طهران، واشنطن… أيهما أكثر كذباً؟

أدرك صناع القرار الحاليون في طهران ضرورة تغيير استراتيجية النظام التي طالما اعتمدها في سياسته الخارجية، فكما يقال للضرورة حسابات!، فهم يدركون جيدا ً أن التحديات السياسية التي تواجهها إيران، وخاصة الدولية منها، تأتي معالجتها من خلال المحادثات الثنائية وفي إطارها، ولكنهم يدركون أيضاً أنّ طبيعتها لا تحتاج معالجة على أساس المنطق الأخلاقي والدبلوماسي أو من خلال المحادثات الحقوقية، بل على أساس موازين القوى.

کما یرون أن هنالك مقومات تمكّن إيران من المضي وبقوة في مفاوضاتها مع الغرب، و من أهمّ هذه المقومات:

أولا ً: ترتيب البيت الإيراني، فالنظام يعمل حاليا ً على توفير وإيجاد المناخ السياسي المناسب داخل البلاد من خلال الحدّ من التجاذبات السياسية، لذلك أوصى صناع القرار في طهران الرئيس حسن روحاني بتقوية الوحدة الوطنية والسلطة السياسية، وهذا الأمر من أهم العناصر المساعدة لإيران في محادثاتها مع الغرب وكذلك يساعد في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

ثانياً: يرى الكثير من صناع القرار في إيران أن واشنطن هي المسبب الرئيس في العقوبات الاقتصادية على إيران، ولذلك يعتقد البعض من هؤلاء بوجوب إتمام تسوية ما مع الإدارة الأمريكية. هذا الاعتقاد غير عملي ومحتوم بالفشل، على الأقل في المدى المنظور، وذلك لعدة أسباب منها أن هذه العقوبات الاقتصادية منشؤها الكونغرس الأمريكي والسلطات القانونية المختصة التي تعمل بشكل مستقلّ عن صلاحيات الرئيس الامريكي.

جاءت تصريحات المرشد “على خامنه ای” يوم الثلاثاء الماضي أمام حشد من قادة الحرس الثوري أنه لديه اعتقاد أن الدبلوماسية المرنة هي أفضل السبل، تماشيا ً مع التوجه العام للسياسة التي اعتمدها حسن روحاني بعد تولي الأخير الرئاسة الإيرانية خلفاً لأحمدي نجاد، وتسويقا ً للمهمة التي كُلّف بها رئيس الجمهورية روحاني، والذي من المفترض أن يلتقي في الأيام القادمة الرئيس أوباما!. ومن جانب أخر، وفي نفس السياق، صرّح المتحدث باسم البيت الأبيض قائلا ً أن الرئيس أوباما لن يلتقي حسن روحاني على هامش جلسة الأمم المتحدة في نيويورك!.

إنّ المتابع للشأن الإيراني يتفهم هذا النوع من الدبلوماسية الإيرانية، فهل هذا الموقف هو هروب من تفكيك إيران إذا ما استمرت العقوبات، أم استجداء ليس إلا؟!. و يبقى الأمر العجيب أيُّ العاصمتين تكذب، طهران أم واشنطن، أم أنّ كليهما يكذبان؟!

جمال عبيدي

رئيس مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق