قراءة في استجداء أوباما لخامنئي

لم يعد بعد الزواج الذي تم عام 2003 بين طهران وواشنطن مجرد زواج متعة، إنما بات كالبدر مكتملاً، وما ينقصه أن يبارك العربي نبيل هذا الزواج لينتظر أبناء جلدته المولود ثم المولود.. وقد يكون الأول والابن البكر اسمه الحوثي!!

واللطيف في الأمر، أن زواج المتعة عند الإيرانيين يبدو سرياً للغاية، وهذا ما طبقته طهران في مفاوضاتها النووية مع الغرب بعد الاتفاق الموقت، إلا أن الرئيس الأمريكي أوباما كشف هذا السر لأن العلاقات الجنسية في الغرب مكشوفة!!

ولفهم ما يدور حولنا –أي منطقة الخليج العربي، العراق وسورية- يجب أن نتوقف مع القارئ العربي على جانب من تصريحات صناع القرار في الغرب، لنتعرف سوية على ما يمكن أن يحدث في قادم الأيام. ومن هنا يمكن القول، إنه ليس من المعيب أن نستجدي معرفة الواقع العربي المرير الحالي من أناس يسكنون بعيداً عن أوطاننا، خاصة إذا كان هؤلاء مقربون من المطابخ السياسية، ولا سيما أهميتهم في الشأن السياسي الدولي ومآلاته الراهنة.

وعليه، فإن التصريحات الأخيرة لليهودي الأمريكي هنري كسينجر، والمعروف لدى الساسة وعموم الجماهير العربية، كان على غير عادته هذه المرة (حيث أشار كسينجر إلى خطورة إيران، ومشروعها القومي الطائفي التوسعي في المنطقة العربية، وقد يكون بمثابة تحذير للعرب، إلا إنها موجه للبيت الأبيض بالدرجة الأولى. وللعلم أيضاً، فإن تصريحات كسينجر دائماً ما تكون مبنية على معطيات ومعلومات استخباراتية قوية جداً لا تحتمل الشك أبداً)، ودائماً ما كانت مواقفه معادية وعدوانية للعرب وأوطانهم: “بأن إيران أخطر بكثير من داعش وأخواتها في العالم العربي”.

مؤكداً في حديثه عن سياسة بلاده عبر قناة سي. بي. أس الأمريكية بتاريخ 24/8/2014، قائلاً: “إن خطر إيران يفوق خطر الدولة الإسلامية -داعش-، وإن طهران تسعى لتشكيل حزام شيعي يمتد من طهران إلى بيروت مروراً بالعراق وسورية”، ويدلل تحليله الصائب هذا على أن ذلك يأتي كـ “محاولة لإحياء الإمبراطورية الفارسية في إطار طائفي شيعي”. حيث يعتقد كسينجر، “أن إيران تمثل مشكلة أكبر مما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”. ويعتبر كسينجر، “أن تنظيم الدولة الإسلامية مجرد مجموعة من المغامرين الذين يعتنقون أفكاراً عنيفة”.

وبتاريخ 12/10/2014 في حديثه لقناة أن ­بي ­سي الأمريكية يرى كسينجر، “إن إيران حليف طبيعي للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط”، ويعتقد الثعلب الأمريكي هنري كسينجر، أنه: “لطالما أن الملالي (آيات الله) يحكمون في إيران، ويقوم حكمهم على أساس الفلسفة الطائفية، فيجب أن نكون حذرين”. كما يضيف وكأنه مقتنع، “من حيث الأساس تعتبر إيران حليفاً طبيعياً للولايات المتحدة”. وهذه القناعة التي تكونت لدى شريحة كبيرة من الساسة في الولايات المتحدة جاءت على ضوء الأحداث الجارية منذ عام 2003، والتي كان لإيران الدور البارز في صناعتها.

كما بات واضحاً للعيان، أن المشروع الإيراني الإيديولوجي الذي دأب نظام طهران على تحقيقه منذ ثلاثة عقود، هو مشروع ذو أبعاد تاريخية وجغرافية وقومية وطائفية متنامية في مناطق نفوذها السياسي. بينما داعش ظاهرة مصطنعة لغايات سياسية، قد تختفي في الوقت المناسب بعد تحقيق المكاسب المرجوة من ظهورها. غير أنه يبدو من كان وراء ظهور داعش وأخواتها لم يتعلم بعد من تجربة واشنطن عندما وجدت اللبنة الأساسية للقاعدة، وما حصل للولايات المتحدة في11 سبتمبر عام 2001.

ومن هذا المنطلق، وبناءً على المعطيات الحالية في الإقليم، فإنّ المشروع الفارسي الطائفي في غاية من الأهمية والخطورة. إلا أنه وفي واقع الأمر، فإن العرب قد تأخروا كثيراً في معالجة هذه الإشكالية التي أحدثتها ثورة الخميني عام 1979، ولذلك، نرى أن الحوثيين في اليمن هم الأقوى دون منازع، وفي بلاد الشام اليد الطولى لحزب نصرالله، وفي بلاد الرافدين الحكيم والصدر هم الأعلى في طول البلاد وعرضها. ناهيك عن أدوار قيس الخزعلي وواثق البطاط وغيرهم من هذه الخزعبلات المرتبطة بفيلق القدس وقاسم سليماني مباشرة.

لذا من الضروري بمكان، أن نستطلع ونفتش مع القارئ الكريم سوية عن نوايا طهران في العالم العربي، التي تسعى من خلالها للسيطرة على بعض الأقطار العربية ومقدراتها، وذلك لتمرير مشروعها الذي بات مكشوفاً وواقعاً للغرب ومنظريهم وساستهم. ومن هنا لابد أن نستشهد بحديث المستشار الأعلى للشؤون العسكرية للمرشد علي خامنئي، الجنرال رحيم صفوي، الرئيس السابق للحرس الثوري، بتاريخ 24/8/2014، حيث قال رحيم صفوي عن هرم النظام (المرشد)، حيث عكست تصريحاته الغاية الحقيقة والنوايا الخفية للمشروع الإيراني: “نحن -الإيرانيون- في الوقت الحاضر، لدينا قائد (المرشد)..، ولديه النفوذ السياسي والديني والروحي في العراق وسورية وفلسطين والعالم الإسلامي، وهو القائد المدافع عن البلاد الإسلامية”. والسؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح، يا ترى كيف توصل رحيم صفوي إلى هذه القناعة أن الشعب العربي والإسلامي يدين بالولاء للمرشد ونظامه!!؟

وقد نجد الإجابة على السؤال المطروح أمامنا في حال تمعنا جيداً في رسائل أوباما السياسية للمرشد علي خامنئي، وكذلك الورقة الشيعية التي استخدمتها طهران لصالحها طوال الفترة الماضية.

جمال عبيدي

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق