زعيم دمّر اليمن وتحالف مع الشيطان!

تروي الأساطير اليمنية التاريخية أن فأراً ظل ينخر في جدار سد مأرب القديم، واستمر القوم يتفرجون على تآكل الجدار إلى أن انهار السد برمته، فاندثرت حضارة أهل سبأ التي كان لها شأن عظيم. وفي وقتنا الراهن يبدو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مساهماً بكل طاقته في تدمير اليمن وجيشه لأسباب أنانية تتصل برغبته في الانتقام بعد خروجه من السلطة، وعلى خلفية دوره الأخير والسلبي في الأحداث الجارية، يمكن القول إن اسم هذا الرجل سيكون في قائمة الكوارث التي حلت باليمن قديماً وحديثاً.

ومن يبحث في سيرة صالح وما كتب عنه، يجده من دهاة السياسة، لكن على طريقته وأسلوبه الخاص، وها هو يختتم مسيرته بالتحالف مع إيران وجماعة الحوثيين، ويسهم في تدمير اليمن وجيشها، دون أن يلقي بالاً لذلك الشعب المسكين الذي تلاحقه النكبات ودورات العنف.

وصف أحدهم علي عبد الله صالح بسلاح الدمار الشامل الذي تفرغ لتدمير مستقبل اليمنيين، لكن عندما كان يحتل موقع الرئيس الشرعي في بلده، لم يكن سلوكه السياسي يعني أحداً سوى اليمنيين، ومن الواضح بحسب المعطيات الأخيرة أن اليمن كان رهينة مزاجه وتقلباته طوال سنوات حكمه، لكن الأمر يختلف الآن، فهناك رئيس شرعي اختاره اليمنيون بعد خروج صالح من الحكم إثر الاحتجاجات الشعبية ضد نظامه، حينها لم تقصر دول الخليج ولم تسمح بانهيار اليمن، ومثّلت المبادرة الخليجية فرصة ذهبية لعلي صالح، إذ كان أمامه خيار التقاعد الآمن، بعد أن منحته المبادرة الخليجية الحصانة، إلا أنه لم يسمح لخلفه عبد ربه منصور بأداء مهامه لإخراج اليمن من عنق الزجاجة والانتقال بها إلى بر الأمان. لقد عاد من علاجه في السعودية إلى صنعاء ليتحالف مع الحوثيين الموالين لإيران، فأصبح أداة إيرانية، فقام بتحريك قطاعات عسكرية لخدمة التوجه الطائفي.

ورغم أن صالح من الناحية الشكلية والقانونية غادر السلطة ووقع بنفسه بنود المبادرة الخليجية، فإنه ظل يحفر في جدار استقرار اليمن، وظل على اتصال بقادة المعسكرات الموالين له، وكان يعد العدة للانتقام من اليمن وحكومته الشرعية الجديدة وشعبه، لمجرد أنه غادر السلطة.

وليس أمام صالح أي مبرر للمزايدة على التحرك الخليجي والعربي لإنقاذ اليمن من المخطط الإيراني ومن تجيير جيش اليمن الشقيق لخدمة المشروع الطائفي، لأن التحرك العربي الجاد ينطلق من ثوابت الجامعة العربية واتفاقية الدفاع المشترك، كما يؤطر التحالف العربي تدخله العسكري الاضطراري في اليمن باحترام وحدة أراضيه واستقلالها، مستنداً إلى طلب مباشر من الرئيس اليمني لوقف التمدد الحوثي المدعوم إيرانياً.

ولم يكن يخطر ببال المحللين أن صالح سيلقي بثقله ويقحم بعض قادة الجيش في حماية المشروع الإيراني، ويعارض الإرادة اليمنية الشرعية، والاستجابة الخليجية والعربية لإنقاذ اليمن من ذلك المشروع. لكن سيبقى اليمن جزءاً من محيطه العربي، ولن يسمح أحد بتحويله إلى قاعدة إيرانية لتهديد الأمن الخليجي والعربي.

وعملياً لا يوجد أي تفسير لتحركات صالح سوى أنه شخص حاقد على شعبه، وأنه لا يدرك عواقب السير بعناد في طريق الدمار الذي صار أحد أسبابه الآن، وكان الأجدر به مراعاة الشعب الذي كان يقوده في الماضي القريب، لكنه قرر تدمير ما تبقى من جيش اليمن بإقحامه في معركة لا تخدم البلاد واستقرارها. كان عليه أن يعتبر من نهايات قادة آخرين ساقهم العناد إلى تدمير بلدانهم، وذهبوا بعد أن تركوا شعوبهم تلعنهم ولا تتذكر سوى حماقاتهم الأخيرة التي جلبت الفوضى والانهيار والحروب الأهلية. لن يتذكر اليمنيون مستقبلاً أن صالح كان مساهماً في توحيد اليمن، بل سيتذكرون أنه ظل ينتقم منهم ويدعم جماعات العنف الطائفية، ويخوض حرباً بلا قضية، مصير زعيمها الدخول في سجل المعادين لشعبهم وأمتهم.

  د.سالم حميد

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق