ستظل الكويت ودول مجلس التعاون عصية على الإرهابيين والقوى المحرضة

تمكنت الكويت من ضبط خلية إرهابية خزنت ترسانة ضخمة من الأسلحة والذخائر والقذائف والمواد المتفجرة كانت تنوي استخدامها في زعزعة أمن الكويت واستقرارها.

كشفت المعلومات القليلة التي رشحت من داخل أروقة مكاتب التحقيق الكويتية في قضية الخلية الإرهابية وكميات الأسلحة الضخمة التي تم ضبطها بحوزتها عن أن عناصر الخلية لهم ارتباطات بحزب الله اللبناني.

الكويت من دول الخليج بعد البحرين مستهدفة من قبل إيران منذ عام 1983 عندما اعتقل مصطفى بدر الدين المرتبط بعالم الاستخبارات الثوري الإيراني لتفجيره السفارة الأميركية لدى الكويت، أعقبها شن عماد مغنية حملة إرهابية على الكويت لإطلاق سراح مصطفى بدر الدين.

لم يتوقف سيناريو استهداف الكويت، بل تم استهداف أمير الكويت الراحل الشيخ جابر بسيارة مفخخة في مايو عام 1985، ثم تبعه استهداف مقاه شعبية خلف قتلى وجرحى في يوليو من نفس العام.

توالت التفجيرات التي استهدفت فندقا خلال انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي في يونيو عام 1987، ثم خطف عماد مغنية الطائرة الجابرية عام 1988، وأعدم اثنين من ركابها، بالطبع إرهاب الحرس الثور الإيراني، لم يقتصر على الكويت، بل تعداه إلى مواسم الحج في السعودية، لكن السؤال لماذا عاد الحرس الثوري عبر حزب الله بعملياته الإرهابية مرة أخرى في الكويت؟

ليس مقنعا أن العمليات الإرهابية التي يقودها الحرس الثوري عبر حزب الله في الكويت من أجل أهداف انتقامية طائفية، والرد على هجوم مسجد الصادق بمهاجمة أهداف سنية؟

 بينما نحن نلاحظ عودة العمليات التفجيرية إلى بغداد، لإرباك إصلاحات العبادي، وفي مدينة الصدر، عقابا للصدر على دعم عمليات إصلاحات العبادي، التي تدعمها مرجعية السيستاني، ونسبتها لداعش، أو على الأقل هناك تنسيق سري بين استخبارات الحرس الثوري واستخبارات داعش.

يجب أن يدرك الحرس الثوري، بأن أمن دول الخليج كل لا يتجزأ، وما يصيب أي دولة من دوله، يصيب بقية الدول الأخرى، يبدو أن الحرس الثوري، يتابع الوضع في الكويت بين أبناء الطوائف، بعد حادثة مسجد الصادق، ويريد إثارة فتنة طائفية، وخلط الأوراق لشق صف الوحدة الوطنية، خصوصا بعدما نجحت الحكومة في إفشال كل المحاولات، بعد هجوم مسجد الصادق، التي حاولت إحداث إخلال بالأمن الاجتماعي، وضرب الوحدة الوطنية، ورفضت الحكومة من البعض أي استغلال سياسي.

كما يريد حزب الله من هذه العمليات الضغط على السعودية، وعلى دول الخليج، بوقف تسليح المعارضة السورية، التي بدأت تحاصر حزب الله، والنظام السوري، خصوصا في منطقة الزبداني، التي يصر الحرس الثوري، على تهجير السنة من الزبداني، وهي لعبة ديموغرافية تستبق أي حلول سياسية يمكن أن يتوصل إليها المتقاتلون في سوريا، وحتى تصبح أمرا واقعا، وهو ما جعل الهدنة تنهار، بعدما أدرك الثوار أن هدف حزب الله والنظام، تقسيم سوريا، وتهديد وحدة سوريا الاجتماعية.

ولا يخفي حزب الله عداؤه الواضح لدول مجلس التعاون الخليجي، ولا يفرط زعيمه حسن نصر الله في أية فرصة يتيحها له ظهوره الإعلامي لشن حملات انتقادات مسيئة لدول مجلس التعاون الخليجي، وبشكل أساسي للبحرين والسعودية.

أي إن حزب الله دخل مرحلة ردود الأفعال المتشنجة، بعدما اكتشف أنه تورط في الحرب السورية، وخسر كل شيء، الذي أصبح بمثابة الثقب الأسود، الذي يبتلع خيرة مقاتليه.

 بدأ التململ في قاعدة حزب الله، الذي لا يمكنه تحمل الأعباء الكبيرة، والهائلة، في سوريا، ولم يجد سوى اللجوء إلى العمليات الانتحارية الاستباقية في دول الخليج، للتغطية على انتكاساته المتكررة، خصوصا بعد نجاح المقاومة في اليمن، التي قد تمتد إلى سوريا ولبنان، وستكون خسارته المباشرة في بلده لبنان، لصالح أطراف أخرى تدعمها دول الخليج، بعدما اكتشف مؤخرا أن المكابرة والتعنت ليست حسابات سياسية، لكنه لا يمتلك القرار، فالقرار بيد قاسم سليماني، لأن حزب الله أنشئ بتمويل إيراني، ولم تتمكن دول الخليج من شرائه.

اعتقد حزب الله أن الكويت منطقة هامشية، لن يتنبه الأمن الكويتي إلى تحركات حزب الله، باعتباره رأس حربة إيران في لبنان، وفي المنطقة العربية، خصوصا بعد قرار دول الخليج بشأن تضييق الخناق ماليا على المشاريع التابعة لحزب الله، واعتباره منظمة إرهابية.

في تلك الظروف يجب أن يتجه التركيز على العمل الوطني، فوق الشعارات، والممارسات الدينية، التي لا تمت لفهم الدين الصحيح، بل تمت لاعتبارات سياسية أو أيديولوجية، أو حزبية، أو مذهبية، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، بعيدا عن النزعة الطائفية، والتشكيك في الولاء، من أجل ترسيخ مجتمع تعددي، يركز على التسامح، بدلا من دغدغة مشاعر طوائف، دون طوائف، حتى لا يغيب الوطن، بل يجب أن يفرض الوطن نفسه، ولا ولاء إلا للوطن.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق