تفاهم بين مصر وتشاد في مجاليّ الصحة والزراعة، سيتم إيفاد أربع قوافل طبية مصرية إلى تشاد خلال عام 2015، وتدريب الأطباء التشاديين، واِستقبال عدد من المرضي التشاديين لتلقي العلاج في مصر، ودراسة اِقتراح إنشاء عيادة طبية مصرية في تشاد، بالإضافة إلى إمكانية تصدير الدواء المصري إلى تشاد.

يتم التعاون بين البلدين في مجال المياه الجوفية ودراسة إنشاء مزرعة نموذجية مصرية في جنوب شرق تشاد، وذلك في إطار التعاون الزراعي، لتنمية الثروة الحيوانية وزراعة بعض أنواع من المحاصيل الزيتية والتقاوي المحسنة. تقوم شركة (المقاولون العرب) بتنفيذ العديد من المشروعات الإنشائية فى تشاد.

أكد السيسى حرص مصر على استمرار برامج بناء القدرات للكوادر التشادية في مختلف المجالات ووفقاً لأولويات الجانب التشادي سواء من خلال الأزهر الشريف أو الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.

فى 14/12/2014 شهد ابراهيم محلب رئيس الوزراء ورئيس جمهورية تشاد مراسم التوقيع على بروتوكول للتعاون الطبي بين مصر وتشاد. أعرب الجانب التشادي عن رغبة بلاده في الإستفادة من الخبرات المصرية في كافة المجالات الثنائية وبخاصة استصلاح الأراضي وإقامة مزارع الإنتاج الزراعي والحيواني وتأهيل وتدريب الكوادر التشادية، إلى جانب إرسال المعلمين المصريين للتدريس في تشاد، واستقبال الطلبة التشاديين للدراسة بالأزهر الشريف والجامعات الأخرى، واقامة مشروعات مشتركة.

زيارة وزير الخارجية للعاصمة ندجامينا فى الفترة 19 – 20 أبريل 2010 والتى التقى خلالها بالرئيس التشادى إدريس ديبى أتنو.

ترأس وزير الخارجية المصرى مع نظيره التشادى موسى فقيه محمد فى 19/4/2010 الجلسة الختامية للجنة المشتركة الرابعة المصرية التشادية حيث وقع كل منهما على اتفاقية أعدها وفدا خبراء البلدين خلال الاجتماعات التحضيرية للجنة المشتركة وبياناتها كالتالى:

مذكرة التفاهم بين مركز البحوث الزراعية بمصر والمعهد التشادى للبحوث الزراعية للتنمية يهدف إلى الاستفادة من الخبرات المصرية من أجل رفع مستوى قدرات الباحثين والفنيين التشاديين فى المجال الزراعى.

اتفاق تعاون اقتصادي وفني بين حكومتي البلدين.

تعاون فني بين الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا وحكومة جمهورية تشاد.

برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي والفني بين مصر وتشاد (4).

زيارة رئيس الوزراء م. إبراهيم محلب لتشاد في 25/4/2014:

استقبل الرئيس التشادي ادريس ديبي رئيس الوزراء م. ابراهيم محلب بالقصر الرئاسى حيث سلم محلب رسالة خطية من الرئيس السابق عدلى منصور الى الرئيس التشادى ادريس ديبى تتعلق بتطورات الاوضاع بالمنطقة والعلاقات الثنائية المصرية التشادية وسبل دعمها وتطويرها فى كافة المجالات

وقال محلب ان توقيع الاتفاقية سيعمل على إقامة مزارع فى تشاد بخبرة مصرية وكذلك تربية الثروة الحيوانية حيث إن تشاد تمتلك أكثر من 20 مليون رأس ماشية بالإضافة الى التعاون فى مجال الادوية.

صرح م. إبراهيم محلب أنه تقرر فتح خط طيران مباشر بين القاهرة والعاصمة التشادية نجامينا اعتبارا من الاول من أغسطس 2014 وذلك بناء على طلب الرئيس التشادى ادريس ديبى ووزير الطيران التشادي (5).

ثالثاً: التعاون الثقافي والعسكري

بروتوكول التعاون العسكري: تم توقيعه عام 1984 بين البلدين ولم يتم تجديده أو إجراء تعديلات عليه من ذلك الحين.
تم توقيع مشروع اتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين فى ندجامينا بتاريخ 12/3/1998 أثناء زيارة وزير الخارجية لتشاد وقامت مصر بإتمام إجراءات التصديق من جانبها فى 20/4/1999 إلا أن هذا الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ حيث لم يقم الجانب التشادى بإجراءات التصديق على الاتفاق (6).

وهناك أفق كبيرة وواعدة للتعاون العسكرى فى المستقبل بين مصر والدول العربية عموماً وبين تشاد وبالفعل هناك العديد من المنح التى تقدمها الحكومة المصرية للعدد من الدارسين فى تشاد فى الجامعات المصرية المدنية والعسكرية للعديد من الدول الافريقية.

رابعاً: التعاون في مجالات أخرى

ما وقد وقع الطرفان على محضر اجتماعات اللجنة المشتركة الذي تضمن سبل دعم التعاون بين البلدين فى العديد من المجالات الأخرى وهي كالتالي:

  • في مجال الإعلام: إمكانية إقامة تعاون بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري والهيئة الوطنية للإذاعة والتليفزيون التشادية.
  • في مجال الطيران المدني: سلم الطرف التشادي الطرف المصري مشروع اتفاقية لخدمات الطيران بين البلدين.
  • في مجال الرياضة: اتفاق الجانبان على تشجيع المجلس المحلي القومي للرياضة بمصر والوزارة التشادية المكلفة بالرياضة لإقامة علاقات تعاون بينهما، واقترح الجانب التشادي مشروع مذكرة تفاهم حول إقامة تعاون بين البلدين في مجال الطب الرياضي.
  • في مجال التجارة: سلم الجانب المصرى نظيره التشادى مشروع مذكرة تفاهم حول مشاركة البلدين فى المعارض والأسواق الدولية.
  • في مجال البترول: اتفق الطرفان على تنظيم زيارة لخبراء مصريين من أجل تقييم احتياجات نظرائهم من الجانب التشادي من حيث التدريب ورفع قدرات الموارد البشرية العاملة فى قطاع البترول.
  • في مجال السياحة: قرر الطرفان الإسراع بدراسة مشروع اتفاقية التعاون في مجال السياحة الذي سلمه الجانب التشادي لنظيره المصري (7).

فى 14/12/2014 أشاد “إدريس ديبي” رئيس جمهورية تشاد بالدور الذي قامت به مصر على مر السنين في تعليم اللغة العربية للطلاب التشاديين، مثمناً الدور الإيجابي للمعلمين المصريين وأساتذة الجامعات المبعوثين إلى تشاد ومعرباً عن أمله في زيادة أعدادهم بكافة المراحل التعليمية المختلفة. وقد نوّه الرئيس التشادي كذلك إلى دور التشاديين من خريجي الجامعات المصرية في إثراء مختلف جوانب الحياة العملية والمؤسسات التشادية.

التوقيع على مذكرتي تفاهم بين مصر وتشاد في مجاليّ الصحة والزراعة:

سيتم إيفاد أربع قوافل طبية مصرية إلى تشاد خلال عام 2015، وتدريب الأطباء التشاديين، واستقبال عدد من المرضي التشاديين لتلقي العلاج في مصر، ودراسة اِقتراح إنشاء عيادة طبية مصرية في تشاد، بالإضافة إلى إمكانية تصدير الدواء المصري إلى تشاد.

يتم التعاون بين البلدين في مجال المياه الجوفية ودراسة إنشاء مزرعة نموذجية مصرية في جنوب شرق تشاد، وذلك في إطار التعاون الزراعي، لتنمية الثروة الحيوانية وزراعة بعض أنواع من المحاصيل الزيتية والتقاوي المحسنة. تقوم شركة (المقاولون العرب) بتنفيذ العديد من المشروعات الإنشائية فى تشاد.

أكد السيسى حرص مصر على استمرار برامج بناء القدرات للكوادر التشادية في مختلف المجالات ووفقاً لأولويات الجانب التشادي سواء من خلال الأزهر الشريف أو الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (8).

مشاريع اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ:

  • برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون الثقافي والفني بين البلدين موقع في دجامينا بتاريخ 12/7/1987.
  • برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون الثقافي والفني بين البلدين موقع في القاهرة بتاريخ 14/10/1984.
  • توقيع محضر جلسات أعمال الدورة الأولى للجنة المصرية التشادية المشتركة في القاهرة بتاريخ 14/10/1984.
  • اتفاق تعاون علمي وفني في ميادين الزراعة (دخل حيز التنفيذ في 26/9/1973).
  • اتفاق تعاون وصداقة ومعونة متبادلة (دخل حيز التنفيذ في 26/9/1973).
  • اتفاق تجارة طويل الأجل (دخل حيز التنفيذ في 30/6/1973).
  • اتفاق تعاون فني وعلمي في مجالات الزراعة وتربية المواشي بتاريخ 23/2/1973 وجاري تجديده.
  • اتفاق التعاون الثقافي والفني (دخل حيز التنفيذ في 30/1/1972).
  • اتفاق تعاون ثقافي وفني موقع في 10/5/1971.
  • معاهدة صداقة وتعاون بين جمهورية مصر العربية وجمهورية تشاد موقعة بتاريخ 10/5/1971.
  • تم توقيع بروتوكول للتعاون الطبي بين مصر وتشاد بتاريخ 14/12/2014 (9).

خامساً: الزيارات المتبادلة

  • زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي أتنو إلى مصر فى الفترة من 22 – 23 يونيو 2010 على رأس وفد تشادى رفيع المستوى ضم وزير الخارجية والتكامل الإقليمي والتعاون الدولي التشادي موسى فقيه محمد، ووزيري البنية التحتية التشادي آدم يونيسيمى بالإضافة إلى وزير المالية والمياه التشاديين وعدد من كبار المسئولين برئاسة الجمهورية التشادية، وقد قام الرئيس التشادى بزيارة إلى مشروعات شرق العوينات، بهدف التعرف على الرؤية المصرية فى تطوير الزراعة والاستفادة من الخبرة المصرية لتطبيقها فى تشاد.
  • زيارة وزير الخارجية المصري للعاصمة اندجامينا فى الفترة 19 – 20 أبريل 2010 وترأسه وفد اللجنة المشتركة بين البلدين ولقائه بالسيد الرئيس التشادي إدريس ديبى أتنو.
  • زيارة السيدة السفيرة مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية وشئون الاتحاد الأفريقي إلى اندجامينا في إطار جولة أفريقية قامت بها أواخر شهر 2009 وقد قابلت رئيس الوزراء التشادي يوسف صالح عباس، ووزير الخارجية التشادي موسى فقيه محمد، ووزيري الزراعة والصناعة التشاديين.
  • زيارة مستشار وزير الثقافة المصري للعلاقات الخارجية لندجامينا ممثلاً لمصر فى المؤتمر الثاني لوزراء ثقافة دول تجمع الساحل والصحراء فى الفترة 17 -21 يونيو 2009.
  • زيارة وفد تشادي برئاسة السيد جده موسى عثمان لمصر للمشاركة فى فعاليات مؤتمر دول عدم الانحياز بشرم الشيخ فى منتصف يوليو 2009.
  • زيارة وزير البنية التحتية والنقل التشادي آدم يونيسمي للقاهرة ممثلاً للرئيس التشادي إدريس ديبى أتنو وحاملاً منه رسالة للسيد الرئيس.
  • مشاركة وزير الخارجية التشادي موسى فقيه محمد فى منتدى الصين أفريقيا المنعقد بشرم الشيخ فى الفترة 8 – 9 نوفمبر 2009.
  • زيارة رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الوطني المصري لندجامينا للمشاركة في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية الفرانكفونية فى الفترة 2-4 فبراير 2010.
  • زيارة وزير الشئون القانونية والنيابية للمشاركة فى مؤتمر تجمع دول الساحل والصحراء فى الفترة من 21 -23 يوليو 2010.
  • زيارة وزير الزراعة لندجامينا للمشاركة في احتفالات تشاد بالعيد الخمسين لاستقلالها يوم 11 يناير 2011، وقد التقى خلال الزيارة بالرئيس التشادي إدريس ديبي حيث نقل له تهاني الشعب المصري، كما التقى وزير الزراعة بعدد من الوزراء والمسئولين التشاديين حيث بحثا سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين (10).

المبحث الثاني

أولاً: انضمام تشاد الى جامعة الدول العربية

قال عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة الدول العربية وقتها إنه اقترح خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد في سرت للتحضير للقمة النظر في أن “بعض الدول المجاورة جغرافيا تنص في دستورها على ان اللغة العربية لغة رسمية لها (….)، مثل هذه الدول يجب ان ندعوها الى عضوية الجامعة العربية عضوية كاملة وليس مجرد عضوية في رابطة او محفل للجوار العربي”.

وكان موسى قد اقترح على القمة العربية، التي عقدت في مارس 2010 بمدينة سرت، تشكيل “رابطة” تضم الدول العربية، البالغ عددها 22 دولة، و18 دولة جوار مع استثناء إسرائيل. واقترح حينذاك أن تبدأ رابطة دول الجوار العربي بدعوة تركيا، وتشاد التي تعد الدولة غير العربية الوحيدة التي ينص دستورها على أن اللغة العربية لغة رسمية للانضمام إليها (11).

هناك عدة معايير تحددها عادة التكتلات الإقليمية الناجحة للبتّ في مسألة انضمام اعضاء جدد إلى صفوفها، ويأتي في مقدمة هذه المعايير ما يلي:

أولاً، العامل الجغرافي. ففي عالمنا اليوم هناك نوع من التقسيم لأقاليمه الرئيسة. وهذا التقسيم مبني على أسس متعددة يمكن تظهيرها وفهمها ومناقشتها، ومنها التقارب والتواصل الجغرافيان. هكذا قسمت الأمم المتحدة العالم إلى خمسة أقاليم هي التالية: أوروبا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، شرق آسيا، غرب آسيا. لكل منها وكالة تعنى بأمورها. وهذه الأقاليم لا تتطابق، كما هو واضح مع القارات، ولكنها تأخذ في الحسبان العامل الجغرافي.

ثانياً، تعزيز القدرات المادية والبشرية. فلا ريب في أنه من مصلحة كل تكتل إقليمي أن يعزز قدراته وطاقاته البشرية والمادية. في هذا السياق يغدو ضم المزيد من الدول الأعضاء هدفاً مبرراً لكل تكتل يرغب في توسيع سوقه والارتقاء باقتصاده وتوفير المزيد من فرص العمل لسكانه، وتوطيد قدراته الدفاعية.

ثالثاً، التوازن بين توسيع التكتل وتعميقه. والمقصود بتعميق التكتل هو توطيد التزام الدول الأعضاء بما يتم الاتفاق عليه من مبادئ ومواقف وسياسات، وضمان استقرار وتطوير كافة أطر العمل الإقليمي والجماعي التي تضم هذه الدول. هذا ما نجده في الاتحاد الأوروبي مثلاً الذي يعزز بصورة متنامية صلاحيات المفوضية الأوروبية ويقرر استحداث منصب الرئيس الأوروبي ووزير خارجية الاتحاد. ويعرف المعنيون بمسألة التكتلات الإقليمية في العالم أن توسيع التكتل الإقليمي من دون تعميقه سوف يؤدي، في نهاية المطاف، إلى اضمحلال هذا التكتل وإلى غرقه تحت وطأة طغيان المصالح القومية للدول الأعضاء على المصالح الإقليمية المشتركة التي تجمعهم.

رابعاً، التماثل السياسي، وهو ما اعتبرته السوق الأوروبية المشتركة شرطاً رئيساً لانضمام أية دولة إلى السوق، وذلك عبر تطبيق الديمقراطية البرلمانية.

خامساً، التماثل الحضاري والثقافي، وهكذا نجد أنه تحت هذا العنوان اتجهت عدة دول في أمريكا اللاتينية إلى عقد قمم خاصة بهذا الإقليم من العالم، وسط اتجاه متعاظم إلى تأكيد استقلاليتها عن “الشقيق الأمريكي الأكبر”، أي الولايات المتحدة، وإلى إحياء التراث البوليفاري، الذي دعا إلى تحرير وتوحيد هذا الإقليم من التسلط الخارجي. وتأكيداً لأهمية التماثل الثقافي والحضاري، نجد أن مؤسسي “آسيان” عملوا على إحياء ونشر وتوطيد “القيم الآسيوية.

لقد أخذت قمة سرت ببعض هذه الاعتبارات عندما دعت إلى بحث مسألة انضمام تشاد الى جامعة الدول العربية، إذ جعلته في إطار إطلاق سياسة جوار عربية بهدف “خلق إطار للتعاون مع الجوار”. كذلك دعت الى بحث مسألة انضمام تشاد إلى الجامعة على أساس أن هذا العمل سوف يوطد المصالح المشتركة وتبادل المنافع بين الطرفين، هذا فضلاً عن أن الانضمام يستند، إذا حصل، “إلى العلاقات التاريخية والجغرافية والثقافية واللغوية مع تشاد.

لا ريب في أن تشاد تستوفي العاملين الأولين، أي الجوار الجغرافي والقدرة على توطيد المصالح المشتركة مع دول الجامعة. ولكن هل تستوفي العامل الثالث المتعلق بالهوية الثقافية واللغوية؟

إن الجامعة هي منظمة إقليمية للدول العربية، أي أن الهوية العربية هي شرط -سواء كان هذا الشرط في محله أو لا- لانضمام الدول إلى الجامعة. فهل يمكن القول إن تشاد بلد عربي؟

هنا نعود مرة أخرى إلى مسألة المعايير. من هذه المعايير ما هو موضوعي، ومن أهمها موضوع اللغة، ومنها ما هو ذاتي، أي الناجم عن خيار الشعب نفسه عن طريق ممارسته لحقه في تقرير مصيره.

على الصعيد الموضوعي، فقد أشار القادة العرب الذي تبنوا القرار إلى أن دستور تشاد ينص على أن اللغة العربية هي لغة رسمية. هذا النص ضروري ومهم لأنه يعبر عن التزام معنوي ودستوري بنشر العربية بين سكان الدول الأعضاء. هذا ما فعله الجزائريون بنجاح ملحوظ عندما تمكنوا من نشر العربية بين الجزائريين خلال جيل واحد تقريباً. إلا أن هذا النص الدستوري لم يفض إلى مفاعيل كافية في عدد من الدول العربية التي انضمت إلى الجامعة، إذ بقي قسم كبير من سكانها يجهل العربية لغة وثقافة. هذا الواقع بانت آثاره السلبية بعد مضي فترة من انضمام هذه الدول كما هو الأمر في السودان والصومال، إذ بقي عدد كبير من سكان البلدين يجهل العربية. فهل نرغب في تكرار هذا الواقع المؤلم مع تشاد أيضاً؟

إذا أردنا أن نفتح الباب أمام انضمام تشاد إلى جامعة الدول العربية فليكن ذلك مرهوناً بتحقيق أمرين:

أولاً، تطبيق حكومة تشاد برنامجاً تعليمياً لنشر العربية بين التشاديين خلال فترة محددة وقصيرة من الزمن، على أن تغطي الدول العربية تكلفة هذا المشروع وأن تمده بكل الكوادر التعليمية والإدارية الضرورية لتطبيق هذا المشروع ضمن الزمن المحدد.

ثانياً، إجراء استفتاء شعبي بين التشاديين تحت إشراف المنظمات الدولية حول الانضمام إلى جامعة الدول العربية، بحيث يتم هذا الانضمام إذا وافقت أكثرية كبيرة من مجموع شعب التشاد عليه (12).

ثانياً: توصيات الباحث

  • تشاد بالنسبة الى مصر والعالم العربي كنز استراتيجي، حيث تشكل تشاد أهمية اقتصادية وسياسية لأنها بوابة العالم العربي لإفريقيا بعد السودان وخصوصاً بعد انفصال جنوب السودان.
  • انضمام تشاد إلى جامعة الدول العربية سيكون مهما من أجل الحفاظ على الأمن القومي سواء المصري أو العربي.
  • الانضمام للجامعة العربية لتصبح تشاد الظهير الإفريقي للدول العربية وتفتح أفقاً ومستقبلا جديداً في العلاقات العربية الافريقية.
  • إلى جانب تسويق المنتجات المصرية فى تشاد وخصوصا المنتجات الصناعية المصرية واقتراح إعلان انشاء جمعية الصداقة المصرية التشادية.
  • وقد يكون هناك فى المستقبل قاعدة عسكرية مصرية لتكون ظهيرا عسكريا واستراتيجيا لمصر فى القارة السمراء ولمواجهة أي تهديد للأمن القومي المصري.
  • انضمام تشاد الى جامعة الدول العربية مهم أيضاً لتشاد حيث ستستفيد اقتصاديا وسياسيا.
  • يلعب صندوق التعاون الفني مع إفريقيا دوراً كبيراً فى تشاد فهي بلد إسلامي إفريقي ولها علاقات طيبة مع مصر والعالم العربي.
  • معظم ساسة تشاد تعلموا وتخرجوا في الجامعات المصرية، وهو ما يمثل فرصة للتعاون السياسي والاقتصادي.
  • تشاد بلد اللغة عربية فيه لغة رسمية، وهي فرصة كبيرة للأزهر ووزارة التعليم العالي والجهات المعنية لنشر اللغة العربية في تشاد.
  • تمنح تشاد المستثمرين 5 سنوات عمل بدون ضرائب، وقد تمتد لعشرة سنوات، لتحفيز المستثمرين للعمل بها، وهو ما يعتبر فرصة استثمارية كبيرة لرجال الأعمال المصريين للاستثمار فى تشاد، وكان هناك العديد من الجهود فى إطار الاستثمار المصري في تشاد وخصوصاً من شركة (المقاولون العرب).
  • على سبيل المثال قام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، فى إطار زيارته للعاصمة التشادية نجامينا يوم الجمعة 25 إبريل 2014بتفقد عمليات إنشاء المبنى الجديد لوزارة الخارجية التشادية الذي تقوم بتنفيذه شركة (المقاولون العرب) المصرية بتكلفة ٦٨ مليونا و٧١٧ ألف يورو، ويتم تنفيذه على أعلى مستوى ليصبح أحد المباني المتميزة بالعاصمة التشادية، ويعد هذا نموذجاً للصداقة وقوة العلاقة بين البلدين.
  • وفى نفس الإطار قام رئيس الوزراء بتفقد أعمال الإنشاءات في طريق “انجورا – انجامينا- بلالا”، الذى يبلغ طوله 120 كلم، ويتكلف 30 مليون و312 ألف يورو وتنفذه شركة (المقاولون العرب)، والاعمال الجارية فى الطريق، والتى تضمنت طبقات الاسفلت والأساس وطبقات الردم وتنفيذ الأعمال الصناعية العرضية بأبعاد مختلفة وأعمال التكسيات وتخطيط الطريق الأفقية والرأسية ومجارى الأمطار.
  • أكد المهندس أشرف عبد العاطي رئيس قطاع شمال ووسط إفريقيا بالمقاولين العرب، أن الشركة أنجزت العديد من المشروعات الكبيرة فى تشاد ومنها فندق “كمبسكى” على مسطح 33 ألف متر مربع. ويتكون من 200 حجرة وأجنحة وملاحق، وذلك بتكلفة 40 مليون يورو (13). وطريق “مساجيد – بيسنى” بطول 85 كلم بقيمة 33 مليون و660 ألف يورو. ومشروع “مساجيد – مساكورى “بطول 71 كيلو متر وتكلفة 43 مليون يورو. وطريق “بيكورو – اربط شاتيك ” بطول 66 كلم وتكلفة 46 مليون يورو وطريق “اربط شاتك – بتكين ” بطول 76 كلم وتكلفة 47 مليون يورو.
  • كما أن هناك فرصا لفتح أفرع للجامعات المصرية فى تشاد وهذه الخطوة سيكون لها تأثير على التعليم فى دول إفريقيا جنوب الصحراء.

خاتمة

تعد تشاد بوابة هامة بالنسبة لمصر نحو القارة السمراء، كما تعد مصر بالنسبة لتشاد بوابة تشاد السياسية والاقتصادية نحو العالم العربي وحوض البحر المتوسط. وتتقاسم مصر وتشاد الحدود مع السودان، غير أن تشاد تستضيف عددا من لاجئي السودان.

وهناك مستقبل واعد للعلاقات العربية مع تشاد بصورة عامة ومع مصر بصورة خاصة، حيث تعد تشاد سوقا مفتوحا أمام المنتجات المصرية والعربية، كما أن النفط يشكل مصدرا هاما من الدخل القومي، وسيكون التعاون مثمراً لكافة الأطراف، وسيعود بعوائد اقتصادية وسياسية هامة.

 

محمد محمود عبد الرحيم

كاتب وباحث مصري

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

 

 

المراجع

  1. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=2405#.VeFzCfmqrL8
  2. http://www.aljazeera.net/encyclopedia/countries/2014/2/17/%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%AF
  3. http://www.mfa.gov.eg/Arabic/EgyptianForeignPolicy/EgyptianAfricanRelation/BilateralRelations/Chad/Pages/EconomicRelations.aspx
  4. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=5508#.VeFza_mqrL9
  5. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=5507#.VeFzY_mqrL8
  6. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=5508#.VeFza_mqrL9
  7. http://www.mfa.gov.eg/Arabic/EgyptianForeignPolicy/EgyptianAfricanRelation/BilateralRelations/Chad/Pages/EconomicRelations.aspx
  8. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=5508#.VeFza_mqrL9
  9. المرجع السابق
  10. http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=5507#.VeFzY_mqrL8
  11. http://arabic.peopledaily.com.cn/31662/7162034.html2010:10:11.09:51
  12. http://www.mushahed.net/vb/showthread.php?t=12933
  13. http://www.masrawy.com/news/news_egypt/details/2014/4/25/224880/%D9%85%D8%AD%D9%84%D8%A8-%D9%8A%D8%AA%D9%81%D9%82%D8%AF-%D9%85%D8%A8%D9%86%D9%89-%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%89-%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B0%D9%87-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8- 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق