مهلة المفاوضات النووية مع إيران ليست مقدسة

تشهد العاصمة النمساوية فيينا جولة جديدة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني التي انطلقت أمس بين مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) وإيران، والرامية لتحقيق اختراق يتيح التوصل في غضون ستة أسابيع إلى اتفاق شامل بين الطرفين.

وشارك في المفاوضات كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وأقر الوزيران الأمريكي والإيراني بأن الهّوة التي تحول دون التوصل لاتفاق بين الطرفين لا تزال كبيرة، في حين أكدّت واشنطن أنها ترفض “في الوقت الراهن” البحث في إمكانية تمديد المهلة النهائية المحددة للتوصل إلى اتفاق، والتي تنتهي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني.

 

نقاط الاختلاف

ترغب مجموعة 5+1 في أن تخفض إيران نشاطاتها النووية لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من عقد بشأن هذا البرنامج، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. فيما تنفي طهران سعيها لامتلاك قنبلة نووية، وتقول إنها تريد توسيع برنامجها النووي لإنتاج الكهرباء ومعالجة مرضى السرطان.

ونقطة الخلاف الأساسية تبقى قدرات إيران المستقبلية لتخصيب اليورانيوم، وهي العملية التي يمكن أن تنتج وقوداً للمفاعلات وكذلك مادة لصنع سلاح نووي في حال الوصول إلى درجات عالية من النقاء في التخصيب.

ويبدو أنّه تم إحراز تقدم في تغيير تصميم مفاعل تبنيه إيران في أراك لكي ينتج بلوتونيوم أقل، وكذلك ضمان عمليات تفتيش أكبر وحصر الأنشطة في منشأة فوردو المحصنة.

وتشمل نقاط الخلاف الأخرى وتيرة رفع العقوبات والجدول الزمني الذي سيحدّد للاتفاق وتحقيق الأمم المتحدة في احتمال وجود “أبعاد عسكرية” لأنشطة إيران في السابق.

 

سير المفاوضات واحتمالية تمديدها

الاتفاق الذي يسعى إليه جميع الأطراف سيكون تاريخياً فهو سيضمن أن يلتزم البرنامج النووي بأهداف مدنية بحتة لقاء رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران واقتصادها.

وقال مسؤول أمريكي مساء الأربعاء الفائت عند حديثه حول سير المفاوضات “لن يتم الاتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق حول كل النقاط ويمكن أن ينهار كل شيء بسبب الخلاف حول 2% من الملف مع أننا متفقون على 98% منه”. وأضاف المسؤول الأمريكي “الجميع يعمل بجد. إنها مفاوضات معقدة بشكل لا يوصف وتدخل في التفاصيل إلى حد كبير. إذ تتم إضافة صفحات ملحقة كاملة لأي سطر في كل اتفاق سياسي لأن التفاصيل حاسمة بشكل كبير”.

ومع دنو موعد المهلة اقترحت موسكو وطهران في الأيام الأخيرة إمكان تمديد جديد. إلا أن الدبلوماسية الأمريكية تفضل عدم الحديث عن تمديد “في الوقت الحالي”. من جهته، دعا وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في مقابلة مع موقع المونيتور بُثت الخميس كل الأطراف إلى “اتخاذ قرارات قوية”. ويمكن تبرير رغبة إيران في التوصل إلى اتفاق بسرعة بأمل تحسن الاقتصاد الإيراني. ويعتبر التوصل إلى اتفاق سريع مهم أيضا بالنسبة الى أوباما الذي يمكن أن يواجه بعد الانتخابات التشريعية في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر مجلس شيوخ بغالبية من المعارضة التي تشكك في جدوى الاتفاق مع إيران.

ويخشى عدد من المحللين عدم إمكان التوصل إلى اتفاق بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر. فهم يرون أن المفاوضات يمكن أن تستمر بعد اتفاق “مرحلي” يشمل التقدم الأولي الذي تم تحقيقه. من جهته، رفض وزير الخارجية الأمريكي كيري يوم الثلاثاء أثناء لقاءه نظيره الروسي سيرغي لافروروف في العاصمة باريس، ما يرجحه العديد من الخبراء وهو تمديد المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق. وقال “يجب أن نواصل المحادثات الجدية، وهو ما سنقوم به وسنجري تقييماً إلى أين نصل”. لكن لافروف قال في مؤتمر صحافي منفصل إنّ مهلة نوفمبر/تشرين الثاني “ليست مقدسة”. وألمح وزير الخارجية الإيراني إلى ضرورة تأجيل المهلة النهائية من أجل مناقشة ما وصفه بـ “طرق جديدة جدية ومبتكرة”. وصرح للتلفزيون الحكومي في يوم الثلاثاء عقب محادثات مع مفاوضين أميركيين وأوروبيين “هذه المحادثات ستستغرق وقتاً .. ومن الممكن أن نحتاج إلى مزيد من الوقت لمناقشة هذه الحلول”.

وقد قالت الولايات المتحدة وإيران إنهما حققتا بعض التقدم في محادثات نووية رفيعة المستوى، لكن ما زال يتعين إنجاز كثير من العمل من أجل التوصل لاتفاق، بحلول الموعد النهائي للمحادثات، وأمام الجانبين ستة أسابيع فقط قبل المهلة النهائية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر للتوصل إلى اتفاق يهدف الى تبديد المخاوف بشأن برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات التي يفرضها الغرب على إيران.

عبد الكريم عنكير

كاتب وباحث سوري

خاص بمركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق