قائمة صحيفة نيويورك تايمز للدول الجديدة المحتملة، وأخريات (1)

منذ قرابة عام، كتب اثنان من صحفيي نيويورك تايمز “فرانك جاكوبز و باراج خانا” Frank Jacobs and Parag Khanna، مقال رأي أدرجا فيه 11 دولة محتملة الظهور في المستقبل القريب. إذ كتبا:

يبدو أننا على وشك طفرة في ولادة دول-أمم أخرى، غير أنه في هذه المرة، لن تكون هذه الدول ناتجاً لمتغير سياسي منفرد أو مجرد صراع، كما حصل في مرحلة انتشارها ما بعد الاتحاد السوفييتي، ولن تقتصر كذلك على منطقة محددة. وإن كان هناك محدد واحد يربطها ببعضها وحقيقة لا يمكن التغافل عنها، فهي أن التاريخ يمضغ الحدود كما تفعل الحركات الجيولوجية بلا هدف محدد، أو كما تتهاوى الفلل الساحلية نتيجة تآكل المنحدرات.

1- تكسر مالي:

أدى ظهور كل من الحركة القومية البربرية وصعود الإسلام الراديكالي إلى فصل منطقة “أزواد” Azawad، الإقليم الصحراوي الواسع شمال مالي، والتي أعلنها متمردو الطوارق باعتبارها إقليما مستقلاً منذ 6 نيسان/إبريل 2012، وهو ما ظل غائباً عن معظم تقارير وسائل الإعلام، بما فيها تقارير صحيفة نيويورك تايمز. عموماً، فإن التركيبة الإثنية في منطقة أزواد (الدولة المعلنة) تظهر أنها مأهولة بكثافة سكانية في جنوبها من عناصر لا تنتمي إلى الطوارق، مما يعقد الوضع السياسي إلى حد كبير.

01

2- انشقاق بلجيكا أخيراً:

وصف جاكوبز وخانا بلجيكا بأنها “ستقسم على أسس لغوية بين الناطقين باللغة الفرنسية والناطقين باللغة الفلمنكية .. فالانجراف نحو الانقسام يجري منذ عقود”. إذ غالباً ما يلقى اللوم في أزمة في بلجيكا على التاريخ السياسي غير العادي للبلد. لكن التقسيم بين الشمال فلمنكي اللغة والجنوب فرانكفوري اللغة ليس واضح المعالم كما يرى ذلك العديد من النقاد.

02

3- تشظي الكونغو:

وفقاً لجاكوبز وخانا، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية “دولة ضعيفة جداً، حتى أن عدداً من الخبراء يشككون فيما إن كانت موجودة فعلياً”.

وقد سبق لمجموعة GeoCurrents أن دعتها بـ “دولة بوتمكين” Potemkin State. إذ أدى التنافر العرقي والصراع الاقتصادي، فضلاً عن التحديات الجغرافية، إلى تمزيق البلاد منذ عقود. وسنرى فيما إذا كانت ستسقط إلى عدة إجزاء، أو أنّ أجزاء منها ستعيد الارتباط مع الدول الأخرى القائمة.

03

4- تفكك الصومال المؤكد:

يرى جاكوبز وخانا بأن الأحداث الأخيرة في الصومال كدولة إنما هي “أفضل فرصة للخروج من عقود من حالة طفل عالمي مدلل إلى دولة فاشلة”. وأشارا أيضاً إلى أن كل من “بونتلاند Puntland  ]أرض بنط[ وصوماليلاند Somaliland ]أرض الصومال[، الثلثان الشرقي والغربي من البلاد، لا يرغبان في أن يكونا جزءاً من البلاد، فيما تستمر في بناء اقتصاداتها بالاعتماد بشكل كبير على القرصنة، كما أن لها قوات شرطة وإدارة خاصة بها”. وحيث أن الحكومة الرسمية غير قادرة على السيطرة حتى على مقديشو، فإن ذلك يجعل من مطالباتها بإقليمي أرض الصومال وأرض البنط غير ذات معنى. كما أنّ هناك مسألة مثيرة للاهتمام، وهي ما إذا كان إقليم بونتلاند يرتبط بأي علاقة بأرض البنط التاريخية، فيما لا تقدم الكثير من الأجوبة عن ذلك. من جانبه، فإن إقليم صوماليلاند يتمتع بحكم دولة جيد نسبياً، ويمتلك القليل وخاصة إن كان له أية صلة بعمليات القرصنة.

04

5- المضي العلوي المنفرد:

يبدو النموذج الخامس لجاكوبز وخانا مناسباً في الوقت الحالي، أكثر مما كان عليه قبل عام من الآن. فقد قدما عدة احتمالات حول “سورية الجديدة”. الأول أن تشبه الوضع السابق في لبنان لناحية كونها دولة تابعة: حيث يتم الاستيلاء على الحقوق من قبل ممارسي الأديان ضمن إطار حكومة مركزية مفرغة من مهامها. الاحتمال الآخر، هو عودتها إلى التعقيد العرقي الذي أرسته فرنسا: دولة خاصة بالدروز، وأخرى للعلويين، ودول-مدن في دمشق وحلب. حيث ستسيطر الدولة العلوية، موطن طائفة الأسد المهيمنة على سورية، على المناطق الخصبة والسواحل الجبلية في البلاد، وربما تكون من أكثر الاحتمالات قابلية في إنشاء دولة منفصلة.

وقد وصفت مجموعة GeoCurrents التعقيد العرقي والديني في سورية بالتفصيل، في منشور لها قبل عامين. ونجد من الغريب أن الدروز الذين يهيمنون على منطقة جبل الدروز، وهي هضبة بركانية في جنوب سورية، لم يأتِ التقرير الحالي على ذكرهم تقريباً في الحرب الأهلية الدائرة في سورية.

05

6- الاتحاد الخليجي العربي:

ينظر كل من جاكوبز وخانا في احتمالية انضمام البحرين واليمن إلى المملكة العربية السعودية، رغم أنّ خلفيات اندماج كل منهما مختلفة تماماً، وما يوحد هذه الممالك السنية العربية، هو التهديد المشترك لها من قبل إيران. رغم ذلك، فغالباً ما توصف اليمن بأنها دولة فاشلة، فيما دفعت النزاعات الإقليمية بين البحرين وإيران، إلى مزيد من التقارب البحريني مع السعودية، وتجعل الأغلبية الشيعية في البحرين هذا الأمر معقداً بشكل خاص.

وتُظهِر خريطة جاكوبز وخانا احتمالية أخرى بانضمام سلطنة عمان إلى الاتحاد الخليجي العربي، رغم عدد من المشاكل التي تواجه الأسرة المالكة فيها، فحقيقة هذا البلد، أن لا أغلبية سنية ولا شيعة فيه، إنما هي بالأحرى طائفة الأباضية المتحفظة، وهو ما يجعل مثل هذا الاندماج من المستبعد جداً.

06

7- كردستان المستقلة:

تشكل كردستان المستقلة، وافداً محتملاً جديداً آخر في منطقة الشرق الأوسط، ضمن نادي التغيرات الجيوسياسية. عبر توحيد الأقاليم الكردية في العراق وإيران وتركيا وشمال سورية. وعلى أقل احتمال، فقد تنشأ دولة كردستان المستقلة في شمال العراق، حيث يرى جاكوبز وخانا أنّ “حكومة إقليم كردستان من أكثر المناطق استقراراً في البلاد، وترفع علمها الخاص، وتعقد صفقات الطاقة والبنية التحتية باستقلالية مع شركة إكسون وشركات تركية”. لكن العلاقة بين حكومة إقليم كردستان والمجتمع المسيحي في المنطقة معقد على أقل تقدير، وتبقى الأزيدية طائفة رائعة أخرى في المنطقة. فيما يواجه السكان الأكراد في إيران وتركيا تحديات مختلفة جداً خاصة بهم.

07

8- أذربيجان الكبرى:

وفقاً لجاكوبز وخانا فإنّ إيران “عرضة لخطر الانهيار الداخلي”، مع احتمالية انشقاق القسم الشمالي الغربي منها وانضمامه إلى دولة أذربيجان المستقلة. فالأذريون على جانبي الحدود من الإثنية التركية، ويتحدثون اللغة التركية، وحصل بعض التقارب بين إيران وأذربيجان في السنوات الأخيرة. رغم ذلك، يبدي الأذريون في إيران قليلاً من إشارات المطالبة بحكم ذاتي، أقل بكثير من تلك التي يبدونها تجاه رغبتهم بالاستقلال أو الانضمام إلى دولة أذربيجان. فيما يحلم الإيرانيون بـ “إيران الكبرى”، والتي تضم دائماً إقليم أذربيجان إلى المجال الإيراني. ويعتبر الأذريون في إيران بعيدين عن التهميش، والعديد منهم مؤيد بشدة للدولة الإيرانية.

08

9- اتخاذ موقف في باشتونستان وبلوشستان:

يتنبأ جاكوبز وخانا بأنه “مع عدم وجود شخصية متماسكة في الأفق لقيادة أفغانستان بعد الرئيس حامد كرزاي، ومع غرق باكستان في اختلالات طائفية وضعفها كدولة، يمكن لباشتونستان الكبرى greater Pashtunistan أن تنشأ عبر خط دوراند Durand Line، الذي يقسم البلدين”. فالهوية الأفغانية في الواقع، هي مسألة معقدة ومثيرة للجدل، ويرى جاكوبز وخانا إمكانية حصول بلوشستانBaluchistan  الغنية بالغاز على استقلالها. ومن المهم ملاحظة أن قادة بلوشستان نصبوا أنفسهم على الإقليم الذي يمتد ليشمل بلوشستان الإيرانية، داخل حدود إيران، وهو ما سيتسبب بمشاكل مع إيران.

09

10- الصين تلتهم سيبيريا:

يرى جاكوبز وخانا إمكانية في استيلاء الصين على أجزاء كبيرة من سيبيريا، نتيجة لفشل روسيا فيها وإفراغها المناطق الشرقية منها. ويصفان الوضع الحالي على النحو التالي:

“عبر مئات آلاف الصينيين بالفعل منطقة الحدود عند نهر آمور the Amur River ، وأقاموا مستوطنات تجارية، وقاموا بالتزاوج مع الروس والأقليات الأصلية الرحل في سيبيريا. ففي حين تمتلك روسيا ترسانة نووية لحماية سيادتها من التهديدات المحتملة، لكن إشكالية روسيا تكمن في الخلل الديموغرافي، حيث يمكن كذلك من خلال ما يتم، تسريع عمليات التحول الاقتصادي لصالح الصين، حيث تبدو فلاديفوستوك Vladivostok  في أقصى شرق روسيا أبعد من أي وقت مضى عن موسكو”.

فيما لا تعتقد مجموعة GeoCurrents أنّ الصين تشكل تهديداً جيوسياسياً واقعياً لورسيا، أما فيما يتعلق باحتمال انهيار روسيا إلى عدد من الدول الأصغر فيبقى سؤالاً رائعاً آخر، والذي تعتبره مجموعة GeoCurrents مسألتين منفصلتين عن بعضهما.

10

(يتبع)

آسيا بيريلتسفيج

ترجمة: عبد القادر نعناع

يمكن العودة إلى النص الأصلي في:

Asya Pereltsvaig, “The New York Times’ List of Potential New Countries, and Others As Well“, September 24, 2013, GeoCurrents: http://www.geocurrents.info/geopolitics/new-york-times-list-potential-new-countries-others-well

الوسم : خرائط

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق