عجز الملالي

غريب هو أمر السياسة الإيرانية التي تقحم نفسها في كثير من المواقف المثيرة للتساؤل والاستغراب، فمملكة البحرين الشقيقة التي عانت ما عانت من ويلات التدخلات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة، لم يقف بها الأمر عند حدّ طرد بعثتها الدبلوماسية من البحرين وقطع العلاقات، ولكنها مازالت تتدخل بصورة أكبر وتحاول التدخل في كل صغيرة وكبيرة في الشأن البحريني بالرغم من أن مملكة البحرين لم يسبق لها التدخل في الشأن الإيراني.

الجهالة الطائفية ظلّت بوصلة تقود الفعل الإيراني دائماً وأبداً، وتصدير الثورة في مفاهيم معاجم الملالي ليس لها تفسير سوى تأجيج الصراع الطائفي وتأليب الشيعة على السنة في أي مكان، ومن غرائب الأمور أيضاً أن إيران نصّبت نفسها الرّاعي الأول لكل المكونات الشيعية والمسؤولة عن كل شيعي على وجه الأرض بغض النظر عن موقعه الجغرافي وجنسيته، فالولاء لأكبر عمامة في طهران هو ما تريد له أن يسبق الولاء لأي حاكم من حكام الشيعة الذين تشتتوا في عدة دول.

أغرب تفسير مضحك في الفترة الأخيرة ورد من خلال إحدى القنوات التابعة لإيران وناطقة باللغة العربية، فقد كان تفسيره للأحكام القضائية على الخلية التخريبية بالغرامة والسجن، بأنها حيلة بحرينية لسدّ العجز الاقتصادي عبر تلك الغرامات، وكأنما البحرين شركة تريد اصطياد ذلك المبلغ المتواضع الذي لا يسد حاجة عشرة ثواني من حاجة الدولة للإنفاق، وقال الضيف أيضاً إن سجن هذا العدد الكبير يأتي لتوفير ما كانوا يتقاضونه من رواتب من الدولة!

لقد فات على الإعلام الإيراني أن يتساءل من أين ستدفع تلك الغرامات ومن الذي سيدفعها وما هي مصلحته في دفعها؟؟!!

الإعلام الإيراني كان يتحدث بصيغة المتأكد من أن تلك الغرامات سيتم دفعها، وكان حانقاً على أحكام السجن الطويلة التي لا يستطيع أن يقضيها بالنيابة عنهم كما في عملية الدفع، فبعدما  خصص وقتاً كبيراً في مساحات بثّ  قنواته الفضائية لمناقشة هذا الموضوع، افتقر لأبسط قواعد الأخلاقيات المهنية التي تمنع التدخل في قرارات الدول والشعوب، فشعب البحرين لم يخرج في مظاهرة تعارض تلك الأحكام، بل على العكس، فإن مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات البحرينية المعبرة عن مختلف أطياف المجتمع البحريني، جاءت في مجملها داعمة لتلك الأحكام، بل رأت بعض تلك الوسائل أن الأحكام جاءت مخففة ودون الجرم الكبير الذي ارتكبه هؤلاء الذين خانوا وطنهم لمصلحة دولة أجنبية، والخيانة العظمى في معظم دساتير الشعوب يتم تطبيق حكم الإعدام عليها، وبعض الشعوب تعدم مرتكبيها بالرصاص بعدما يتم تغريمهم بثمن الطلقة التي يتم إعدامهم بها.

لكن الإعلام الإيراني الذي اعتاد على الرؤية بنظارة الفكر المتشدد والمتناقض الذي ينتهجه الملالي الصفويون المتحكمون في الشأن السياسي، يرى أن الشيعة فقط هم مواطنو البحرين، وأن غير الشيعة ليسوا غير عرب دخلاء، بالرغم من أن الشيعة رغم تبعية معظمهم لإيران، لم يقولوا بأنهم إيرانيون أو أنهم ليسوا عرباً، ولكن إيران تريد أن تسدّ رؤية الشمس بغربال.

ذات الفعل انتهجه الملالي عندما نفّذت المملكة العربية السعودية حكم الإعدام على مجموعة كبيرة، منهم الشيعي نمر باقر النمر، فأحرقوا السفارة والقنصلية السعودية في بلادهم، ومازالوا يقودون حملة مضادة ناسين بأنهم في المقابل يقدّمون موقفاً اعتذارياً متناقضاً بإعلانهم الرغبة في عودة العلاقات بعدما تأكّد لهم  بأن التحالف العربي جاد هذه المرة في مواجهتهم، وأن محاولاتهم المستمرة لتفتيت الصفوف ما عادت تجدي نفعاً.

نقلاً مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق