إشكاليات الخطاب في البيئة العربية: (2/3) الخطابات العلمانية والقومية والأقلوية

الخطاب العلمانيّ:

من المُلاحَظ في البيئة العربيّة، حتّى ما قبل الثوريّة، أنّ الدفع العلمانيّ، اتّخذ في غالبيّته صيغةً متطرّفةً أيضاً، عمدت إلى إقصاء الآخر –الدينيّ-، ودفعت بالتالي إلى حالة صدامٍ عُنفيٍّ يزداد عقب الانفلات الثوريّ، في محاولةٍ للدفاع عن الذات لدى أصحاب المشروع الدينّي، بل والحفاظ على الهُوِيّة التي باتت مهدَّدةً علمانيّاً. كما برز الخطاب العلمانيّ عربيّاً، باعتباره استعلاءً قِيَمِيّاً وثقافيّاً على المجتمع بأسره (أي على الثقافة المجتمعيّة السائدة)، وليس على الخطابات النخبويّة الأخرى، بناءً على رفض المعطيات التاريخيّة والثقافيّة القائمة في العالم العربيّ، واستيراد مخرجاتٍ غربيّةٍ غير متأصِّلةٍ بعدُ عربيّاً.

إذ يُصرّ العلمانيّون على أن تكون العلمانيّة هي (دين الديمقراطيّة)، وأنّها لازمٌ منطقيٌّ لقيامها، بحيث لا جدوى للحديث عن ديمقراطيّةٍ بدون علمانيّة. وفي هذا السياق تُطرَح العلمانيّة كنقيضٍ مباشرٍ للدين، (مع أنّها ليست بالضرورة كذلك)، ويكثُر الحديث عن استحالة تعايش الدنيويّ مع السماويّ، وأنّ الديمقراطيّة لا يمكن أن تتأصّل في ظلّ أيّ شكلٍ من أشكال الغيب، مهما كان هذا الغيب قشرةً تجميليّة، بل حتّى لو اتّفقت دلالاته اتّفاقاً تامّاً مع المُثل الديمقراطيّة. وإن كان العلمانيّون قد توصّلوا إلى تحفُّظٍ تجميليٍّ بقولهم: “فصل الدين عن الدولة، وليس فصل الدين عن الشعب”. وفي الواقع فإنّه ليس لهذا التحفّظ أيّة دلالةٍ وفق المثل الديمقراطيّة، إذ إنّ مبادئ الديمقراطيّة السياسيّة إنّما هي حكم الشعب. ويقتضي ذلك الإيغال في منح العلمانيّة صفة دين الديمقراطيّة أو الدين النهائيّ للديمقراطيّة، وهذا الموقف بالتالي يقتضي حكماً حجب اعتبار المواطنة عن المتديّنين، أو حجب حقِّهم في التدخُّل في أيٍّ من شؤون الحكم حتى يُصرِّحوا بالبراءة من دينهم (في الجانب التشريعيّ على الأقلّ). إنّ هذا الإصرار يمضي ضرورةً إلى ثيوقراطيا الديمقراطيّة. وهذا الموقف للعلمانيّين يُشكِّل أوّل مصادرةٍ مناقضةٍ للديمقراطيّة، لجهة إقرارها التعدُّديّة الفكريّة ركناً لازماً من أركان قيامها. وإنّ الإصرار على احتكار المُثُل الديمقراطيّة على أولئك الذين يتنكَّرون للغيب هو تقزيمٌ غير مبرّرٍ لهذا الإنجاز الإنسانيّ الهائل، وهو عودةٌ بالتالي إلى نقطة الصفر في التعاطي مع سعي الإنسان لفهم أخيه الإنسان (24).

وربّما تكون بعض نسخ العلمانيّة نقطة بدايةٍ جيّدةٍ للتعايش السلميّ بين الطوائف والمذاهب، ولكنّها لن تحلّ وحدها المشكلة. ربما تكون العلمانيّة شرطاً أساسيّاً للسلم بين الأديان، لكنّه ليس كافياً، لأنّه لا يوجد رابٌط حتميٌّ بين العلمانيّة والإسلام. ليس التاريخ الأوروبيّ شاملاً، وحداثة أوروبا السياسيّة ليست الممرّ الذي يتوجَّب اتّباعه بالضرورة لجلب الحداثة والسلم. ليست هناك ضمانة أنّه، لمجرد أنّ العلمانيّة وضعت نهايةً للحروب الطائفيّة في أوروبا من قرون خلت، ستكون الحالة نفسها في سياقٍ تاريخيٍّ مختلفٍ تماماً. علاوةً على ذلك، ليست العلمانيّة مجرد تدبيرٍ مؤسَّستيٍّ يمكن تنفيذه من الأعلى، إنّها إلى حدٍّ كبيرٍ روحٌ شعبيّةٌ وثقافيّةٌ عن كيف يجب على الطوائف والمذاهب المختلفة أن تتصرّف في الفضاء الشعبيّ. يمكن للمؤسَّسات أن تؤثِّر على هذا الفضاء الشعبيّ وتعزِّز التعامل المحترم للطوائف والمذاهب الأخرى، ولكنّ هذا التأثير عمليّةٌ معقّدةٌ ومركّبةٌ كما بيَّنت بوضوحٍ محاولات تأسيس نوعٍ جديد من العلمانيّة في العراق. إذا كان نظام صدام حسين العلمانيّ قادراً على ضبط العنف الطائفيّ، فلم يكن ذلك بسبب العلمانيّة بل بفعل القوّة، ولم تأتِ المساعي الحاليّة لتأسيس نظامٍ علمانيٍّ بالسلم بين الطوائف بل بانفجار العنف الطائفيّ (25).

ففي الدساتير الأوروبيّة ونصوصها، ينصّ الدستور الفرنسي على أنّ الدولة “لاييك” (علمانيّة)، ومع ذلك فإنّ الفصل بين الدولة كمؤسَّسةٍ سياسيّة في فرنسا وبين الكنائس كمؤسَّساتٍ دينيّةٍ ليس مطلقاً، بل ليس أكثر من 95%. وهذا الفصل بين المؤسَّستين في فرنسا يشبه نفس الفصل في الولايات المتّحدة، وكذلك في الجمهوريّة الأيرلنديّة، إلّا أنّ ثقافة شعوب هذه البلدان تختلف عن بعضها. فالمجتمع الفرنسيّ، أي المجتمع العامّ، هو عَلمانيّ، بينما في الولايات المتحدة فالدستور عَلمانيٌّ على الطريقة الفرنسيّة مع ثقافةٍ وحياةٍ عامّةٍ ليست عَلمانيّة أبداً، حتّى إنّه إذا أراد أحد الأشخاص أن يترشح للرئاسة في الولايات المتّحدة ولا يتحدَّث أو يصرِّح عن دينه وإيمانه فستكون حظوظه في النجاح معدومة، على العكس مما هو موجود في فرنسا، فإن تحدَّث مرشحٌ للرئاسة فيها عن دينه فلن يكون له أيّ أملٍ في النجاح. إذاً على الرغم من التشابه بين دستوريّ هذين البلدين، حيث ينصَّان على الفصل بين الدين والدولة، إلّا أنّ واقع المجتمعين فيهما مختلف. وكذلك تظهر اختلافاتٌ أخرى بين دول أوروبيّة أخرى، ففي مجتمعاتٍ عَلمانيّةٍ بشكلٍ جذريّ، مثل الدنمارك وإنكلترا، هناك إقرارٌ بوجود كنيسةٍ للدولة، وخاصّةً في الدنمارك. أمّا في ألمانيا، فإنّ الكنائس كمؤسَّسات دينيّة معترفٌ بها، وهي تعمل بالتحالف مع الدولة، لكنّ الدولة الألمانيّة لا تعتمد كنيسةً واحدةً من دون الكنائس الأخرى، ومع أنّه يمكن أن يكون على الصعيد السياسيّ تفضيلٌ من قبل الدولة لكنيسةٍ على أخرى، إلّا أنّ المساواة منصوصٌ عليها في الدستور (26).

فيما يذهب العربي صديقي إلى أنّ “الإيحاء بأنّ العلمانيّة فيها مفتاح دمقرطة الشرق الأوسط العربيّ، وأنّها الجديرة دون غيرها بالمؤازرة المعنويّة والسياسيّة، مع استبعاد الأشكال الدينيّة أو غيرها من الأشكال المعرفيّة، أمرٌ قد ينطوي على نظرةٍ متحيِّزةٍ عن الديمقراطيّة أو التحوُّل الديمقراطيّ … فالنضالات الدينيّة وغير الدينيّة ينبغي أن تتآزر معاً من أجل هزيمة الحكم السلطويّ (27)“.

وينظر نزيه الأيوبي إلى إشكاليّة الإحياء السياسيّ للإسلام على أنّها ردّة فعلٍ لأزمة الدولة العلمانيّة الحديثة في الشرق الأوسط، خصوصاً في ظلّ قادتها العسكريّين “دعاة التحديث”. وبينما كانت النخب والطبقات الحاكمة تتمسّك بالسلطة تمسُّكاً مُحكَماً وتدافع عن مصالحها بأقصى درجة من الضراوة، فإنّ “الدولة” التي أداروها لم تخفق في تحقيق أهدافها المتنبّئ بها في تعبئة ودمج الطبقات الأقلّ حظّاً في نظامٍ اجتماعيٍّ-اقتصاديٍّ جديدٍ فحسب، بل عجزت عن حلّ عددٍ من المعضلات بعيدة المدى والأزمات قصيرة المدى (28).

 

الخطاب القوميّ العربيّ:

خطابٌ آخر في البيئة العربيّة، يشكَّل بدوره حالةً تصداميّةً بين الأكثريّة العربيّة والأقليّات العرقيّة والدينيّة، وهو الخطاب القوميّ الرسميّ وشبه الرسميّ، والذي استندت إليه عددٌ من الأنظمة التسلطيّة. عبر توظيف الهُوِيّة العربيّة، ليس كهُوِيّة دولة، أو هُوِيّةٍ جامعةٍ تدفع لاندماجٍ مجتمعيٍّ في بيئةٍ تشهد عديداً من الهُوِيّات المخالفة لها، بل كأداةٍ إثنيّةٍ لتكريس تسلطيّة النظام السياسيّ، وتوسيع دوائر القمع المجتمعيّ. إذ عمدت هذه الأنظمة “القوميّة العربيّة”، إلى تجييش المجتمع ضدّ بعضه عبر تكريس خطوط الفصل الإثنيّة، كآليّةٍ لإقصاء الأطراف غير العربيّة عن عمليات صنع القرار السياسيّ، والتي اتّسم بعضها بحركيّةٍ سياسيّةٍ ملحوظة. وهو ما انعكس لاحقاً على المسار الثوريّ، الذي اعتمد في جزءٍ منه على ذات الخطاب الإقصائيّ، فيما لجأت تلك الأقليّات الإثنيّة إلى دفع انفصاليّ فور انهيار الضبط السلطويّ لها، استباقاً لعودة تشكُّل هُوِيّةٍ حداثيّةٍ ما بعد ثوريّةٍ قد تستند إلى ذات التعريف الإثنيّ للمجتمع، وخاصّة أنّ هذه الأقليّات لم تجد مغرياتٍ/عوامل جذبٍ ثوريّةً تُبقيها ضمن إطار الدولة.

وممّا يؤخذ على التوظيف السلطويّ للهُوِيّة القوميّة العربيّة وخطابها، أنّه لم يترافق بعمليّة بناء الأمّة المنشودة في التأصيل الفكريّ لهذا الخطاب، بل استند إلى الحدود القُطرِيّة للدول العربيّة، واكتفى بها حيّزاً جغرافيّاً يهدِم النظريّة السياسيّة للأمّة العربيّة. بل وتصادمت هذه الأنظمة بالذات، مع المكوِّنات العربيّة الأخرى “للأمّة” -الأقطار العربية الأخرى-، وحاولت تقويض مساراتها السياسيّة الخاصّة بها، بل حتّى تحالفت مع الخارج غير العربيّ، تحالفاتٍ مصلحيّةً أدّت بالنتيجة إلى تقويض الأمنّ العربيّ ومن ثمّ الهُوِيّة العربيّة ذاتها، والتي قمعت بها مجتمعاتها عقوداً عديدة. ولم يكن الخطاب القوميّ الإقصائيّ لهذه الأنظمة سوى محاولةٍ لإكساب نظامها شرعيّةً قوميّة (وخاصّةٍ عبر استغلال القضيّة العربيّة المركزيّة/فلسطين) بعد أن فقدت كلّ مقوِّمات الشرعيّة والمشروعيّة.

ورغم أنّ هذا الخطاب شهد تراجعاً كبيراً في مرحلة ما بعد الثورات، إلّا أّن حواضنه المتمثِّلة في نخبٍ لها مكانتها العلميّة والقياديّة، لم تُقدّم بعدُ مراجعةٍ نقديّةٍ واسعةٍ للخطاب القوميّ، وخاصّةً أنّ بعض فئات المجتمعات ما بعد الثوريّة (تونس مثلاً) حاولت إحياء شيءٍ من جوانبه، بالاستناد إلى ذات الأسس السلطويّة السابقة، وإلى الوظائفيّة المرجوّة من الخطاب ذاته.

فلا تزال الدولة العربيّة على الرغم مما يبدّو عليه بعض هياكلها من حداثة خارجيّة، تعمل وفق منطق الغلبة، أو “حكم الأغلبيّة الإثنيّة”، الأمر الذي يُضعِف تماسك النسيج الاجتماعيّ الداخليّ، فيُحدِث اختلالاتٍ خطيرةً في التوازنات الداخليّة، فحكم الأقليّة أو الأغلبيّة الإثنيّة في المنطقة العربيّة غالباً ما يرافقه قدرٌ من الإقصاء بحقّ الجماعات الإثنيّة أو الجهويّة الأخرى داخل القطر الواحد. ومن هنا بدا أنّ السياسات التي تتبنّاها النخب السياسيّة الحاكمة لا تقدِّم حلولاً لمشكلة الإقصاء، ولا دعماً لسياسة الاندماج وبرامجه، بقدر ما تزيد المشكلة القائمة تعقيداً، بما يؤدِّي إلى لجوء النظام القائم إلى استثارة العصبيّة/العصبيّات الإثنيّة أو القبلية أو الجهويّة، أو إلى البطش بالجماعة الإثنيّة أو القبلية المعارضة لسياساته الإقصائيّة، أو الدخول في مزيدٍ من الانغلاق الفئويّ واحتكار السلطة والاستفراد بها (29).

الخطابات الأقلّويّة:

يظهر الخطاب الأقلويّ في بعض نسخه، ذا سمةٍ متطرّفةٍ أيضاً، من حيث رفضه الكليّ للثقافة العربيّة الإسلاميّة، ومطالبته بنمطٍ حداثيٍّ يقطع مع الأسس الثقافيّة التي قامت عليها الدول العربيّة، ويذهب بها بعيداً في حالة تغريب، تصل في بعض الطروحات إلى مرحلة تهديم التاريخ واللغة العربيّة (لغة الأكثريّة)، لصالح تعزيز اللغات الأجنبيّة، كحاضنٍ للتنوُّع اللغويّ، مع احتفاظ اللغة الأمّ بمكانةٍ محدودةٍ فحسب. وتدفع إلى تبنيّ النسخة العلمانيّة المتطرّفة في عمليّات إعادة بناء الدولة، ومباشرةً دون الانتقال إليها بشكلٍ غير تصادميّ.

كما أنّ مسألة الأقليّات ليست مقتصرةً في البلاد العربيّة على مشكلات الأقليّات الدينيّة. فهناك أقليّاتٌ عرقيّةٌ تطرح من المشكلات ما لا يمكن حلّه في إطار المفاهيم والممارسات الراهنة للسياسة العربيّة، وتتجاوز غالباً ما تطرحه مسألة الأقليّات الدينيّة. ويصبح الوضع أكثر تعقيداً عندما يتعلق الأمر بأقليّةٍ هي معاً أقليّةٌ دينيّةٌ عرقيّةٌ، مثل ما كان في جنوب السودان (30).

وعموماً فإنّ مطالب الأقليّات في مراحل الانتقال الديمقراطيّ من خلال التجارب، تساهم بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة، إن هي كانت منظّمةً وذات مطالب سياسيّةٍ تروم العدالة الاجتماعيّة وتحقيق المساواة، في بناء لبنة الديمقراطيّة في البلد، بشرط ألّا يتحَّول خطابها إلى خطابٍ عرقيٍّ يحمل بذور الانفصال أو الحقد والدعوة إلى العنف على أساس سموٍّ إثنيّ أو تميّزٍ عرقيّ. فالأقليّات الإثنيّة في مطالبها إذا هي تبنّت مبدأ العنف والحقد والنعرات الضيّقة، تتحوّل إلى عائقٍ في طريق الديمقراطيّة. بل تؤدِّي إلى نزاعاتٍ إثنيّةٍ تشنّ حروباً أهليّةً تعود بالبلد إلى الخلف كما هو حال بعض البلدان الإفريقيّة. ولكن إذا كانت -كما هو نموذج بلغاريا- تتبنّى خطاباً سياسيّاً، وتشارك بفاعليّةٍ في معترك الحياة السياسية في البلد، حتى وإن كانت تشكِّل انطواءً ثقافيّاً، فإنّها تساهم في الديمقراطيّة. وهنا كذلك يرتبط الأمر بنظام الدولة المركزيّة، ومدى استجابته لها، وانفتاحه على هذه الأقليّات ومنحها مساحةً للتعبير عن موقفها سلميّاً وداخل إطار التعدُّديّة. ولعلّ ظهور ما يُطلق عليه “أحزابٌ إثنيّة” في دول أوروبا الوسطى وأميركا اللاتينيّة دليلٌ على قدرة هذه الدول على فتح المجال أمام الأقليّات كي تدخل الحياة السياسيّة من خلال ما يُعرف بالأحزاب الإثنيّة. والتي يتمّ تعريفها على أساس أنّها تنظيماتٌ من جماعاتٍ إثنيّةٍ غير مهيمنةٍ مرخَّصٍ لها بالمشاركة في الانتخابات المحليّة والوطنيّة، ويحمل برنامجها مطالب ذات طبيعةٍ إثنيّة أو ثقافيّة. ووجود أحزابٍ لأقليّاتٍ إثنيّة يعني اعترافاً بدورها في الحياة الديمقراطيّة والسماح لها بالمشاركة بفاعليّةٍ فيها وإدماجها في المجتمع (31).

وقد تقاطع الخطاب الأقلويّ مع الدفع العلمانيّ المتطرف عقب التصادم الثقافي بعد الثوريّ، في تأكيد على خاصيّة هذا الخطاب العابر للهُوِيّات (الطروحات العرقيّة غالباً، والمذهبيّة غير الشيعيّة). وشهد تقاطعاتٌ مع الخطاب الدينيّ المنغلق على الذات بصيغته الطائفيّة أو المذهبيّة، في مواجهة المذهبيّة السياسيّة الأكثريّة للمجتمعات العربيّة، أي في مواجهة خطاب الإسلام السياسيّ العنفيّ، وأحياناً كان سابقاً عليها ومحرِّضاً لها (الطروحات الشيعية)، فيما شكّلت بعض صوره ردّاً على الخطاب القوميّ العربيّ الرسميّ (ذي السمة الإقصائيّة)، باعتباره خطاباً معادلاً له من الناحية الإثنيّة.

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

 

الهوامش

(24) محمد حبش، “العلمانية في بلاد الشام الشريف: دراسة في منطق التطوير التشريعي في الفقه الإسلامي”، في: مجموعة مفكرين، العلمانية في المشرق العربي (دمشق: دار بترا للنشر والتوزيع، أعمال مؤتمر العلمانية في المشرق العربي، الطبعة الأولى، 2007)، ص 114-115.

(25) ماني كروني، “العَلمانية الدينية“، في: مجموعة مفكرين، العلمانية في المشرق العربي، مرجع سابق، ص 38.

(26) يرغن نلسون، “العَلمانية والتحديات الجديدة“، في: المرجع السابق، ص 77-78.

(27) العربي صديقي، البحث عن ديمقراطية عربية: الخطاب والخطاب المقابل، ترجمة: محمد الخولي وعمر الأيوبي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2007)، ص 360.

(28) نزيه الأيوبي، تضخيم الدولة: السياسة والمجتمع في الشرق الأوسط، ترجمة: أمجد حسين (بيروت: المنظمة العربية للترجمةـ الطبعة الأولى، 2010)، ص 526.

(29) باقر سلمان النجار، “الدولة العربية: بين إخفاقات البناء وتعطل الاندماج”، في: مجموعة مؤلفين، جدليات الاندماج الاجتماعي وبناء الدولة والأمة في الوطن العربي، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، 2014)، ص 65.

(30) برهان غليون، المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات، مرجع سابق، ص 24.

(31) رحال بوبريك، “الأقليات الإثينة في زمن الانتقال الديمقراطي”، مركز الجزيرة للدراسات، 14/2/2013:

http://studies.aljazeera.net/ar/files/arabworlddemocracy/2013/01/2013124122841440101.html

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق