جحور الإرهابيين ترتعد

ما أن أعلنت الإمارات مصادقة مجلس الوزراء على قائمة التنظيمات الإرهابية، حتى ارتعدت جحورها في كل مكان، وبسرعة لا مسبوقة جاءت ردود الفعل، فالشارع الإماراتي قابل الإعلان بارتياح كبير، بينما قابلت التنظيمات الإرهابية القرار بكل ما هو متوقع من رفض وإنكار، وأصاب القرار الذي اعتبره الإرهابيون مصيبة كبرى حلّت عليهم، كامل التنظيمات الإرهابية في مقتل، فقد فاجأت الدولة كل الإرهابيين بعدم اقتصار قائمتها على التنظيمات الإرهابية التي تعمل في المنطقة وحدها، ولكنه شمل كافة التنظيمات الإرهابية في مختلف بقاع الأرض حتى تتنبه كل المجتمعات الإنسانية للخطر المحدق بها.

وبالرغم من أن الدولة أصدرت قائمة لم تلزم بها غير مواطنيها ومن يقبع ضمن حدودها القانونية، إلا أن العديد من تلك التنظيمات استنكرت القرار وكأنه صدر ملزما لكل المجتمع الدولي، فمن حق أي دولة من دول العالم أن تحدد مكامن الخطر الذي يهدد أمنها ونهضتها، وقد فعلت الإمارات ذلك، وهي تستند إلى القانون والدستور، غير أن رد تلك التنظيمات الإرهابية على القرار جاء محاولا إدانة الدولة لأنها استخدمت في التصنيف دستورها لا دساتير الدول الأخرى، وكانت معظم الردود تستند على قوانين دول أخرى لا قانون دولة الإمارات، ولم تخرج منظمة إرهابية واحدة، برد يطعن في قانونية التصنيف بناءا على دستور الدولة الذي ارتضاه شعبها لتناسبه مع عقيدته وقناعاته وطبيعته وطموحات نهضته.

وعمدت بعض التنظيمات التي شملتها قامة الخمسة وثمانين، خاصة جماعة الإخوان المتأسلمين التي تفرعت عنها معظم التنظيمات الإرهابية الأخرى، إلى استخدام أذرعها الخفية التي طالما استخدمتها بلا جدوى خلال السنوات المنصرمة التي سبقت وأعقبت فترات طفوهم على السطح عبر الجحيم العربي، فحرّكت المنظمات التي تسمي نفسها حقوقية، والتي أراقت آخر ما تبقّى لها من ماء وجه بعدما أُريق معظمه في الفترات السابقة التي أفلحت في كشف القناع عنها بفضل أحداث المنطقة.

فمنظمة هيومن رايتس التي انفضح أمرها إبّان فترات الاستهداف الماضية، وكشفت التقارير العالمية الموثوقة عن تلقيها أموال من بعض الدول ضمانا لسكوتها، وبعد الفتن الكبيرة التي أحدثتها في مختلف بقاع الأرض، هاهي ذي انبرت لتنضم كعادتها إلى المنظمات التي تهاجم أي قرار يهاجم جماعة المتأسلمين الإرهابية، وبدأت تتحدث عن ما توهمته من خروقات لحقوق الإنسان في دولة أثبتت التقارير سبقها الدول في توفير الرفاهية لإنسانها، يدفعها إلى ذلك إصرار ورغبة في التّشفّي من تطبيق الدولة قانونها، وعدم السماح بإقامة تجمّع غير مرخّص به داخل أراضي الدولة، وأيضا فضح إعلام الدولة للكثير من السيرة السرية السوداء التي تتخفّى تحت مسماها البرّاق، وتبعتها منظمة العفو الدولية، وعدد من المنظمات التي اندفعت في وقت واحد لتقول عن الإمارات ما لم يقله مالك في الخمر، وهو ما جعل المراقبين يتساءلون عن السبب الذي جعل كل تلك المنظمات اللاحقوقية تنظم صفوفها للهجوم في وقت واحد فور صدور القرار، وتتحدث عن إنتهاكات مزعومة سكتت عنها طيلة الفترة الماضية حال صحة وجودها والاحتفاظ بها لحين وضع الجماعة في القائمة؟

فالتنظيم الإخواني المتأسلم دأب دائما على استخدام المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني التي اخترق بعضها، وأسس جديدها، وارتبط بالعديد من بعض آخر، كأسلحة إستراتيجية حارب بها العديد من أنظمة المنطقة، وقد أثبتت الوقائع صحة ذلك عندما وضع الغرب الذي نبتت فيه تلك المنظمات المشبوهة المرتبطة بجهات استهدافية، بعض تلك المنظمات في لائحة الإرهاب، ووضع بعض قادتها في قائمة داعميه دون أن تحرك تلك المنظمات ساكنا، فهي اعتادت تهديد بعض الأنظمة بكشف بعض المستور، أو فبركة أحداث معقدة تثير بها الشعوب على حكامها ، لكنها لم تفهم حتى الآن برغم تجاربها الاستهدافية المتلاحقة بأن الإمارات ليست كتلك الدول التي تخاف أنظمتها تأليب الشعوب عليها، فقيادة الإمارات تثق بشعبها لأنها جزء منه ولا يمكن تأليب الشعب على نفسه، وتثق بوعي الشعب الذي أثبت في كل المواقف أن تماسك لحمته هو الروح التي تعيش عليها نهضته التي بناها بشق الأنفس، وفات على تلك المنظمات التي لا تملك من المصادر غير ما يسمح به التنظيم الإخواني، ولا تجهد نفسها للتأكّد من معلومات مصادرها، أن تقرأ كيفية استقبال الشارع الإماراتي للقرار، وأنها بهجومها الاستنكاري تنتهك الحقوق في محاولتها مصادرة حق الإمارات وشعبها في تحديد المخاطر التي تتهددها ودرءها عنها بما يتناسب ودستورها الذي توافق عليه سكانها، غير أن زوبعة الفنجان التي أثارتها تلك المنظمات ارتدت عليها بسخط الشارع الإماراتي مما أوردته، وأكسبت لحمته المتماسكة مزيدا من التماسك، فالإمارات تقوى وتتحد أكثر عند تعرضها لكل استهداف، لا العكس.

د. سالم حميد

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق