القاعدة في سورية

يعتبر وجود المقاتلين الذين تم تدريبهم على يد القاعدة في سورية، مشكلة كبرى للولايات المتحدة، حيث أصبحت كتائب جبهة النصرة، وهي فرع من تنطيم القاعدة في العراق، واحدة من أكثر القوى فعالية في القتال ضد الرئيس بشار الأسد.

ليتجلى خوف من أن هذا الفريق قد خطف الثورة، وبدأ يظهر كقوة مهمينة في سورية بعد الإطاحة بالأسد. وأبدى مسؤولون في إدارة أوباما تخوفهم صراحة إزاء هذا التهديد، إلى جانب احتمال استعار الصراعات الطائفية بين السنة من جهة، والعلويين والمسيحيين من جهة أخرى في مرحلة ما بعد الأسد.

في حين لا توجد إجابات مبسطة حول ذلك، ولا يعتقد أحد في واشنطن أو أي من القوى الكبرى، أن بإمكانه أن يحدد النتيجة مسيقا، فيما لا يزال الرئيس أوباما محتاجا لمزيد من وضوح الرؤية لتحديد آليات استخدام النفوذ الأمريكي في التعامل مع التهديد الجهادي في سورية في نهاية المطاف.

وقد عمل الرئيس أوباما على وضع كتائب جبهة النصرة على اللائحة السوداء باعتبارها منظمة إرهابية، مما يعني أنه قد غدا من غير القانوني التعامل معها ماليا، وهو من الأمور المنطقية لعزل الحركة ومحاولة تجفيف مواردها، لكن التصنيف في حد ذاته ليس ضروريا.

فيما يسعى مسؤولون أمريكيون لتحديد الدول أو الجهات الفاعلة الأكثر مسؤولية عن ذلك، سواء أكانت مسؤولة بشكل مباشر، أو كقناة للأسلحة، أو تقديم مساعدات أخرى لجبهة النصرة. ومنها: قطر والسعودية وتركيا وكرستان العراق. والتي تكرس الكثير من جهدها لإسقاط الأسد، والتي تلعب لعبة قاتلة في تمكين القاعدة في سورية، مما قد يؤدي إلى إعادة تقويتها بعد أن ضعفت، عبر حركات الجهاد العالمي، والتي قد تؤدي إلى الإطاحة بالممالك السنية في المنطقة.

كما تكمن المشكلة في أن العديد من الجماعات المقاتلة السورية تعمل بشكل وثيق مع جبهة النصرة، لمهارة مقاتيلي الجبهة من جهة، وفعاليتها في اقتحام المواقع السورية المحصنة من جهة أخرى، وقدرتها على قيادة الكتائب الأخرى للسيطرة على القواعد العسكرية وحقول النفط.

ويرى البعض أن التصنيف الإرهابي لهذه الجماعة، قد يؤدي إلى نتائج سلبية عبر تأليب الولايات المتحدة ضد القوات المقاتلة، ويرى آخرون أن من السبل الممكنة لتهميش دور القاعدة في سورية ربما يكمن في تسليح الجماعات المقاتلة المعتدلة أو العلمانية، أو حتى من خلال إقامة منطقة حظر جوي وهو ما سيمنع بالقوة استخدام سلاح الجو السوري.

لكن الوضع في سورية معقد للغاية، وحذر الرئيس أوباما من التدخل العسكري قد يكون النهج الصحيح، فكما رأينا في أفغانسان والعراق، فحتى بعد دفع عشرات آلاف الجنود الأمريكيين، فإن قدرة التأثير على مسار ونتائج الصراع تبقى محدودة.

وعلى خلفية الحرب، فإن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبعض المسؤولين الأوربيين ما زالو يرون إمكانية للتفاوض للحد من إراقة الدماء. وإن كانت الأطراف المتحاربة مستعدة للتخلي عن القتال، فإن أي صفقة تتطلب الدعم الروسي، لكن المحادثات التي تمت في عطلة نهاية الأسبوع بين المسؤولين الروس والأمريكيين لم تبد أية مؤشرات على استعداد روسيا للتخلي عن الأسد.

ترجمة: عبد القادر نعناع

للاطلاع على النص الأصلي:

” Al Qaeda in Syria”, The New York Times: http://www.nytimes.com/2012/12/11/opinion/al-qaeda-in-syria.html

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق