إقحام النساء الإيرانيات في الأمراض الاجتماعية: ردة فعل لسوء الأوضاع أم سياسة ممنهجة؟

ارتفاع نسبة الأمراض والأزمات الاجتماعية واقحام المرأة الإيرانية في هذا النفق المظلم كان ولايزال مصدر قلق لدى العديد من المسؤولين الاجتماعيين في إيران، فدخول المرأة الإيرانية عالم الإدمان وتجارة المخدرات والممنوعات واستخدامها في ارتكاب الجرائم بأنواعها يعد منعطفاً خطيراً على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، وقد أثار الارتفاع الكبير للمشاكل الاجتماعية في الآونة الأخيرة في إيران قلق العديد من المسؤولين، كان منهم محافظ طهران “عيسى فرهادي” الذي أكد مراراً أن المشاكل الاجتماعية في طهران ارتفعت بنسبة كبيرة بسبب المشاكل الخاصة التي شاهدتها هذه المدينة في السنوات الأخيرة مع ارتفاع معدلات الهجرة إليها، وأضاف فرهادي إننا في طهران نواجه مشكلات اجتماعية عديدة منها دخول الأجانب بطريقة غير شرعية والإدمان وعمالة الأطفال وارتفاع نسبة الطلاق والمشكلات الأخرى الناتجة عن ذلك، وحتى الآن لا يوجد حل نهائي لهذه المشاكل، معتبراً أن أسباب ارتفاع الأمراض الاجتماعية في إيران عديدة ومتنوعة.

ويعد الموضوع الأكثر خطراً في هذا الصدد هو توريط النساء في الأضرار الاجتماعية في إيران، لأن عنصر المرأة يعتبر حاضنة خصبة في هذا الميدان، وفي هذا الخصوص حذر المدير التنفيذي لمنظمة الرفاه الاجتماعية “فرزاد هوشياربارسيان” من مخاطر توريط النساء في الأمراض الاجتماعية، وقال: إن هذا الأمر مقلق للغاية، وأضاف إن 10% من 15 ألف مشرد في إيران يحملون أمراضاً معدية، وطالب كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالعمل من أجل الحد من الأضرار الاجتماعية المنتشرة في إيران، وفي تحليل للخبير الاجتماعي “أمان الله قرايي مقدم” حول ارتفاع المشاكل الاجتماعية في إيران قال فيه: إن أعداد نساء الشوارع في إيران تتزايد، وأضاف: إن فقدان القيم الأخلاقية والدينية عند بعض الأسر أدى إلى زيادة أعداد نساء الشوراع في إيران، وهذه الظاهرة مقلقة للغاية، ويجب وضع حلول لها، كما حذر العديد من المسؤولين من دخول المرأة الإيرانية عالم تجارة وتهريب المخدرات بعد أن كانت شريك للرجل في تعاطيه، وهو ما يزيد الأمر تعقيداً، وفي هذا الخصوص أكد قائد شرطة مكافحة المخدرات في إيران “علي مؤيدي” أن النساء في إيران دخلن مجال تهريب المخدرات، وأن من بين تجار المخدرات الذين تم اعتقالهم في السنة الماضية كان هناك نساء، وهو ما يدل على دخول المرأة الإيرانية عالم تجارة المخدرات، وأَضاف: إن هؤلاء النساء لا يتمتعن بتعليم عال، وأغلبهن يحملن شهادات ابتدائية، كما أكد الخبير والباحث في إدمان المخدرات الدكتور “هومان نارنجي ها” أن ما بين 14 إلى 20% من الأسر التي يعاني فيها الأبوين من الإدمان، تضم أيضاً أبناء مدمنين على المخدرات، وأشار إلى أن ضرر إدمان الأبوين يشمل كل الأسرة وكل النواحي، مثل: التدني في ثقة النفس وزيادة احتمالية وقوع الأسرة كاملة في الإدمان والمساعدة في نشره، وإغلاق مسيرة تقدم الأسرة وتنميتها ورفع درجات الاكتئاب والعنف الأسري وارتفاع الطلاق والعلاقات غير الشرعية والسرقات وباقي الجرائم والاضطرابات الاجتماعية.

مساعدة الرئيس الإيراني في شؤون المرأة والأسرة “شهيندخت مولاوردي” بدورها حذرت أيضاً من ارتفاع معدلات الإصابة بمرض الإيدز والإدمان بين النساء، مؤكدة على وجوب وضع الخطط وزيادة الاهتمام الاجتماعي بالمرأة من أجل التصدي لمثل هذه الظواهر، وفي إيران تشكل النساء ما نسبته 35% والرجال 65% من مجموع المصابين بمرض الإيدز، وتشكل النساء كذلك ما نسبته 10% من مجموع المدمنين على المخدرات في إيران، كما تعد معضلة العنوسة أيضاً من أهم المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الفتيات في المجتمعات الإيرانية، وحسب تصريحات مساعد وزير الشباب والرياضة الدكتور “محمود كلزاري” فإن ارتفاع نسبة العزوبية في إيران في حالة مستمرة، وقال: إن نحو 6 مليون شاب و5 مليون فتاة تتراوح أعمارهم ما بين 15-35 عاماً هم عزاب (لم يتزوجوا)، وأضاف أن هناك أكثر من 23 مليون شاب إيراني تتراوح أعمارهم ما بين 15-29 لم يتزوجوا بعد، وهو ما يقارب ثلث عدد السكان، وأشار إلى أن متوسط عمر الزواج بين الشبان 29، والفتيات 26، وفي طهران بين الشباب 32 والفتيات 29، وأعزى سبب ارتفاع العنوسة في إيران إلى عدم توفر فرص العمل وصعوبة الحصول على سكن.

وفي ظل زيادة ظاهرة الفقر في إيران، أعلنت رئيسة اللجنة الاجتماعية في مجلس محافظة طهران، فاطمة دانشور، أن عدد المشردين الذين ينامون على أوراق الكرتون في شوارع طهران ارتفع بنسبة 33.76 في المئة خلال عام 2014 قياساً مع عام 2013 وأشارت “دانشور” إلى الزيادة السريعة للنساء المشردات خلال السنوات القليلة الماضية، وقالت إن عدد النساء المشردات هو 5000 من بين 20 ألف مشرد يعيشون في شوارع طهران، وأضافت رئيسة اللجنة الاجتماعية في مجلس محافظة طهران أن بعض النساء المشردات يمارسن الدعارة مقابل 50 ألف ريال إيراني فقط (أي 1.5 دولار فقط)، وكان في وقت سابق قد أعلن أحد مسؤولي بلدية طهران أن معدل عمر المشردات في شوارع طهران انخفض إلى سن 17 عاماً.

ما جعل هذه الآفات الاجتماعية تخرج عن حدها هو خشيةالنظام الإيراني الحالي منذ وصوله للحكم عام 1979 من ما يسمى بالنضال القومي لدى القوميات غير الفارسية، فوضع عدة أساليب تهدف إلى إطفاء نيران هذا النضال، فعمد إلى نشر الآفات الاجتماعية المدمرة وتوسيع دائرة كسر الهمم ومنع المطالبة بالحقوق عبر وسائل ترهيب قمعية وسياسة ممنهجة في نشر الرذائل والإدمان والمتاهات والشهوات لتدمير الشعوب في إيران وإلهائها عن التفكير بمسارها الصحيح في المطالبة في حقها في تقرير المصير، ولم يفرق في سياسته هذه بين الرجل والمرأة والطفل والمسن، بل استهدف كافة أركان وأطياف المجتمعات، لذا نجد أن الدعارة منتشرة بين صفوف كافة فئات المجتمع في الدولة الإيرانية أكثر من أي دولة أخرى غير إسلامية، مراكز الدعارة منتشرة وينظر اليها كحالة طبيعية مندلعة في إيران، وتعمل الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى رأسها الحرس الثوري على تطور تجارة المخدرات بنفسها، وتشرف على توزيعها في داخل وخارج إيران بشكل مستمر، بهدف جني الأرباح وتدمير المجتمعات والسيطرة عليها بهذه الأساليب الشيطانية.

بالفعل طور النظام الإيراني وأجهزته المثبتة له الدعارة والإدمان والآفات الاجتماعية بين الشباب الإيراني وخاصة غير الفارسي، ففي كردستان والأحواز وأذربيجان، للفتيات الشابات دور كبير في بيع المخدرات، وتوجد جامعات تنشر فيها الدولة وبشكل خاص المخدرات والدعارة لتدمير طاقات وأنشطة الشباب الإيجابية وسهولة السيطرة عليها.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق