ظاهرة رش الأسيد على النساء والفتيات في إيران

أثارت ظاهرة رش الأسيد على الفتيات في شوارع أصفهان في الأيام الأخيرة الرعب والفزع بين الناس وخاصة النساء، كما لو كانت داعش تنتشر في الشوارع الإيرانية، وقد أعلن العديد من نشطاء حقوق الإنسان في إيران بأن ضحايا رش الأسيد في إيران وصلن إلى 14 ضحية، اثنتان منهن فقدتا الحياة، وحسب تقرير صحيفة الشرق فإنه من المحتمل أن تتزايد وتنتشر هذه الظاهرة “رش الأسيد على الفتيات” بشكل أكبر في الأيام المقبلة.

 وقد أكدت شرطة أصفهان رش 4 نساء بالأسيد في هذه المدينة، ولكنها امتنعت عن تقديم المزيد من التفاصيل حول هذه الظاهرة، وفي هذا الخصوص قالت وكالة أخبار طلبة إيران إن عدد ضحايا رش الأسيد في أصفهان أكثر من العدد الذي أعلنت عنه شرطة هذه المدينة، وقد تجاوز الــ 8 نساء، ويجب الإشارة هنا أن بعض وسائل الإعلام في إيران قد اعتبرت أن رش الأسيد على النساء والفتيات كان في إطار مكافحة ما يسمى الحجاب السيء “بدحجابي” من قبل بعض المتطرفين.

 وعلى أثر حوادث رش الأسيد على الفتيات التي حصلت في مدينة أصفهان وامتدت إلى مشهد أيضا، وقعت المجتمعات الإيرانية وخاصة النساء والفتيات في الذعر الشديد، وتبدلت هذه الحوادث إلى أزمة بين الشعب والأمن، وعلى خلفية هذه الأحداث تظاهر الآلاف في مدينة أصفهان عصر يوم الأربعاء 22 أكتوبر أمام مقر محكمة أصفهان احتجاجا على اللامبلاة من قبل الأجهزة الأمنية وعدم توفير الأمن للناس وخاصة النساء والفتيات، مطالبين بكشف كافة الحقائق عن حوادث رش الأسيد على الفتيات، وفي طهران أيضا انطلقت مظاهرات وتجمعات أمام مجلس الشورى الإيراني، وأطلق المتظاهرون شعارات سياسية ضد النظام مثل “الموت للفكر الداعشي، الأمن والحرية حقنا، ويا وزير الأمن اخجل اخجل، روحاني روحاني ليس لدينا أمن، إن لم تنتهي ظاهرة رش الأسيد سوف تثور إيران”.

بداية رش الأسيد في مدينة أصفهان:

في شهر أغسطس الماضي، اعتبر إمام جمعة أصفهان وضع كشف الحجاب أو الحجاب السيء في إيران بأنه لا يطاق، وأعلن أن وضع الحجاب السيء قد خرج عن المعقول، ويعتقد نشطاء حقوق الإنسان الإيرانيون في الخارج أن خطبة إمام جمعة أصفهان هي التي حركت ودفعت المتطرفين للقيام برش الأسيد على الفتيات اللواتي لا يلتزمن بالحجاب بشكل كامل.

 وفي هذا الخصوص قال محافظ أصفهان فضل الله كفيل خلال مقابلة له مع وكالة أنباء طلبة إيران “إيسنا” إن رشد الفتيات بالأسيد في أصفهان جاءت بدوافع شخصية انتقامية، وأضاف أن إحدى ضحايا رش الأسيد متزوجة ومن المحتمل أن يكون الدافع هو انتقام أسرتها منها، ولكن جميع الضحايا رفضن بشدة هذا الاعتبار وأكدن أن تعرضهن لرش الأسيد لم يكن لأسباب ودوافع شخصية أو انتقامية.

 وقد أكد الموقع الإخباري التحليلي “زندكي سالم” والذي يغطي باستمرار جميع أخبار أصفهان، خبر موت إحدى الضحايا التي تعرضت مع فتاتين لرش الأسيد من قبل عدة أفراد كانوا يستقلون الدراجات النارية في شارع شيخ صدوق في أصفهان، وقد أشارت العديد من التقارير إلى أن عدد ضحايا رش الأسيد في أصفهان وصل إلى 14 ضحية.

دوافع رش الأسيد:

من خلال المقابلات التي أجرتها وكالة أنباء طلبة إيران “إيسنا” مع أسر وأقارب الفتيات والنساء اللواتي تعرضن لرش الأسيد، تم التوصل إلى أن الدوافع من وراء ذلك غامضة، ولكن أسر وأقارب الضحايا أكدوا بأن الفتيات ليس لديهن أي عداء أو مشكلة شخصية مع أحد.

 ومع تزايد حدة ضغوطات الشعب ووسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، أعلن مرتضى ميرباقري رئيس مركز الشؤون الاجتماعية في وزارة الداخلية الإيرانية في مقابلة له مع شبكة “عصر إيران” أن شرطة أصفهان اعتقلت أربعة أشخاص مشتبه بضلوعهم في هذه الأحداث، كما أعلن رسول ياحي المستشار السياسي والأمني لإقليم أصفهان خلال حديث له مع وسائل الإعلام أن تعقب المشتبه بهم سيستمر، والتدابير والإجراءات الأمنية من أجل التوصل إلى مرتكبي هذه الجريمة ليس بحاجة إلى وسائل إعلام، وبناء على تقارير وكالة أنباء طلبة إيران “إيسنا” فإن قائد الشرطة الإيرانية إسماعيل أحمدي مقدم قد أعلن بأن القوات الأمنية استطاعت أن تمسك بخيوط هذه الجريمة، وقال: “بناء على كلام الضحايا، فإنه يبدو أن الذي قام برش الأسيد هو شخص واحد”.

وقد تناقضت تصريحات المسؤولين الإيرانيين في هذا الخصوص، مما يجعلنا نستنج بأن الدافع والسبب الرئيسي لرش الأسيد على الفتيات في الشوارع الإيرانية هو داعشية نظام ولاية الفقيه، وفي هذا الخصوص يقول عباس علي منصور آراني عضو لجنة الأمن القومي في المجلس “إن هذه الأعمال تشبه إلى حد كبير أفاعل داعش في سوريا والعراق، ويراد منها تشويه صورة الإسلام”.

تهديدات أمام جمعة أصفهان:

بعض النشطاء السياسيين الإيرانيين والعاملين في حقوق الإنسان والمقيمين خارج إيران، أعلنوا بأن المتطرفين التابعين للحكومة الإيرانية لهم يد فيما يحدث بخصوص رش الأسيد على النساء والفتيات في إيران، ووفقا للتقارير فإن أحداث رش الأسيد على الفتيات قد نسبت إلى الباسيج وحزب الله في أصفهان، كما اعتبر العديد من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بأن المتطرفين الموالين لإمام جمعة أصفهان هم من قاموا بهذه الجريمة، ويقولون بإن تهديدات إمام جمعة أصفهان دليل كافي على ضلوعه هو ومؤيديه في هذه الأحداث.

احتمال نظرية استمرارية ظاهرة رش الأسيد في أصفهان:

وفقا لصحيفة الشرق، فإنه تم إجراء دراسات مختبرية لوجوه النساء اللواتي تعرضن لرش الأسيد وذلك بحضور وزير الصحة، وتبين أن هذا الأسيد مشابه للأسيد الذي استخدم في السنوات السابقة، وهو ما يؤكد استمرارية مسلسل رش الأسيد، وهناك أيضا ثلاث حالات من هذه الأحداث على الأقل مرتبطة مع بعضها البعض، وبهذا يكون الشعب الإيراني قد تعرض لأعمال داعشية قبل تعرض الشعب العراقي والسوري لها، كما أنه من المتوقع أن تعيش النساء والفتيات أيام صعبة وحالة من الفزع والخوف، في ظل عدم قدرة أو تواطؤ الأمن الإيراني في حمايتهن، وفي حال استمرارية هذه الظاهرة فمن الطبيعي أن تخرج مظاهرات واحتجاجات رفضا لهذه الأعمال غير الإنسانية.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق