مئات الرضع يعيشون في سجون الملالي مع أمهاتهم دون رعاية؛ بأي ذنب؟ ومن المذنب؟

ما هو حجم المأساة التي ترافق الأطفال والأمهات معاً أثناء قبعهم في السجون سوية؟ الجواب يشكل بمضمونه ظاهرة تراجيدية تحكي عن ألم ومعاناة تزايدت في السنوات الأخيرة في المجتمعات الإيرانية، دون أدنى اهتمام من قبل المسؤولين بمحاولة وضع الحلول اللازمة لإزاحة هذه الآلام ذات الدلالات الحسابية على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وخاصة الثقافية.

وبخصوص معاناة 200 طفل يعيشون في السجون مع أمهاتهم في إيران، فقد صرحت مساعدة الرئيس الإيراني في شؤون المرأة والأسرة “شهيندخت مولاوردي” أمام جمع من الصحفيين، وذلك على هامش عقد الاجتماع الثاني والسبعين للمجلس الاجتماعي للدولة عن وجود 200 طفل يعيشون مع أمهاتهم في السجون والمعتقلات الإيرانية، وحثت شهيندخت الجمعيات الخيرية بإقامة رياض أطفال داخل السجون النسائية في إيران، كوسيلة وحيدة من أجل رعاية الأطفال أو تقديم أبسط حقوق الطفل من الحماية والحق في الحياة، وخاصة أن السجون الإيرانية عرف عنها بممارسة شتى أنواع التعذيب في حق النساء السجينات، وما يوثق هذه الممارسات تلك المعلومات التي كشفتها الرسامة والناشطة الإيرانية آتينا فرقداني، والمفرج عنها قبل فترة من سجن “إفين” سيء الصيت في طهران، فقد تحدثت “آتينا” عن حالات تعذيب وإساءة وتصوير النساء في الحمامات من خلال كاميرات سرية في القاطع الثاني الخاص بالنساء، والذي تشرف عليه استخبارات الحرس الثوري الإيراني.

كما اعترفت مساعدة الرئيس الإيراني “شهيندخت مولاوردي” أن سجون النساء في إيران ليست على وضعية مناسبة، وأضافت أن نسبة السجينات من مجموع المساجين هي 5%، وهذا العدد في دولة إسلامية يعتبر كبيراً، كما طالبت شهيندخت الجهات المسؤولة بتوفير الدعم والحماية للنساء اللاتي يخرجن من السجون والاهتمام بمشاكلهن الاجتماعية، لأن إهمالهن سيقودهن إلى الضياع والتضييع.

وتعد السجون الإيرانية من أسوأ السجون العالمية في معاملة النزلاء وخاصة النزيلات، وقد إشار إلى ذلك مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران الدكتور أحمد شهيد حين أعلن أن 85% من النساء و35% من الرجال يتعرضون للاغتصاب في السجون والمعتقلات الإيرانية، وأضاف “شهيد” خلال اجتماع مع صحافيين إيرانيين في كندا أن التعذيب في إيران أصبح ممنهجاً ومنتشراً في المعتقلات الإيرانية، وقال “التعذيب يستمر في إيران مادام هناك نظام يعفو عن المتورطين في التعذيب.”

وخلال السنوات الماضية تم نشر العديد من التقارير من الداخل الإيراني تتحدث بشكل مباشر عن عمليات اغتصاب حدثت في السجون والمعتقلات الإيرانية، خاصة خلال فترة الاحتجاجات التي حدثت عام 2009 بسبب تزوير الانتخابات التي فاز بها محمود أحمدي نجاد، وقد وجه حينها الزعيم الإصلاحي المعتقل مهدي كروبي رسالة إلى أكبر هاشمي رفسنجاني أكد فيها أن لديه شهادات لبعض النساء والرجال الذين تعرضوا للاغتصاب في السجون الإيرانية.

ويتهم العديد من الحقوقيين والنشطاء النظام الإيراني وعسكره بالسكوت عن شتى أنواع التعذيب الممنهج في السجون والمعتقلات وخاصة الاغتصاب، بل ويرى البعض أن هذا النظام هو من يأمر عسكره بهكذا أفعال وحشية وإجرامية باعتبارها وسيلة تعذيب نفسية وجسدية لكل من يحاول الخروج عن دائرة الخامنئي الفكرية، إذ ليس لهذا النظام أي مشكلة في أن يغتصب نصف الشعب الإيراني في سبيل بقائه حاكماً للبلاد، لأن قاعدته الأولى هي “الغاية تبرر الوسيلة”.

فالأوضاع في السجون الإيرانية مخيفة جداً، وبالإضافة إلى التعذيب تباع فيها أيضاً المخدرات وتنتشر الرذيلة أمام أنظار ومسامع المسؤولين العاملين فيها، فأنواع المخدرات من ترياق وحشيش وغيرها تدخل السجون عادة بواسطة رجال الأمن العاملين هناك، ناهيك عن الضغوط النفسية والعنصرية والطائفية التي تمارسها السلطات في حق غير الفارسيين، وخاصة العرب السنة.

تتخذ السلطات الإيرانية السجون أداة يتم من خلالها تأديب وعزل كل من يعارضها في سياساتها الممنهجة، ولإكمال هذا الهدف شرعنت في قانونها غير القانوني 1600 قضية ومسألة تجيز تجريم المواطن الإيراني وحبسه، حتى تستطيع من خلال هذه القوانين الهمجية اضطهاد وتعذيب وعزل من يعارضها، حتى أصبح هناك نحو 500 ألف سجين (نصف مليون) إيراني يدخلون سنوياً السجون والمعتقلات، ولإكمال الغاية المنشودة أيضاً غضت السلطات الطرف عن وسائل التعذيب ومفتعليها في السجون والمعتقلات، حتى وصل الأمر بمعاقبة العديد من المعارضين بالقتل أو الاغتصاب أو إجباره على المخدرات للدخول في ظلمات الإدمان والضياع، ومن ناحية أخرى فقد رفعت صعوبة الحياة المعيشية، فارتفعت مع معدلات الفقر والبطالة التي كانت ومازالت ضريبة المواطن الإيراني التي يدفعها باستمرار جراء سياسات بلاده الخاطئة؛ أعداد المنحرفين والمجرمين، فضيق العيش والفقر المدقع وعدم توفر فرص العمل دفع الآلاف من الشعب الإيراني رجالاً ونساء إلى اتخاذ العديد من الجرائم كالسرقة والتهريب وتجارة المخدرات والقتل وغيرها من الجرائم مهناً يعتاشون منها.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق