جزيرة أبو موسى ودبلوماسية ظريف المكشوفة

لفتت نظري دبلوماسية وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف المكشوفة هذه المرة التي بدأها من الكويت مرورا ً بـ سلطنة عمان وختمها بزيارته لدولة قطر، حاول من خلالها شق الصف العربي الخليجي، وعزل المملكة العربية السعودية عن البيت الخليجي الرافض للسياسات الإيرانية المعتمدة من قبل السلطات المتعاقبة على سدة الحكم في طهران منذ انتصار ثورة الشعوب في عام 1979، والتي بنيت سياسة إيران الخارجية على زرع البؤر الطائفية ودعم المجموعات الشيعية الموالية لها في عدة مناطق من العالم العربي رغبة منها للتحكم بإرادة الموطن العربي مستفيدة في توجهاتها المخادعة من الإسلام غطاءا ً لتمرير هذه السياسات التي أصبحت مكشوفة للمواطن في كافة الأقطار العربية.

في واقع الأمر، والملفت للنظر لزيارة ظريف “سفير النوايا الحسنة بعد اتفاق جنيف” إنها تهدف لتقسيم دول الخليج العربي بين معارض ومؤيد لسياسات المملكة العربية السعودية، حيث أرادت الخارجية الإيرانية أن تكون هذه الزيارة التسويقية على مرحلتين ربما قد تكون نجحت إيران من تلميع صورتها لدى الغرب إنها على علاقة طيبة وأخوية يسودها التفاهم والوئام مع جيرانها العرب. فـ الأولى، كانت للكويت وسلطنة عمان وقطر. والثانية، لدولة الإمارات العربية المتحدة. وما يهمني هنا أود أن أتناول الشق الثاني من هذه الزيارة والتي خصصت لأهم الدولة عربية ألا وهي دولة الامارات العربية المتحدة مما تشكل المتنفس الأهم لإيران للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها.

فبدأ التنسيق الإيراني لهذه الزيارة على عدة محاور منها حكومية وأخرى معارضة خارج حدود الجمهورية الإسلامية، فـ بالنسبة للحكومة الإيرانية سربت الوزارة الخارجية على لسان الوزير محمد جواد ظريف خبراً مفاده “إن الجمهورية الإيرانية الإسلامية مستعدة للتفاوض حول جزيرة أبو موسى”، مما تناولته الصحافة الإيرانية الحكومية للغرض ذاته.

أما المعارضة الإيرانية الفارسية وغالباً ما تكون منسجمة مع طهران في الكثير من الأحيان، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالدول العربية. ومن القنوات الفضائية التي قد تكون اختارتها المخابرات الإيرانية عن طريق عملاءها لتسويق زيارة وزير خارجية إيران، “صوت أمريكا الناطقة بالفارسية” والتي يسيطر عليها القوميين الفرس، عندما كتب تقريراً مفصلا ًعلى صفحتها في الإنترنت تحت عنوان، “سابقه تاريخى جزيره ابوموسى” يتحدث هذا التقرير عن تاريخ هذه الجزيرة العربية، وكذلك “الاتفاق” الذي تم في عام 24/11/1971 بين الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة من جهة، و”عباسعلي خلعتبري” وزير الخارجية الإيراني في ذلك الوقت من جهة ثانية، وبرعاية بريطانية، كما استند هذا التقرير على جملة من الرسائل المتبادلة بين الطرفين الإماراتي والإيراني من جهة والحكومة البريطانية من جهة أخرى.

يفيد هذا التقرير أن الجانبين اتفاقا على أن يتم تقسيم أرض الجزيرة إلى قسمين بالتساوي بين دولة الإمارات العربية المتحدة (الشارقة) وإيران، يستفيد كلا الجانبين الإماراتي والإيراني من ثروات هذه الجزيرة أيضا ًبالتساوي، كما أعطي حق التنقيب للنفط والغاز لـ شركة (Buttes Gas & Oil ) البريطانية، وذلك حسب التقرير لصوت أمريكا!!؟ والعجيب في الأمر في هذه الاتفاقية المشبوهة، كيف ممكنا ً لإيران الشاه شرطي الخليج في تلك المرحلة أن تقبل بتقاسم أرضها مع دولة أجنبية!!؟ والطريف في الأمر يتحدث التقرير “إن على الرغم من ادعاء إيران إن الجزر إيرانية، إلا إنها لم تكن لإيران من عام 1908 إلى عام 1971 أي سلطة على الجزر الثلاث وهي أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى” (اگر چه ایران همواره جزایر سه گانه تنب بزرگ و کوچک و ابوموسی را ملک خود دانسته است، اما از سال ۱۹۰۸ تا ۱۹۷۱ میلادی حاکمیتی بر این جزایر نداشته است).

هذا الخبر سرعان ما نفته إيران بعد ما أكمل ظريف زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما يتضح لنا وبوضوح إن السياسة الخارجية الإيرانية مبنية على الخداع والكذب المستمر، ولا يمكن للمرء أن يثق بالمواقف الإيرانية التي يتبناه الساسة في طهران. فإذا ما أحذنا الغاية المرجوة من الدبلوماسية الإيرانية الأخيرة -وأصدقاء العرب من القوميين الفرس الذين طردهم النظام في طهران -التي ركزت على دول مجلس التعاون الخليجي فهي قد تساعد إيران من أن تخرج نفسها من الأزمة الاقتصادية التي قد تطيح بالدولة الإيرانية من جانب، وتضغط على المملكة العربي السعودية الرافضة لسياسات إيران حيال القضايا العربية من جانب آخر.

جمال عبيدي 

رئيس مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث- لندن

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق