جنيف 4، والآمال المعلقة عليه

تنطلق الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف (4)، في 20 شباط/فبراير، بعد سلسلة لقاءات و اجتماعات ماراثونية سبقته، بدأت من اجتماع أستانة 23/1/2017، والذي كان له أثر سلبي في الثورة السورية، من خلال  مخرجاته التي لم تُشر إلى أية مرجعية اساسية لاجتماع جنيف (1)، والذي صدر بقرارات اعتمدت لاحقاً كأساس  تفاوضي، تتمثل ببدء عملية انتقال سياسي، عبر تشكيل حكومة انتقالية، وبذلك عمل أستانة على  نفي عملية الانتقال  السياسي القائمة على  قرارات جنيف (1)، لاستبدالها  بإجراءات غامضة وصفتها المخرجات بعملية سياسية دون توضيح مفاهيمها، ولكن أشارت إلى عدم المساس برأس  النظام.

كان اللافت في اجتماع أستانة حضور الوفد التفاوضي كمندوب عن الفصائل العسكرية وممثلاً لهم، وبذلك اعترفت روسيا بهم كمعارضة عسكرية “غير إرهابية”، لكن هذا الحضور تسبب في ظهور بعض المشاكل لاحقاً، فقد أدى الى ارتفاع أصوات الوفد التفاوضي الممثل  للفصائل العسكرية بطلبه زيادة أعداد ممثليه في وفد جنيف، وهو ما استدرك من قبل  الائتلاف بالقول إن من الممكن تحقيق ذلك عن من خلال إعطاء عدد مقبول للعسكريين في مقاعد المستشارين ومقاعد المفاوضين، ولاحقاً خرجت صيغة توافقية من اجتماعات الرياض وحدت المعارضة من جديد، عبر وفد تفاوضي ممثل للكتل  المعارضة، وبذلك تم قطع الطريق على المساعي الروسية الرامية الى صناعة معارضة من منصات: حميميم، وموسكو، والقاهرة، ولجنة  أستانة، وهيئة التنسيق  الوطني بقيادة عبد العظيم، والكتلة الوطنية المشكلة مؤخراً، والتي  كانت بأيدي روسية بغية تشتيت المعارضة واختراقها.

وبالمقابل لم تخرج اجتماعات أستانة التكميلية الفنية بين الدول الراعية (روسيا وإيران وتركيا)، بآلية لوقف إطلاق النار، فقد عطلت الخلافات البينية سبل إيجاد صيغة توافقية تؤدي إلى تحقيق وقف إطلاق نار ملموس على الارض.

على ذلك، فإن المعارضة مطالبة عبر اجتماع جنيف، تحقيق عدة مطالب، تعكس من خلالها عودة المسار السياسي الثوري إلى وضعه الطبيعي.

أولاً: يجب على المفاوضين في جنيف تثبيت قرارات جنيف (1)، كمرجعية وحيدة للعملية السياسية في الثورة السورية، ونسف المغالطات والضبابية التي عمل اجتماع أستانة على إثارتها من خلال محاولة صنع وتقديم مرجعية بديلة عن مرجعية جنيف (1).

ثانياً: ينبغي على المعارضة العمل على تحقيق توازن دولي في المسار السياسي الثوري، وذلك بالعمل على إشراك دول أخرى كالولايات المتحدة، والعمل على عودتها إلى جانب روسيا التي تغولت كثيراً في المسار السياسي وعملت على تنصيب نفسها عرابة الحل وبوابته، وبهذا تحقق المعارضة توازناً يمكن من خلاله إجراء مناورات واصطفافات و توازنات تحقق مطالب الثورة.

ثالثاً: أفضل ما تقوم به المعارضة من خلال جنيف، تحميل المسؤولية للمنظمة الأممية، ووضعها أمام مسؤولياتها والتزاماتها، وإبعاد الدول عن فرض رؤيتها للحل حسبما تقتضيه مصلحة حلفاء تلك الدول كروسيا مثلاً.

رابعاً: يمكن من خلال جنيف (4)، نسف كافة المنصات التي عمل النظام ومخابراته وبعض حلفائه من الدول على صنعها وتقديمها كواجهة للحل السياسي حسبما تقتضي مصلحة النظام، وذلك من خلال اعتماد مبادئ الهيئة العليا للمفاوضات، وجعلها مبادئ رسمية لا يمكن إدخال أي تعديل عليها.

خامساً: يقدم جنيف(4)، وفداً تفاوضياً مشتركاً، ممثلاً للمعارضة، مما يعني رأب الصدع الذي تشكل بعد أستانة، والذي عملت روسيا على صنعه وترسيخه، بتقديم الممثلين العسكريين للفصائل كبديل للهيئة العليا للتفاوض.

سادساً: يجب العمل في جنيف (4) على البدء من حيث انتهت مفاوضات جنيف (3)، وبذلك تذهب المعارضة لإكمال الخطوات المقررة في جنيف (1)، ولا تلتفت للعوائق والمطبات التي تضعها الدول في سياق العملية السياسية الانتقالية.

هذه الأمور مجتمعة، فيما لو تم تحقيقها وتطبيقها، يمكن عندها الوقوف على مخرجات جيدة ومقبولة للثورة السورية، يراعى من خلالها الضوابط الثورية، وتُتلافى الارتكاسات التي وضعت خلال فترة انقطاع اجتماعات جنيف، وطيلة مدة تتابعها.

هيثم البدوي

ناشط سوري، وطالب علوم سياسية/أكاديمية مسار

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق