العنصرية الفارسية موروث دفين

لم يكن العداء الفارسي للغير وليد العصر أو حدث ما، بل هو موروث عدائي دفين نبع بداية من ملكهم قورش ورضعته الأجيال حتى وصل إلى مطربهم بهزاد بخش الذي يغني بأعلى صوته باللسان الفارسي “اقتل عربيا”.

 ويتمحور الحقد الفارسي الصفوي في إمساك العداوة في القلب وطلب الانتقام وتحقيقه، ويمتد من الضغينة مرورا بالنقمة وصولا إلى الغِل، ويمكن مشاهدة هذه المصطلحات وقد ترجمها قادة النظام الفارسي الحالي إلى أرض الواقع في داخل وخارج إيران، وما تتعرض له الشعوب غير الفارسية في إيران من مهانة وتعذيب وتهميش وازدراء إلا نموذجا فعليا من نماذج الحقد الفارسي تجاه الغير، وتلك الممارسات الإيرانية في البدان العربية شكلا آخر من أشكال العداء الفارسي تجاه الأمة العربية.

 لقد دفع تزايد الحقد على العرب موقعاً عربياً في إيران، يحمل اسم “أهوازي عرب أست” إلى التنبيه لتزايد العنصرية والكراهية والحقد الفارسي على العرب، مشيراً إلى التسويق الكبير الذي تلقاه أغنية راب لشاب إيراني حاقد يدعى بهزاد بخش، تحت عنوان:”اقتل عربياً”. وبهزاد يعد من أقبح الوجوه الغنائية الشابة في إيران، ولأنه مشحون بالعنصرية والعدائية، فإن المنصات الإلكترونية المختلفة تساهم عن عمد في ترويج وتسويق أغانيه الهابطة بين الناطقين بالفارسية، رغم عنصريتها المقيتة.

 وفي طيات هذه الأغنية  يُخاطب بهزاد بخش، الإمبراطور الفارسي قورش، رمز القومية الفارسية المتطرفة، بالقول:”انهض يا قورش، وصل الأمر إلى الحد الذي يسمح فيه العرب لأنفسهم بتهديدنا”، وتقول الكلمات العنصرية، عند الحديث عن الخليج العربي: “قسماً بالخليج الفارسي سنقضي على اسمكم، وسنضرب رقاب جميعكم عند مقبرة قورش .. لو أخطأتم ستدفعون الثمن في الرياض، ومن اليوم فصاعداً بات اسمي قاتل العرب”،  ويُذكر أنها ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها الأغاني أو الرسائل الفنية والترفيهية في إيران التي تستهدف العرب بهذه الطريقة السافرة، فقد كان آخرها العبة الالكترونية التي انتشرت على نطاق واسع، تحت عنوان “اضرب واشتم عربياً”.

 يتكون الحقد الإيراني في أساس نشأته من الانتقام من العرب، وقد أصبح أسلوباً في حفظ الكراهية ورغبة الانتقام، وتفاقم هذا الحقد بعد معركة القادسية التي لقن بها العرب الفرس درسا لم ولن ينسوه حتى الآن، ورغم تغير الظروف وتغير الاحداث فإن الحقد الفارسي ما زال ينمو عبر التاريخ، ولم يعرف الوجدان الفارسي نعمة الرضا أو الصفاء تجاه الإسلام وتجاه العرب في وقت من الأوقات، لأن أيّة قراءة منصفة  لتاريخ الفكر الفارسي القديم والحديث تقود إلى الاستنتاج بأن الفارسي يُركّز كراهيته على “الآخر” بشكل عام وعلى العربي على وجه الخصوص، وعلى الإسلام بقدر أكبر، لأن الإسلام عربي بنظره، والحقيقة المأساويّة الكونية للتاريخ الإيراني، هي أن غزو العرب المسلمين لإيران بنظر الإيرانيين، هو الذي دمّر الهويّة الإيرانيّة المبنية على غرائب الطبائع البشرية.

 لقد كانت أكثر عمليّات التخريب وحركات الفتن والمؤامرات السياسيّة والفكريّة عبر التاريخ،  والتي عملت لتقويض الإسلام، وتدمير الدولتين الأمويّة والعباسيّة على وجه الخصوص، من عمل الفرس، فأبو لؤلؤة المجوسي والحركة الشعوبيّة، والحركة القرمطيّة، وبابك الخرمي، وأبو مسلم الخراساني، وابن العلقمي، وكثير من الحركات الإرهابية  ورموز الخسة والدناءة والمؤامرات والأسماء الأخرى التي عملت على هدم الإسلام سراً وعلانية كانت فارسية وعلى دين المجوس، ويستمرّ هذا الحقد الفارسي الدفين إلى وقتنا الراهن، ومدينة القصير في وسط سورية خير شاهد على موروث الكراهية التي لا تحول ولا تزول في نفوس الإيرانيين تجاه العرب.

 نهم اساتذة في توظيف الحقد والكراهية ضد العرب، حتى الشاعر عمر الخيام وظفوه في “جوقة” هذه الكراهية وحملوه ما لم ينطق به وما لم يدر في خلده، ففي مقدمة “رباعيات الخيام” يُقدّم أحد الباحثين الصفويين الخيام باعتباره حاقدًا على العرب ويقول: “من ضحكاته الغاضبة، وإلماحاته إلى ماضي إيران، من الجلي أنه يكره أولئك العرب قطّاع الطرق، ويحتقر أفكارهم السوقيّة من أعماق قلبه”.

 إن معاداة العرب “أصبحت منذ تكوين دولة ملالي ايران الصفوية الحديثة سمة من سمات هذه الدولة التي يخرج منها الدجال، الأمر الذي خلق نظرة معادية للعرب من خلال اعتبار العربي نقيضاً للفارسي وحتى الإيراني،  ومن يدعى بمصطفى بادكوبه خير مثال على تغول الحقد، فقد شتم هذا الدعي الذات الإلهية وهو يلقي قصيدة باللغة الفارسية تحت عنوان ” إله العرب”.

 ويقول هذا الشويعر الزنديق في قصيدته التي ألقاها في مؤسسة ثقافية حكومية في مدينة “همدان” غربي إيران مخاطباً الله: “خذني إلى أسفل السافلين أيها الإله العربي، شريطة أن لا أجد عربياً هناك!. ” ثم ينعق: ” أنا لست بحاجة لجنة الفردوس لأني وليد الحب، فجنة حور العين والغلمان هدية للعرب”!! ويختم قصيدته وسط تصفيق الجمهور الأخرق الذي وصفه أحدهم بأسد الأدب الإيراني: ” أقسمت بك يا الهي يا رب الحب أن تنقذ بلادي من البلاء العربي”

 وكأن هذا المتنطع يستشهد بقول الخميني: ” إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناء شامخاً للعبادة والعدالة والتدين، ثم يقوم بهدمه بنفسه، ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه” كشف الاسرار23، وهل هناك أقبح من قول نعمة الله الجزائري: ” إنا لا نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك بأنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا” ؟ الأنوار الجزائرية2/278.

لقد وصلت الصفاقة والكراهية إلى أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، وأصابته بلوثة في عقله حين قال : إن الموجود في إيران هو دين محمد العربي الهاشمي المكي القرشي التهامي المضري- عليه الصلاة والسلام-، وبأن مؤسس الجمهورية الإسلامية هو عربي ابن عربي ابن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبأن الإمام الخامنئي قرشي هاشمي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء، وهؤلاء عرب، فجاءته صفعة مؤلمة ومخزية على فمه المريض، ورد عليه المتعصبون الفرس بتعليقات مؤلمة تصب جميعها في شتم العرب ووصفهم بأبشع النعوت، كالهائمين في البوادي والصحارى وفاقدي الحضارة وآكلي السحالي والضباب..

وإذا ضربنا صفحاً عن أفاعيل البويهيين، فإن خيانة ابن العلقمي المجوسي لا تنسى، وهو المؤتمن، ‏حافظ العهد، الوزير المشارك في المسؤولية، يخاطب المغول سراً على طريقة أكثر الجواسيس ‏انحطاطاً، فيجلب أحد عبيده ويحلق له شعر رأسه ويكتب رسالة لهولاكو، ثم يدع الشعر ينمو ‏فيرسل الغلام في تلك المهمة، ويقتل هولاكو الغلام، هكذا تبادل ابن العلقمي الرسائل وهكذا ‏سلم عاصمة الخلافة والإسلام.‏

إن تاريخ الرافضة معروف، فهم الذين أسقطوا الخلافة العباسية وتآمروا مع الصليبيين ضد العثمانيين أيام الدولة الصفوية الرافضية، وهاهم يتآمرون على دول الخليج الآمنة، وهاهو التاريخ يعلمنا بأن بئر الحقد هذه لا قرار لها، والفرس يفقدون البصر والبصيرة إن تعلق الأمر ‏بمعاداة العرب والإسلام، وآخر تجليات الحقد الإيراني على العرب دعوة السفير الصيني في طهران لإبلاغه احتجاجاً رسمياً على استخدام عبارة الخليج العربي في حفل افتتاح الألعاب الآسيوية ببكين، فقد قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: إن هذا الاسم وهمي ومزيف، ويؤدي إلى استياء المسؤولين الإيرانيين والشعب الإيراني.

أخيراً …. ما يشعرنا بالغبطة و الفرح هو همسة نسرها في أذن أعظم ورثة الحقد المجوسي الصفوي الموروث رفسنجاني روحاني سليماني ، وهي أن زوال ملك الفرس،  ليس مؤقتاً بل هو الى قيام الساعة مصداقاً لدعوة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم حينما دعى عليهم بأن يمزق الله ملكهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليهوسلمن : “إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله..” .

 نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق