شمخاني في منصبه الجديد: حمامة سلام أم حصان طروادة؟

بعيدا عن الخوض في التاريخ الشخصي لعلي شمخاني والمناصب التي عمل بها والأدوار التي قام بها منذ تولي رجال الدين الحكم في إيران إلى يومنا هذا. كتأسيس فرع الحرس الثوري في الأحواز التي كانت تشهد توترا خطيرا آنذاك باعتبار سكانها عرب وكانوا يتطلعون إلى مستقبل تراعى فيه حقوقهم القومية والمشاركة في حرب الإيرانية العراقية ودوره القيادي في جبهات القتال وأدوار أمنية وعسكرية أخرى. والدور البارز في قمع الحركات المناهضة لسلطة رجال الدين في طهران.

يبدو أن إيران عمدت هذه المرة أيضا إلى استخدام علي شمخاني و هو المقرب جدا من القائد و المرشد علي خامنئي عكس ما يحاول البعض من الصحفيين الترويج له في الآونة الأخيرة لإظهاره شخصا غير مرحب به لدى المرشد الأعلى، عمدت إلى استخدامه من أجل أغراض خارجية بحتة ليست مرتبطة بالملفات الداخلية كونه شخصا ينحدر من أصول عربية. فلا توجد مؤشرات واضحة لحد هذه اللحظة تشير إلى إن إيران عازمة على تغيير أسلوبها في التعاطي مع ملف الشعوب في إيران وبما فيهم العرب. فلو كان كذلك لتم تعيين وزراء ومسؤولين آخرين ينتمون إلى الشعوب الأخرى التي تتشكل منها إيران الحالية. فالثابت في تعاطي السلطات في إيران مع حراك الشعوب هو التعاطي الأمني واستخدام القوة والتهجير والعقوبات الجماعية وتصرفات تعسفية أخرى.

وعند تولي الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي منصب رئاسة الجمهورية تم تعيين علي شمخاني وزيرا للدفاع. فتلك المرحلة كانت تتطلب خطابا مختلفا أي غير متشدد تجاه دول الجوار في الخليج العربي. لذلك تم تسويقه عبر الإعلام الموجه للخارج بالذات كشخصية محبة للحوار وغير متشددة تجاه أبناء العمومة! وذلك من أجل جسر الهوة التي تركها الخطاب المتشدد في الفترة التي سبقت رئاسة محمد خاتمي. ولكن تبين فيما بعد إنه كان أكثر تشددا من أسلافه حيث لازلنا نتذكر تصريحه المتطرف أو بالأحرى تهديده دول الجوار في الخليج العربي “بإحراق المنطقة و القواعد العسكرية و الآبار النفطية و غلق مضيق باب السلام (هرمز) في حال تعرضت إيران لعمل عسكري أمريكي، أو التدخل في شؤون المنطقة و تغيير الأوضاع في جزر الإمارات الثلاث المحتلة”.

اليوم وبعد فترة التوترات وعدم الاستقرار التي تركها احمدي نجاد وحكومته، يبدو أن إيران عازمة على إعادة نفس السيناريو. فتم تعيين شمخاني أمينا عاما للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلفا لسعيد جليلي. ولكن مثلما كان في فترته السابقة أي وزيرا للدفاع في فترة السلم ولم يكن فاعلا بما يكفي ولم يكن باستطاعته القيام بشيء يذكر وحتى المقابلة التي أجرتها معه قناة الجزيرة آنذاك لم يستطع من خلالها الحديث باللغة العربية. وهو يستطيع حسب ما يروج له المغرضون. اليوم أيضا في منصبه الجديد هذا لا يبدو أنه سيتمكن من فعل شيء يذكر. فقبل أن يباشر مهامه فعليا تم نقل أهم ملف كان يشرف عليه المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وهو الملف النووي إلى وزارة الخارجية. وبهذه الحالة هل يستطيع فعل شيء سوى إطلاق التصريحات المتأزمة عند الضرورة والتهديدات النارية والمتشددة ضد دول الخليج العربي الآمنة؟

الحقائق تشير إلى إن تعيينه في منصبه الجديد مثلما لا يبدو لضرورة داخلية، لا يبدو كذلك للقيام بدور مهم ومؤثر على الساحة الخارجية وبالأخص ما يرتبط بالدول العربية ومصالحها. فمن يعرف مراكز صنع القرار في إيران سيعرف حتما أن علي شمخاني لا يستطيع فعل شيء سوى القيام بمجاملة بعض المسؤولين في دول الخليج العربي وأكبر شيء قد يستطيع فعله هو تبويس اللحى، وبعبارة أخرى تقبيل الذقون. ولكن يخشى أن يتم من خلاله تمرير ما تطمح إليه إيران وتخطط له وهو زعزعة استقرار هذا الجزء الحيوي من عالمنا العربي. لكن هذه المرة عبر الحرب الناعمة ومن بوابة شمخاني العربي المسالم! وبالتالي ما هو مهم نظرتنا نحن العرب وبالأخص أهل الخليج العربي حول شمخاني هل نعتبره حمامة سلام ونستقبله بالتصفيق ودون حذر، أم نعتبره حصان طروادة تحاول إيران من خلاله اختراق جبهتنا بعد أن بانت لدينا بوادر الصحوة واليقظة تجاه ما تقوم به هذه الدولة ضد دول الخليج العربي كبث سموم الطائفية وخلق التوترات وزعزعة الاستقرار.

موسى الفاخر

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

الوسم : إيران

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق