جمعة موحدة للسنة والشيعة يتقدمها أمير الكويت

جمعة موحدة للسنة والشيعة في الكويت يتقدمها أمير الكويت

هكذا عود قادة شعوب دول الخليج شعوبهم بنزع فتيل أي فتنة تمر بها بلادهم، أثبتوا للعالم باستقرار دول الخليج في بحر متلاطم بالأمواج، ويرفض قادة دول الخليج انتقال الفتنة المذهبية الطائفية من العراق وسوريا واليمن إلى دولهم والتي كانت مفرخة الإرهاب داعش وغيرها التي تدعمها إيران.

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قائد خليجي برهن على نزع قتيل هذه الفتنة بواقع عملي، عندما تقدم المصلين سنة وشيعة في صلاة الجمعة في مسجد الدولة الكبير في 16 من رمضان، وهي الصلاة الجامعة بين الطائفتين السنية والشيعية، والتي تهدف لتعزيز التلاحم في أعقاب الحادث الإرهابي الذي شهده مسجد الإمام الصادق في الجمعة السابقة، وقبله استهداف مساجد في بلدة القديح شرق السعودية، ومدينة الدمام، وجميع التفجيرات تبنها داعش المتطرف.

قادة دول الخليج هم قدوة في تدعيم وتحصين المجتمعات الخليجية من الفكر الضال والمتطرف، الذي يستهدف الشباب بشكل خاص، مستثمرا صغر سنهم وحماستهم ليصبحوا جاهزين في قبول الفكر المتطرف خصوصا في ظل سيادة خطاب مذهبي متطرف في كافة المنطقة العربية يغذيه الصراع المذهبي في العراق وفي سوريا ولبنان واليمن.

تبقى أهمية تفكيك الخطاب الديني المتشدد في المنطقة، خصوصا وأن هناك بعض الخطب والمقالات التي ظهرت بعد هذه التفجيرات، وإن كانت مقالات لا تؤيد هذه التفجيرات، ولكنها خطابات تعبوية تبريرية مثل مقال هذه بضاعتكم ردت إليكم، وغيرها من مقالات تصب الزيت على النار، وتدعم التشدد والتطرف تخالف توجهات قادة دول الخليج.

فالأمة الإسلامية والعربية هي بحاجة إلى وحدة الصف والتآلف والتلاحم والاقتداء بسيرة المصطفي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وحرصهم على وحدة المسلمين، بل شبه رسولنا الكريم المسلمين بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) والتعاون المشترك مع غير المسلمين.

إذا كانت الألوهية واحدة لا تتعدد، لكن يتعدد فهم البشر لثوابت هذه الحقيقة المبينة في كتب الله سبحانه وتعالى، كما أن فهم المسلمين يتعدد تصبح مصدر تعدد المذاهب والفرق (إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما تكتمون)، وأسباب هذا التعدد والتفرق لا يعلمه إلا الله، وليس الحق للبشر في الحكم على البشر، والحكم على هذه الاختلافات.

 لن يحسم الخلاف بين هذه الفرق في الدنيا بل في الآخرة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، ليس للاختلاف بل لقبول هذا الاختلاف حتى لا يؤدي إلى فتنة واقتتال، لذلك حسمها الله سبحانه وتعالى مع غير المسلمين (لكم دينكم ولي دين)، (ما عليك إلا البلاغ)، (لست عليهم بمسيطر)، (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم).

 فمن باب أولى المسلمين، أصحاب ملة واحدة، وأصحاب نبي واحد (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)، فكيف تقبل جماعة إقصاء جماعة من المسلمين من تلك الآية وقصرها على طائفة محددة، وهو مناقض للآية الكريمة التالية (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا تظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا).

مسؤولية الحكم على البشر مؤمنين وغير مؤمنين مسؤولية تختص بالخالق (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) بينما حدد الله مسؤولية البشر فيما بينهم وقصرها على التعارف والتعاون (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).

لذلك وجه الله سبحانه وتعالى إلى حكمة هذا الاختلاف وأنه هو المسؤول عن الحكم على هذا الاختلاف، بينما مسؤولية البشر في استباق الخيرات (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات).

بينما حديث (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) هذا الحديث رفض الشيخين تضمينه في كتابيهما، وابن حزم قال لا يصح هذا الحديث، بينما البعض ينكر وجود عبارة كلها في النار، حيث قال الشوكاني هي عبارة زائدة لا تصح مرفوعة ولا موقوفة.

وعلى اعتبار صحة الحديث، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من الاختلاف والتفرق، وينهى أن يتحول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى وصاية على البشر، والتغيير بالقوة وبالعنف وبالإكراه، وهذه الفئة ينطبق عليها قول الله سبحانه وتعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكروا إلا أولو الألباب)، فنصبوا علماء جهال بعدما أسقطوا المرجعيات والاعتراف بها بحجة أنهم علماء سلطة. فيجب أن تتضافر الجهود ما بين القادة والعلماء والمثقفين لإنقاذ الشباب الخليجي والعربي والمسلم من التورط في فخ هذه الجماعات ذات الأهداف المتنوعة قد تكون ذات أجندات دولية أو إقليمية مشبوهة.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق