الإمارات وإصلاح ما أفسده الحوثي

نستطيع القول إن دور الإمارات في اليمن، قام على الموازنة بين العمل العسكري والإغاثي، بحيث تكاملت جهود الإمارات على أساس انتهاج التوازي بين المساهمة العسكرية الفعالة لتحرير المناطق والمحافظات من عصابات الحوثي، وبين النشاط الإنساني الذي تجاوز إمداد السكان في المناطق المحررة بالمواد الإغاثية والطبية، إلى الإسراع بإنجاز أعمال ترميم واسعة وتهيئة للمرافق الخدمية، شملت مطار عدن الدولي والقصر الرئاسي ومئات المدارس والمستشفيات والمرافق الحكومية، وصولاً إلى الاعتناء بحل مشكلة الطاقة الكهربائية في عدن العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية اليمنية.

ولعل الأرقام المتعلقة بجهود هيئة الهلال الأحمر الإماراتي كثيرة وتتحدث عن نفسها بلغة الإنجاز التي تعودت عليها الإمارات، حيث للإنجاز لغته التي لا تقبل التسويف، وتضع في حسبانها الجانب الإنساني الضروري والإتقان والإسراع في التنفيذ، بما في ذلك إعادة أطفال عدن إلى المدارس وإزالة مظاهر القلق من أفئدتهم وتطبيع الحياة في المدينة. وقد أطلع المتابعون على مجمل المنشآت التي تم ترميمها وإعادة تجهيزها في مدينة عدن. وكانت الأولوية لدى السلطات الإماراتية تتمثل في تشغيل مطار عدن، باعتباره ضرورياً لتسيير الجسر الجوي لنقل متطلبات بعث الحياة في عدن من جديد، وإزالة آثار الحرب التي شنها الحوثي ضد اليمنيين.

وحول الجهود الجبارة التي قامت بها الإمارات بعد تحرير عدن، شهدت المواقع الإخبارية اليمنية بتلك الجهود، واعتبرت أن دور الإمارات في معالجة مشكلة الكهرباء في عدن كشف عجز نظام الرئيس المخلوع «صالح» طوال العقود الماضية، إذ لم يفلح في توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستمر للسكان في مدينة عدن الساحلية الحارة.

أما الحوثي ومن تحالف معه فلم ينشروا في اليمن سوى الخراب والدمار والعدوان على السكان المدنيين وتهديد حياة أطفالهم وتهديم منشآتهم وتحويل مدارس أطفالهم إلى مخازن للأسلحة، بينما جاءت مساهمة الإمارات لإصلاح ما أفسده الحوثي في اليمن وما قام بتدميره. وأثناء الجهود الجماعية لدول التحالف العربي وجدت الإمارات نفسها في سباق مع الزمن لبذل أقصى ما تستطيع، وقد اطلعت بدور متميز في هذا الجانب لإعادة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة من مليشيات الحوثي.

الدلالة الثانية لما قامت به الإمارات في عدن وغيرها، وفي وقت قياسي، تثبت أن جهود الدولة على المستوى الإغاثي لا تقل احترافية وانضباطاً ودقة عن جهود قواتنا المسلحة وأبطالها الشجعان الذين لقنوا عصابات الحوثي دروساً في الجبهات والمناطق كافة، خصوصاً في عدن والمحافظات الجنوبية وفي محافظة مأرب التي ارتفع علم الإمارات فيها عند سد مأرب التاريخي الذي أعاد بناءه مؤسس دولة الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

سرعة الإنجاز والعمل في ظروف أمنية غير مستقرة نسبياً، جعلت العاملين في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي جنوداً إضافيين وداعمين أساسيين لقواتنا المسلحة التي حققت الانتصار على شرذمة الحوثيين. وجاءت الأعمال الإغاثية لتتكامل مع الانتصار وتعززه في نفوس اليمنيين الذين رفعوا علم دولة الإمارات وصور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، كنايةً عن التقدير والثناء على دور الإمارات في دعم السكان إغاثياً وطبياً بعد إنقاذهم من إرهاب الحوثيين.

ومن المؤكد في مثل هذه الحالات أن الوضع الانتقالي في أي بلد يتعرض لحرب داخلية وطائفية يحتاج لمواجهة ظروف ما بعد الحرب وإزالة آثارها. وما قامت به عصابات الحوثيين في عدن ومأرب والمحافظات الجنوبية لا تزال تقوم به وترتكب مثله ضد السكان في محافظتي تعز وإب، وسيأتي الدور على هذه المناطق لتحريرها، وسوف تواصل الإمارات دورها لإزاله ما خلفته عصابات الحوثي، وقد أثبتت المرحلة الأولى أن الإمارات عند مستوى التحدي على المستوى العسكري والإنساني.

 نقلاً عن المزماة للدراسات والبحوث

 بقلم: د.سالم حميد

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق