العلاقة التبادليّة بين القوّة والحرب في النظام الدولي

(مرفق رابط تحميل الملف في نهاية هذه المادة)

أدّت الحرب العالمية الأولى، إلى تطوّرٍ كبيرٍ في علم العلاقات الدولية، كعلمٍ مستقل، يسعى لتنظيم العلاقات بين الدول، سعياً وراء السلم العالمي. وجاء هذا التطوّر كنتيجةٍ لما شهده العالم، والغربي منه بالتحديد، من خسائر بشريةٍ وماديةٍ في تلك الحرب. فاندفعت جملةٌ من التفسيرات الفلسفية – السياسية، لخلق بيئة دولية أكثر استقراراً وتعاوناً، عبر دراسة الحروب ومسبّباتها ونتائجها، وعبر تحليل آليات القوة الدافعة نحو الحرب بين الدول.

وإن كان تطوّر بعض الاتجاهات النظريّة، اتّخذ منحاً جديداً، من خلال خلق مساراتٍ جديدةٍ في النظام الدولي، بعيداً عن المسار التقليدي المستند إلى الدولة، كالتركيز على دور الجماعات المسلّحة أو المنظمات الدوليّة –الحكوميّة وغير الحكوميّة– والشركات متعدّدة الجنسيات (الليبراليون والسلوكيون)؛ إلّا أّن الدولة استمرّت في مركز تلك المسارات، بحيث عملت هذه المسارات من خلال الدولة أو بالتوازي والتفاعل معها، ودون أن تكون تلك المسارات قادرةً بمفردها على خلق آليات عمل دوليّةٍ جديدةٍ مستقلّةٍ بذاتها (المدرسة الواقعية التقليدية).

القوة 1

فيما طرحت بعض المدارس التحديثيّة (الواقعية الجديدة على سبيل المثال)، مركزاً جديداً لتحليل العلاقات الدولية، يتمثّل في شكل النظام الدوليّ وبِنيَته، كمنطلقٍ لدراسة مختلف فروع العلاقات الدوليّة. غير أنّ الدولة تبقى مركز التحليل الرئيس، والمُنتِج للنظام الدوليّ، بشكلٍ متفاعلٍ معه، لا ناتجٍ عنه.

فالنظام الدوليّ، ليس مجموعة آلياتٍ منتظمةٍ System تُحدِّد سلوك الدول، وتضبط العلاقات المتفاعلة فيما بينها؛ إنّما هو بِنيَة أوامريةٌ Order تحاول فرض انضباطٍ في سلوك الدول، وتقوم على فرض القوى الكبرى سلوكها على الأدنى منها، لتحقيق مصالحها، أي إنّ الدول هي الأساس في تحديد شكل النظام الدولي International Order.

والدولة هي المُنتِج لقوّتها، رغم تأثّرها بجملةٍ من العوامل الداخليّة والخارجيّة، إلّا أّنها تسعى لتوظيف تلك العوامل في تعزيز قوتها. ومن ثمّ فإنّ امتلاك الدولة لمقدارٍ من القوّة، يعيد توزيع مستويات القوّة على الصعيد الدوليّ من جهة، كما أنّ مستوى قوّة الدولة يحدّد مسار توجُّهِها نحو حربٍ من جهة أخرى. والتي بدورها –أيّ الحرب- إمّا أن تعزِّز قوّة الدولة أو تضعفها، وهو ما يقود إلى إعادة توزيع مستويات القوّة على الصعيد الدولي .

القوة 2

وتُعتبر دراسة قوّة الدولة، من الدراسات الإشكاليّة في العلاقات الدوليّة، نتيجةً لتباين المدارس التي تتناول هذا الموضوع، بين استاتيكيّةٍ تحصرها في عوامل عسكريّة (Frederick L. Schuman)، وما بين دراساتٍ شاملة، تُوسِّع موضوع بحثها، ليشمل الأطر الجغرافيّة والديموغرافيّة، والثقافيّة بما فيها الدينيّة، وطبيعة نظام الحكم في الدولة، إضافةً إلى النشاط الدبلوماسيّ، ودور العوامل الخارجيّة (Robert Strausz)، …

وتبقى المدرسة الشاملة، الأكثر توسّعاً، لناحية توسيعها محدِّدات قوّة الدولة، والتي يمكن لنا أن نصنِّفها في مجموعتين أساسيّتين، ومجموعة مبرّرات، ومجموعةٍ وسيطة/دخيلة، تؤدّي محصلة جميعها إلى تحديد مستوى قوّة الدولة. وهذه المجموعات هي:

أولاً- المجموعة الداخلية: وهي المحدّدات التي تنبع أساساً من داخل الدولة، وتشمل جملةً واسعةً من المحدّدات، علّ أبرزها –في هذا الموجز– القوّة العسكريّة، والاقتصاديّة، والسياسيّة، والديموغرافيّة، والجغرافيّة، والثقافيّة–الإيديولوجيّة. والتي أدّت، إلى اتفاق كثيرٍ من علماء العلاقات الدولية، على الشروط السبع لقيام قوّة عظمى؛ تلك التي تمثِّل ذات المحدّدات السابقة، إضافةً إلى المحدّد النقديّ.

كما يلعب النظام السياسي دوراً رئيساً في تشكيل قوّة الدولة، لناحية طبيعة هذا النظام، ودوره في تنمية العوامل السابقة، والرغبة في توظيفها باتجاه الحرب أو عدمها، وطبيعة المصالح التي يروم تحقيقها، وقدرته على ذلك.

ثانياً- المجموعة الخارجية: وهي المحدّدات التي تُفرِزها البيئة الدوليّة الخارجيّة، ونرى أنّ أهمّها يتمثّل في: طبيعة النظام الدوليّ وتوزيع القوى فيه، واشتراك الدولة في تحالفاتٍ أو تكتّلاتٍ دوليّةٍ أو منظماتٍ دوليّة، وحجم التهديدات التي تواجهها الدولة. بحيث تؤدّي محصلة هذه العوامل إلى الارتقاء بقوّة الدولة، أو الحدّ منها، في مواجهة القوى الأخرى.

ثالثاً- العوامل المبرِّرة: وهي تلك التي تسوقها الدولة في تبريرها دخول حربٍ ما، فالدولة غالباً لا تبرِّر شنّها لحرب بامتلاكها القوّة فحسب. وغالباً ما تكون تلك المبرّرات انعكاساً لمصالح الدولة على الصعيد الدوليّ، ويؤدي تحقيق هذه المصالح للإعلاء من قوّة الدولة. كما أنّ ارتفاع قوّة الدولة يتناسب إيجابيّاً مع إعلائها لمصالحها على الصعيد الدوليّ. وإن كان من الممكن ضمّ هذه المجموعة إلى المجموعة التالية (الوسيطة/ الدخيلة)؛ إلّا أنّنا نُفصِّل بينهما؛ لاعتبار أنّ هذه المجموعة لا يمكن الاستغناء عنها في تحويل القوّة إلى حرب، فيما لا تعتمد بعض الدول على المجموعة الأخرى أو بعض عناصرها في إدارة الحرب.

أمّا المجموعة الوسيطة/الدخيلة: فمن أبرزها تلك المحدّدات التي تدفع بها الدولة للإعلاء من شأن قوّتها، وتوظيف تلك القوّة غالباً باتجاه الحرب (الإيديولوجيا)، أو تلك التي تدفع بها القوى المضادّة للحدّ من قوّة الدولة المواجهة لها (الردع، التهديد الفعلي). ولابدّ أن نميّز بين التهديد باللجوء إلى استخدام القوّة -بكافّة أنواعها-، وهو تهديدٌ ردعيٌّ يرتبط بالقدرة. وبين حشد آليات استخدام القوّة والاستعداد لاستخدامها فعليّاً -الرغبة- في حال لم ترتدع القوّة المواجِهة لها، وهو هنا تهديدٌ فعليٌّ، يتجاوز حالة الردع.

وهذه المحدِّدات إمّا أن تكون وسيطة، أي سابقةً على حالة الحرب، أو دخيلة، تنشأ بعد نشوء حالة الحرب بين الدول.

القوة 3

وكافّة تلك المحدّدات تنقسم إلى مجموعتين كميّتين، هما:

الأولى– مجموعةٌ قابلةٌ للقياس كميّاً: من خلال مجموعة المؤشرات المعتمدة عالمياً، كتعداد الجيش، وحجم البطالة، وعدد السكان، ومساحة الدولة، وعدد سفاراتها في الخارج، إلى ما هنالك من مؤشراتٍ واسعة، تتناول بالتفصيل دراسة محدّدات قوّة الدولة.

الثانية– مجموعةٌ غير قابلةٍ للقياس كميّاً: حيث من الصعوبة، اعتماد قِيَمٍ كميّةٍ لدراستها، كالعقيدة العسكرية، وطبيعة النظام الاقتصاديّ (ليبرالي– موجّه ..)، واللحمة الداخليّة، ومستوى الالتزام العقائديّ، والتوجّه السياسيّ العام، وحجم مصلحة الدولة على المستوى الدولي. ويمكننا في هذه الحالة وضع قيمٍ كميّةٍ معياريّةٍ لدراسة المجموعة الثانية.

إنّ كميّة قيمة قوّة الدولة (P)، هي نتاجٌ لتفاعل محدِّدات قوّة الدولة القابلة للحساب (Pq)، وغير القابلة للحساب (Ps)، بحيث إنّ:

Pq = ∑ ( pq1 , pq2 , pq3 … pqn )

Ps = ∑ ( ps1 , ps2 , ps3 … psn )

P = Ps + Pq = X

إلّا أنّ هناك عوامل وسيطة/ دخيلة، ستتدخّل في نتيجة حساب قوّة الدولة، وهو ما يستوجب دراسة أثره على النتيجة النهائيّة. وهي:

الإيديولوجيا (I)                    التهديد الفعلي (Th)                         الردع (D)

وتأخذ النتيجة X جملة من القيم:

X = X1 , X2 , … Xn

فعند القيمة X1، قد تشنّ الدولة حرباً. وعند القيمة X2، قد تتعرّض الدولة لحرب. وعند قيمٍ معيّنة للمتغير P، قد يحصل تغييرٌ في توزيع القوّة على المستوى الدولي.

أما أثر الحرب (W) على قوّة الدولة، فإنّه يأخذ قيماً كميّةً معيارية، بين مجموعة من القيم:

W = W1 , W2 , … wn = Y

فعند القيمة Y1، قد تزداد قوّة الدولة. وعند القيمة Y2، قد تضعف قوّة الدولة. وعند قيمٍ معيّنة للمتغير W، يحصل تغيير في توزيع القوّة على المستوى الدولي.

إلّا أنّ قوّة الدولة لا تُدرَس منفصلةً ومطلقةً بذاتها، فقوّة الدولة نسبيّة، تُحدّد وفقاً لعاملين مجتمعين (حجم قوّة أخرى، وزمن محدد).

وتقود هاتان المجموعتان إلى تحديد “توزيع القوى على المستوى الدوليّ”، بين: قوى عظمى، قوى دوليّة كبرى، قوى إقليميّة، ودولٌ ذات قوّةٍ صغيرة. وفق أشكالٍ مختلفةٍ تتراوح بين المنتظمة، والهرميّة والعشوائيّة، وفقاً لعدد القوى في كلّ مستوى من المستويات السابقة، وبحيث تؤدي الحرب وظيفتها التبادليّة مع القوّة، من خلال نقل دولةٍ ما أو مجموعة دولٍ من مستوى لآخر، وفقاً لنتائج الحرب، ولا يُشترط هنا أن تكون الدول المتحرِّكة بين المستويات، هي ذاتها أطراف الحرب، أو أن يكون الانتقال تدريجياً.

ورغم ضخامة الجهود المبذولة عبر عقودٍ عدّة، لضبط الحرب وتنظيمها، والحدّ من مسبِّباتها، وتجاوز آثارها السلبيّة، وصولاً إلى التنظير لعالمٍ اعتماديٍّ قائمٍ على المشاركة بين أطيافه في مواجهة الحاجات الإنسانيّة؛ إلّا أّن الحرب ظلّت المستهلك الأكبر للتاريخ البشريّ، ومُحرِّكاً رئيساً لاقتصاديّات الدول، ومعملاً سياسيّاً وعسكرياًّ لاختبار مصالح الدول وقوّتها.

فمن خلال الحرب، تحمي الدولة أمنها وحدودها، أو تسعى لتوسيع نفوذها ومصالحها، وقد تلجأ الدولة للحرب لإثبات مكانةٍ بين الدول الكبرى، أو تجسيداً لإيديولوجيّة ما، أو مخرجاً لإشكاليّات تمرّ بها. ورغم اتّساع مبرّرات الحروب؛ إلّا أّنها تبقى من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الدول كلما أحسّت بتهديدٍ أمنيٍّ أو مصلحيٍّ لها.

إلّا أنّ الدولة غالباً لا تندفع نحو حرب –دفاعيّة أو هجوميّة– إلّا بعد دراسةٍ عقلانيّة –وليس بالضرورة راشدة- لحجم قوّتها مقارنةً بالقوّة المضادّة، ومقارنةً بين المكاسب والخسائر التي ستنتهي إليها الحرب، أي مستوى المصلحة الذي بإمكانها تحقيقه. فأساس إدارة الحروب، هو جملة معايير القوّة التي تمتلكها الدولة وجملة المصالح التي تسعى لها، والتي على أساسها ترسم الدولة سياستها الخارجيّة، والعسكريّة.

وتتنوّع تقسيمات الحروب، بين حروبٍ عالميّة (عدة دول/ الحربان العالميّتان)، وبين حروبٍ إقليميّة (حربٌ بين دول إقليمٍ واحد/ الحروب العربيّة-الإسرائيليّة)، وحربٍ دوليّة (بين دولتين فقط/ الحرب العراقيّة-الإيرانيّة)، وحربٍ أهليّة (بين الدولة وجماعاتٍ مسلّحةٍ داخلها، أو بين جماعاتٍ مسلّحةٍ داخل دولة/ الحرب الأهليّة في لبنان). كما تشهد العلاقات الدولية حروباً بين جماعات مسلّحة تحرّريّةً ودولةً احتلاليّة (المقاومة/ المقاومة الفلسطينيّة للاحتلال الإسرائيليّ)، إضافةً إلى الثورات المسلّحة على الأنظمة المستبدة (الثورة السوريّة).

ويشهد العالم المعاصر حروباً بأشكالٍ جديدةٍ يُعبَّر عنها بالحرب على الإرهاب (من طرف الدولة)، أو الإرهاب (من طرف دولة أو جماعات مسلحة).

كما شهد تصنيف الحروب، مفاهيم جديدة، كالحرب الاستباقيّة والوقائيّة. فيما بدأ بعض الباحثين بطرح رؤيةٍ مغايرةٍ للمفهوم التقليديّ للحرب –الذي يحصرها في عمليات عسكريّة– إلى رؤيةٍ تشمل الجوانب الأخرى، وإطلاق مفاهيم كالحرب التجاريّة والثقافيّة والدينيّة والإلكترونيّة. إلّا أنّنا نُفضِّل اعتماد المفهوم التقليديّ للحرب: بأنّها صراعٌ مسلحٌ بين وحدتين سياسيتيّن أو أكثر، بهدف فرض إرادة إحداهما على الأخرى بالقوّة.

وتأتي إدارة الدولة للحرب، عبر توظيف عناصر قوّتها، سواءً لناحية الجهود السياسيّة الرامية لنزع فتيل الحرب قبل وقوعها، أو الضغط باتّجاه تصعيدها، وحشد الحلفاء (قبل أو أثناء الحرب). أو باتّجاه البحث عن سبل تسوية لها (أثناءها)، أو من خلال المكاسب والتنازلات التي تنتج عنها (بعد الحرب).

كما تأتي عبر توظيفٍ اقتصاديّ، من خلال توفير القدرات التسليحيّة للدولة، والرشوة الماليّة-السياسيّة للقوى الأخرى ذات المصالح المتداخلة مع أطراف الحرب، واللجوء إلى آلية الحصار الاقتصاديّ على الخصم، وضرب بِناه التحتيّة.

وتبقى الآليات العسكريّة، هي الأبرز في إدارة الدولة للحرب، ابتداءً من التهديد الفعليّ باستخدام القوّة المسلّحة، وصولاً إلى احتلال أراضي الخصم.

ورغم تنوّع الآليات، واتّساع وسائل توظيفها، إلّا أنّ هناك تبايناً في استخدامها، في حال كانت موجّهة ضدّ دولة، أو في حال كانت ضدّ جماعات مسلّحة. ففي حين يتميّز سلوك الدول بالعقلانيّة (الحسابات المقارنة لإمكانيّات الدولة، وتقديرات الربح والخسارة)؛ فإنّ سلوك الجماعات المسلّحة قائمٌ على اعتبار التضحية لتحقيق الهدف، ممّا يضع الدولة في إشكاليّة مواجهة هذه الجماعات، حيث يغيب التحديد الواضح لمفهوميّ الربح والخسارة في عقائدها العسكريّة والسياسيّة، وتعجز الآليات التقليديّة عن مواجهتها.

وتؤثر نتيجة الحرب على قوّة الدولة باتّجاهين، فإمّا أن تؤدي إلى إضعاف قوّة الدولة، وتراجعها، والأمثلة عديدةٌ في التاريخ المعاصر، ومنها تراجع القوى الأوروبيّة بعد الحرب العالميّة الثانية. وإمّا أن تؤدي إلى ارتقاء قوّة الدولة إلى مصافٍّ أعلى من سابقتها، وهو ما حصل للقوّة الأمريكيّة بعد الحرب العالمية الثانية. كما أنّ للحرب دوراً في إعادة رسم توزيع القوّة دوليّاً، من خلال ما يُعرف بتوزيع القوى الدوليّة، وهو ما قد يقود إلى تغيير شكل النظام الدوليّ بالإجمال.

غير أنّ الحرب كعملٍ عسكريّ، يَسبِقها جملةٌ من المراحل العسكريّة، التي قد تلجأ إليها الدولة في محاولةٍ لكسب مصالحها وتعزيز مواقفها (التهديد الفعليّ باستخدام القوّة العسكريّة -التهديد التركي لسورية 1998-، دعم أطرافٍ معاديةٍ للخصم– الدعم الإيراني لميليشياتها–، الحصار بالوسائل العسكريّة –الحصار الأمريكيّ على العراق 1990– 2003–، العمليات العسكريّة المحدودة –الغارات الأمريكيّة على السودان 1996-) دون شرط أن تصل إلى مرحلة الحرب بين الطرفين.

وقد تتطوّر الحرب نتيجة قوّة الدولة إلى احتلالٍ مباشرٍ لأراضي الخصم (الاحتلال الأمريكّي للعراق). فيما قد تتّجه الدولة مباشرة –في حالاتٍ قليلة- إلى الحرب دون المرور بالمراحل العسكريّة السابقة لها أو بعضاً منها.

القوة 4

حيث إنّ مصفوفة النتيجة الافتراضية، ستكون نتيجة حاصل ضرب القوّة في نتيجة الحرب، كما في الشكل التالي:

القوة 5

أي إنّ النتيجة، وفقاً للشكل السابق، تقع ضمن احتمالات أربعة:

  • تعزيز قوّة الدولة A، وتراجع قوّة الدولة B.
  • تعزيز قوّة الدولة A، وتعزيز قوّة الدولة B.
  • تراجع قوّة الدولة A، وتعزيز قوّة الدولة B.
  • تراجع قوّة الدولة A، وتراجع قوّة الدولة B.

يبقى أن نعرّج على بعض التعاريف لمفهوميّ القوّة والحرب في نظريات العلاقات الدولية:

حيث يرى Robert A. Dahl أنّ القوّة هي: “القدرة على جعل فاعلٍ آخر على القيام بعملٍ ما، لم يكن ليعمله (إجباراً). أو منعه من القيام بعملٍ كان سيقوم به (ردعاً)”.

وأضاف Cris Brown بأنّ القوّة كذلك هي: “القدرة على مقاومة التغيير، وإلقاء تكاليف التكيّف على الآخرين (دفاع)”.

فيما يراها جورج تشوارزينبرغ بأنّها المتغيّر الأصيل في السياسات الدوليّة: “ففي غياب مجتمعٍ دوليٍّ شامل، فإنّ الجماعات داخل النظام الدولي، يُتوَقّع منها أن تتصرّف على أساس عملٍ تستطيع تحقيقه بالقوّة المادّيّة، بدلاً عن عملٍ ما يجب أن تعمله من الناحية الأخلاقيّة، ولذا لا يجوز اعتبار القوّة بأنّها مجرّد نوعٍ من الشهوة المدمّرة، بل إنّها مزيجٌ من الإقناع والإكراه. إذ إنّ أولئك الذين يستخدمون القوّة يُفضِّلون عادةً تحقيق أهدافهم من خلال التهديد باستخدام القوّة، بدلاً عن اللجوء إليها فعلاً، والتهديد يستهدف الإقناع، في حين يرتبط الإكراه بالاستخدام الفعليّ للقوّة”.

ويعرِّف Quincy Wright الحرب بأنّها: “الأساس القانونيّ الذي يتيح لجماعتين أو عدّة جماعاتٍ متعاديةٍ أن تحلّ النزاع فيما بينها بقوّاتها المسلحة”. ويراها بنكر تشك بأنّها “صراعٌ بين دولٍ مستقلّةٍ ولها صفةٌ دوليّة”. ويحدِّدها لاجورجيت بأنّها: “حالةٌ من الصراع العنيف الذي يقوم بين جماعتين أو عدّة جماعاتٍ من أفرادٍ منتميةٍ إلى النوع نفسه بناءً على رغبتهم أو إرادتهم”. فيما يجد Carl Von Clausewitz، بأنّها: “ليست إلّا فّض النزاع بين المصالح الكبرى عن طريق الدم”.

pdf

يمكن تحميل نسخة من البحث على شكل ملف PDF، بالضغط على الرابط التالي: العلاقة التبادلية بين القوة والحرب في النظام الدولي – عبد القادر نعناع

عبد القادر نعناع

كاتب وباحث سوري

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق