أبعاد التغلغل الإيراني في السودان

عملت إيران منذ ثورتها عام 1979، على إحداث قفزات نوعية في مشروعها الاستراتيجي في المجال العربي، عبر اعتماد نهج خارجي أكثر نشاطاً من سابقه أيام الشاه، وعدم الاكتفاء بجملة تحالفات خارجية، تعزّز قوة الدولة فحسب، بل تطور ذلك ضمن ما عرف بسياسة تصدير الثورة الإيرانية.

واتخذت سياسة تصدير الثورة عدّة مناحٍ، منها الدبلوماسي والثقافي والإعلامي والديني والعسكري، بهدف إحداث شروخ بِنيَويَّة داخل المجتمعات العربية المستهدَفة، ساعية إلى إحداث طوق من النفوذ يحيط بالمشرق العربي والخليج العربي ومصر، والتي تعتبر أبرز البيئات التي تسعى إيران إلى فرض هيمنتها عليها، ضمن مشروع احتلالي يرمي إلى بناء قوة إقليمية كبرى.

ويعتبر السودان إحدى محطات إنشاء ذلك الطوق، إذ سعت إيران ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية إلى الاستناد على المجال السوداني بغية الإحاطة بكل من مصر والسعودية واليمن، وتوظيف البيئة السودانية كمرتكز لمشروعها عربياً وإفريقياً.

أولاً- التقارب الإيراني-السوداني:

شكل التقاء الحامل السياسي في كلا البلدين منطلقاً لإنشاء علاقات وطيدة بين الدولتين، حيث أسهمت قوى الإسلام السياسي في السودان، والتي هيمنت على الحكم منذ ثمانينيات القرن الماضي، في بلورة رؤية راديكالية تجد في إيران مثالاً ثورياً تستند إليه في مشروع بناء دولة إسلامية عابرة للحدود، وخاصة عبر التقاء الحركات الصوفية السنية مع التوجه السياسي للمذهب الشيعي.

فكان أكثر من روّج لإيران داخل السودان هو الحركة الإسلامية السودانية بقيادة حسن الترابي الذي وصل بجماعته إلى الحكم في السودان عقب انقلاب عسكري عام 1989. فمنذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، أخذت الحركة الإسلامية السودانية ترى في ثورة خميني مصدر إلهام لها. وهذا أمر أكدّه المحبوب عبد السلام، إذ ذكر أنّ قيام دولة إسلامية هي الأولى في العالم على الإطلاق، أطلق في السودان مبادرات التظاهر المناصرة لإيران، مؤكِّداً أن تلك التظاهرات كانت الأولى في العالم العربي وإفريقيا. ويضيف عبد السلام أنّ تلك التظاهرات تلتها مبادرات بالزيارات إلى طهران قامت بها الحركة الإسلامية السودانية، وكانت هي الأولى، إذ التقت بخميني، ثم جرى تبني فكر الثورة ورموزها والدعوة له والتبشير به (1).

ورغم التناقض ما بين التصدي لتشييع المجتمع السوداني والحفاظ على هويته الإسلامية السنية من جهة، وفتح البلاد أمام النفوذ الإيراني والاستفادة من الدعم السياسي والمالي والعسكري من جهة أخرى؛ ارتأت الحركات الإسلامية السودانية، أن تعلي من شأن العلاقات مع إيران، على حساب إعادة إنتاج المجتمع السوداني إيديولوجياً، بغية تحقيق مصالح النخب الحاكمة ومشروعها السياسي.

ففي عهد الإنقاذ، نشط العمل الثقافي والدعوي في السودان، وكثرت الكتب والمنشورات الإيرانية، وبدأ التشيّع وسط فئة الشباب لأول مرة في تاريخ السودان. ويبدو أنّ إيران ترى في السودان جبهة متقدمة لها للتغلغل في أقطار إفريقيا جنوب الصحراء، عن طريق نشر المذهب الشيعي وتقديم مختلف أنواع العون. ولقد كان احتفاء الإيرانيين بحكم الإسلاميين للسودان كبيراً جداً، ويشير حيدر إبراهيم إلى مبلغ اهتمام الإيرانيين بنظام الإسلاميين في السودان، وشعورهم بالترحيب السوداني بهم، بقوله إنّ السفير الإيراني في الخرطوم كمال مجيد، كان يطلق التصريحات، ويقدم الاقتراحات والتوصيات في الشؤون السودانية في بداية حكم الإنقاذ، وكأنّه مسؤول حكومي سوداني (2).

ولم تحمل تلك العلاقات بعداً دينياً بحجم ما حملت من أبعاد براغماتية سلطوية، تعزز قوة الفئات الحاكمة في مواجهة المجتمع من جهة، والقوى السياسية المنافسة من جهة ثانية، ومواجهة القوى الإقليمية من جهة ثالثة.

فعلى الرغم من محاولة الترابي التقرب من إيران، وضمّ رؤية الإيرانيين إلى رؤية وجهد المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي، الذي أشرف على تكوينه شخصياً، بغرض خلق كتلة إسلامية عابرة للأقطار ذات ذراع عسكري؛ لم يغيّر خروجه من السلطة شيئاً في الميل السوداني الرسمي نحو إيران. بل يمكن القول إنّ العلاقات مع إيران ازدادت أكثر بعد العملية التي أخرجت الترابي من منظومة حكم الإسلاميين للسودان في عام 1999. ولكن يبدو أنّ حكومة الإنقاذ انتهجت بعد خروج الترابي نهجاً براغماتياً صارخاً، وأصبحت تستخدم مختلف الأوراق التي يقود استخدامها إلى وجهات متعارضة تماماً. فقد لوحظ أنّ أنباء التقارب السوداني مع إيران تزداد، كلما ازداد الفتور من جانب الدول الخليجية تجاه حكومة السودان (3).

ويرجع تطور العلاقات بين البلدين في عهد الإنقاذ لعدد من الأسباب منها (4):

–      تلاقي الخلفية الفكرية للنظامين، إذ يعتبر السودان من أكثر الدول مواءمة مع السياسة الإيرانية من حيث البعد الديني لتوجه الدولة علي الرغم من الاختلاف المذهبي.

–      العزلة الدولية التي واجهت كلاً من إيران والسودان، إذ يمثل التقارب الإيراني-السوداني نافذة تطلّ منها الدولتان خارج إطار العزلة الدولية التي فرضت عليهما.

–      رغبة البلدين في تعزيز العلاقات بينهما في سبيل مواجهة تكهنات النظام العالمي الجديد.

–      ضعف النظام الداخلي لكل منهما ومواجهته للعديد من المشكلات، إذ تواجه إيران تحديات امتلاكها للطاقة النووية ويواجه السودان قضية انتهاك حقوق الإنسان.

–      اهتمام إيران بالموقع الجيوسياسي لإفريقيا حيث المسطحات والمعابر المائية، واعتبار إفريقيا بمثابة عمق استراتيجي لها.

–      رغبة السودان في الاستفادة من الخبرات الإيرانية في شتى المجالات، والخروج من عزلتها وعزمها على مواصلة سياساتها الخارجية وذلك بخلق توازن جديد في المنطقة بعد تدهور علاقاته مع المملكة العربية السعودية ومصر، وتعزيز موقفه في حربه مع الجنوب من خلال الحصول على الأسلحة من إيران، وفتح مجالات للتعاون الاقتصادي معها بما يخفف من حدة الأزمة الاقتصادية في الداخل ويساعد على تنفيذ سياسة السودان تجاه الدول الأفريقية المحيطة بها والرامية إلى خلق حزام متعاون مع الاتجاهات الإسلامية في السودان، أو على الأقل غير مناوئ لها.

 

ثانياً- مظاهر التغلغل الإيراني في السودان:

رصد الباحث حمدان الأشقر (5) جملة من مظاهر التغلغل الإيراني في السودان، على عدة مستويات، ومن أبرزها:

المظاهر الدينية الثقافية: عملت إيران على تقديم المنح الدراسية للطلاب من السودان للدراسة في إيران ونشر التشيع بينهم، كما عملت على تشييع بعض الكتاب والصحافيين وتقديم الوظائف لهم، سواء في السفارة أو في المراكز التابعة. عدا عن إنشاء جمعية الصداقة السودانية-الإيرانية والتي تتبع السفارة الإيرانية مباشرة. وقد نشر المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم الكثير من مواد التشييع كتباً كانت أو ندوات وكفالة داعية التشيع.

إضافة إلىإقامة مراسم العزاء والاحتفالات الدينية الشيعية ودعوة العشرات من مشايخ الطرق الصوفية لها وتقديم الهدايا والدعوات لزيارة إيران. وتغلغل التشيع في جامعة إفريقيا العالمية والتي كانت منبعاً لكثير من الدعوات السنية في القارة الإفريقية.

ويلاحظ في جميع ذلك، سعي إيران إلى تأسيس مشروعها السياسي في السودان عبر المجتمع ذاته، غير مكتفية بعلاقات وطيدة مع السلطات الحاكمة، إذ يرتكز مشروعها في البعد المجتمعي، على إعادة إنتاج المجتمع السوداني على مستوى العقيدة الدينية، من خلال نشر المذهب الشيعي بين أبناء السودان، لتحويلهم إلى أدوات إيرانية في حال اقتضت الضرورة ذلك، واتقاء تغير المزاجات السياسية، وهو ذات المنهج الذي اعتمدته في دول المشرق العربي.

فقد أنشأت إيران العديد من مراكز التغلغل الفكري في المجتمع السوداني، منها إنشاء المركز الثقافي الإيراني في أم درمان ودعم نشاطاته في الدعوة للتشيع، وإنشاء معهد الإمام جعفر الصادق الثانوي للعلوم القرآنية والدينية ويعتبر من أخطر مراكز التشييع في السودان.

إضافة إلى عدد من المكتبات والمؤسسات التعليمية، ومنها مكتبة المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم ومكتبة المركز الثقافي الإيراني في أم درمان، ومكتبة مركز فاطمة الزهراء ومكتبة معهد الإمام جعفر الصادق. ومدارس الإمام علي بن أبي طالب والجيل الإسلامي وفاطمة الزهراء.

كما عملت على توثيق العلاقة مع شيوخ الصوفية خصوصاً من يدعي منهم أنّه من آل البيت، والتظاهر بأنّهم جميعاً مجتمعون على حب آل البيت، والوصول إلى مريدي هؤلاء الشيوخ وإلقاء المحاضرات عليهم في مساجدهم وأماكن تجمعاتهم. عبر مجموعة من الجمعيات والروابط والمنظمات، كرابطة أصدقاء المركز الثقافي الإيراني ورابطة آل البيت والمودة والزهراء وجمعية الصداقة السودانية-الإيرانية.

عدا عن توسيع المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الإيرانية في السودان، وخاصة عبر شركة إيران غاز، بغية الهيمنة على المورد الاقتصادي الأكبر للسودان، حيث يشكل نفط السودان عامل تنافس كبير بين عدة قوة إقليمية ودولية.

إضافة إلى سعي إيران إلى التحكم بمياه النيل في الأراضي السودانية بما يشكل عامل ضغط استراتيجي على السودان ومصر معاً، ومن خلال تستطيع تمرير أجندات سياسية، في ظل غياب تنسيق أمني وسياسي مصري-سوداني.

إذ سبق للسفير الإيراني في الخرطوم رضا أميري قد استبق زيارة الرئيس الإيراني السابق نجاد إلى الخرطوم بالكشف عن قيام بلاده بمشروع في مجال المياه في السودان يبلغ تكلفته 30 مليون دولار (6).

وطالما وظفت إيران الأبعاد الاقتصادية والمالية في عملية إنشاء تغلغل داخل الحكومات والمجتمعات العربية، وهو ذات المنهج الذي سلكته تجاه السودان، من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية بقيمة 400 مليون دولار، وخاصة فيما يتعلق بتبادل الخبرات في مجالات الزراعة عن طريق إنشاء مزرعة نموذجية مشتركة وتصدير بعض المحاصيل والمنتجات الزراعية إلي إيران، والصناعة بإنشاء مصانع سكر وألبان ومصنع للسيارات والجرارات والمقطورات، إضافة إلى إبرام اتفاق للتعاون في كل من المجال العلمي والنفط والتعدين والعمل المصرفي.

ثالثاً- التنافس الإيراني-الإسرائيلي في السودان:

شكل السودان بؤرة تنافس جديد بين القوتين الإسرائيلية والإيرانية في العالم العربي، إذ أدت هشاشة الدولة وضعفها من جهة، وانشغالها بحروب أهلية امتدت لعقود، عدا عن الإشكاليات السياسية والاقتصادية من جهة أخرى، عامل جذب للقوى الطامحة إلى توسيع نفوذها.

ويعتبر السودان لكلا القوتين، مرتكزاً استراتيجياً في محاصرة الدول العربية الأخرى، والاستفادة من المعابر المائية (البحر الأحمر والنيل)، ومورداً مهماً للنفط والمعادن (خاصة اليورانيوم)، عدا عن أبعاده الغذائية والديموغرافية.

غير أن السلوك الإسرائيلي تجاه السودان، اعتمد على منهج القوة بشكل مباشر، من خلال الاشتراك في عمليات قصف مواقع عسكرية ومدنية سودانية، وتدمير مقومات قوة الدولة فيه، من ذلك قصف موقع اليرموك لتصنيع الأسلحة في الخرطوم في تشرين الأول/أكتوبر 2012، ودعم القوات الجنوبية بالسلاح والمال خلال الحرب الأهلية، وعقد اتفاقيات مالية وعسكرية مع حكومة جنوب السودان في مواجهة الخرطوم.

واستفادت إيران من ذلك بانتهاج سلوك مخالف لها، عبر التدرج من علاقات سياسية دبلوماسية، إلى اقتصادية تدعم الحكومة السودانية، وتغلغل مجتمعي بنشر المذهب الشيعي داخل السودان، قبل إنشاء قواعد عسكرية، وربط السودان بالمحور الإيراني في العالم العربي.

إذ وقّعت إيران والسودان عدة اتفاقيات في المجال العسكري بهدف ترسيخ التعاون بينهما، تتضمن مساعدة إيران للسودان عسكرياً والمساهمة في تحوّل الجيش السوداني من استخدام السلاح الروسي والصيني لاستخدام السلاح والذخيرة الإيرانية، وتمّ الاتفاق على أن تقوم إيران بمنح تخفيضات تصل إلى 50% على مبيعات السلاح الإيراني للسودان، وأن تقوم إيران بمساعدة السودان في بناء قاعدة صناعية عسكرية، لإنتاج السلاح الإيراني الذي تحتاجه الخرطوم (7).

كما اتفق الجانبان على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث النشاط الإيراني–السوداني في مجال الدفاع عن مصالحهما، وجرى الاتفاق على ألا تسمح أيّ منهما لأيّة أطراف خارجية بالاعتداء على الأخرى، وعلى تبادل الوفود العسكرية والتنسيق فيما بين مختلف أذرع جيش البلدين، ووفقاً لذلك ستقوم إيران بتقديم المساعدة للسودان من أجل التخطيط لبناء مواقع إستراتيجية، مثل الحقول النفطية والموانئ والسدود على نهر النيل (8).

غير أنّ اتفاق الدفاع المشترك، لم يشهد تفعيلاً حقيقياً، خاصة إبان قصف إسرائيل لمواقع سودانية، أو في المواجهات التي تتم عبر الحدود، كما هو حاصل في الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، والتي لم تشهد رداً إيرانياً كانت قد تعهدت به، إنما تبقى وظيفة تلك الاتفاقيات مأطرة في جهد البروبوغاندا الإعلامية الموجهة للمجتمع العربي في الأساس.

والجدير بالذكر أنه وفقًا لقاعدة بيانات التجارة للأمم المتحدة لعام 2009، ارتفع حجم مبيعات الأسلحة إلى السودان خلال الفترة من 2001-2008 من نحو مليون دولار إلى نحو 23 مليون دولار عام 2008، مثّلت الذخيرة والمدفعية منها نحو 54%، فيما مثّلت الأسلحة الصغيرة والمعدات الخفيفة نحو 43%، وكانت الذخيرة الصغيرة منها نحو 3% (9).

ويعتبر الغرض الأساس من تلك الاتفاقيات العسكرية، نشر النفوذ الإيراني على الأرض السودانية، وإنشاء قواعد عسكرية، تستخدم لتعزيز مصالح إيران وحدها، مقابل حماية النظام الحاكم في الخرطوم واستمراريته، وهو ذات السيناريو المعتمد في كل من سورية والعراق.

إذ سبق وأن نشرت صحيفة “دايلي تليجراف” البريطانية في حزيران/يونيو 2012 معلومات مفادها أنّ الاتفاق العسكري الذي تمّ توقيعه بين السودان وإيران (يسمح لطهران باستخدام قاعدة “وادي سيدنا” السودانية، التي تبعد 10 كيلومترات شمال العاصمة الخرطوم، في نشر صواريخ باليستية يصل مداها 440 ميلاً، مشيرة إلى أن ذلك يعني أنها تصل إلى مدينة جدة السعودية). وقالت: إنّ هذا الاتفاق الذي تمّ التصديق عليه خلال زيارة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى السودان، يقضي بوجود عناصر من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني في السودان بدعوى تدريب الجيش السوداني على أسلحة إيرانية سيتم منحه إياها (10).

وقد أتت زيارة سفينتين حربيتين إيرانيتين (مدمرة وحاملة طائرات) عام 2012، إلى ميناء السودان في ظلّ تعزز التقارب بين طهران والخرطوم، وعلى الرغم من تأكيد إيران على أن الزيارة البحرية هي لتبادل العلاقات الودية بين البلدين وهي مرتبطة بجهود مكافحة القرصنة، فإنّ الخطوة تمثل تصعيداً ممكناً في حرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل والتي ألقت بظلالها في الصراع بين السودانيين، ودخول السودان في الصراع الإسرائيلي-الإيراني، حيث يعتبر وجود السفينتين إعلاناً للعلاقة العسكرية بين السودان وإيران، وإصراراً سودانياً على التحول لدولة مواجهة مع إسرائيل (11).

خاتمة:

إن غياب استراتيجية عربية كلية ومتكاملة، وعدم وجود تنسيق أمني مشترك بين كافة الدول العربية، أدى إلى إحداث اختراقات خارجية إقليمية ودولية، في غير صالح الدول المخترقة، وفي غير صالح الأمن القومي العربي بالإجمال.

وتستفيد إيران من ذلك، عبر توسيع مجالات نفوذها بشكل دائم، بعد إطباق هيمنتها على بلاد المشرق العربي (العراق، سورية، لبنان). ونرى كيف أدت تلك التخلخلات إلى بروز القوة الحوثية المناهضة للدولة والمجتمع في اليمن، وإلى اضطرابات في أكثر من دولة خليجية عبر الأدوات الإيرانية فيها.

لن يتوقف المشروع الإيراني عن توسيع البيئات المستهدفة، والتي كان من أحدثها إعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، والتحضير لولوج المجتمع المغربي، بعد أن استطاعت تأسيس حاضن اجتماعي لها في تونس والجزائر. إذ تشكل الدول العربية في إفريقيا مرتكزاً إيرانياً يتم العمل عليه، ضمن غياب الرؤية الاستراتيجية العربية.

وليس السودان سوى حلقة ضمن هذا الامتداد، حيث سيتم توظيفه في مواجهة المجتمع السوداني لاحقاً، والدول العربية المحيطة به، وقاعدة دعم لميليشياتها، وخاصة الميليشيات الحوثية في اليمن، وتهديد أمن كل من مصر والسعودية كذلك.

عبد القادر نعناع

كاتب وباحث سوري

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

مراجع:

(1) النور حمد، “السودان وإيران: رحلة التقارب والمشهد العربي الراهن”، سياسات عربية (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد 1، مارس 2013)، ص 62.

(2) المرجع السابق، ص 64.

(3) المرجع السابق، ص 66.

(4) مصطفى فولي، “التغلغل الإيراني في السودان”، 27/2/2013، موقع الحملة العالمية لمقاومة العدوان: http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8361

(5) للمزيد حول مظاهر التغلغل الإيراني في السودان، انظر: حمدان الأشقر، “مظاهر تغلغل التشيع الإيراني في البلدان السنية: مصر، سورية، الأردن، السودان، وغيرها”، 27/10/2008، شبكة الدفاع عن السنة، في: http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=75146

(6) أحمد عز، “صواريخ إيرانية بالسودان .. الخطر الفارسي يدق البوابة الجنوبية”، موقع الحقيقة: http://www.haqeeqa.net/Subject.aspx?id=467

(7) مصطفى فولي، مرجع سابق.

(8) المرجع السابق.

(9) المرجع السابق.

(10) أحمد عز، مرجع سابق.

(11) نجلاء مرعي، “السودان: الساحة الجديدة للصراع الإسرائيلي-الإيراني”، الأهرام الرقمي، 1/3/2013:http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1243625&eid=11699

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق