توافق سعودي-تركي في سورية، لوقف عرقلة إيران وحزب الله للحل

أكدت وزارة الخارجية الروسية بذل محاولات للتهدئة بين واشنطن وطهران، وهي على اتصال بين الجانبين، وربطت موسكو بين فشل الاتفاق النووي وبين المشكلات التي يبدو الآن أنها تحل بنجاح، وترى أنها ستطفو من جديد بكل حدتها، وسيصبح الوضع غير قابل للتنبؤ به من جديد، وقالت موسكو إن مراجعة الاتفاق النووي مخاطرة كبيرة جدا ودافعت عن العلاقات مع طهران وترفض اتهامها بالإرهاب، وهي نفس الرؤية التي قدمها الملك سلمان لترامب أثناء اتصاله به بأن الاتفاق النووي يجب أن يبقى لكن يجب تطبيقه بكل صرامة لكن اتفق مع ترامب على أن إيران راعية للإرهاب في المنطقة.

نتيجة الضغط الروسي على طهران للتهدئة مع واشنطن ومع دول الخليج وبشكل خاص مع السعودية ودعم وقف إطلاق النار في سوريا بعدما كانت تعرقله إيران في الآستانة، ما جعل طهران تصرح بأنها ليست في اختبار واشنطن ولا توجد وساطة كويتية مع الخليج، حيث لا تريد روسيا إثارة ترامب، وأجرت طهران مناورات بعيدة عن بحر الخليج لتجنب استفزاز الأسطول الأميركي هناك بعد تصاعد التوتر بين البلدين.

حتى اليابان التي تحاول مغازلة ترامب بالمصالح المشتركة ونذر تسخين مع موسكو حول جزر تسيطر عليها روسيا ويدور حولها نزاع حدودي منذ عقود حيث يطلق عليها في روسيا الكوريل الجنوبية بينما اسمها في اليابان بالأراضي الشمالية.

حيث يستبق رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بزيارة واشنطن والتقاء ترامب من أجل وضع حد للتوتر المكتوم التي تشهده العلاقة بين البلدين منذ تولي ترامب الرئاسة وذلك عبر عرض خطط تبرز المصالح المشتركة من خلال تقديم مساعدة يابانية في إعادة بناء البنية التحتية وتوفير فرص عمل في الولايات المتحدة وهما أبرز أهداف ترامب تحت مسمى المبادرة اليابانية الأميركية للنمو والتوظيف وهي الرد الهادئ من طوكيو على انتقادات ترامب المتوالية لسياسة اليابان التجارية والنقدية، تشمل حزمة استثمارات بقيمة 150 مليار دولار تستثمر في البنية التحتية الأميركية من جانب الحكومة والقطاع الخاص في اليابان التي سوف توفر نحو 650 ألف فرصة عمل أميركية فسوف تكون المكاسب في مصلحة الطرفين.

يبدو أن بحث أردوغان مع ترامب المناطق الآمنة غيرت كثير من المعادلات رغم أن تركيا وكذلك السعودية لن تقيم علاقة مع أمريكا على حساب روسيا خصوصا وأن دول الشرق الأوسط دخلت مرحلة جديدة من التوازنات بعدما أثبتت تركيا والسعودية مقدرتهما على لعب دورا استراتيجيا في المنطقة، لذلك لن تستطيع لا أميركا ولا روسيا تجاوز مصالحهما خصوصا وأن إيران تجاوزت خطوطها في عهد أوباما بعدما وقعت الاتفاق النووي لعبت دورا تخريبيا في المنطقة رغم ذلك لا ترغب روسيا في خسارة الدور الإيراني وكذلك لا ترغب السعودية في الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران.

لكن تواصل السعودية تقدمها في اليمن من أجل تقليص النفوذ الإيراني في اليمن خصوصا بعدما حررت دول التحالف بقيادة السعودية المخا التي هي الطريق إلى تحرير تعز وتحرير ميناء ميدي ومحاصرة ميناء الحديدة لتحريره وتحرير صعدة الذي يؤدي إلى سقوط صنعاء بلا حرب، وهناك عمليتان أمنيتان في البحرين تحبطان محاولة هروب إرهابيين إلى إيران ومقتل 3 من المطلوبين والقبض على 8 وملاحقة عدد من الفارين.

 بحث أردوغان المناطق الآمنة مع ترامب وهي التي ناقشها ترامب مع الملك سلمان أثناء اتصاله هاتفيا، خصوصا وأن تركيا معنية بهذا الملف بسبب أن هناك 2 مليون وسبعمائة ألف لاجئ في تركيا، بالتزامن مع دخول تركيا مدينة الباب ورفضت أن يقترب النظام من الباب بل وكذبت أن قوات النظام السوري يحاصر الباب من الجنوب وستستعد أنقرة بالاشتراك مع العرب في تحرير الرقة.

حتى المعارضة السورية تعتقد أنها كانت بحاجة إلى المناطق الآمنة من أجل حماية المدنيين من القصف الإيراني وحزب الله والنظام السوري وكذلك الروسي وكذلك تثبيت مؤسساتها، لكن تعتقد أن هذه النقطة تجاوزها الزمن بعدما كانت ترفضها روسيا وإيران والنظام السوري وحتى أوباما، لكن إعادة طرح مناطق آمنة يفترض أن تكون استعدادا للحلول السياسية وخطوة مهمة نحو حل الأزمة السياسية.

 تريد تركيا إقامة منطقة آمنة من أعزاز إلى جرابلس ونجد الآن حتى الأردن يشترك في ضرب داعش بعد زيارته لواشنطن وموسكو استعدادا لإنشاء مناطق آمنة في جنوب سوريا لكن يعتقد البعض أن المناطق الآمنة بحاجة إلى قرار أممي ولكن يمكن أن تستخدم روسيا الفيتو لذلك هي بحاجة إلى تنسيق أممي.

تركيا محورية لروسيا ولأوربا حيث نجد أن البنك الدولي يساهم في تمويل نقل الغاز الأذري إلى أوربا عبر خط تاناب الذي يمر بتركيا ويتكلف 8.5 مليار دولار وينقل 31 مليار متر مكعب من الغاز في 2026، ويصل طول الخط إلى ألف و850 كيلو متر ومن المتوقع أن يصل الغاز إلى تركيا في يونيو 2018 وإلى أوربا عام 2020.

لذلك في المقابل هناك تحركات روسية وتدعم أكبر وجود عسكري روسي في القطب الشمالي وهي قواعد روسية لا مثيل لها تدعم حرب المصالح على الجليد، وخط تماس جديد في الحرب الباردة مع ناتو، خصوصا بعدما أعرب ترامب لأمين الناتو في اتصال هاتفي مع ستولتنبرغ عن دعمه القوي على المشاركة في اجتماع قادة بقية الدول الأعضاء في الحلف في أواخر مايو 2017 من أجل التصدي لكل التحديات الأمنية التي تواجه حلف شمال الأطلسي، لكن طلب زيادة مساهمة دول الحلف المالية حيث مساهمة أميركا كبيرة.

وناقش مع أمين الحلف إلى إمكانية التوصل إلى حل سلمي للنزاع الدائر على الحدود الأوكرانية بعد اتهام الغرب روسيا بدعم الانفصاليين ونشر قوات على الحدود في شرق أوكرانيا، وهناك تعزيزات للأطلسي في دول البلطيق بعدما وصل إلى لتوانيا مئات الجنود الألمان، وكذلك نشر كتائب في دول بحر البلطيق الثلاث التي تعتبر جميعها عرضة لخطر عدوان روسي محتمل في بولندا ولاتفيا واستونيا بعدما ضمت روسيا القرم عام 2014، في المقابل هناك تحركات روسية في أفغانستان تشير خطط للاضطلاع بدور لتسوية الأزمة الأفغانية، لتقويض الغرب والمصالح الجيوسياسية الأميركية.

بعد نشر منظمة العفو الدولية حملة وحشية من أعلى المستويات التي أكدت تصفية 13 ألفا خلال 4 سنوات وتصفها بجرائم ضد الإنسانية، في سجن صيدنايا إبادة بقرار رئاسي وتوقيع مفتي الجمهورية، يدعم اجتماع المعارضة السورية في الرياض بأن تكون الحلول السياسية في سوريا عبر البوابة العربية لحضور جنيف 4 الذي أرادت موسكو إلغائه أو تهميشه وفرض الحل الروسي على سوريا وهو لم توافق عليه الولايات المتحدة، وبدأت موسكو تلمح إلى مبادرات بديلة في المفاوضات السورية ودعت إلى الضغط على المعارضة لالتزام وقف النار.

وجدول أعمال المعارضة في الرياض ينحصر بثلاثة نقاط رئيسية هي الحوكمة والدستور والانتخابات، وهناك توجه لإشراك منصتي القاهرة وموسكو بوفد المعارضة إلى جنيف، وهناك مطالب بتعجيل الحل السياسي لحماية المدنيين والأقليات في سوريا.

وقبل أيام من جولة أردوغان الخليجية عقد مجلس التنسيق السعودي-التركي اجتماعه الأول في أنقرة، حيث طالبت السعودية وقف التدخل الإيراني في سورية الذي عقد الوصول إلى حل سلمي للأزمة، وهو توافق سعودي تركي بشأن عرقلة إيران وحزب الله للحل في سوريا وكذلك اعتبرت الخارجية السعودية أن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب إرهابيان.

وتدرس الولايات المتحدة أن تضع الحرس الثوري منظمة إرهابية بهدف وقف تدفق الاستثمارات العالمية على إيران خصوصا وأن الحرس الثوري يهيمن على 50 في المائة في القطاعات الاقتصادية المهمة كقطاع النفط يدعم الأنشطة الإرهابية في المنطقة على حساب مقدرا ت لشعب الإيراني الذي يعاني من الفقر نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليه بسبب أنشطة الحرس الثوري الإرهابية، وهي التي تجعل الشارع الإيراني يتحرك ضد الحرس الثوري، ومطالبته بالانتقال من الثورة إلى الدولة، الذي ورط الشعب الإيراني في معاداة جيرانه والعالم.

حيث على إيران التوقف عن تهديد جيرانها والتركيز على مشكلاتها الداخلية يحولان دون حرب برية لوح بها أركان البيت الأبيض، لأن البيت الأبيض لن يترك إيران تستقوي بصواريخها التي تهدد المنطقة التي هي قلب العالم وحلقة وصل بين الشرق والغرب ومنطقة تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط وتشرف على مضايق مهمة.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق