الاستيطان الفارسي في الأحواز يهدد الأمن القومي العربي

المشاركون في مؤتمر لاهاي يوصون بضرورة منع طهران من طمس الملامح العربية لمنطقة الأحواز في إطار مخطّطها لاستهداف الأمن القومي الخليجي العربي.

لاهاي- شدّد المشاركون في المؤتمر السياسي الأول لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، الذي عقد في لاهاي، على أهمية الدعم العربي للقضية الأحوازية في مواجهة التهديدات الإيرانية للأمن القومي العربي.

وسط انشغال العالم بالنووي الإيراني ابتعدت المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة كثيرا عما يجري داخل إيران من مجازر لأبناء الشعوب غير الفارسية المطالبة بحقوقها المشروعة.

وفي الوقت الذي شغل النظام الحاكم اهتمام المجتمع الدولي بالحديث المزعوم عن التغيير بهدف المساومة، يصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية جام غضبه على أبناء الشعوب غير الفارسية المضطهدة في إيران، المعروفة سلفا بملفها الأسود في مجال حقوق الإنسان، لكن لم تعد سياسة التعتيم التي تمارسها السلطات الإيرانية ضدّ الأقليات غير الفارسية تجدي نفعا لكتم صوت القضية الأحوازية؛ كما لم تعد يد الحرس الثوري الإيراني قادرة على أن ترهب الأحوازيين رغم ما تمارسه من قمع.

وتجلّى ذلك بوضوح من خلال التوصيات التي خرج بها المؤتمر السياسي الأول لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز الذي انعقد يومي 14 و15 يونيو 2014 في العاصمة الهولندية لاهاي، تحت شعار ”إيران والأمن القومي العربي ودور القضية الأحوازية”.

سلّط المؤتمر الضوء على قضية الأحواز، محمّلا المواقف العربية “الصامتة” جزءا كبيرا من مسؤولية الاحتلال الإيراني لهذه الأراضي العربية. وقد أكّد على ذلك حبيب جبر، رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، مشيرا خلال كلمته في افتتاح المؤتمر، إلى واقع نضال الشعب العربي الأحوازي وما يعتريه من صعوبات حالت دون تحقيقه أهدافه على مدى تسعة عقود من الاحتلال الفارسي. وتحدث عن الجور الذي وقع على قضية شعبه من الأشقاء والأصدقاء بمساهمتهم في الحصار السياسي والإعلامي الذي فرض عليهم من قبل المحتل والدوائر الاستعمارية.

وأوضح حبيب جبر أهمية الدور الأحوازي في مواجهة الخطر الفارسي الذي رفع معوله في حصد الأرواح العربية وتدمير مقومات دول عربية قائمة، تنفيذا لمشروعه التوسعي في المنطقة العربية، ودعا إلى العمل معا لمواجهة هذا الخطر الداهم.

نفس الموقف تبنته الوفود المشاركة في المؤتمر السياسي الأول لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، مؤكّدة جميعها على الدور السلبي للدول العربية في مواقفها من القضية الأحوازية على مدى العقود الماضية. ودعت إلى تصحيح تلك الأخطاء بالوقوف إلى جانب الشعب العربي الأحوازي في هذه المرحلة المهمة من نضاله.

يأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت حاسم جدّا حيث تؤكّد المؤشّرات والأخبار القادمة من الداخل الإيراني، وبالتحديد من شمال غرب طهران، أن البلاد تعيش فعلا أزمة داخلية كبرى فيما يتعلّق بثورة الأحوازيين وهي في طريقها لأن تكون بداية الطريق نحو ثورة الأقليات الأخرى المتعدّدة في إيران.

 

نشر القضية الأحوازية

قُسّمت أعمال المؤتمر إلى ثلاث لجان – اللجنة السياسية والإعلامية، اللجنة القانونية، ولجنة الأمن القومي العربي. وقد تولت كل لجنة تقديم قراءات للوضع الأحوازي ومن ثمة التوصيات اللازمة لمنع إيران من طمس الملامح العربية لمنطقة الأحواز وتحويل هذه المنطقة الاستراتيجية المطلة على ساحل الخليج إلى منقطة فارسية في إطار المخطّط الإيراني الذي يستهدف الأمن القومي الخليجي العربي، لكن دعم القضية يستوجب توفر عدة قواعد أسياسية، من ذلك تفادي النقص الفاضح في مصادر المعلومات عن الثورة الأحوازية نتيجة للتعتيم الإعلامي والسياسي عليها، وفق ما أكّدت عليه اللجنة السياسية والإعلامية.

وقد أشارت اللجنة المكلفة من المؤتمر بمناقشة المحاور السياسية والإعلامية لدعم الثورة الأحوازية ومواجهة المشروع الفارسي العدواني الذي يهدف إلى زعزعة استقرار وأمن المنطقة العربية، إلى جهل الشارع العربي الكبير عن قضية الشعب العربي الأحوازي، بل أجزمت بأن السواد الأعظم من الشعب العربي لم يسمع عن اسم الأحواز ناهيك عن قضيته، وهنا يبرز دول الإعلام كسلاح هام في دعم القضية، جنبا إلى جنب مع الكتّاب والمثقّفين العرب لإبراز أهمية الأحواز للأمن القومي العربي المهدد من الدولة الفارسية.

وأكدت اللجنة على ضرورة توفير فرص الدراسة لأبناء الأحواز في المعاهد والجامعات العربية في مواجهة سياسة التجهيل التي يمارسها المحتل ضدهم، هادفا إلى طمس الهوية العربية في الأحواز. وهذه الآليات لن تكتمل دون تبني القضية الأحوازية في المحافل الدولية وفي أوساط المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان في العالم، بالإضافة إلى تشكيل لجنة عربية من المؤتمرين تنشط في دعم القضية الأحوازية ومتابعة تنفيذ مخرجات المؤتمر.

 

ومن أبرز التوصيات التي خرجت بها اللجنة السياسية الإعلامية:

* صياغة خطاب إعلامي يوضح عدالة القضية الأحوازية ويصل إلى الرأي العام العربي والدولي.

* العمل على إبراز المخاطر الناجمة عن التقارب الأميركي الإيراني على حساب مصالح دول الخليج العربي.

* تشكيل مجلس يضم ممثلين للشعوب غير الفارسية في إيران من أجل توحيد جهودهم وحقهم في تقرير مصيرهم

* العمل على تبني مشروع قومي عربي إسلامي لمواجهة المشروع الفارسي الصفوي.

* إطلاق يوم للتضامن مع الأحوازيين وليكن تاريخ الاحتلال الإيراني لدولة الأحواز العشرين من أبريل من كل عام.

* توحيد صفوف فصائل المعارضة الأحوازية.

 

سيادة دولة الأحواز

تمتع الشعب العربي الأحوازي بالعيش ضمن إقليمه الثابت والمحدد منذ آلاف السنين، وتمكن من بسط سيادته على هذا الإقليم، ومنه اكتسب مشروعية إقامة كيانه المستقل.

وقد تطرّقت اللجنة القانونية وحقوق الإنسان إلى عدالة القضية من زاوية القانون الدولي بالإضافة إلى ضرورة كشف جرائم المحتل الفارسي بحق الشعب العربي الأحوازي. وكشفت اللجنة عن بعض الصور والوثائق التي تدل على السيادة العربية في المنطقة قبل الاحتلال وتظهر الرموز الوطنية الأحوازية، كما تطرقت إلى خطورة الاستيطان الفارسي في الإقليم.

وأشارت اللجنة إلى تمتع الدولة العربية الأحوازية بالسيادتين الداخلية والخارجية ضمن نطاق إقليمها الخاص، مما يؤكد مشروعيتها كدولة مستقلة بموجب القانون الدولي. ولحاكم الأحواز السلطة المطلقة على الإقليم برا وبحرا، ومقاضاة كافة أفراد شعبه بموجب النظام العرفي السائد. ومجلس العشيرة مهمته المصادقة على تنصيب الحاكم أو إقالته في حال ارتكابه مخالفة تضر بأمن البلاد وتمس من استقلالها، كأهم مظاهر السيادة الداخلية للدولة.

وكانت الأحواز مشيخة عربية تتمتع بحكم شبه ذاتي حتى عام 1925 عندما احتلتها الحكومة الإيرانية. وقد أكّدت اللجنة القانونية أن المنطقة لها كيانها المستقل في علاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى، واتفاقياتها تشكل أهم مظاهر السيادة الخارجية للدولة.

وحاججت اللجنة على ذلك باتفاقيات الدولة الأحوازية مع الدولة العثمانية، واتفاقياتها مع الدولة البريطانية، والدولة القاجارية (إيران اليوم)، ووجود 12 سفارة أجنبية في المحمرة عاصمة الدولة الأحوازية آنذاك، والمراسلات الرسمية فيما بينها وبين الدولة الروسية، وإصدار مرسوم ملكي عام 1857م، يتعهد من خلاله ناصر الدين، شاه الدولة القاجارية بعدم التدخل في الشئون الداخلية للأحواز.

وأكدت اللجنة الحقوقية على حق شعب الأحواز بأن يقرر مصيره بنفسه. وفي سبيل تنفيذ ذلك، أوصى المؤتمر بتشكيل لجنة قانونية مهمتها جمع الأدلة والوثائق التي تثبت هوية عروبة الأحواز. وتشكيل لجنة أخرى مهمتها اللقاء مع الخبراء القانونيين الدوليين لمعرفة الآليات والسبل الكفيلة في إثبات حق الشعب العربي الأحوازي وكيف يتم التحرك والخطوات اللازمة.

محمد السكراني- نقلاً عن صحيفة العرب

 

 

إيران تطمس هوية الأحواز العربية

لاهاي- تمتد الأحواز العربية المحتلة، التي تعد تواصلا جغرافيا وبشريا طبيعيا للوطن العربي، على مساحة تصل إلى 375 ألف كيلومتر مربع، على الضفة الشرقية للخليج العربي، وحدودها من مدينة عيلام شمالا إلى مضيق باب السلام (المسمى زورا وبهتانا مضيق هرمز) جنوبا، ويتجاوز تعداد سكان الأحواز عشرة ملايين نسمة من العرب.

لقد تطور مفهوم الأمن القومي من معناه التقليدي ولم يعد يقتصر على الأمن العسكري والاستخباراتي وتأمين الحدود والأجواء فحسب، بل امتد ليشمل نواح حياتية أخرى، مثل الأمن الثقافي والاجتماعي والمائي واللغوي…

والنظر في مفهوم الأمن القومي العربي، وخاصة فيما يتصل بالأحواز، يتطلب النظر في العقلية الفارسية الحاكمة، والتي لطالما كانت محصورة بين أقوام قوية، ومن ضمنها العرب والترك.

وقد عاش الفرس دائما في حالة من الخوف من القوميتين القويتين المجاورتين.

كما أن النزعة العنصرية والنظرة الاستعلائية المهيمنة على العقل الجمعي الفارسي، وبصفة خاصة ضد العرب التي تعود إلى أحقاد تاريخية، جعلت إيران دئما أمام سعي محموم لإعادة إنشاء الإمبراطورية الفارسية التي أسقطها الفتح الإسلامي لذلك عملت إيران على:

أولا: دعم الأقليات الشيعية في المنطقة العربية، والسعي لتحويلها إلى جهات تدعم المشروع التوسعي الفارسي. لكن تلك المحاولات غالبا ما تفشل نتيجة لتمسك تلك الأقليات بعروبتها وانتماءاتها الوطنية.

ثانيا: الدعم المالي غير المحدود لتلك المكونات الطائفية، ويتجلى ذلك في دعم حزب الله والحوثيين.

ثالثا: محاولة الهيمنة على اقتصادات الدول العربية، عن طريق توطين التجار ورجال الأعمال الفرس في الدول العربية بهدف السيطرة الاقتصادية، علاوة على توطين أعداد غفيرة من الفرس في تلك الدول، وتحويلهم لاحقا إلى طابور خامس يعمل لصالح النظام الفارسي.

شهدنا ذلك عمليا في مواقف بعض الشخصيات المزروعة في المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت والإمارات واليمن.

رابعا: استخدام مكونات التنوع الاجتماعي والعرقي والتوزع الديموغرافي في الدول العربية بهدف زرع بذور الفتن.

من منظور تاريخي، عقدت الدولتان العثمانية والفارسية ست عشرة معاهدة عدم اعتداء، ولكن الدولة الفارسية نقضت العهود في أغلبها، ولاحقا تعاونت أنظمة الحكم الفارسية مع الدول الغربية، وتحالفت معها ضد العرب، وتمثل ذلك جليا في المرحلة الاستعمارية للوطن العربي، حيث تحالف الفرس مع البريطانيين.

في المرحلة الراهنة، نجد أن الدولة الإيرانية التي يهيمن على مقدراتها الفرس، تسعى دائما لتصدير أزماتها، ويعد ذلك محورا تكتيكيا تلجأ إليه دائما في اللحظات الحرجة، فنجد على سبيل المثال أن الضغط المتزايد على النظام الفارسي في ثورة الأحواز سنة 2011، قد أدى إلى سعيها لاصطناع أحداث دامية شهدتــها مملكة البحرين.

إن سعي الدولة الفارسية لاستخدام الورقة الطائفية، والادعاء الزائف بمظلومية الشيعة في الدول العربية، ليس إلا ذرائع ومسوغات لاختراق الأمن القومي العربي ولاستمرار الاحتلال الفارسي للأحواز.

توصيات:

– دعم الثورة الأحوازية لمواجهة الخطر الإيراني وتفعيل دور المقاومة في إطار منظومة الأمن القومي العربي.

– تقديم الدعم الإعلامي العربي للأحوازيين، وبصفة خاصة السعي لتوضيح الصورة الحقيقية بأن الأحوازيين، وفيهم هم نسبة كبيرة من الشيعة، يتعرضون للاضطهاد على أساس قومي، وبذلك يتم فضح الزيف والادعاءات الفارسية بحماية الشيعة في كل مكان.

-رصد مساعي الدولة الفارسية لتغيير التركيبة السكانية في الأحواز وتوثيق عمليات التهجير والتوطين وإعادة صياغة الخريطة الديموغرافية، بما يمثل انتهاكا صارخا لمواثيق الأمم المتحدة.

– معالجة أسباب فشل التواصل السياسي الأحوازي مع الحكومات العربية.

– تحويل القضية الأحوازية إلى قضية دائمة البحث والعرض على صعيد الأمم المتحدة ومؤسساتها، بطرق التوثيق والنشر والتعريف والحشد والضغط.

– التركيز على الضرورة القصوى لوحدة الصف الوطني الأحوازي.

 

تقرير لجنة الأمن القومي العربي- نقلاً عن صحيفة العرب

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق