المشردون واللقطاء … وضحايا السلاح الأبيض في إيران

ينخر الفساد والآفات الاجتماعية والاقتصادية هيكل الدولة الصفوية في إيران، التي تضمر الشر والحقد لكل من هو غير فارسي، وتعمل على نشر سمومها الطائفية وتعيث فساداً في سوريا والعراق واليمن، وتحلم بأن تعيد بناء أمجاد امبراطوريتها الصفوية، متناسية المأساة المفجعة لشعب إيران التي يحاول قادة نظام التغطية عليها بشعارات الموت لأميركا والموت لإسرائيل وغيرها من الشعارات التي لا هدف لها سوى التغطية على عمق الأزمة التي يمر بها الشعب الإيراني.

تقوم سياسة النظام الإيراني على الشعارات، وتكون الأفضلية هناك لمن يدين الولاء بشكل أكبر لأفكار الثروة المسلوبة ويخلص أكثر للولي الفقيه، هذا هو مبدأ السياسة المتبعة في منهجية نظام الولي الفقيه،  وتحت ظل هذه الجعجعة  تحاول طهران أن تبقي الاعتقاد سائداً لدى الكثير بأن إيران هي دولة الإسلام المقاوم للطغيان والتكبر والجبروت، كما وصفها الخميني، والسبب في ذلك اعتقاد هؤلاء أن الأوضاع والشعارات التي رافقت بداية ما سمي بانتصار الثورة ومجيء نظام حكم الملالي لا تزال كما هي، غير مدركين حجم المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد خلال الأعوام الماضية، والتي جعلتها تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم من حيث عدد المدمنين على المخدرات والأطفال المشردين، فحسب التقرير الأخير للأمم المتحدة، فإن من بين 220 مليون مدمن في العالم بينهم تسعة إلى اثني عشر مليون مدمن على الأفيون والهروين أي أكثر من مليوني شخص منهم في إيران وحدها، كما أن إيران هي الأولى من بين الدول التي تمتلك العديد من الأجهزة المخابراتية والشرطة السرية والمليشيات القمعية التي لا تخضع لقانون المحاسبة والرقابة الحكومية.

  يجهل المدافعون عن إيران أن عدد الأطفال المشردين من اللقطاء الذين يعيشون بدون مأوى في شوارع طهران وحدها يعادل عدد أطفال الشوارع في دول أميركا اللاتينية الأشد فقراً، كما يجهل  الكثيرون  أن إحصائية أجرتها سراً بعض منظمات حقوق الإنسان في إيران أن 20ألفا من المواطنين الفقراء المشردين ينامون في علب الكرتون بالشوارع بينهم 3000 امرأة في مدينة طهران وحدها، هذا فضلا عن العديد من الحقائق الأخرى التي تغيب عن أذهان أنصار النظام الإيراني بسبب الشعارات الواهية التي يرددها قادة النظام.

الكثير من هؤلاء المدافعين عن إيران بدعوى أنها جمهورية إسلامية، لا علم لهم بوقائع الحياة السياسية والاجتماعية في هذا البلد وموضوع الشعارات السياسية التي مازال قادة النظام يطلقونها ومنها تلك الداعية إلى (محو إسرائيل) وغيرها من الشعارات الاستهلاكية الأخرى.

ومن الطبيعي أن  تكشف منظمات إنسانية حقوقية حول العالم عن تقارير طبية وأمنية واجتماعية إيرانية عبر معلومات وأرقام تؤكد أن طهران تشهد أعلى نسبة في أعداد المشردين، وأعلى الأرقام في الجرائم الأخلاقية وأعلى نسبة في عمليات انتحار الفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش والاغتصاب، والتي كان آخرها الفتاة الكردية “فرناز خسرواني” والتي أشعلت قصتها المؤلمة احتجاجات عارمة في جميع المدن الكردية، فهذه الفتاة ألقت بنفسها من الطابق الرابع من فندق “تارا” في مدينة مهاباد بعد أن حاول أحد ضباط استخبارات الحرس الثوري اغتصابها.

كما تشير هذه التقارير إلى فساد القضاء الذي يشجع على طلاق النساء، وعن ممارسات جمعية الزهراء التي تستقطب المطلقات لتوفير طلبات الملالي، وطلاب الحوزات الراغبين في زواج المتعة، وكشفت تقارير أمنية أن واحداً من بين كل ثلاثة أفراد في “قم” يتعاطى المخدرات، وأن الشرطة تعثر يومياً على أجنة تم إسقاطهم ورميهم في أماكن تجميع القمامة، وفي قنوات مجاري الصرف الصحي .. وهذه الإجراءات تساعد في الغالب على خلق أمراض نفسية وكبت حقيقي للنساء والرجال على حد سواء، وهذا الكبت يتسبب يوميا في وقوع العديد من جرائم الاختطاف والاغتصاب وفي حالات كثيرة يقوم الخطافون بقتل ضحاياهم خشية انكشاف أمرهم و التعرض إلى المسائلة والعقاب، كما أن بعض النساء والفتيات اللاتي يتعرضن لعمليات الاغتصاب يقمن بالانتحار إما خشية افتضاح أمرهن أو لعدم وجود من يأخذ بحقهن.

  وقد أفادت صحيفة “ابتكار” على لسان المدير العام للطب الشرعي في طهران “بشير نازبرور” أن الطب الشرعي سجل عشر حالات وفاة ناتجة عن جرائم بالسلاح الأبيض في طهران خلال الشهر الأول فقط من العام الحالي، وهذا يعني ارتفاعا في نسبة القتل بالسلاح الأبيض مقارنة مع العام الماضي.

  كما نقلت صحيفة “آرمان” تصريحات محافظ طهران “سيد حسين هاشمي” حول وصول المخدرات إلى المدارس الإيرانية، والتي أكد فيها أن المخدرات دخلت إلى المدارس، وطالب الجمعيات الخيرية  بالمساعدة من أجل علاج هذه الظاهرة المدمرة، وهي وصول المخدرات إلى المدارس في إيران وأضاف محافظ طهران أن انتشار الإدمان وتعاطي المخدرات بين فئات المجتمع الإيراني أصبح مقلقا للغاية، وقال إن  التقارير تشير إلى زيادة أعداد المدمنات من النساء والمدمنين الصغار وطلاب المدارس، وهو أمر خطير على المجتمعات.

  هذه الحقيقة المرعبة لانتشار الأمراض الاجتماعية في هيكل الدولة الصفوية، وحقيقة الحالة التي وصلت إليها  إيران اليوم، من الناحية الاجتماعية والدينية، بلغت في عهد الجمهورية – الإسلامية – مرحلة من الانحطاط لدرجة باتت أغلب مراكز الدراسات مهتمة بالحالة الاجتماعية المزرية، وهي تضع جملة من الحقائق المريرة بين يدي القراء والمشاهدين من خلال الأفلام والدراسات الوثائقية التي تقدمها.

وكان آخر ما قدم من هذه الدراسات فيلمين وثائقيين أحدهما بعنوان (كركدن) المتعة أم اللواط أيهما يسبق الآخر في إيران؟. هذا الفيلم مدته 107 دقائق وهو من إخراج (هوتن شيرازي) ويتحدث عن حالة الأطفال المشردين في إيران وكيف يتم استغلالهم جنسياً بصورة بشعة من قبل عصابات المافيا التي يديرها مسؤولون كبار في نظام ملالي طهران، وقد عرض هذا الفيلم مؤخرا في مهرجان أقيم في مدينة غوتنبرغ السويدية، أما الفيلم الآخر والذي عرض على شاشة أحد التلفزيونات السويدية وكانت مدته 57 دقيقة فهو يسلط الضوء على عمليات بيع (الكلى) التي يقوم بها فقراء إيران.

مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق