التنمية البشرية في الأحواز مقارنة بالأقاليم الفارسية

مقدمة

سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها الدولة الفارسية تجاه الأحواز وعدم الاهتمام بالتنمية البشرية في الأحواز أسوة بأقاليم الدولة الفارسية يعتبر من أهم ما تعاني منه الأحواز.

ورغم الثورات الهائلة في الأحواز وأهمها النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية والزراعية، ولكن الشعب العربي الأحوازي ما زال يقبع تحت خط الفقر وما زال يعاني من الفقر المدقع بسبب سياسات الاحتلال الفارسي العدوانية.

وتعد التنمية البشرية من الأهداف الأولى التي تسعى الدول المتقدمة وحتى النامية لتحقيقها، لأنها تساهم في تطوير المجتمعات وتوفير الرفاهية في الحياة اليومية للإنسان. ومن أهم المعايير المعتمدة للتنمية البشرية، الصحة، التعليم، الدخل السنوي للفرد، الحقوق السياسية والثقافية، حرية التعبير والخدمات الأساسية مثل (الكهرباء ومياه الشرب وشبكة الغاز المنزلي والاتصالات). وتعاني الأحواز –الأحواز من أكبر المناطق العربية التي تقع تحت احتلال أجنبي (الاحتلال الفارسي)- من عدم وجود برنامج للتنمية البشرية، بل المؤشرات تدل على سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها الدولة الفارسية بحق الشعب العربي الأحوازي. ومحاولاتها الحثيثة لنشر التخلف والجهل في المجتمع الأحوازي، ومنع أي فرصة يمكن استخدامها للتنمية البشرية في الأحواز وفي ذات الوقت استخدام الفرص في أقاليم الدولة الفارسية.

وبالرغم من عدم وجود جهات محايدة تعطي إحصائيات دقيقة عن مؤشرات التنمية البشرية في الأحواز والمحافظات الفارسية، ولكن عبر الإحصائيات الرسمية المتحيزة لصالح الدولة الفارسية والمقارنة بين الأحواز والمحافظات الفارسية يمكن الاستنتاج والتدليل عن جزء التمييز العنصري وحجم الكارثة التي تحل بالأحواز.

الصحة، التعليم والحقوق الثقافية في القانون الدولي

يلزم العهد الدولي، الذي يشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واعتمد بموجب قرار الجميعة العامة رقم 2200(د-21) في تاريخ 16 ديسمبر 1966، جميع الدول الموقعة عليه بتوفير الصحة والتعليم والسماح بالنشاط الثقافي لجميع سكانها دون تمييز. وبما أن الدولة الفارسية إحدى الدول التي صادقت على هذا العهد فيجب عليها أن تلتزم بههذا العهد وتوفر جميع الشروط اللازمة لتطبيقه.

من أهم مواد العهد الدولي المرتبطة بالحقوق الثقافية :

  • المادة 2 الفقرة الثانية: تتعهد دول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك.
  • مادة 9: تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص بالضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية.
  • مادة 12 الفقرة الثانية: بند (د) تهيئة ظروف من شانها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
  • مادة 13 الفقرة الأولى: تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهي متفقة كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم.
  • مادة 15 الفقرة الأولى بند (أ): من حق كل فرد أن يشارك في الحياة الثقافية.

ورغم أن الدولة الفارسية وقعت على هذا العهد ولكنها لم تلتزم بمواده ولم تطبق أي مادة في الأحواز. إذ يعاني الشعب العربي الأحوازي من تمييز عنصري واضح وتعود أهم مسوغات التمييز العنصري في الأحواز إلى انتماء الشعب العربي الأحوازي للأمة العربية وانتمائه الديني ولغته العربية ورؤيته السياسية لمستقبله. وفي المقابل، يتمتع الشعب الفارسي في المحافظات الفارسية بجميع الحقوق لأنه ينتمي إلى القومية الفارسية ولغته فارسية وينتمي للمذهب “الشيعي” الذي تتدين به الدولة الفارسية.

 كما أن الشعب العربي الأحوازي لا يتمتع بضمان اجتماعي ولا ظروف مناسبة للخدمات الطبية والعلاج اللازم. وفي المقابل ينعم الشعب الفارسي بالضمان الاجتماعي والمستشفيات العامة والخاصة والعلاج اللازم والمتوفر في جميع الأوقات. وما يزيد معاناة الشعب العربي الأحوازي، منع التدريس باللغة العربية (لغة الأم) في المدارس ومنع استخدامها المؤسسات والدوائر، في ذات الوقت تفرض اللغة الفارسية في المنهاج الدراسي ويلزم العرب على استخدامها في المدارس والمؤسسات. ومما أدت هذه السياسة العنصرية إلى انتشار ظاهرة التسرب المدرسي في الأحواز وارتفاع نسبة الأمية بين أبنائها. وفي الوقت نفسه يتعلم أطفال الشعب الفارسي بلغة الأم (اللغة الفارسية) ولم تفرض عليهم أي لغة أو رؤية في المنهاج دراسي، مما ساهمت هذه الحالة في تطورهم ومواصلتهم لمراحل دراسية أعلى ولكسب العلم والمعرفة.

 أما المشاركة في الحياة الثقافية فلا يمكن الحديث عنها لأن الدولة الفارسية تمنع منعا باتا الحديث باللغة العربية في الدوائر والمؤسسات، وتحظر ارتداء الزي العربي في المدراس والدوائر الحكومية. كما أنها تراقب المجالس الاجتماعية والجلسات الثقافية ولا تسمح بفتح مؤسسات ثقافية في الأحواز، بل تطارد من يساهم في نشر العلم والثقافة بين الشعب العربي الأحوازي. أما في المحافظات الفارسية فجميع إمكانيات الدولة وأدواتها مسخرة لنشر الثقافية الفارسية، وجميع شرائح المجتمع الفارسي يشاركون في نشر ثقافتهم ولغتهم داخل البلاد وخارجها، ويتلقون جميع أنواع الدعم من الدولة ومؤسساتها.

عبر الجداول التالية يمكن لنا كشف تفوق الأحواز على المحافظات الفارسية في مجال العدد السكاني والثروات وفي ذات الوقت يمكن كشف التحيز في حجم الاستثمار والاهتمام بالتنمية البشري لصالح المحافظات الفارسية.

في هذا الجدول يظهر التعداد السكاني للأحواز، الذي يفوق التعداد السكاني في كل محافظة فارسية لوحدها، كما أنه يتقارب من مجموع سكان المحافظات الفارسية الثلاثة. ويكشف هذا الجدول ثروات النفط والغاز التي تزخر بها الأحواز، وفي ذات الوقت لا تحوز المحافظات الفارسية -مجتمعة ثلاثتها- على واحد بالمائة من الثروات مقارنة بالأحواز. كما يبن هذا الجدول الأنهر ووفرة المياه في الأحواز وحيازتها ثلث المياه الصالحة في الدولة الفارسية والمناطق الخاضعة لاحتلالها، رغم تعرضها لسياسة التجفيف وتحويل مجرى المياه في الفترة الأخيرة.

الأقليمالأحوازأصفهانخراسان رضويفارس
عدد السكان12مليون9/4مليون6مليون6/4مليون
 

النفط98% نفط الدولة الفارسية وثالث احتياطي في العالم

0%

0%

0% 

الغاز100% غاز الدولة الفارسية وثاني احتياطي في العالم

0%

0%

0% 

المياه والأنهارثلث مياه الصالحة لشرب في الدولة

لم يذكر أي شيء

لم يذكر أي شيء

لم يذكر أي شيء

التمييز في مجال التعليم

الجدول التالي يبين الفرق في عدد المدارس وصفوفها في الأحواز وبعض المحافظات الفارسية

الأحوازأصفهانخراسان رضويفارس
عدد المدارس91717329114359696
عدد الصفوف43330365795523041340

في هذا الجدول يظهر عدد المدارس وصفوفها في الأحواز وفي بعض المحافظات الفارسية المهمة -أصفهان، خراسان رضوي وفارس-. ورغم تعداد سكان الأحواز يفوق محافظتي خراسان رضوي وفارس، و لكن المدارس والصفوف فيها أقل من هاتين المحافظتين الفارسيتين. كما أن الأحواز رغم تعداد سكانها يزيد على تعداد سكان محافظة أصفهان مرتين ونصف المرة ولكن تعداد المدارس والصفوف فيها متقارب إلى حد كبير بينها وبين هذه المحافظة الفارسية.

وأغلب القرى والمناطق الريفية في الأحواز لا توجد فيها مدارس، لذلك يضطر الكثير من الطلاب الأحوازيين على قطع مسافات طويلة حتى يصلوا للمناطق التي توجد فيها مدارس. مما يستنزف أهل الطلاب اقتصاديا ويستنفد قوتهم وطاقاتهم، وفي كثير من الأحيان يجبر الطلاب العرب على ترك دراستهم وعدم مواصلتها. وحتى إذا وجدت مدارس في القرى والأرياف فغالبا ما تكون قديمة وغير قابلة للاستخدام وغالبيتها تكون مبنية من الطين والخشب أو من القصب )النموذج: قضاء ميسان وقضاء الفلاحية). وبالإضافة إلى ذلك أن المدارس في الأحواز لا توجد فيها الصفوف والقاعات الكافية وأغلب الصفوف تعج بالطلاب، مما انعكس سلبا على طريقة التدريس.

التمييز في مجال الصحة

الجدول التالي يوضح جانبا من التمييز في قطاع الصحة الذي يمارسه الاحتلال بحق الشعب العربي الأحوازي .

الأحوازاصفهانخراسان رضويفارس
عدد المستشفيات59777782
عدد الأسرة5610732277007000
عدد الأطباء2207240025412500

تشير التقارير الرسمية الصادرة من الدولة الفارسية، أن أغلبية مستشفيات الأحواز قديمة ولا تتوفر فيها الأجهزة والمعدات الكافية والضرورية لمعالجة المرضى. وهذه المستشفيات لا تستوفي المعايير المعتمدة في الدولة الفارسية للرعاية الصحية. وذكر رئيس جامعة جندي سابور للعلوم الطبية “إسماعيل ايدني” لوكالات الأنباء الفارسية إن كل مستشفيات “الأحواز” بحاجة ماسة إلى الصيانة والترميم والمعدات والأجهزة الطبية، وفقط مستشفيات شمال الأحواز بحاجة إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة سرير لسد جانب من النقص الذي تعاني منه. وفي بعض المدن الأحوازية بنيت هياكل لمستشفيات ومر أكثر من عشرين سنة ولم يتم الانتهاء منها مثل (مستشفى مدينة الخفاجية). وبعض المدن الأخرى مازالت تفتقد للمستشفيات ولم تهتم الدولة الفارسية بها لحد الآن مثل مدن ميناء خورموسى وقصبة النصار والحويزة والبسيتين وميناء دير ونخل تقي وميناء الصيراف وعسلو والقابندية والأحواش، ويقطن في مدينة خور موسى أكثر من مائة وخمسين ألف نسمة بحسب احصائيات الدولة الفارسية. ويضطر سكانها على السفر لمدينة معشور – رغم أنها تبتعد عنهم عدة كيلومترات -من أجل مراجعة الأطباء ومعالجة مرضاهم. وهذه الحالة سببت باستنزاف أموال العرب سكان مدينة خور موسى وأدت في كثير من المرات إلى وفاة المرضى بسبب عدم اسعافهم أو التأخير في تقديم العلاج لهم. ويتساءل أهالي مدينة خور موسى عن سبب هذا الإهمال المتعمد لمدينهم رغم أنها تدر المليارات من الدولارات إلى خزانة الدولة الفارسية وأنها تعتبر ثاني أكبر ميناء لتصدير واستيراد البضائع ويوجد فيها العديد من المجمعات البتروكيماوية.

التمييز في المجال الثقافي

الجدول التالي يظهر الفرق الشاسع في الدعم الثقافي الذي يتلقاه الشعب الفارسي والشعب الأحوازي.

الأحوازاصفهانخراسان رضويفارس
المراكز الثقافية

0

16001500

1508

المكتبات العامة203252261

227

ففي الأحواز لا توجد مؤسسات أو مراكز ثقافية تهتم بالثقافة والتراث الأحوازيين، وفي ذات الوقت تقدر المراكز والمؤسسات الثقافية التابعة للاحتلال التي تديرها قوات الباسيج بأكثر من خمسمائة مركز ومؤسسة التي تتخذ من المساجد مكانا لها. وتتجسس قوات الباسيج من خلال هذه المراكز على المناضلين الأحوازيين والنشطاء في المجال السياسي والثقافي، وعبرها يتم نشر الفكر الصفوي والترويج للطائفية والتبعية للدولة الفارسية في المجتمع الأحوازي وتشويه الثقافة العربية. وتمنع الدولة الفارسية، النشاط الثقافي والسياسي في الأحواز، ولم تسمح في جميع أنحاء الأحواز بوجد مؤسسة أحوازية واحدة تتبع إدارة عربية مستقلة تنشط في المجال الثقافي أو السياسي. أما المكتبات فيمنع فيها بيع الكتب العربية إلا الكتب التي تؤيد فكر الاحتلال الفارسي وتدعمه أو الكتب التي لا تتمتع بقيمة فكرية وسياسية. وفي ذات الوقت تعج المكتبات في الأحواز بالكتب الفارسية التي تروج للثقافة واللغة والتاريخ الفارسي وتساهم بنشر الفكر الصفوي الضال.

الجدول التالي يبين حجم الحرمان والتمييز الذي يمارس بحق الشعب العربي الأحوازي في مجال الخدمات الأساسية.

 

الأحوازأصفهانخراسان رضويفارس

الغاز المنزلي

مايقرب من 70% فقط من مدن و30 % من القرى الأحوازية تتمتع بشبكة الغاز المنزليكل المدن و60% من القرى تتمتع بشبكة الغاز المنزليكل المدن و40% من القرى تتمتع بشبكة الغاز المنزليكل المدن و40% من القرى تتمتع بشبكة الغاز المنزلي

الكهرباء

کل المدن و80% من القرى تمتع بالكهرباءكل المدن و80% من القرى تتمتع بالكهرباءكل المدن و96% من القرى تتمتع بالكهرباءكل المدن و50 % من القرى تتمتع بالكهرباء

المياه

كل المدن و60 % من القرى تتمتع بشبكة مياه الشربكل المدن و80% من القرى تتمتع بشبكة مياه الشربكل المدن و70% من القرى تتمتع بشبكة مياه الشربكل المدن و60% من القرى تتمتع بشبكة مياه الشرب
الهاتف الأرضي

79% من سكان المدن و55% من سكان القرى يملكون الهاتف الأرضي

93% من سكان المدن و87% من سكان القرى يملكون الهاتف الأرضي92% من سكان المدن و70% من سكان القرى يملكون الهاتف الأرضي

93% من سكان المدن و84% من سكان القرى يملكون الهاتف الأرضي

من خلال البيانات والأرقام يتبين أن الأحواز رغم الثروات الطبيعية التي تمتلكها مقارنة بمحافظات الدولة الفارسية ورغم نسبة التعداد السكاني المرتفع مقارنة مع كل محافظة فارسية لوحدها، ولكنها لا تتمتع بالخدمات الضرورية وشعبها يعيش حالة مأساوية. ومعظم الخدمات التي تمتنع دولة الاحتلال عن تقديمها للأحواز وشعبها، فهذه الدولة تمنحها وبسخاء واضح للشعب الفارسي. ويعتبر الكثير من نشطاء السياسيين الأحوازيين أهم أسباب هذا الإهمال المتعمد وعدم الاهتمام بالتنمية البشرية في الأحواز إلى السياسية العنصرية الفارسية التي تنتهجها ضد الشعب العربي الأحوازي. ويعتبرون الدولة الفارسية هي السبب الجوهري في منع التطور والتقدم في المجالين الثقافي والاقتصادي في الأحواز وهي التي تعيق أي النهضة يمكن أن تحدث في الأحواز، وتحاول تحافظ على وجودها في الأحواز ثم صهر الشعب الأحوازي في الثقافة الفارسية والقضاء عليه.

إعداد: لجنة الدراسات والبحوث/ حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

المصادر:

1 – مركز احصاء الدولة الفارسية لعام 2013.

2 – العهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

3 – الوثائق  الخاصة لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز.

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق