دراسة مقارنة في القدرات الصاروخية الإيرانية والخليجية: الجزء الثاني

 

رابعاً- مشاكل الصواريخ الإيرانية:

يظهر في البرنامج الصاروخي الإيراني عدة مشاكل في الاستخدام، وقد رصد المعهد الأمريكي للسلام، بعضاً منها فيما يلي (11):

ملاحظة صواريخ5

تعاني الصواريخ الإيرانية من عدة إشكاليات، منها عدم دقّة إصابتها، ونسبة نجاحها تكمن في حال استهدافها لهدف ثابت غير متحرك، وتحتاج إيران إلى استخدام عدد كبير من مخزونها الصاروخي ضدّ أهداف عسكرية كبيرة كالمطارات أو الموانئ. فيما يمكن أن تستفيد منها في عمليات التحرش بهدف تعطيل أو إتلاف مستودعات الوقود لدى العدو، أو إغلاق بعض الأنشطة العسكرية الهامة له. كما إنّ الفترة الطويلة اللازمة لنقل وإعداد وتحميل منصات الإطلاق تحدّ من فعالية هذه الصواريخ في إحداث هجمات واسعة.

ودون رأس نووي، تبقى الوظيفة الأساسية لهذه الصواريخ إحداث حالة خوف وترويع لدى العدو في مناطقه الحضرية لا أكثر، ومحاولة استحصال مكتسبات سياسية. لكنّ الإصابات الناجمة عنها تبقى محدودة لا تتجاوز بضعة مئات من الأشخاص، حتى لو استطاعت إيران إطلاق كافة ترسانتها الصاروخية، وعلى فرض نجاح أغلبيتها في اختراق الدفاعات المضادّة لها.

كما إنّ إيران ستواجه صعوبات كبيرة في حال قررت الانتقال إلى تطوير جيل ثانٍ من الصواريخ متوسطة المدى ذات المدى 4000-5000 كلم، بالاستناد إلى تكنولوجيا الوقود الصلب، ولن يمكنها الانتقال إلى مرحلة تجربة تطوير هذه الصواريخ قبل عام 2016، معتمدة في الأساس على التكنولوجيا والمكونات المستوردة، ضمن رحلة اختبار طويلة، وبحاجة إلى خبرات كبيرة في التصميم والهندسة واختبار المحركات الصاروخية.

فيما لا يزال من المبكر جداً، الحديث عن إمكانية تطوير صواريخ بعيد المدى تتجاوز 9000 كلم، رغم برنامج إيران للفضاء، ومن غير المرجح أن تسعى إيران لتطوير هذه المنظومة قبل عام 2020.

كما تعاني إيران، من حدوث انفجارات ضخمة في عمليات التصنيع والتجارب، منها الانفجارات الثلاثة التي وقعت في المصانع العسكرية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأشهرها الانفجار الرهيب بالقرب من العاصمة طهران، في مدينة ملارد في معسكر أمير المؤمنين (مدرس)، والذي قتل فيه الجنرال حسن طهراني مقدم (أبو البرنامج الصاروخي الإيراني)، بتاريخ 12/11/2011، وقتل معه 35 خبيراً إضافة إلى إصابة 17 آخرين، وذلك وفق الرواية الرسمية للنظام (الحرس الثوري) (12).

 

خامساً- أثر العقوبات الدولية في البرنامج التسليحي الإيراني:

أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، إلى شلّ قدرات إيران التسليحية المستوردة، وإعاقة قدراتها التمويلية في الصناعات المحلية. لكنّ الأشد تأثيراً فيها كانت تلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والتي شملت طائفة واسعة من البرنامج التسليحي النووي والتقليدي الإيراني، ومصادر تمويلها، وصولاً إلى استهداف مؤسسات الحرس الثوري الإيراني المشرف على البرنامج التسليحي، وإلى أفراد داخل النظام الإيراني (13). ومن أبرز القرارات الصادرة عن المجلس في هذا الشأن:

القرار 1696: وشكلت العقوبات المفروضة في هذا القرار، عقوبات تقنية عبر منع جميع الدول من نقل أيّة أصناف أو مواد أو سلع تكنولوجية قد تساهم في أنشطة إيران النووية.

القرار 1737: طالب القرار السلطات الإيرانية بتعليق جميع الأنشطة المتصلة بالتخصيب والماء الثقيل. وحظر على جميع الدول توريد أيّ من أصناف المواد التي تساهم في أنشطة إيران المتصلة بالبرنامج النووي بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم تقديم أيّ نوع من المساعدة أو التدريب أو الاستثمار وسواها من الخدمات التي تتعلق بالسلع والتكنولوجيا المحظورة في هذا القرار. بل ومنع القرار جميع الدول من تدريس أو تدريب المختصين داخل أراضيها أو من قبل رعاياها لرعايا إيرانيين، في تخصّصات ذات صلة بأنشطة إيران النووية. وألزم إيران بإيقاف تصدير جميع الأصناف الواردة في نصّ هذا القرار والمتعلقة بالنشاط النووي وبالقذائف المتصلة به، وحظر على جميع الدول شراؤها. ودعا جميع الدول إلى تجميد الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى التي يمتلكها أو يتحكّم فيها الكيانات والأشخاص المرتبطون بأنشطة إيران النووية.

ملاحظة صواريخ6

القرار 1747: وسّع هذا القرار دائرة الحظر على إيران لتشمل معظم منظومة الأسلحة التقليدية من دبابات ومركبات وطائرات قتالية وقذائف ومدفعية. كما وسع من نطاق المستهدفين بالحظر عبر إضافة 13 كياناً إيرانياً جديداً و15 شخصاً آخرين، ليطال لأول مرة وبشكل مباشرة مؤسسات الحرس الثوري وقياداته.

القرار 1803: وسّع فيه المجلس الحظر على المعدات والسلع التكنولوجية المتعلقة بالنشاط النووي الإيراني، كما قام بتوسيع قيود التعاملات التجارية، ففرض قيوداً على تعامل المؤسسات المالية مع جميع المصارف التي تتخذ من إيران مقراً، وقد خصّ بالذكر مصرفي “مللي” و “سديرات” وفروعهما وتوابعها خارج إيران.

القرار 1929: جاء هذا القرار الأخير، موسعاً عن كل ما سبقه، تحت المادة 41 من الفصل السابع، موسِّعاً بشكل كبير جملة العقوبات المفروضة على إيران. حيث حظر هذا القرار على إيران المشاركة في أيّ نشاط تجاري في دولة أخرى ينطوي على استخراج اليورانيوم أو إنتاج أو استخدام المواد التكنولوجية النووية، كما حظر على الدول قبول مثل تلك الاستثمارات على أراضيها. ووسّع القرار الحظر على الأسلحة التقليدية ليشمل قطع الغيار وكل أشكال التدريب عليها، كما وحدّث قوائم المواد المحظورة ذات العلاقة بالنشاط النووي.

سادساً- العجز التمويلي للبرنامج التسليحي:

رغم ما شهدته إيران في سنوات سابقة من محاولات نهضة صناعية لم تكتمل، إلا أنّ الاقتصاد الإيراني بقي اقتصاداً ريعياً مستنداً إلى النفط والغاز بدرجة غالبة، ووظّفت الإدارات الإيرانية المتلاحقة منذ اكتشاف تلك الموارد، مردودها في عمليات بناء برنامج عسكري بالاستناد إلى مشتريات خارجية ومحاولات محلّية لتطوير بعض النماذج الصناعية العسكرية، وأدى تحويل ما يسمى “البترو-دولار” إلى الجهاز العسكري، إلى إخفاقات كبيرة في المجالات التنموية والإنسانية، ما انعكس في المحصلة على هذا البرنامج.

غير أنّ العقوبات الدولية التي انطلقت منذ ثمانينات القرن الماضي، طالت وبشكل تدريجي القدرات التمويلية الإيرانية للبرنامج التسليحي، عدا عن برنامج التنمية، وصولاً إلى مرحلة شبه انهيار في الاحتياطات الاستراتيجية من النقد الأجنبي مع عام 2013، وهو ما أعاق المشتريات العسكرية الخارجية، ودفع الدول المورِّدة للسلاح إلى توريد أصناف ذات جودة متدنية للغاية، مقابل النفط، فيما أوقفت دول أخرى تلك التوريدات. كما أنّ انخفاض القدرات التمويلية إلى درجة تقارب الصفر، أدت إلى شلل في الصناعات المحلية، عدا عن هروب كثير من المختصين في تلك الصناعات إلى خارج إيران، بحثاً عن مستويات حياة لائقة.

إذ يُعتبر قطاع النفط الإيراني، أكبر القطاعات المتضررة من العقوبات الدولية المفروضة على إيران إلى جانب القطاع المصرفي والمالي، وأدّت العقوبات إلى تدهور كبيرة في الإنتاج تبعه انخفاض كبير في التصدير، ومنه تقلص العائدات المالية الأهمّ في الدخل القومي الإيراني.

فوفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، تراجعت صادرات النفط الإيرانية إلى أقل من مليون برميل يومياً في يناير 2013 من 2.2 مليون برميل يومياً في أواخر 2011 مما يعني حرمان البلاد من إيرادات تزيد على 40 مليار دولار عن العام الذي سبقه (14).

مستوى إنتاج النفط

وكشفت ورقة بحثية أعدّها الخبير الاقتصادي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مجدي صبحي تحت عنوان “الاقتصاد الإيراني في عشر سنوات” عن زيف الادعاء الإيراني حيث طال تأثير هذه العقوبات أحد أهم القطاعات الحيوية في الدولة وهو قطاع النفط والغاز الذي يسهم بمقدار 10-30% من الناتج الإيراني، ويقدم تقريباً 80-85% من جملة الصادرات الإيرانية. ومن المفارقات التي شهدتها إيران كثالث دولة نفطية على مستوى معدلات حجم الاحتياطات النفطية في العالم -يقدر بحوالي 136 مليار برميل- إلاّ أنّ حجم الإنتاج لم يزد خلال فترة ما بعد الثورة عن 4-4.2 مليون برميل يومياً. وهناك مفارقة أخرى بالنسبة لاحتياطي الغاز الذي تحتل إيران المرتبة الثانية عالمياً في مخزوناته، بينما لم تتمكن من زيادة الإنتاج قدماً مكعباً واحداً عن عصر الشاه، بطاقة إنتاجية قدرها 4 مليارات قدم مكعب يومياً. وقد جاءت العقوبات لتضيف تدريجياً المزيد من المشكلات في الدولة، فغلّت يدها عن الاستثمار فيه والاستفادة منه، وأوضح الأمثلة على هذا هو عدم تطوير حقل أذربيجان الذي يُعدّ من أكبر الاكتشافات على الإطلاق في عام 1999، ويمكنه إنتاج 62 مليار برميل، يليه حقل جنوب فارس (في مياه إقليم الأحواز) الذي يعد أكبر حقل غير مطوّر في العالم ويمكنه إنتاج 38 مليار برميل (15).

وفقا لتقديرات خبراء اقتصاديين فان الاحتياطيات الأجنبية هبطت إلى 70-80 مليار دولار عام 2013 بعد أن بلغت أكثر من 100 مليار دولار في نهاية 2011. حيث كان النفط يشكّل ثلثي إيرادات الحكومة تقريباً لذلك وجهت العقوبات ضربة شديدة لموارد الدولة. لكن ضعف الريال خدم الحكومة الإيرانية –جزئياً- بأن مكنها من تحقيق أرباح من خلال بيع بعض العملة الصعبة التي تأتيها من النفط إلى القطاع الخاص بأسعار أعلى بكثير من مستواها قبل عام (16).

سابعاً- البرنامج التسليحي الخليجي:

تشكّل الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى أساس البرنامجين السعودي والإيراني، لذا فإنّ المقارنة تبنى على هذه الفئة، دون إعطاء كثير أهمية للفئات الأدنى؛ لسهولة الحصول عليها من جهة، وبساطة تصنيعها من جهة ثانية، وضعف مردودها العسكري من جهة ثالثة.

وبعيداً عن السلاح النووي والكيماوي، وفي مقارنة تسليحية تقليدية، تتفوق دول الخليج العربي، وبالأخصّ دولتا الإمارات والسعودية، بنمط المنظومة التسليحية التي تمتلكها على محيطها الجغرافي، لناحية الكمّ والنوع، حيث تمتلك صواريخ قادرة على بلوغ العمق الروسي والإفريقي وشرق أوروبا والهند. عدا عن منظومة طيران عسكري عالي التفوق والمناورة.

صواريخ2

وفي حال تجهيز هذه الصواريخ برؤوس غير تقليدية، فإنّ المعادلات الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط خاصة، وآسيا بشكل أعمّ، ستُنتِج قوى إقليمية عربية قادرة على فرض أجندات جديدة في الساحة الدولية. وتُفقِد كافّة المنافسين الإقليمين أيّ تفوق عسكري غير تقليدي، دافعة نحو نمط من الردع والردع المتبادل، يفرض سلام قوة في المنطقة على كافّة الأطراف.

كما تتفوق دول الخليج العربي، على إيران وإسرائيل معاً، لناحية القدرات التمويلية الخاصة بهذا المشروع، دون الحاجة إلى الاستناد إلى المعونات الخارجية أو الاقتطاعات المالية من الموازنات السنوية، أو تأجيل برامج التنمية الداخلية. إذ تمتلك احتياطات مالية تتصدّر القوائم العالمية، عدا عن دور صناديقها السيادية الريادية على المستوى الدولي، إضافة إلى ضخامة حجم القطاع الخاص الوطني، الذي يمكن استدعاؤه إلى بعض جوانب هذا المشروع.

إذ تمتلك دولة الإمارات وحدها قرابة 813 مليار دولار كصاحبة أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم، وبنسبة تبلغ 15% من الثروات العالمية. فيما يقدّر الصندوق السيادي السعودي بقرابة 532 مليار دولار، والكويتي بحدود 296 مليار دولار، والقطري بحدود 115 مليار دولار، أما الصندوق البحريني فيبلغ 9 مليارات دولار، والعماني 8 مليارات دولار (17).

وربما يكون الأحدث في البرنامج الصاروخي الاستراتيجي السعودي، ما تكشف عقب نهاية مناورات “سيف عبد الله”، وبعد ظهور صواريخ (باتريوت) و (شاهين)، ظهرت المفاجأة، حيث تمّ عرض سلاح الردع (رياح الشرق)، القادر على حمل رؤوس نووية، أمام العالم لأول مرة منذ 27 عاما (18).

ملاحظة صواريخ8

وذكر موقع ديبكا فايل القريب من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أنّ المملكة العربية السعودية استعرضت مؤخراً مجموعة من الصواريخ من طراز دونج فينج (DF-3) الصينية الصنع، التي تتميز بقدرتها على حمل رؤوس نووية. وزعم الموقع أنّ السعودية تعتبر أولى الدول في الشرق الأوسط التي تعرض علناً صواريخ بعيدة المدى عابرة للقارات، التي تمكّنت من شرائها من الصين قبل 27 عاماً. وأشار الموقع الإسرائيلي أنّ القوات السعودية استعرضت هذه الصواريخ في قاعدة حفر الباطن في المنطقة الشرقية من المملكة، في قطاع الحدود المشتركة مع الكويت والعراق، وذلك في ختام المناورات العسكرية التي حملت اسم (سيف عبد الله) في 29 إبريل 2014. ويصل المدى المؤثر لصواريخ (DF-3) إلى 2650-4000 كلم، ويمكن لهذه الصواريخ أن تحمل رأساً نووية واحدة بزنة 2000 كلغ، وتتراوح القدرة التدميرية لهذه الصواريخ بين واحد إلى ثلاثة ميجا طن. وتشير مصادر الاستخبارات الإسرائيلية إلى أنّ عرض الصواريخ النووية، يتضمن توجيه رسالة شديدة الوضوح إلى كل من الولايات المتحدة وإيران خلال المرحلة التي تسبق التوصل إلى اتفاق بين الجانبين بشأن البرنامج النووي لإيران، وهو ما يعني بوضوح أنّ لدى السعودية صواريخ نووية، يمكن استخدامها في حالة اندلاع نزاع مسلح مع إيران، وذكرت ديبكا فايل أيضاً، بأنّه خلال الزيارات الأخيرة التي قام بها مسئولون سعوديون إلى الصين، تمت مناقشة إمكانية حصول الرياض على صواريخ دونج فينج-21 (DF-21) التي يصل مداها إلى 1700 كلم، بالإضافة إلى منظومة الرادار المصاحبة لتلك الصواريخ (19).

وحسب بي بي سي، ذكر بعض الخبراء بأنّ السعودية قدمت مساعدات مالية لبرنامج الأسلحة النووية الباكستانية، وعليه فإنّه من المُرجّح والممكن أنّها تلقت ولديها بالفعل أسلحة نووية من باكستان (20).

صواريخ3

فيما كشفت مجلة “نيوزويك” الامريكية أنّ الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، ساعدت الجيش السعودي لتوقيع صفقة أسلحة صينية بينها صواريخ بالستية لاستخدامها ضد “أهداف ثمينة” في طهران. وتتميز الصواريخ الباليستية الجديدة والمعروفة بـ (CSS-5)، بالدقة في إصابة الهدف على الرغم من مداها القصير ممّا يجعلها أكثر نفعاً في حالة استُخدِمت ضدّ “أهداف ثمينة” في طهران مثل القصور الرئاسية، أو مقرات قيادة الثورة الإيرانية” بحسب جيفري لويس مدير مركز جيمس مارتن لأبحاث منع انتشار الأسلحة في معهد الدراسات الدولية. وبالإضافة لهذا فيمكن إطلاق الصواريخ هذه بسرعة كبيرة.

ملاحظة صواريخ9

وكشفت مصادر عسكرية عن برنامج تسليح سعودي جديد لتطوير القوة الصاروخية للمملكة، التي تمتلك اكبر ترسانة صواريخ في الشرق الأوسط، مؤكدة أنّ المملكة تسعى لإنتاج صواريخ تفوق قدرات الصواريخ البالستية الصينية (CSS-5, CSS-6) التي اشترتها خلال القرن الماضي. وافادت المصادر: أن البرنامج الصاروخي السعودي الجديد يسعى لتطوير صواريخ بالستية من حيث القدرة التدميرية والمسافة، ليصل الى ما بين (3000- 3500) كلم. وكان تقرير حديث لمؤسسة (راند) الامريكية، أكدّ أنّ المملكة العربية السعودية تنشر منظومة صواريخ هي الأبعد مدى في منطقة الشرق الأوسط، والمقصود بها منظومة (CSS-2) التي اشترتها السعودية من الصين في عام 1987، وأنّها تمتلك عدة عشرات من هذه الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكّنها مداها البالغ 2000 كيلومتراً من أن تطال معظم أنحاء أوروبا وأوراسيا وشبه القارة الهندية (21).

فيما قطعت الإمارات شوطاً مهماً في استراتيجيتها الخاصة بتعزيز تواجدها على خريطة الصناعات العسكرية بالإعلان عن إنتاج أول صاروخ إماراتي جو-أرض، ويشير الخبراء إلى أنّ الإمارات حققت إنجازاً كبيراً بإنتاج الصاروخ (الطارق)، الذي يعدّ إضافة مهمة إلى استراتيجية الصناعات العسكرية الوطنية، التي تسعى الى التوسع فيها، ليس فقط لتوفير احتياجاتها المحلية، وإنما لتسويقها خارجياً. وبإمكانه حمل قنابل يصل وزنها إلى 500 كلغ، ويمكن استخدامه خلال النهار والليل في ظروف مناخية متنوعة (صاروخ موجه ذكي). ويتم إنتاج الصاروخ من خلال مشروع مشترك مع شركة دينيل الجنوب إفريقية التي تعتبر من أكبر منتجي الصواريخ الموجهة في العالم، ويعدّ الصاروخ (الطارق) باكورة إنتاج الشركة التي تملك توازن القابضة 51% منها، حيث أنّ هناك خططاً لإنتاج صواريخ أخرى في إطار خطط التوسع للشركة المنتجة. وسيوفر هذا المشروع التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال للإمارات، فضلاً عن استهدافه الأسواق الخارجية، ومن بينها بعض دول المنطقة (22). كما استطاعت الامارات تصنيع راجمات صواريخ ذات قدرة عالية وتحمل كميات كبيرة من الصواريخ “راجمات جهنم”.

صواريخ4

ثامناً- البرنامج الفضائي الإماراتي:

وقد دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي عبر إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في شهر يوليو 2014 عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية وبدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل للكوكب الأحمر خلال السنوات السبع المقبلة، وتحديداً في عام 2021. ويحقّق هذا البرنامج جملة من الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات على المديين المنظور والبعيد، تتمثل في الأمور الآتية (23):

ملاحظة صواريخ10

– دعم توجه الإمارات نحو اقتصاد المعرفة.

– بناء قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصِّصة في مجال تكنولوجيا الفضاء.

– تعزيز شراكة الإمارات مع العالم الخارجي، وخاصّة الدول التي تمتلك خبرات وتجارب رائدة في مجال الفضاء وتكنولوجيا الصناعة المرتبطة بها.

 – قيادة العالمين العربي والإسلامي في مجال الفضاء.

برنامج الفضاء الإماراتي

خاتمة:

لابد من التذكير ختاماً أنّ آخر حروب إيران كانت عام 1988، ولم تخض بعدها أيّة مواجهة عسكرية، تؤهِّلها لتجربة فعلية لترسانتها العسكرية، كما أنّ الصواريخ التي زودت بها حزب الله وحماس، تبقى صواريخ قصيرة المدى أثبتت ضعف فعاليتها، واقتصارها على حالة الرعب والهلع لدى الإسرائيليين، دون أن تكون صواريخ استراتيجية قادرة على إحداث انقلابات كبرى في التوازنات العسكرية شرق الأوسطية.

فيما تؤكِّد معلومات من داخل أروقة النظام الإيراني (الحرس الثوري)، من أنّ حسن طهراني مقدم (أبو البرنامج الصاروخي الإيراني) والذي قضى في الانفجار المذكور سابقاً، كان يسعى حتى عام 2011 إلى إيصال مدى الصواريخ الإيرانية إلى 800 كم، فيما قُتِل في الانفجار قبل أن يتحقق له ذلك. فيما عانت إيران خلال الفترة 2011-2013 من عقوبات صارمة، وصلت إلى حدّ تفتيش السفن المتجهة إلى إيران والمشتبه بأنّها تحمل أيّة مواد تسهم في الصناعات العسكرية التقليدية والنووية.

كما أنّ تكرار الانفجارات الكبرى في القواعد العسكرية الصناعية، يؤكد فشل الخبراء الإيرانيين في تطوير أنماط ذات قدرات عالية من الترسانة الإيرانية. وقد أوردت صحيفة العرب اللندنية في 11 أكتوبر 2014، تقريراً حول أحدث هذه الانفجارات الذي وقع بتاريخ 6 أكتوبر 2014، في منشأة بارشين العسكرية. حيث كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى في واشنطن، عن أنّ دولة أجنبية كانت هذه المرة وراء التفجير الذي وقع في موقع بارشين العسكري الإيراني، وأكدت تلك المصادر التي نقلت تصريحاتها، وكالة الأنباء الألمانية، أنّ التفجير الذي راح ضحيته إيرانيان وأصيب 17 آخرون، لم يكن حادثاً، بل كان هجوماً مدبّراً قامت به دولة أجنبية، ويعتبر موقع بارشين العسكري، وفق محللين، بأنّه مثير للجدل إذ تعتقد أجهزة الاستخبارات الغربية أنّ نظام ولاية الفقيه يحاول داخله إجراء اختبارات لتحميل صواريخه الباليستية رؤوساً نووية (24).

ومن الممكن أن تكون هذه الانفجارات في المواقع الصناعية العسكرية، نتيجة فشل التجارب الصناعية كما هو معتاد، باعتبار أن التكنولوجيا المستخدمة هي تكنولوجيا صينية الصنع، ذات جودة منخفضة جداً.

كما لابدّ من التنبيه إلى حجم البروبوغندا التي يلجأ إليها نظام الملالي، في كثير من القضايا الخارجية والداخلية على السواء، وهي أكثر ما تتمظهر في الملف العسكري، متنافية مع كل الوقائع المادية التي تثبت عكس ما تحاول إيران ترويجه في الأوساط المحيطة بها إقليمياً.

مقابل وضوح في مصادر التسليح الخليجية، وقدرة تمويلية مفتوحة ومتسعة، مترافقة مع بنية تحتية تنموية تتيح لها الاشتغال على البرنامج التسليحي دون المساس بالمقومات المجتمعية للدولة. وهو ما يوصلنا إلى نتيجة حتمية ونهائية من أنّ: الصواريخ الخليجية قد أطاحت بأسطورة الصواريخ الإيرانية.

جمال عبيدي وعبد القادر نعناع

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

هوامش:

(11) Michael Elleman, “Iran’s Ballistic Missile Program”, Ibid.

(12) “انفجارهای مهیب در 46 کیلومتری تهران/ سپاه: ربطی به آزمایش های هسته ای ندارد / 17 شهید تا کنون“، 12/11/2011، سايت تحليلی خبری عصر ایران‎.

(13) للاطلاع على العقوبات الدولية المفروضة على إيران، انظر: عبد القادر نعناع، “العقوبات الدولية المفروضة على إيران”، 26/11/2013، مركز المزماة للدراسات والبحوث: http://www.almezmaah.com/ar/news-view-3553.html. وللاطلاع على أثرها على إيران، انظر: عبد القادر نعناع، “دور العامل الاقتصادي في اتفاق جنيف النووي مع إيران“، 8/12/2013، مركز المزماة للدراسات والبحوث، http://www.almezmaah.com/ar/news-view-3681.html.

(14) عبد المنعم هيكل، “تحليل: الاقتصاد الإيراني بعيد عن الانهيار رغم تشديد العقوبات”، وكالة رويترز، 20/2/2013.

(15) أحمد عليبة، “الاقتصاد الإيراني يدفع فاتورة السياسة”، الأهرام الرقمي، 27/9/2010.

(16) عبد المنعم هيكل، “تحليل: الاقتصاد الإيراني بعيد عن الانهيار رغم تشديد العقوبات”، وكالة رويترز، 20/2/2013.

(17) جاسم حسين، “الصناديق السيادية والأمن الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي”، في: محد بدري عيد وجمال عبد الله [تحرير]، الخليج في سياق استراتيجي متغير (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات: الطبعة الأولى، 2014)، ص 246-247.

(18)) بندر الدوشي، “عبر صاروخ بالستي .. السعودية تفرض حالة الصمت على المتربصين”، 30/4/2014، صحيفة سبق الإلكترونية: http://sabq.org/yGYfde.

(19) أحمد معمر، “ديبكا الإسرائيلي: السعودية أول دولة في الشرق الأوسط تمتلك صواريخ نووية”، 30/4/2014، صدى البلد: http://www.el-balad.com/927742.

(20) BBC News, 6 November 2013, Mark Urban: Saudi nuclear weapons ‘on order’ from Pakistan.

(21) “السعودية تطور صواريخ بالستية فتاكة وتشتري راجمات إفريقية”: http://www.jazannews.org/news.php?action=show&id=2836.

(22) ماجد منير، “الإمارات تدخل مرحلة جديدة في الصناعات العسكرية بإنتاج الصاروخ الطارق”، 24/2/2013، الأهرام الرقمي: http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1195293&eid=1159.

(23) للمزيد حول برنامج الفضاء الإماراتي، انظر: “برنامج الإمارات لاستكشاف الفضاء”، 1/9/2014، مجلة درع الوطن: http://www.nationshield.ae/.

(24) “تكتم إيران عن تفجير بارتشين يخفي خبث نظامها”، 11/10/2014، صحيفة العرب اللندنية، العدد 9704.

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق