آلاف السوريين يغادرون الأردن باتجاه الخطوط الأمامية

قام آلاف من السوريين اللاجئين في الأردن، والمقدر عددهم بـ 250 ألف لاجئ، بالعودة إلى بلادهم، في ظل الانكسارات القاتلة التي يتعرض لها النظام السوري، وذلك للانضمام إلى صفوف المقاتلين ضد قوات النظام.

حيث أفرغت مئات الشقق السكنية الآمنة وخيام اللجوء في المفرق وعدة مدن أخرى في الشمال الأردني، وذلك وفقا لناشطين سوريين ومسؤولين أردنيين.

وتحدث مسؤولون أردنيون رفضوا الكشف عن هويتهم، بأن ما يقارب 8000 سوري عبروا الحدود باتجاه سورية خلال 10 أيام الماضية وحدها.

ووفقا لناشطين سوريين في الأردن وسورية، فإن العودة المفاجئة تلك كانت نتيجة استجابة لدعوة طلب التعزيزات من المجلس العسكري للمقاتلين في أوائل ديسمبر/كانون الأول، وهي المنظمة التي تضم المنشقين عن الجيش النظامي، وتخوض حرباً دموية ضد القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.

وقد أكد الناشطون أن الاستجابة كانت أكبر لدى لاجئي الأردن، حيث حالت الميليشيات المؤيد للأسد في لبنان دون عودة مماثلة، فيما شارك العديد من اللاجئين السوريين في تركيا في الحرب.

ويرى ناشطون أن تلك الدعوات للتعزيزات، جاءت نتيجة امتداد الصراع لأشهر طويلة، وبلوغه مرحلة حرجة، مع اقتراب قوات المعارضة من قلب دمشق، واستيلائها على العديد من القواعد العسكرية، في مقابل محاولات هجوم مضاد لصد هذه القوات في حلب وجنوب مدينة درعا وريف دمشق.

ويرى أبو هاني الدرعاوي منسق الجيش الحر في درعا “الآن غدا الأردن المصدر الأول للقوى البشرية”، حيث استقبلت الكتائب الجزء الأكبر من العائدين من الأردن، ويقول أبو هاني “إننا ندخل الآن مرحلة المعارك النهائية، ونحن بحاجة لكل سوري قادر على الانضمام لنا”.

وأدت مطالب التجنيد تلك، إلى دفق مستمر من العائدين طوعا من مخيم الزعتري في الأردن، حيث سهل المسؤولون الأردنيون عودة السوريين العسكرية بحدود 150 شخصاً في اليوم، وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية. وقال أحمد الرفاعي وهو من سكان المخيم (25 عاما) بأن الجيش الحر قد دفع له ولاثنين من أبناء عمومته للعودة إلى الوطن والانضمام إلى المقاتلين. وقال “بتنا نشعر أن أيام الأسد الأخيرة قادمة”، وأضاف “نريد أن نضع أقدامنا على رقبة النظام يوم التحرير، لم يعد أحد يخشاه هنا في المخيم”.

بالإضافة لما سبق، والرغبة في القتال، يرى ناشطون أن مئات من العائدين من الأردن، هم أطباء وممرضون ومحامون ومهندسون، يتطلعون لإعادة بناء وطنهم رغم استمرار الصراع.

ويروي أبو أحمد معاذ، مسعف (44 عاما)، أنه فر من وسط مدينة دوما، بعد تعرضه للاضطهاد من قبل قوات النظام للاشتباه بتقديمه مساعدات للمتظاهرين، ولجأ إلى مدينة المفرق لمدة ستة أشهر، ليقضي وقته في معالجة الإصابات وإعادة تأهيل مئات المقاتلين من الجيش الحر الذين عبروا إلى الأردن لتلقي العلاج. فيما تم ترحيله يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول، ليعود إلى دوما، حيث تم تعينه فيها رئيساً للمسعفين من قبل الجيش الحر.

وعبر مكالمة هاتفية من دوما، يتحدث أبو أحمد “الكثير منا كان يعتقد أنه بالإمكان إحداث فرق من الأردن، لكننا كنا مجرد مراقبين للأوضاع كأي شخص آخر”، وأضاف “عندما يدير كل العالم ظهره لوطنك، ليس هناك من شيء تفعله سوى العودة إلى وطنك”.

لكن ومع الترحيب بهذه المساعدة، تبقى إمكانيات العائدين حديثاً محدودة عسكرياً، فالعديد منهم ليس لديه خبرات عسكرية سابقة، وآخرون كانوا قد غادروا الخطوط الأمامية منذ أشهر، ووجدوا أنفسهم متأخرين كثيراً وأنهم مطالبون بتكثيف أدائهم.

حيث يرى الدرعاوي “جميع العائدين بحاجة إلى أسبوعين على الأقل ليتأقلموا مع تكتيكاتنا الحالية واحتياجاتنا، وقد تصل هذه المدة إلى شهر حتى يتمكنوا من المساهمة حقاً”.

يتكرر النداء إلى المقاتلين منذ فترة طويلة، في حين يرى الدرعاوي أن “مزيداً من الأسلحة وليس الرجال، هو ما من شأنه أن يعطي المعارضة القدرة على إنهاء نظام الأسد، لكن في حين يغض أمن الحدود الأردني البصر عن المعابر الشمالية، إلا أنه يواصل تقييد حركة الأسلحة، إذ يقتصر العائدون على حمل الأسلحة الشخصية واللوازم الطبية الأساسية، وليس المدفعية الثقيلة ولا صواريخ أرض/جو التي يرى ضباط الجيش الحر أنهم بحاجتها لإسقاط النظام”.

ويقول مصدر أردني ضمن القوة العسكرية المرابطة في المنطقة الحدودية “إننا لن نمنع السوريين من حقهم في العودة إلى وطنهم، لكننا لن نسمح تحت أي ظرف من الظروف بتهريب الأسلحة عبر حدود بلدنا”.

ورغم ذلك، انتعشت آمال السوريين في الأردن، بعد المكاسب التي حققها الجيش الحر في الأسابيع الأخيرة، وبدأت تشكيل نقابات للمحامين وموظفي الخدمة المدنية تحسبا لمرحلة انتقالية بعد الأسد.

وقال نائب وزير النفط السابق عبدو حسام الدين للصحفيين في العاصمة الأردنية الأسبوع الماضي “لم يعد السوريون ينتظرون ما إذا كان النظام سيسقط ومتى، نحن نبحث في الفترة الانتقالية، وفيما يمكننا القيام به لبناء دولة ديمقراطية جديدة”، كما أعلن عن تشكيل الائتلاف الوطني الحر لعمال القطاع العام، وأضاف “رغم أن النظام لجأ إلى تدمير المنازل والمباني، إلا أننا نركز على بناء المؤسسات”.

ويرى العقيد أبو عبد الله محمد “أن الهجمات الأخيرة على مطار دمشق الدولي وعمليات الاستحواذ على مهابط الطائرات العسكرية الأخرى قد ألهمت 150 طيارا عسكريا منشقا في الأردن لتشكيل أول سرب من القوات الجوية تابع للجيش الحر، وهم على استعداد للعودة في حال إطباق السيطرة بشكل كامل على قاعدة جوية أو مطار، لوضع خبراتهم في خدمة الجيش الحر”.

ويروي محمد على غرار نظرائه المنشقين من القوى الجوية “طالما خططنا للعودة إلى القضية الثورية، لذا لابد أن نُستدعى”، ومن مقره في المفرق يضيف “والآن يجب علينا الإسراع في ذلك”.

تايلور لوك

ترجمة: عبد القادر نعناع

للاطلاع النص الأصلي:

TAYLOR LUCK, Thousands of Syrians leave Jordan for the front lines, 25/12/2012, The Independent: http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/thousands-of-syrians-leave-jordan-for-the-front-lines-8430996.html

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق