هل انقلب السيسي على روسيا التي تدعم إيران عندما جدد دعمه لعاصفة الحزم التي تقودها السعودية؟

اصطدم التحالف المصري الروسي بعاصفة الحزم، لقد أثارت تصريحات السيسي في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة المصرية، عندما قال بأن الجيش المصري لمصر وليس لأحد آخر جدلا واسعا عن فحوى تلك التصريحات خاصة بعد مواقفه السابقة وتصريحاته حول مسافة السكة بما يعني أن الجيش المصري جاهز للتدخل في أي وقت لرد أي خطر يتعلق بأمن الخليج.

تزامنت تلك التصريحات مع دعوة روسيا لمجلس الأمن الدولي لإعلان هدنة إنسانية وتعليق الحملة الجوية في اليمن، مع لجوء طهران إلى قابوس لمساعدتها في وقف الحرب باليمن، وهي الدولة التي نجحت في استضافت الحوار الأمريكي الإيراني حول التحضيرات فيما يتعلق بمفاوضات النووي الإيراني.

قدمت السعودية في مجلس الأمن مشروع قرار شاملا يتناول جميع القضايا المتعلقة باليمن، وهو مشروع يعالج جميع النقاط الإنسانية والسياسية، ولا ترى ضرورة لمشروع قرار روسي بشأن اليمن إذا لم ينسحب الحوثيون من صنعاء ومن المدن التي سيطروا عليها عندها يكون للحوار مكان لكنهم حتى الآن متعنتون.

كل الجهود التي تبذلها روسيا وحليفتها إيران تواجه بتصميم دول التحالف التي تقوده السعودية في الاستمرار في تنفيذ أهداف عاصفة الحزم خصوصا وأن دول عالمية تؤيد عاصفة الحزم.

حاولت روسيا تفكيك قوات التحالف لعاصفة الحزم التي تقودها السعودية معولة على الحلف الروسي المصري، لكن عقب اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري بقيادة السيسي استغرق أكثر من ست ساعات لاتخاذ موقفا واضحا أتى بعد زيارة رئيس أركان الجيش الفريق محمود حجازي الرياض استغرقت ساعات حضر خلالها اجتماع لرؤساء أركان عدد من الدول العربية في إطار تفعيل قرارات مؤتمر القمة العربية بإنشاء قوة عربية مشتركة تستهدف الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، بينما هناك مراقبين يرون أن القادة ناقشوا سير عمليات عاصفة الحزم.

في أقوى إشارة على عزم مصر توسيع مشاركتها في عملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية لدعم السلطة الشرعية في اليمن عندما جدد السيسي بقوله بأن مصر لن تتخلى أبدا عن أمن الخليج، بذلك أزال الرئيس المصري كل لبس، عندما قال بأنه شعر بأن هناك قلقا لدى الرأي العام في مصر تجاه المشاركة المصرية في حرب اليمن، واعتبر أن حماية الأمن القومي العربي لن تكون إلا بنا جميعا.

بذلك تتلقى روسيا ضربتين، الأولى كانت في القمة العربية في شرم الشيخ عندما علق وزير الخارجية سعود الفيصل على خطاب بوتين واعتبر بوتين هو من يدعم نظام الأسد بالأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا، بل ويحرم تصديرها القانون الروسي، وتلقت روسيا ضربة جديدة أخرى من حليفتها مصر بتجديد تعزيز تحالفها مع دول الخليج، وأن تحالف عاصفة الحزم غير قابل للتفكك.

تستفيد السعودية من الصراع الغربي الروسي عندما احتلت روسيا شبه جزيرة القرم واتجهت أوكرانيا بدورها نحو الفلك الغربي، لذلك نجد عدد من الدول الأوربية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا تؤيد عاصفة الحزم إلى جانب إعلان الولايات المتحدة مسؤولية الدفاع عن أمن دول الخليج.

عاصفة الحزم خدمت الدول الغربية في التوصل إلى اتفاق نووي إستراتيجي، في نفس الوقت أرسلت عاصفة الحزم عدة رسائل لإيران بأنها استطاعت إفشال سعي إيران لاتفاق يكرس نفوذها الإقليمي، وأن مصير مليشياتها في المنطقة سيكون نفس مصير مليشيات الحوثي في اليمن، كما أسقطت عاصفة الحزم حلم إيران في السيطرة على باب المندب، أو السماح لروسيا بموطئ قدم في المنطقة.

 لن تقبل السعودية والدول العربية العازمة على إنشاء قوة عربية مشتركة ببقاء مليشيات الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان وكذلك أي مليشيات من أجل أن تحل محلها جيوش وطنية لاستعادة الدولة الوطنية التي عبثت بها ثورات الربيع العربي واستباحتها المليشيات والجماعات، وأصبحت ساحة للصراعات الإقليمية والدولية وحرب بالوكالة.

لن تتمكن إيران من تعويض ملفها النووي بالتوسع الإقليمي، خصوصا بعدما تمكنت عاصفة الحزم من استعادة التوازن الإستراتيجي، وبناء تحالفات إقليمية، بعدما أثبتت عاصفة الحزم بأن التحالف العربي خرج من دائرة الانتظار إلى دائرة الفعل من أجل تحقيق أمنها الجيوسياسي، يمكن أن يقنع إيران بأن تتوقف عن دعم مليشياتها في المنطقة العربية.

انتفضت عاصفة الحزم ضد النزعة الإمبراطورية الساعية لاستعادة أمجاد فارس، أعادت صياغة معادلة موازين القوى في المنطقة، وجعلت الأمريكيين يعترفون بالدور العربي على خريطة الشرق الأوسط إلى جانب تركيا وإيران وإسرائيل بعدما كانت تستبعد الدور العربي.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق