مهاجراني ونجاح الإمارات

دور اللغة العربية في ثراء اللغة الفارسية! هكذا عنون مقاله مهاجراني وزير الثقافة والإرشاد في عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي بعد عودته من دولة الإمارات العربية حيث القى محاضرة حول الروابط الثقافية بين العرب وإيران. وأعرب عن إعجابه بما وصلت إليه الإمارات العربية المتحدة من تطور ورقي، خاصة على المستوى الثقافي الذي أراد هو الحديث عنه. وانتقد دور السياسة في تدمير العلاقات بين الشعوب والأمم. وهذا كلام جميل قل ما تفوه به إيراني آخر مثله، لكنه وكعادة الإيرانيين جميعا دس السم في العسل خلال حديثه عن الشعب اليوناني الذي يعتبر كل غير اليونانيين وحوشا ومتخلفين واليهود الذين يرون أنفسهم شعب الله المختار.

العرب الذين يعتبرون كل غير عربي أعجمي ولا يستطيع النطق الصحيح. واستثنى أهله الفرس ولم يقل لنا ماذا يعتبرون غيرهم من بني البشر خاصة العرب؟ أليسوا أكلة جراد وحفاة ومتخلفين كما ذكروا في الأشعار والكتابات والقصص الفارسية القديمة والحديثة؟ كلام ليس في سياقه على الإطلاق هذا أفضل ما يمكن أن يقال حول مقال مهاجراني الذي حاول التدليل على أهمية اللغة العربية للفرس منذ القدم إلى يومنا هذا. كما إن المطلّع جيدا على الثقافة الفارسية لا يرى محاولة مهاجراني هذه سوى نشوزا وتغريدا خارج السرب. إذ الكثير من هؤلاء الأشخاص الذين استشهد بهم وقال إنهم كتبوا باللغة العربية، عُرف عنهم كرههم الشديد للعرب. على سبيل المثال خميني المرشد السابق الذي تحدث عنه مهاجراني كان على العكس لا يطيق العرب واللغة العربية وتروى عنه قصص عجيبة حين كان لاجئا في العراق.

يقال إنه كان يدرس مادة تفسير القرآن بالفارسية وحين انتقدوه طلابه، وقالوا له إن مادة تفسير القرآن لا يجوز تدريسها بالفارسية لأن موضوعها كلام الله عز وجل ّ وسيفقد معناه الحقيقي، غضب كثيرا وأصر على موقفه واستمر في تدريسه باللغة الفارسية إلى أن خرج من العراق. أيضا حين استبشر العرب الأحوازيون بانتصار الثورة في إيران وأرسلوا وفدا للخميني للحديث معه حول تطبيق الوعود التي كان قد وعدهم إياها، رفض الحديث معهم باللغة العربية معللا موقفه إنه لا يجيدها -يبدو أن النجف لم تكن مدينة عراقية-. ويكفينا أن نعلم أنه لا يوجد نص فارسي واحد منذ التاريخ القديم إلى يومنا هذا تحدث عن العرب والعربية بإيجابية.

ثم فلنسأل مهاجراني ماذا فعل هو للعرب واللغة العربية حين كان وزيرا للثقافة والإرشاد. هل يستطيع ذكر موقف واحد منه لصالح العرب واللغة العربية والثقافة العربية. على العكس حين طلب منه إعطاء ترخيص لجريدة عربية للأحوازيين رفض رفضا قاطعا. ولا نعرف كيف غاب عنه آنذاك أن اللغة العربية أثرت وتثري اللغة الفارسية. ثم إذا كان مهاجراني محبا للعربية وأهلها لماذا لم يمنع طباعة ونشر الكتب التي اشتهر أصحابها بكرههم للعربية والعرب مثل كتاب “شاهنامه فردوسي” وغيره حين كان وزيرا للثقافة ويستطيع فعل الكثير آنذاك. يبدو أن هذا الرجل يعيش في غيبوبة أو أنه ما زال يعتقد كما كل الإيرانيين إن العرب أغبياء ويستطيع الضحك عليهم بكلام معسول. وهذه عادة يحببها الإيرانيون ويستخدمونها للتسول والارتزاق.

حقيقة الأمر نجاح وتطور الإمارات الحضاري والثقافي ومعها دول الخليج العربي كافة ليس بحاجة لشهادة من مهاجراني أو غيره. بل ما هو بحاجة لشهادة وتدليل كي يصدق، حديث مهاجراني المكتوب في غير سياقه.

على كل حال عنوان مقاله يذكرنا بشعار أطلقه قبل عدة سنين خامنئي المرشد الحالي وهو أيضا يبدو عليه حب العرب والعربية وربما سقط سهوا من مقال مهاجراني ولم يستشهد به أو أسقطه عمدا كي لا تكشف نواياه. إذ بين الحين والأخر يطل علينا خامنئي بخطاب باللغة العربية ويعلمنا كيف أن نقتدي بإيران وثورتها واسلامها ونجاحها وديمقراطيتها ورفاه مواطنيها!

الشعار المذكور وضع لعدة سنوات كبرنامج عمل لإنقاذ اللغة الفارسية من اللغة العربية ولايزال معمولا به. يقول المرشد في هذا الشعار “فلنحافظ على اللغة الفارسية” ومن خلال هذا الشعار تم استبدال الكثير من المفردات العربية بمفردات فارسية تبدو غريبة المعنى والشكل لكنها تفي بالغرض وهو إزالة كل ما هو عربي ومحبب لمهاجراني وخميني وخامنئي! إذن كون خمنيني وغيره من رجال الحوزة المحترفين في مهنة الغش والخداع ألفوا كتبا باللغة العربية هذا لا يعني على الإطلاق أنهم يحبونها. وكون مهاجراني امتدح من أجل الارتزاق صرحا ثقافيا وحضاريا في الإمارات العربية المتحدة أبهر العالم أجمع، هذا أيضا لا يعني أنه محب للعروبة واللغة العربية والثقافة العربية. في النهاية نقول لمهاجراني” قديمة، العب غيرها”.

موسى الفاخر

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق