ألا دولة في اليمن؟

إن الدولة ” الكيان السياسي” بالمفهوم السياسي الحديث تتكون من (الأرض– الشعب– السيادة). إلا إن اليمن تفتقد لعنصر السيــــادة منذ التاريخ القديم، حيث كان للاحتلال الاستعماري لليمن في الماضي (العثماني–البريطاني). دور في انتهاك السيادة في ظل الاحتلال الأجنبي مثلها كبقية الدول العربية آنذاك، وقد كانت تعد دولة ناقصة السيادة ، حيث كان للمملكة المتوكلية (الإمامة) في الشمال أو المشيخات او السلطنات او الإمارات في الجنوب سيطرة، ونفوذ على بعض المناطق، ولكن في التاريخ الحديث المعاصر لليمن تحررت من الدولة الناقصة بعد إخراج الاستعمار بفضل الحركات التحررية الثورية، ولكنها ذهبت إلى مشروع ألا دولة في ظل حكومة النظام السابق، حيث غاب مفهوم الدولة في العقل السياسي الذي كان يحكم في مرحلة ما قبل ثورة 11 فبراير 2011م. فلم يعمل على الحفاظ على السلم الاجتماعي من خلال ضبط الصراعات في المجتمع، وفقاً لصيغة العقد الاجتماعي المتفق عليه، بل فتح بوابة الصراعات، واستمد منها مشروع الاستمرارية في السلطة، واليوم حكومة المبادرة الخليجيــــة تتجاوز المطلب الأساسي للإرادة الشعبية الثورية في امتلاك دولة ذات سيادة كاملة على الأرض اليمنيـة، وهناك العديد من الظواهر التي تجعل اليمن اليوم لا تمتلك سيادة في ظل حكومة المصالح الاستعمارية الحديثة (حكومة الوفاق الخليجية)، وهي تمثل صيغة ألا دولة في اليمن، وتتمثل بالآتي:

  • إن مشـروع المبادرة الخليجيـة، وآلياتها التنفيذية تمثل إخضاع اليمن تحت الوصاية الخارجية “لدول الجوار، ولمجلس الأمن” لمدة عامين، وكرس كذلك القرار الاممي رقم (2014، 2051م) ذلك. فهنا القرارات والإجراءات الإدارية السياسية ستكون خارجية، وبذلك لا يوجد قرار لهذه المرحلة سوف يمثل الإرادة السياسية إن وجدت، والرغبة الشعبية في التغير ألا برغبات المشاريع الخارجية في استمرار صياغة الهيمنة على المقومات القومية كما كانت في العهد الماضي، وبذلك لا تأثير كان للحراك الثوري على استبعد هذه الصيغة.
  • إن الطائرات بدون طيار الأمريكية مازالت تمرح في الفضاء الجوي اليمني، تقصف المواطنون الأبرياء في أخطاء مستمرة بحاجة تحالف في محاربة الإرهاب المبرم مع حكومة النظام السابق عام 2001م، وما يزال سفير الولايات المتحدة صاحب المرجعية في القرار النهائي في المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن.
  • إن وصول مديونية اليمن حتى يناير من العام 2013م إلى سبعة مليارات، ومائتان وثلاثة وعشرون مليون دولار يشكل حالة من الهيمنة من قبل المؤسسات الاقتصادية الدولية، وبعض الدول المقرضة على القرار الوطني من خلال التحكم بالبنية الاقتصادية بمشاريعها التنموية المستقبلية، وذلك بفرض قيود، واستحكام على بعض الموارد الطبيعة في بعض المناطق اليمنية، ولاستمرارية الشركات الأجنبية بإعطاء فرص أخرى لشركات أجنبية تعمل على التنقيب على الثروة النفطية، والغازية في لليمن بحصص قد لا تتجاوز 50% للحكومة اليمنية.
  • إن التخريب المستمر للشبكة الكهربائية من قبل عصابات قبلية في مأرب، وعجز حكومة الوفاق مع جهازها الأمني في توقيف وردع مرتكبون هذه الأعمال التي تمثل حالة من الإرهاب الاجتماعي المستمر، حيث تلجأ دائما الحكومة للبحث عن وسيط قبلي مقابل تنازلت قد تذهب إلى إخراج أشخاص من سجون بالرغم من ارتكابهم جرائم جنائية أو جرائم سطو على المال العام، وذلك لاسترجاع التيار لساعات.
  • إن استمرارية نمو المشاريع الطائفية، والحركات الانفصالية التي تولدت في عهد النظام السابق، وامتدادها على طول الخارطة الجو سياسية اليمنية، وامتلكها السيادة الكاملة بها، والترويج بأفكارها المخترقة للنسيج الاجتماعي اليمني، بمحاولة طمس الوحدة الوطنية، والعمل تحت رعاية وإشراف حكومة المصالح الخليجية بحاجة المساحة الديمقراطية كان مقبول أذا ارتضت تلك الحركات أن تتشكل في تيارات سياسية، والصراعات اليوم ما تزال تخترق مؤتمر الحوار الوطني بأفكار المصالح في القضايا الوطني لصعدة والجنوب.
  • إن انتشار ظاهرة الاغتيالات للقيادات العسكرية والسياسية المستمر في هذه المرحلة والعجز الأمني الواضح لهذه الحكومة في ضبط وردع الجناة من المجموعات الإرهابية المسلحة، وأيضا لا تزال هيمنة القبيلة في بعض المناطق على مفاصل الحياة للمواطنين بفرض القوة الشخصية، واستمرارية فرض قوانين تتناسب مع مصالحها دون إي اعتبار للسيادة القانونية لدولة المزعومة وجدها.

إن حكومــة المبادرة الخليجية اليوم تشكل هوية سياسية متطوعة للخارج، ولا يوجد لديها أدنى المسؤولية “الوطنية والإنسانية” تجاه هذا الشعب، بل إن بقاء هذه الحكومة بهذه الصورة من التكلس السياسي “الجمود السياسي”. صار مكلفاً سياسياَ واجتماعياً ومادياً ووطنياً، حيث ما زال يتحكم بها برنامج الشعارات دون اي فعل وطني، فهي عاشت في ظل أحزابها في دائرة الشعارات عند تواصلها مع جماهيرية، وما تزال تكرس ثقافة التنديد، والاستنكار، وهي بالسلطة كذلك. إذا كانت هذه ثقافة إداراتها للحكم بحالة من العجز والخنوع، وفي لغة الحل عند مواجهات الأزمات. فهي بذلك تمثل مشروع افتراضي في التنمية، والبناء في المرحلة الانتقالية، وبذلك يجب أن يجعل هذا الشعب في أولوياته الوطنية اليوم في ظل الديناميكية الثورية بفعله المستمر في إسقاط هذه الحكومة، وإخراجها من بوابة اليمن المستقبلية التي لم تحاول التقرب منها.

جهاد عبد الرحمن أحمد

كاتب وأكاديمي يمني

نقلاً عن السبئي نت

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق