تحليل مشروع الأحواز بوابة التشيع

مقدمة

دولة الاحتلال الفارسية تفتتح مشروعا طائفيا في الأحواز من أجل نشر الطائفية فيه وتفكيك المجتمع الأحوازي على أسس طائفية وبعث رسالة مزيفة عن الواقع السياسي والاجتماعي في الأحواز.

ولطالما عملت دولة الاحتلال الفارسية على حرف مسار النضال الأحوازي لتظهره بمظهر يخدم مصالحها في محاولة منها لتغيير جوهر الصراع الأساسي أي الصراع القومي مع العدو الفارسي من أجل تحرير الأحواز أرضا وشعبا والانعتاق من العبودية للفرس واستعادة السيادة المغتصبة، كاملة غير منقوصة.

وفي السنوات الأخيرة عمدت دولة الاحتلال الفارسية إلى استغلال ظاهرة الصحوة الدينية في الأحواز وتوظيفها من أجل نشر الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب الواحد، إذ تصف أهل السنة والجماعة تارة باسم الوهابيين وأعداء أهل البيت وتارة أخرى بالتكفيريين والدواعش حسب زعمها. كما أنها في هذا السياق لم تألُ جهدا إلا وقامت به لنشر الطائفية وتفكيك المجتمع على أسس طائفية ومذهبية. ومن أهم مشاريعها وأخطرها على القضية الأحوازية، مشروع الأحواز بوابة التشيع.

انطلاق مشروع الأحواز بوابة التشيع

انطلق مشروع “الأحواز بوابة التشيع”، الذي يقوده الخائن ملا عباس الكعبي عضو مجلس خبراء القيادة بدعم من دولة الاحتلال الفارسية، عبر معرض أقيم في هذا الإطار تحت عنوان “(الأحواز) عبر التاريخ” مساء يوم السبت الموافق 04-10-2014 م في مدينة الأحواز العاصمة. ويحاول المعرض تسليط الضوء على تاريخ الأحواز في العهد الإسلامي إلى يومنا مع التركيز المضاعف والمتعمد على الجانب المذهبي والإيحاء للمتابع بأن الأحواز هي بوابة التشيع للدولة الفارسية.

وفي ذات السياق جاء التأكيد على هذه السياسة في خطاب الخائن ملا عباس الكعبي عندما قال: إن التشيع عربي المنشاء، و(الأحوازيين) هويتهم شيعية، ولا يمكن الفصل بين الثقافة العربية ومذهب أهل البيت. وأضاف قائلا: هناك من يسعى لينسب التشيع إلى الصفويين بينما جذور التشيع ليست “إيرانية” وإنما هي عربية. ويحاول الملا عباس التلاعب بمشاعر الناس والعزف على الوتر المذهبي من أجل جرهم خلفه وتجييشهم ضد من يخالفونه فكريا. والمعروف تاريخيا أن التشيع دخل إلى بلاد فارس والأحواز عبر أذربيجان الجنوبية المحتلة ورواده هم الصفويين. كما قال: البعض يحاول طمس الهوية الشيعية والعربية (للأحوازيين) واستبدالها بهوية مصطنعة، وأن الهدف من إقامة هذه المعارض هو التأكيد على الهوية الشيعية والعربية للشعب (الأحوازي). ويتضح من كلامه أن التأكيد على الجانب الطائفي في الأحواز لم يأت عن فراغ وإنما ضمن استراتيجية الدولة الفارسية لمواجهة الصحوة الدينية عبر أثارة الفتن والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد على أسس طائفية لتفكيك النسيج الاجتماعي وإضفاء الطابع الطائفي على النضال الأحوازي.

ومدير هذا المعرض “الطائفي”، ملا زاهد النيسي وهو إمام مسجد فاطمة الزهراء في أحد أحياء الأحواز العاصمة الذي يقع في غربها ويسمى “آهن افشار”. وفي تصريح له حول هذا المعرض قال: إن هذا المعرض هو بجهود مؤسسة الزهراء الثقافية ومركز أمير المؤمنين للتعبئة وهما مؤسستان يقع مقرهما في مسجد فاطمة الزهراء. وأضاف قائلا: إن “آية الله” عباس الكعبي و”آية الله” محسن الحيدري العضوين في مجلس خبراء القيادة الفارسية وحجة الإسلام مير أحمد رضا حاجتي إمام جمعة مدينة “الأحواز العاصمة” أشرفوا على إقامة هذا المعرض وما يجب أن يتناوله من قضايا ومواضيع. واستمر في القول: إن المعرض يسلط الضوء على العلماء في “شمال الأحواز” منذ الفتح الإسلامي إلى القرن الثالث عشر والهدف منه أن نؤكد أن أهل “شمال الأحواز” منذ البداية كانوا شيعة ومن أتباع أهل البيت وكل علماء هذه المنطقة في مختلف العلوم الإسلامية هم من محبي أهل البيت، وأنهى تصريحه بالقول: إن المعرض يتكون من خمسة وثلاثين غرفة تهتم بتعريف علماء الشيعة في “شمال الأحواز”، جهاد العشائر وحربهم مع بريطانيا، تاريخ الفرق الضالة ومواقف أهل سنة، وأقوال خميني وخامنئي فيما يتعلق بـ “شمال الأحواز”.

من هو ملا عباس الكعبي؟

ملا عباس الكعبي ولد في عام 1962، في مدينة الأحواز العاصمة حي رفيش، من أقدم أحياء العاصمة. وإبان حكم النظام البهلوي عمل مع بعض الأشخاص للمطالبة ببعض الحقوق وكان ينشط ضد النظام البهلوي. وفي عام 1976 م دخل الحوزة الصفوية في مدينة الأحواز ليتلقى التعليم الديني تحت إشراف المرجع الفارسي محمد الكرمي. وبعد مجزرة المحمرة عام 1979، اصطف إلى جانب أستاذه المرجع الفارسي محمد الكرمي ضد الشعب العربي الأحوازي وانتفاضته في المحمرة ومنحا الاحتلال الفارسي غطاء اجتماعيا ودينيا عبر تسترهما على مجزرة الأربعاء السوداء وتواطآ مع الاحتلال ضد مصالح الشعب العربي الأحوازي. في عام 1985 هاجر إلى مدينة قم لإكمال دراسته الحوزوية، وأكمل دراسته تحت إشراف أهم المراجع الفرس “ميرزا جواد تبريزي”، “وحيد خراساني”، “مكارم شيرازي”، “صافي كلبايكاني”، “جعفر سبحاني”، “سيد كاظم حائري” و”سيد محمود هاشمي شاهرودي”. من أهم المناصب التي تبوأها هي: عضو مجلس صيانة الدستور، عضو مجلس خبراء القيادة، أستاذ في الحوزة العلمية في مدينة قم.

تصريحات ومواقف سابقة

يعرف ملا عباس الكعبي بتطرفه وطائفيته المقيتة في أوساط الشعب العربي الأحوازي، وله تصريحات كثيرة مؤيدة للسياسات الإجرامية التي تنتهجها دولة الاحتلال الفارسية تجاه الشعب العربي الأحوازي. ويعد من أهم أزلام الاحتلال الفارسي بسبب مكانته الدينية والسياسية والاجتماعية في المجتمع الأحوازي. ومن أبرز تصريحاته ومواقفه في الآونة الأخيرة: في تاريخ 14 حزيران من هذا العام أقام مهرجانا حضر فيه البعض من شيوخ القبائل -عبر سياسة الترهيب والترغيب- من كافة المناطق في مسجد العباد بمنطقة رفيش غرب الأحواز العاصمة، للإعلان عن موافقتهم ومساندتهم لفتوى المرجع الصفوي على السيستاني المحرضة ضد الحراك الثوري في قطر العراق الشقيق، وفي هذا الاجتماع دعا شباب الأحواز إلى الاستعداد والجهوزية للدفاع عن المراقد في العراق حين تصبح معرضة للخطر من الوهابيين حسب زعمه. وفي تاريخ 18 حزيران من هذا العام حضر اجتماعا في مدينة ملاثاني وخلال الاجتماع دعا إلى مواجهة المد الوهابي حسب وصفه ويقصد الصحوة الدينية في الأحواز. وفي تاريخ 19 حزيران من العام نفسه حضر في مدينة الحويزة ودعا أبناء القبائل العربية في قضاء الحويزة للخروج بمظاهرة تؤيد فتوى الصفوي السيستاني ضد الحراك الثوري في العراق وخلال خطابه أمام الحاضرين الذين لم يتجاوز عددهم العشرات قال: “إن هذا الاجتماع يظهر غيرة القبائل العربية تجاه مذهب أهل البيت ووفائهم له ويعتبر تجديدا للبيعة مع مرشد الثورة الإسلامية”.

خطورة المشروع ومآلاته

خطورة المشروع تكمن في أن من يقود المشروع هو من أصول عربية وشخص يحظى بمكانة اجتماعية ودينية بالإضافة إلى نفوذه السياسي في مؤسسات الدولة الفارسية وبين أوساط الموالين للاحتلال أو المخدوعين بشعاراته. ومما يزيد الوضع خطورة، التحاق البعض ممن يحسبون على التيار القومي والوطني بركبه، بالرغم من أن ماضي هذه الشخصيات هو معروف ودوافعهم وأهدافهم لا تتجاوز كونها مادية واستعراضية. كما أن انسداد الأفق السياسي في الأحواز والتفاني في خدمة الشعب العربي الأحوازي والاستفادة من الممكنات دفع بالبعض للانضمام لهذا المشروع ليس رغبة منهم بالمشروع -لأنهم يعلمون بدوافع الطائفية التي تقف خلفه-ولكنهم انضموا له، ظنا منهم يستطيعون تقديم ما لم يتمكنوا من تقديمه للشعب في الفترات الماضية.

وحول هذا المشروع الخطير وعواقبه الوخيمة على الأحواز وشعبها ومدى تأثيره على المشروع الوطني الأحوازي وكيفية التصدي له، قال السيد حبيب اسيود نائب رئيس المكتب السياسي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز ” نحن من خلال خبرتنا التي اكتسبناها في صفوف المقاومة الوطنية الأحوازية أثناء مقارعتها للمحتل الفارسي وعقليته في إدارة الصراع، نتوقع منه أن يستخدم الكثير من الأساليب لتحقيق أهدافه، أو لنقل أحلامه التوسعية على أرض الواقع. ولكن ما أحب أن أشير إليه هو أن الإعلان يبدو من الوهلة الأولى من قراءته، وكأنه رسالة موجهة إلى الجوار العربي، إلا أننا نعي جيداً بأن هذه الخطوة جاءت كرد فعل على فشل مشروعهم في الأحواز الصامدة التي يفترض أنها تحت قبضتهم، وجاءت أيضا للحد من تنامي الوعي الوطني في أوساط الشعب الأحوازي الذي فضح حقيقتهم وزيف ادعاءاتهم في الوسط الشيعي المخدوع على نطاق واسع بشعارات الدولة الفارسية ومشروعها…وأضاف السيد اسيود “في حقيقة الأمر فالمشروع هو عبارة عن محاولة لإعادة صياغة المعتقد الشيعي الأصيل لدى الشيعة الأحوازيين بما يتناسب مع العقيدة الصفوية المجوسية البعيدة كل البعد عن روح الإسلام الحنيف حتى يتمكنوا من إحكام قبضتهم عليهم وعلى جميع مناطق الأحواز”.

وأكد أسيود على خصوصية المذهب الشيعي في الأحواز، حيث قال “إن الشيعة في الأحواز العربية يفخرون بولائهم لآل البيت عليهم السلام، ويفخرون بأنهم على العقيدة النقية لمذهب آل البيت، ويؤمنون بأن الأحواز أسمى من أن تكون بوابة للتشيع الصفوي، وأنفتهم وعزتهم تأبى أن يكونوا وسيلة لتحقيق أحلام الفرس في توسيع رقعة إمبراطوريتهم على حساب الشعوب العربية”. وأضاف السيد أسيود “إننا لا ندعي الكمال بالقول بأن مجتمعنا يخلو من الشواذ المتساقطين الذين يخالفون التوجه العام للشعب الأحوازي في مقاومته للاحتلال الفارسي، من أمثال الملا عباس الكعبي وأتباعه من ضعاف النفوس، إلا أنهم لا يشكلون شيئاً يذكر أمام الشعب العربي الأحوازي بجميع مكوناته التي حسمت خيارها في مقاومة المحتل. فرهاننا على فشل هذه المخططات هو وعي الشعب العربي الأحوازي بحقيقة الصراع مع العدو، وبأساليبه المبتكرة لاختراقه وشق صفه، وقناعته بأنه في حلٍ من أي علاقة تربطه بالعدو لا عقيدة ولا مصير”.

سبل مواجهة المشروع

وحول دور المقاومة الوطنية في التصدي لهذا المشروع قال السيد اسيود: “إن المقاومة الوطنية لا تستهين بهذا المخطط الفارسي وبمدى تأثيره على المشروع الوطني الأحوازي العام، ولكنها في نفس الوقت لا تتعامل معه برد فعل محدود كحدث جزئي منفرد، بل تسعى إلى مقاومته ضمن الإطار العام لنضالها ضد المحتل الفارسي، لأن الاحتلال ككل بتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية… لا يتجزأ إلى أحداث متفرقة. فمهمتنا في المقاومة كبيرة ولكن إيماننا بشعبنا وعدالة قضيتنا أكبر”. وأضاف “إننا في المقاومة مهمتنا تعرية هذا المشروع وأهدافه الحقيقية، وسوف نكشف لجماهيرنا المناضلة في الداخل حقيقة المدعو الملا عباس الكعبي وأتباعه، بأنهم جزءا من مشروع عمالة في الأحواز لخدمة الاحتلال، وأنهم نسخة أحوازية لمشاريع فارسية صفوية مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وميليشيات القتل والتدمير في العراق، والحراك في البحرين… وغيرهم من المشاريع الموكلة لتحقيق الحلم الفارسي في المنطقة. وفي الأخير أهاب السيد حبيب اسيود بالإعلام الأحوازي حتى يصعد من دوره في فضح المشاريع الفارسية، لأن الأحوازيين أعلم من غيرهم بحقيقة الفرس وأهدافهم في المنطقة.

إعداد: لجنة الدراسات والبحوث/ حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق