النظام الإيراني يغض البصر عن معالجة المشاكل الاجتماعية

يعاني المجتمع الإيراني من الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تقف في وجه تطوره وتقدمه نحو مستقبل أفضل، ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها إيران منذ أن تقلد نظام الملالي حكمها، وعدم جدية النظام في حل هذه المشاكل التي تتفاقم يوماً بعد يوم، مما زاد أوضاع الشعوب الإيرانية سوءاً وأدى إلى انتشار الآفات المجتمعية والمشاكل المستعصية والمتشعبة في بلد كثرت خيراته وقلت كفاءة وخبرات إدارته.

تشير الإحصائيات إلى أرقام مفزعة لأعداد الجرائم ونسب الطلاق وانتشار الفقر والأمية والتشرد والإدمان ومختلف المشكلات التي قد تعاني المجتمعات عادة من إحداها أو مجموعة منها، أما في إيران فمعظم المشكلات الاجتماعية موجودة وبأرقام مهولة ومستفحلة، ولا يوجد من يعمل على إيجاد حلول لها أو يضع استراتيجيات تخفف من حدتها في المجتمع، لتظل الشعوب الإيرانية مشغولة بمشاكلها وتعيش معاناتها بعيداً عن التفكير في المطالبة بحقوقها أو انتقاد سياسات حكومتها التي تتدخل في شؤون الغير، وتعمل على بث الفتن والطائفية وتأجيج المشكلات في الدول المجاورة، وتدعي أنها تعمل على تحسين ظروفها من خلال مشروعها النووي الذي جنت على شعوبها عقوبات اقتصادية بسببه وعزلت المجتمع الإيراني عن باقي الشعوب الأخرى ومنعته من التطور والتقدم.

إن سياسة النظام الإيراني مع شعبه هي الضرب بيد من حديد وقمع الحريات وزج المواطنين في السجون، وحسب الإحصائيات الإيرانية فإن هناك 500 ألف إيراني يدخلون السجون سنوياً بسبب مقنع أو غير مقنع، إذ يحتوي القانون الإيراني على 1600 قضية يدخل المواطن الإيراني بسببها السجن، إلا أن هذه السياسة القمعية في التعامل مع الشعوب لم تؤد إلا إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية وزيادة حدتها، وقد نقلت صحيفة ابتكار تصريحات “حسن موسوي جلك”، والتي قال فيها: إن المشاكل الاجتماعية لا يمكن إدارتها بالنهج القضائي والأمني، ويجب وضع إدارة المشاكل الاجتماعية بأيدي مختصين وجمعيات ومؤسسات متخصصة، وأضاف: إن الأضرار الاجتماعية تفاقمت في الآونة الأخيرة، وأصبحت أكثر سوءاً، وكل ذلك بسبب سوء الإدارة لها.

هذه التصريحات جاءت على لسان رئيس جمعية المعونات الاجتماعية في إيران، والذي ينتقد بشكل صريح سوء الإدارة الاجتماعية في البلاد وطرق التصدي للمشاكل الاجتماعية فيها، في دلالة على أنه حتى المسؤولون في إيران غير راضين عن سياسة حكومة ومنهجية نظام بلادهم، ويشاهدون يومياً الأثر السيء لهذه السياسة على مجتمعهم، ومطالبة هذا المسؤول بتولي المختصين إدارة المشاكل الاجتماعية يذكرنا بأن المناصب والأعمال في إيران لا يتم تسليمها إلى من يستحقها، إنما هم أتباع نظام الملالي أصحاب الوساطات والولاءات الذين يتولون المناصب ولا يقومون بالعمل إلا لمصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الشعوب الأخرى، التي تعاني من مختلف أنواع المشاكل والأمراض الاجتماعية والصحية.

إن انتشار المشكلات في إيران يعني أن أفراد المجتمع يعيشون أوضاعاً غير مستقرة، وأنهم حتماً غير سعداء، وغير أصحاء، ويعيشون مختلف أنواع المعاناة التي وصلت في نهاية المطاف إلى التسبب بفقدان حياتهم، فالتلوث وسوء التغذية والعادات اليومية السيئة والفقر وعدم توفر الحد الأدنى من الحاجات الأساسية للإنسان بالإضافة إلى الحزن والتعب النفسي والاكتئاب؛ ستؤدي حتماً إلى العديد من الأمراض منها السكتة القلبية وغيرها من الحالات الصحية التي تودي بحياة الإنسان، وهذا ما جاء في صحيفة “آفرينش” تحت عنوان: زيادة في معدلات وفايات القلب بسبب المشاكل الاجتماعية، فقد قالت الصحيفة: إن الاحصائيات تشير إلى أن أكثر أسباب الموت انتشاراً في إيران بعد حوادث السير هي السكتات القلبية، وقد سجلت إيران خلال الشهرين الماضيين 6 آلاف حالة سكتة قلبية، وهو عدد كبير للغاية، وأشارت الصحيفة إلى أسباب الإصابة بالسكتة القلبية مثل تلوث الهواء وعدم الحركة لوقت طويل وغيرها، ولكن أكدت أن أكثر ما يسبب الإصابة بالسكتة القلبية في إيران هي المشاكل الاجتماعية.

إن هذه المشاكل الاجتماعية المنتشرة في إيران طالت آثارها مختلف فئات الشعوب الإيرانية، وتحكي لنا الصحف الإيرانية كثيراً من تصريحات المسؤولين التي تفضح هذا الواقع، وإذا انتقينا بشكل عشوائي بعض هذه التصريحات، سنجد تحذيرات نقلتها صحيفة رسالت” عن المدير التنفيذي لمنظمة الرفاه الاجتماعية “فرزاد هوشياربارسيان” حول مخاطر توريط النساء في الأمراض الاجتماعية، وقال: إن هذا الأمر مقلق للغاية، وأضاف أن 10% من 15 ألف مشرد في إيران يحملون أمراضاً معدية، وطالب كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالعمل من أجل الحد من الأضرار الاجتماعية المنتشرة في إيران، ويبقى هذا الكلام مجرد تصريحات تنشرها الجرائد اليومية لتوهم الشعوب بأن المسؤولين يهتمون بشؤونهم ويعلمون حجم معاناتهم، إلا أن الحكومة الإيرانية لا ولم تحرك ساكناً، وإذا طالت هذه الأمراض النساء فهذا يعني أن المجتمع الحالي في وضع سيء جداً وليس أسوأ منه إلا مستقبله إذا ما بقي الحال على ما هو عليه اليوم.

وحتى الأطفال طالتهم الأمراض والمشاكل الاجتماعية في إيران، فقد نقلت صحيفة حمايت تحت عنوان “عجلة الأضرار الاجتماعية تسير سريعاً مع زيادة الأمية، 143 ألف طفل لم يدخلوا المدارس”؛ تقريراً على لسان مساعد رئيس منظمة محو الأمية الإيرانية لشؤون التعليم “محمد مهدي زاده” جاء فيه أن هناك 143 ألف طفل إيراني لم يدخلوا المدارس خلال العامين الماضيين، وكذلك خلال العام الماضي فقط، فقد ترك نحو 63 ألف طالب المدرسة في المرحلة الابتدائية، 20% منهم في إقليم سيستان بلوشستان، وأن السبب في ذلك هو أمية آباء هؤلاء الطلاب، وأضاف التقرير أن المشاكل الاقتصادية للأسرة والحرمان والعمل هي الأسباب من وراء عدم ذهاب أو ترك هؤلاء الأطفال للمدارس، وأشارت الصحيفة إلى وجود 5.3 مليون إيراني أمي تحت سن 50 عاماً، وهذا يدل على انتشار خطير للأمية في إيران، والتي تعني أن هؤلاء الأشخاص لم يدخلوا المدارس وهم في سن الطفولة، وأهم الأسباب لعدم دخول المدارس هو الفقر والتشرد وطلاق الوالدين أو إدمانهما وغيرها من الأسباب التي تمنع الطفل من دخول المدرسة، فنجد المشكلات الاجتماعية تتفاقم في المجتمع الإيراني الذي يحتوي على كل أسباب انتشار هذه الأمراض.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق