جدار الماء (الأحساء.. «حضن الحياة»)

الأحساء واحة نخيل متسامحة، تحيط بها الرمال من جهاتها الأربع، وكأنها بهذا التكوين صنعت حضناً للحياة وسط الموت الصحراوي، بحسب ما يعرفها «ويكيبيديا»، وما يقوله أهلها عنها. إنها مدينة التسامح والتعايش التي تختار الحياة على الموت. إنها مدينة العيون المتدفقة بماء الحياة.

ما حدث ليل أمس في قرية الدالوة في محافظة الأحساء (شرق السعودية) جريمة فظيعة شنيعة مؤسفة، توجب على أبناء المملكة من كل الشرائح والطوائف والمذاهب التلاحم والتعاون والتكاتف، لدحر المجرمين والمتربصين والمغرضين والمزايدين، الذين يسعون إلى زعزعة استقرار بلادهم، وخرق سفينة وطنهم وأمنه ونسيجه الاجتماعي والثقافي.

كما يجب علينا جميعاً العض بالنواجذ على الوحدة الوطنية، ونبذ كل ما يثير الفتن والبغضاء، والابتعاد عن الحزبية والطائفية والنعرات الجاهلية، التي تفرّق ولا تجمع، وجعلت بلداناً حولنا في أوضاع أمنية مأسوية، وأهلها ما بين لاجئين ونازحين أو متقاتلين متحاربين.

يتوجب على كل شرائح الوطن استشعار المسؤولية التاريخية، فالإرهاب أخطبوطي، يسعى لتفكيك المجتمع وإثارة الأحقاد بين مكوناته، وأن يشارك الناس بفاعلية لصون الوطن، ويكونوا شركاء في الحفاظ على أمنه، في مقابل تحمل الدولة لمسؤولياتها نحو محاسبة كل محرّض ومهيّج ومبرّر، ممن يحاولون التعبئة والتحشيد، سواء على المنابر التعليمية والدينية أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلبهم من التكفيريين أو المؤدلجين أو من جماعات الإسلام السياسي أو من الرعاع المفتونين بهم وبسلوكياتهم الإجرامية.

كما أن على الدولة سرعة محاسبة المحرضين والمبررين والمتعاطفين والمتخاذلين عن شجب واستنكار وإدانة ما تقوم به تلك الجماعات الإرهابية داخل المملكة وخارجها ممن ينتمون لهذه البلاد.

أيضاً لا بد من تجريم التحريض الطائفي، وتطبيق القوانين على كل من يحاول جر البلاد إلى الاحتراب.

الأكيد أن الأحساء بثقافة أهلها وناسها ونخيلها طاردة للإرهاب والإرهابيين، وستبقى واحة متسامحة متعايشة عصية على الفتن والاختراق بفضل مواطنة أهلها الصادقة، وتعدديتهم البعيدة عن التشدد الديني والطائفي والمذهبي، إذ عاش أهلها عقوداً بل قروناً في وئام وتعاون وتلاحم وتسامح، ولن ينجح التكفيريون في تعكير صفو عيشهم، وتلويث تربتهم بالفتن والإرهاب وبث الأحقاد.

جميل الذيابي

نقلا عن الحياة اللندنية

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق