مسلسل الإعدامات في إيران

بلغ النظام الإيراني في انتهاك حقوق الإنسان وإثبات عدم قدرته على إدارة إيران حد الذروة، عندما قامت بإعدام كل الرجال في إحدى قراها جنوب شرق إيران، وذلك بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات.

نقلت العديد من الصحف المحلية والعالمية تصريحات شهيندوخت ملاوردي، مساعدة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، إذ قالت “لدينا قرية في سيستان وبلوتشستان تم إعدام كل الذكور البالغين فيها لأنهم يتاجرون بالمخدرات، بهدف توفير المال لأسرهم، ولا يوجد أي دعم لهؤلاء الناس”.  كما أشارت ملاوردي أيضاً إلى أن الوضع الاقتصادي في البلاد هو السبب الأساسي لانتشار الاتجار بالمخدرات وحذرت من إهمال أطفال من أعدموا وأكدت ضرورة حمايتهم من تتبع طريق آبائهم بداعي الثأر أو إعالة أسرهم.

وتحتل إيران المرتبة الثانية من بعد الصين من حيث عدد الإعدامات، والذي بلغ 753 شخصاً في عام 2014 ، كما أنها أعدمت ما يقارب 700 شخص في النصف الأول من العام 2015.  كما تسلط الإعدامات الأخيرة الضوء على ارتفاع أحكام العقوبات ضد الاتجار بالمخدرات “حسب الادعاءات الإيرانية”، والتي تصل إلى الإعدام. بينما تنشر العديد من التقارير غير الرسمية قيام النظام الإيراني بإعدام أضعاف الأعداد المعلن عنها.

والجدير بالذكر، وعلى الرغم من التصريحات والإجراءات المتخذة بخصوص مكافحة المخدرات إلا أن الاتجار وتعاطي المخدرات مازالا ينتشران في الجسم الإيراني كالمرض الخبيث، وقد بلغ عدد مدمني المخدرات في إيران مليون و325  شخص حسب التصريحات الحكومية، مع التنويه إلى أن مراكز الدراسات والبحوث تحدثت عن أرقام مضاعفة.

وتجد الحكومة الإيرانية صعوبة في القضاء على تجارة المخدرات لعدة أسباب: منها أنها تقع بجوار باكستان وأفغانستان حيث تنشط تجارة المخدرات، نتيجة ذلك أصبحت إيران أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي والفقر والأرباح الهائلة التي تعود من هذه التجارة، أصبح العديد من التجار يتطلعون إلى مستقبل تجاري زاهر في هذا المجال، ولن ننسى أن تورط عناصر من الحرس الثوري في تجارة المخدرات زاد الأمور تعقيداً، ناهيك عن أن مواداً مخدرة منتشرة في الأسواق تحت مسميات لمواد غذائية كالعلكة ومعطر الفم وغيرها وهي مواد مطروحة في الأسواق وبأسعار زهيدة مما ساعد على انتشارها بشكل كبير وخاصة في المدارس. وقد وصل عدد المدمنين في المدارس إلى 130 ألف طالب تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 19 سنة.

ولم تقتصر مشكلة المخدرات على البيع والشراء إنما انتقلت إلى تصنيع المخدرات، وانتشرت مصانع المخدرات في إيران بشكل كبير وأصبح من الصعب إيجادها والقضاء عليها خاصة أنها مصانع منزلية.

إن مشكلة المخدرات تبرز مدى فشل الحكومة الإيرانية في إدارة البلاد، فهي تكشف عن عدم وجود رقابة على الأسواق والمواد الغذائية وعدم رقابة على المدراس وفساد في الحرس الثوري الذي من المفترض أن يكون حامي إيران وفساد في المؤسسات العامة، وقصور في المؤسسات الاجتماعية والتوعوية، والذي يعود في الآخر إلى فساد وقصور الحكومة الإيرانية نفسها، والتي لا تلتفت إلى أمورها الداخلية بل على العكس تستخدم المشاكل الداخلية وأحياناً تساهم في انتشارها حين تضطر لخدمة مصالحها السلطوية، كما فعلت سابقاً عام 1999 عندما سمحت لتجار المخدرات بتوزيع المخدرات مجاناً على الطلاب في جامعة طهران، لتتمكن من السيطرة على الاضطرابات الحاصلة وقتها.

وهاهي اليوم تقوم بالعديد من الإعدامات تحت تهمة الاتجار بالمخدرات، وهي إعدامات قائمة على الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات غير العادلة وفي بعض الأحيان بدون محاكمات، بحسب ما ذكرته منظمة العفو الدولية، مما يؤكد ازدراء السلطات الإيرانية لسلطة القانون، ومما يثير التساؤلات حول خلفية هذه الاعتقالات والإعدامات، فيما لو أن مكافحة المخدرات تشكل غطاء سياسياً لأعمال الحكومة الإيرانية التي بدورها حولت إيران إلى مصنع للمخدرات والموت والإرهاب.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق