مَنْ يدعمُ “داعش”؟

إذا ما نظرنا إلى تاريخ تأسيس “دولة الإسلام في العراق والشام” المختزلة بأسم “داعش” في 9-4-2013، وسرعة توسعها وسيطرتها خلال ست شهور على مناطق عديدة داخل العراق وسوريا، فأن الواقع يدل على أنها فعلاً مدعومة دولياً. كما كان الأمر مع “حركة طالبان” التي أكتسحت خلال سنة واحدة جميع الفصائل المتناحرة، وحكمت معظم أفغانستان منذ أيلول/سبتمبر 1996 حتى سقوطها في تشرين الثاني/نوفمبر 2001. حيث كان الطالبانييون مدعومون من ثلاث دولة رئيسة هي: الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً، والسعودية مالياً، وباكستان إستخبارياً.

ومن هنا نود أن نستشف عن الجهة أو الجهات الدولية التي تدعم “داعش”. فهل كما يروج الإعلام الإيراني والسوري والعراقي على أن السعودية وقطر وراء الداعشيين؟ أو العكس، كما جاءت الأحداث والمعطيات الأخيرة من ميادين القتال، التي أثبتت أن “داعش” صناعة مخابراتية سورية مدعومة من الحليف الصفوي الإيراني.

في 11-1-2014 تناقلت بعض وسائل الإعلام العربية قول مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية يحيى رحيم صفوي الذي يشير إلى “دعم بعض الدول العربية للمجموعات التكفيرية”. حيث أن “المجموعات التكفيرية تمارس عمليات القتل ضد الشعبين العراقي والسوري”. وبالتالي فإن هذا “الإرهاب سينتشر ويطال تلك الدول أيضاً”. والمقصود بتلك الدول تحديداً هي السعودية وقطر.

ونشرت “السومرية نيوز” في 10-1-2014، إعترافاً لأحد المعتقلين من قادة “داعش” بالعراق خلال المواجهات الجارية في محافظة الإنبار، قوله: أن “السعودية أعطتنا 150 مليون دولار قبل رفع خيام المعتصمين بيوم واحد (أي في 29-12-2013)، إلى جانب 60 سيارة دفع رباعي نوع بيك آب مكتوب عليها صنعت خصيصاً للمملكة العربية السعودية”. وأضاف المصدر للسومرية أن “القيادي في داعش المعتقل أعترف أيضاً بحصول لقاء سري جمع ناطقاً رسمياً بأسم إحدى الكتل السياسية (لم يذكر أسمه)، وممثلاً عن المخابرات السعودية، إلى جانب المجرم شاكر وهيب، قبل مقتله بعشرين يوماً”. وفقاً لتصريح قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج فأن شاكر وهيب الفهداوي قُتل في 1-1-2014. وأنعى “تنظيم القاعدة” و”داعش” مقتله في 4-1-2014.

وغالباً ما يؤكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري على أن النظام السعودي بحجة “الجهاد” يرسل الإرهابيين إلى سوريا. وحسب قوله إن الجهاد يشمل أيضاً “الجهاد الجنسي، والتحريض على الفحشاء وكل ما يسيء للعرب والإسلام”. ولذلك تطالب بلاده بإدراج السعودية على لائحة الدول الراعية للإرهاب.

وفي حديث سابق نص نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قائلاً: “أعتقد أن لدى الذين دعموا المجموعات الإرهابية في سوريا، شعوراً حالياً بأنهم أرتكبوا أخطاء كبيرة. الدولة الوحيدة التي ما زالت تعلن دعمها الكامل للمجموعات الإرهابية وتنظيم القاعدة، هي السعودية”.

وفي 5-1-2014 صدر عن “إذاعة صوت العراق” التي تبث من بغداد ما يلي: “من جديد يصر آل سعود على التغطية على جرائمهم في تصدير الفتنة الطائفية في العراق وفي تحشيد فلول الإرهابيين الوهابيين المتسللين من تنظيم “داعش” إلى صحراء الأنبار من السعودية والأردن وسوريا”. وأشار تعلق الإذاعة إلى “أن تورط المخابرات السعودية في تمويل عشرات الفضائيات الوهابية التي تبث من الرياض مباشرة ومن العاصمة الاردنية عمان والعاصمة المصرية القاهرة، والتي تحرض على إثارة الحرب الطائفية في العراق وتحرض على قتل الشيعة وتكفيرهم، هو دليل دامغ علىتورط النظام السعودي في تصدير الإرهاب الطائفي الى العراق،كما صدرته الى سوريا ومن قبل الى أفغانستان وباكستان، وهو دليل على أن النظام السعودي الوهابي، قرر المراهنة على التنظيمات الإرهابية من ’داعش‘ و’النصرة‘ وكل تنظيمات القاعدة الأخرى، والمراهنة على بقايا فدائيي صدام وبقايا مخابرات نظام البعث، لتحويل العراق الى ’مسلخ بشري‘ لقتل الأبرياء وتفجير الأسواق والمدارس والمساجد والحسينيات وإغتيال أبناء القوات المسلحة بمفخخات الارهابيين وأحزمتهم الناسفة”.

وختمت “إذاعة صوت العراق” قولها المؤيد للموقف السوري تجاه للسعودية. حيث “أن إرهاب التنظيمات الوهابية الإرهابية باتت تشكل حلقة دولية من الإرهاب المنظم والممول، تمتد من سوريا الى العراق وحتى روسيا والصين مروراً بأفغانستان وباكستان وحتى الهند، كما تمتد من سوريا إلى مصر وصولا الى المغرب عبوراً لتونس وليبيا والجزائر، وكل هذه الدول شملها الإرهاب الوهابي، وهو ما يتطلب عقد مؤتمر دولي “لفضح الدور السعودي في صناعة الارهاب الوهابي وتمويله في العالم” بغية تقديم أسماء أسرة النظام السعودي إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمتهم وعلى رأسهم ملكهم بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية”.

بالنسبة إلى الموقف السعودي فإنه ضد “داعش” جملةً وتفصيلاً. وأن دعمها إلى: الجبهة الإسلامية، والجيش السوري الحر، وجيش المجاهدين، وجبهة ثوار سوريا، في محاربة الداعشيين واضح وجلي. لكن هذا الموقف مشلولاً تماماً تجاه ثوار العشائر بمحافظة الأنبار في غرب العراق، والتي تقاتل على جبهتين متزامنتين: ضد مجاميع “داعش” من ناحية. وقوات المالكي الطائفية من ناحية أخرى. ربما لأن العملية السياسية التي أوجدها المحتل الأمريكي، ما زال يدعمها رغم فشلها المزمن. علاوة على أن السعودية وقطر وأغلب دول الخليج العربي قد ساندوا الثورة السورية ضد القمع الوحشي للنظام السوري المسنود إيرانياً. فنجاح الثوار السوريين يعني للسعودية ولدول الخليج العربي إنهاء نفوذ إيران و”حزب الله” داخل سوريا خصوصاً، وتحجيمهما في المنطقة عموماً.

ولذلك كانت وجهات النظر متطابقة بين السعودية وقطر حول الثورة في سوريا. وفي 31-8-2013 بالقاهرة، كان تصرح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن سعود شديد الوضوح: أن السعودية تدعم المعارضة السورية “بجميع السُبل”. وبما أن “داعش” التي لم يطالها قط النظام السوري بقصفه الجوي أو المدفعي، وإن معظم مواجهاتها الميدانية تجري بالضد من فصائل الثوار، إذ كلما تتحاصر قوات بشار الأسد يكون لها منفذاً على الفتحات التي تحدثها “داعش”. لذا فقد أثارت الشكوك تدريجياً. ولم تمضي غير ست شهور على التأسيس، حتى أنكشف الداعشييون على حقيقتهم. أنهم “حليف النظام السوري ونتاجه” على حد تأكيد رئيس “الأئتلاف الوطني السوري” أحمد الجربا. وعليه فمن الطبيعي أن يكون الموقف السعودي مضاداً إلى “داعش”، وداعماً للجبهات الأربعة التي تقاتل الداعشيين.

ومن الذين تحدثوا صراحة عن صلة “داعش” بالنظام السوري، هو وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو.  ففي مؤتمر مع نظيره وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد بتارخ 1-11-2013، نفى أغلوا تقديم بلاده أي دعم إلى ما يسمى “دولة الإسلام في العراق والشام”. وأتهم علانية نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدعم التنظيمات الإرهابية في العراق. وذكر أن “النظام السوري هو الذي سمح لهذه الجماعات بالتواجد على الأراضي السورية، وقد ألتحق بهم عدد من الفارين من سجن أبو غريب في العراق”.

إن ما تحدث به أوغلوا سابقاً، قد تم رفده لاحقاً بما كشف عنه وزير العدل العراقي حسن الشمري في 6-1-2014. فقد أشار إلى أن: رؤوساً كبيرة في الدولة سهلت هروب سجناء تنظيم القاعدة من سجني “أبو غريب” و”التاجي” في بغداد تموز/يوليو الماضي. وأن “الغرض من تسهيل عملية الهروب هذه كانت تقوية النظام السوري من خلال تقوية تنظيم “داعش”، وتخويف الولايات المتحدة من أن البديل القادم لنظام بشار الأسد هو ذلك التنظيم”. وتابع الشمري قائلاً: “أن قوات حماية السجنين أنسحبت قبيل أقتحام عناصر القاعدة لهما وإطلاق رفاقهم”. وأوضح: “إن تسهيل عملية الهروب جاءت قبل إتخاذ الكونغرس الأمريكي قراراً بإعطاء التخويل للرئيس الأمريكي باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا في حينه والتي تم إلغاؤها لاحقاً”.

ولكن إذا كانت “داعش” مرتبطة بالنظام السوري، وأن الأخير مرتبط بإيران، إذن تُعتبر “داعش” حلقة في سلسلة المشروع الصفوي الإيراني في المنطقة العربية ليس إلا. فكما تؤدي الميليشات الطائفية دورها من “حزب الله” في لبنان إلى “عصائب أهل الحق” في العراق، وغيرها من المسميات داخل سوريا والعراق من “كتائب أبي الفضل العباس”، و”حزب الله العراقي”، فإن “داعش” تسير على هذا المنوال.

ومن هذا المنطلق نستطيع أن نرد على رحيم صفوي حججه الواهية التي يتهم بها ” بعض الدول العربية” في دعمها “للمجوعات التكفيرية” التي تقتل بالشعبين العراقي والسوري. فالداعم الحقيقي الخفي الذي تكشفه أحداث ومعطيات الواقع والوقائع، إنما هو النظام الصفوي الإيراني المساند للنظام السوري. بل ونكاد نجزم بأن فكرة تأسيس “داعش” هي صناعة إيرانية وليست سورية. لأن النظام السوري علماني لا يتعدى حدود جغرافيته، بينما النظام الإيراني ديني يمتلك مشروعاً طائفياً تمتد سلبياته إلى داخل البلدان العربية.

إن حلم إعادة أمجاد الماضي الفارسي على حساب الوجود العربي، يوظف له أركان النظام الإيراني كل شيء من أجل تحقيقه حتى وأن تناقض مع ما يرفعه من شعارات ومباديء. لذلك تجد أن النظام الإيراني هو أول من أستغل هروب عناصر القاعدة من أفغانستان إلى إيران في أواخر 2001. وعندما طالبتهم الإدارة الأمريكية بتسليمهم عناصر القاعدة. كان الجواب: من الأفضل أن يكونوا تحت أنظارنا. وتحت النظر تم تجنيد جناحاً قاعدياً تابعاً لهم، أستخدموه بعد توافقهم مع المحتل الأمريكي للعراق عام 2003. ومن الذين جاؤوا من أصفهان إلى العراق هو أبو مصعب الزرقاوي (1966-2006) الذي شكل تنظيم “جماعة التوحيد والجهاد” في 2004. ثم بايعه أسامة بن لادن (1957-2011)، وصار أسم التنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” في 2005. حيث خدع فيه العرب السّنة بأن تنظيمه يسعى إلى محاربة جنود الأحتلال الأمريكي. وما أن كسب المزيد من العناصر والأماكن العراقية، حتى بدأ يقتل كل مّنْ لا يوالي تنظيمه، فدخل في مواجهات مسلحة ضد فصائل المقاومة العراقية بكل أطيافها الوطنية والقومية والإسلامية. ناهيك بقتله إلى العرب الشيعة بدعوى أنهم “روافض”.

وعندما أنشق الملا ناظم الجبوري (1978-2012) عن تنظيم القاعدة في 2007، وتعاون مع حكومة نوري المالكي ضدهم، ثم أدرك بأن هناك جناحاً قاعدياً مرتبط بإيران أصلاً. ولكن ما أن ألمح إلى هذا الأمر، حتى تم تهديده بالقتل، فهرب إلى عاصمة الأردن عمان. ولسبب غامض رجع إلى بغداد، وأغتالوه أثناء خروجه من “المنطقة الخضراء” معقل المالكي. ولقد تبنى عملية أغتياله تنظيم “دولة العراق الإسلامية”، بدعوى إنه مُرتد. كان تأسيس “دولة العراق الإسلامية” في 15-10-2006، بعد مقتل الزرقاوي في 7-6-2006.

وبالعودة إلى قول رحيم صفوي، فإن “الإرهاب” الذي أشار إليه على أنه “سينتشر ويطال تلك الدول” العربية. فالحقيقة إنما هو الإرهاب الإيراني الذي تصدره دولة ولاية الفقيه بأسماء متعددة بحسب المرحلة الزمنية ومتغييراتها. فمن فكرة “تصدير الثورة” أيام الخميني (1979-1989) صوب العرب دون سواهم، إلى التعاون مع “الشيطان الأكبر” أميركا في عهد المرشد الحالي على خامنئي الذي تواطىء معه في إحتلال البلدين الإسلاميين أفغانستان في 2001، والعراق في 2003. ناهيك عن تدخلاته السافرة في جنوب لبنان عبر “حزب الله” خصوصاً بعد “حرب تموز” 2006. وجنوب اليمن عبر الحوثيين الذين إذا توقفت حربهم السادسة مع الحكومة في 2009، فإن معاركهم ضد القبائل لم تتوقف للآن. والبحرين عبر الإنقلابات المتوالية منذ العام 1996، وآخرها في 2011.

أما قول بشار الجعفري عن اتهام السعودية بدعم الإرهاب. فقد نتفهم أسباب هذا الإتهام لدوافع سياسية، والتي قد تتغير بحسب تقلبات الأوضاع والمستجدات في عالم السياسة. ولكن ما لا نفهمه قوله عن “الجهاد الجنسي، والتحريض على الفحشاء وكل ما يسيء للعرب وللإسلام”. فقد أثبتت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقريرها المنشور بتاريخ 29-11-2013، إن “جهاد النكاح” في سوريا مجرد كذبة صاغها النظام السوري. علِماً أن الكثير من المتابعين للشأن السوري، أستغربوا أن تكون الفتيات المدعيات لهكذا جهاد جنسي، هن تونسيات! ولماذا تونس لا السعودية صاحبة الشأن الجهادي؟ ثمة أمر آخر، أن “زواج المتعة” منتشر داخل إيران، وأن ممارسة “الزينبيات” للجنس، تقف ورائها إيران التي تشرعن كل شيء بغية تحقيق أهدافها الصفوية داخل البلدان العربية. وبذا فإن ايران هي الجديرة بإدارة مسألة “الجهاد الجنسي” لا السعودية ولا غيرها في العالمين العربي والإسلامي.

وفي نفس الأتجاه يكون الرد على فيصل المقداد. فعندما يقول سعود الفيصل أن السعودية تدعم المعارضة “بجميع السُبل”. فإن ذلك يتضمن كل الأساليب المشروعة بلا أستثناء، وليس الإرهاب المرفوض شرعاً وأخلاقاً وقانوناً. بيد أن الخلط المتعمد ينم عن وهن الحجة عند صاحبها ليس إلا.

وعما بثته إذاعة “صوت العراق” عن الإرهاب السعودي الوهابي، فيه من التزييف والتدليس لدرجة القرف والإشمئزاز. فقد أثبتت العقود الثلاثة الماضية أن “تصدير الفتنة الطائفية في العراق” إنما منبعها عمائم إيران، وليس “آل سعود”. وأن المتسللين الإرهابين مرتبطون بالنظام السوري. ألم يطالب نوري المالكي مجلس الأمن الدولي بالتدخل وتشكيل محكمة جنائية دولية ضد سوريا، متهماً إياها بإيواء الإرهابيين، بعد أحداث آب/أغسطس 2009 بالتفجيرات التي أجتاحت بغداد وأسقطت نحو 700 فرداً بين قتيل وجريح.

أما الكلام عن “تورط المخابرات السعودية في تمويل عشرات الفضائيات”. قد يكون صحيحاً من مبدأ الحرب الإعلامية الذي يتبناه النظام الإيراني في مشروعه الصفوي حيال أمة العرب. فلماذا نذكرُ طرفاً جاء موقفه كردِ فعلٍ تجاه طرفٍ نغض النظر عنه عمداً؟ فإذا كان هذا “دليل دامغ على تورط النظام السعودي في تصدير الإرهاب الطائفي للعراق”؟ فمن المنطقِ أيضاً أن نوجه هذا الدليل إلى النظام الإيراني أولاً.

أن الضرب على طبول “الحرب الطائفية في العراق” في سبيل “قتل الشيعة” لم تكن سياسة سعودية أو عربية، ولا حتى إسلامية. وأن “داعش” أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، برزت للعيان جراء السياسة الإيرانية الداعمة لها في المنطقة. وإلا كيف نفسر وجود الميليشيات الطائفية المسلحة من “حزب الله” في لبنان، و”عصائب أهل الحق” في العراق” و”كتائب أبي الفضل العباس” في سوريا؟ وكيف نفهم قتل تلك الميليشيات للعرب السًنة بحجة الدفاع عن الشيعة الذين هم عرب أيضاً؟ إن لم يكن المشروع الصفوي الإيراني يهدف إلى تمزيق النسيج الإجتماعي داخل كل بلد من البلدان العربية.

وعليه فإن القول بأن: النظام السعودي قرر المراهنة على التنظيمات الإرهابية من “داعش” وغيرها. قولٌ فيه أفتراء وتجني فاضح على الحقائق. ولا ندري على أي أساس تمزج إذاعة “صوت العراق” بمراهنة السعودية على “داعش” من جهة، وعلى “بقايا فدائي صدام وبقايا مخابرات نظام البعث” من جهة أخرى. كيف يجتمع السلفي التكفيري الداعشي مع العلماني القومي البعثي؟ أليس هذا يعكس حالة التخبط والإضطراب في عقلية من يصوغ هكذا أفكار متناقضة؟ أَم أن صاحبها يفهم فلسفة جورج هيجل في نظرية “وحدة إنسجام الأضداد” على طريقته الخاصة.

وإذا تبنت إذاعة “صوت العراق” الموقف السوري المضاد للسعودية، فذلك شأنها سياسياً. إلا أنها تجعل من “إرهاب الوهابية الإرهابية” على المستوى العالمي الممتد على مناطق ثلاث قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا؛ مما “يتطلب عقد مؤتمر دولي”. فذلك الأستحمار بعينه. خصوصاً وأن الإتهام يقوم على “أرتكاب جرائم إبادة جماعية”. وكأن قتل أكثر من مليون عراقي، وترمل نحو مليوني إمراءة، وتيتم قرابة سبعة ملايين طفل، فإن إيران والجماعات الطائفية المسلحة بريئة من هكذا إجرام وإبادة جماعية، براءة الذئب من دم يوسف.

بالإختصار أن تنظيم “داعش” مدعوم من النظام السوري الدموي. وعلى الأرجح أن فكرة التأسيس لهكذا تنظيم تعود إلى النظام الصفوي الإيراني. نظراً إلى معطيات الجماعات الطائفية المسلحة المرتبطة بالنظام الإيراني تمويلاً وتسليحاً. وما “فيلق القدس” الإرهابي، إلا مرآةً عاكسة لسلوكية النهج الذي يتبعه عمائم إيران الحاكمة داخلياً وخارجياً.

د. عماد الدين الجبوري 

كاتب وباحث عراقي

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

الوسم : داعش

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق