إيران وأتباعها تزود محرك المشروع الصهيوني بالطاقة

حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق ونظام بشار الأسد في سوريا، جميع ما ذكر يقاتل في البلدان العربية باسم إيران وتحقيقاً للطموحات الملالية الفارسية، وتتلقى جميع هذه الأدوات الفارسية أوامرها ودعمها من النظام الإيراني، وتقتل الأبرياء والأطفال باسم أفكاره وأهدافه وطمعاً في الوصول إلى مصالح ذاتية موعود بها من قبل هذا النظام تنوعت بين المادية وتقليد المناصب.

هذه حقيقة أصبح يعلم بها القاصي والداني، ولم تعد مكمورة تحت أغطية النظام الإيراني، مما يستوجب وقفة تأمل على مجريات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وفي صالح من تصب، لنعلم مدى الخدمات التي يقدمها النظام الإيراني لأعداء الأمة العربية والإسلامية.

تلعب إيران حالياً الدور الذي تلعبه إسرائيل تماماً من حيث الأهداف والسلوك، إسرائيل تزرع العملاء في الوطن العربي، وتعمل على نشر الفتن وبث الفوضى وروح الانقسام، تغتال وتقتل وتتسوع، تخالف القانون الدولي وتصنع الحروب وتنقض المعاهدات والاتفاقيات، وهو تماماً ما يمارسه النظام الإيراني في البلدان العربية، وله نفس الأهداف التوسعية التي تسعى إليها إسرائيل، ليبقى الخلاف الوحيد بينهما هو اختلاف في تقسيم المصالح وتوزيع الأدوار.

سنحرق إسرائيل، سنمحي إسرائيل عن خارطة الوجود، وغيرها من الأكاذيب المفضوحة، ليست إلا خزعبلات يطلقها حراس بيت الخامنئي كوسيلة ديماغوجية لمخاطبة عاطفة الشعوب الإيرانية، وخداع أفكارهم واستلهام مشاعرهم، والمحافظة على الأقل على صبغة اسم الجمهورية الإسلامية، وإقليمياً لابد لنظام مكروه أيديولوجياً وسلوكياً، ولم ينجز أي تقدم ملموس على صعيد السياسة الخارجية، أن يجد منفذاً لتجارته الأيديولوجية والتقليص من عزلته الدولية.

في المقابل، يرد قادة الصهاينة على هذه الخزعبلات بتهديدات للتسويق المحلي، والتماس عذر من الخارج لضرب البنية التحتية والمنشآت التنموية في فلسطين ولبنان، بهدف إضعافها كوسيلة للتوسع، بحجة وجود أذرع إيرانية، حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، تطلق عليها صواريخ “ألعاب نارية” تهدد أمن تل أبيب، وبهذا تكون إيران قدمت ذريعة لإسرائيل لضرب البلدان العربية، وقتل أبنائها بهدف التمدد والسيطرة، إضافة إلى استغلال قادة إسرائيل لهذه التهديدات من أجل إقناع البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم السلاح اللازم لحماية إسرائيل من الخطر الإيراني الوهمي.

 وكرد للجميل، فإن وجود إسرائيل يصب في خدمة المشروع الإيراني على عدة تجاهات، أهمها إيهام الشعب الإيراني بوجود عدو يريد شرا بالبلاد، والالتفاف حول النظام أقوى وأقدس عوامل الدفاع المقدس، وكذلك استغلال القضية الفلسطينية في الترويج وتصدير أفكار الثورة الإيرانية، وصناعة جماعات تعطي الولاء الأعمى للولي الفقيه، وخداع الشعوب العربية بفكرة إيران تعمل من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية من المحتل الإسرائيلي.

الكثير من المصالح تجمع بين إيران وإسرائيل، والقليل منها فقط يفرق بينهما، فلديهما عدو واحد، وهدفهما في استهداف الشعوب العربية واحد، ولديهما الشعور نفسه بالتميز عن محيطهما العربي، كما يشتركان في الرغبة في السيطرة على أكبر قدر من المنطقة بطرق دامية بزرع الفتن وبث الفوضى والاقتتال، ويتبادلان الذرائع بينهما بتقديمها للداخل والخارج لتحقيق الأهداف السياسية، وحتى وقت فرض العقوبات الدولية على إيران، كانت إسرائيل من أكثر دول العالم كسراً لهذا الحظر، وحسب صحيفة “هآرتس” فإن 200 شركة إسرائيلية على الأقل تقيم علاقات تجارية مع إيران، تشمل استثمارات في مجال الطاقة الإيرانية رغم دعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المتكررة بتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران ومقاطعتها من أجل إرغامها على وقف تطوير برنامجها النووي، وقد تحدثت الكثير من التقارير الإخبارية عن حجم التبادلات الاقتصادية والتجارية بين إيران وإسرائيل عن طريق شركات سرية بعضها كان يتم بإشراف الولايات المتحدة.

وعسكرياً فإن إسرائيل تعتبر مصدر السلاح الإيراني، وقد كشفت قضية “إيران كونترا” أو “إيران جت”  حجم التبادلات العسكرية الضخمة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، وذكرت صحيفة التايمز الأمريكية، في تقرير صحفي لها عن التعاون الإيراني الإسرائيلي، أن سيلاً من الأسلحة وقطع الغيار كانت تشحن من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران، وبقيت إسرائيل أحد موردي الصواريخ لإيران رغم مجيء النظام الحالي، ففي أغسطس عام 1985، تم إرسال 96 صاروخاً من نوع “تاو” من إسرائيل إلى إيران على متن طائرة DC-8انطلقت من تل أبيب، وفي نوفمبر من عام 1985، تم إرسال 18 صاروخاً تم شحنها من البرتغال وإسرائيل، تبعها 62 صاروخاً آخر أرسلت من إسرائيل إلى إيران، وكانت هذه التبادلات العسكرية تزداد في الأوقات التي تدخل فيها إحدى هاتين الدولتين في صراع مع طرف عربي، وهناك الكثير من التقارير التي تحدثت عن التعاون العسكري بين تل أبيب وطهران.

إنطلاقاً من سياسة وسلوك النظام الإيراني في المنطقة، وعلاقاته الحميمة مع أعداء الأمة العربية والإسلامية، يتضح لنا أن هذا النظام العنصري على استعداد تام لوضع يديه في يدي أي عدو للأمة العربية كطريق يراها تحقق له أهدافه التوسعية، ومشروعه هذا لا يقل خطورة عن المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وهو ما يدفع هذه الأطراف (إيران وطوابيرها الخامسة وإسرائيل) إلى السعي نحو التعاون الجدي بينهم لتحقيق أهدافهم المشتركة، وتبقى الخلافات بين إسرائيل وإيران وأمريكا خلافات جيواستراتيجية وشكلية قابلة للحل وليست أيديولوجية مستعصية كما يحاول هذا المثلث الترويج لها، ولعل أطرف ما وصلنا عن العداء الفارسي للشيطانين الأكبر والأصغر هو أن خيانة إيران لا توازيها خيانة، فهي وفق حجة الإسلام مجتبى ذو النور، ممثل الخامنئي لدى الحرس الثوري، قادرة على تدمير إسرائيل بعشر دقائق، ومع ذلك تمتنع وتتلهى بسوريا ولبنان واليمن والبحرين والعراق، وإسرائيل لن تتردد لحظة واحدة في ضرب أي مشروع نووي عربي في أي مكان وزمان، فقد دمرت مفاعل تموز العراقي ومشروعاً نووياً آخر في سوريا، أما النووي الإيراني فقد كان ومازال يصب في مصلحة إسرائيل، لذا نرى أن كل التهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية لم تتجاوز المهاترات الكلامية والحرب الإعلامية. 

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق