مقابلة مع سعادة الأستاذ سعد بن عبد الله بن بيه، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحضارة والتنمية الموريتاني

تُشكِّل موريتانيا نموذجاً عربياً للتغير السلمي من داخل السلطة بالتعاون مع النخب الوطنية، دون أن تشهد اهتزازاتٍ مجتمعيّةً كبرى، تطيح بالدولة والمجتمع معاً، على غرار تلك التي انطلقت منذ نهاية عام 2010، مع ما سُمِّي بثورات الربيع العربي. وهو ما صان الحياة المجتمعية الموريتانية، وأتاح للحياة السياسية والمدنية أن ترتقي بذاتها وبمجتمعها، من خلال تفعيل أدوات هذا الارتقاء، سوءا من خلال إغناء الحياة السياسية بأحزابٍ تمتاز بالطابع الشاب، أصحاب القدرة والمصلحة الحقيقية في التغيير السلمي، أو لناحية تفعيل أدوات ومنظمات المجتمع المدني.

في هذا السياق، يأتي إطلاق حزب الحضارة والتنمية، بقيادة مجموعة من الكفاءات النخبوية ذات الخبرة الحقيقية في الممارسة السياسية من جهة، وفي التنظير الفكري للارتقاء بالمجتمع الموريتاني بشكلٍ خاص.

لذلك سعينا لأن نطلع القارئ العربي على هذا التطوّر الموريتاني، من خلال مقابلة أجريناها مع سعادة الأستاذ سعد بن عبد الله بن بيه، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحضارة والتنمية الموريتاني.

تحية طيبة لكم، ونشكركم على وقتكم الممنوح لنا لإجراء هذه المقابلة.

السؤال الأول: بدايةً، أين ترون موريتانيا في ظلّ فوضى الربيع التي لم يسلم منها مشرق ولا مغرب، وكيف استطاعت أن تنجو بذاتها، رغم تقاطع كثير من المعطيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لها مع دول الربيع العربي؟

العفو، بدوري أشكر موقعكم الأثير عندي.

لاشكّ أنّ موريتانيا لا تختلف كثيراً في أوضاعها الاقتصادية والثقافية والتاريخية عن محيطها العربي، غير أنّ التجربة السياسية للمجتمع الموريتاني قد تكون تجربةً مختلفةً تتّسم بقدرٍ من الحرية والانفتاح؛ فلم تعرف موريتانيا أنظمةً شموليةً بالمعنى الذي عانت منه بعض شقيقاتها.

كما أنّ سلمية المواطن الموريتاني المتأصِّلة فيه، لعبت كصمام آمنٍ من ركوب موجة التغيير العنيف. هذا طبعاً لا يعني أنّ بعض الجهات محدودة التأثير حاولت ركوب موجة هذا الصيف الدموي، وبمساندة جهاتٍ سياسية حاولت الاستفادة من التحول الدراماتيكي عربياً. لكنّ النخب العاقلة في موريتانيا حاولت تأمينها من خوض غمار تجربةٍ نتائجها غير مضمونة.

ولا يزال المواطن الموريتاني حتّى الآن، يعمل جاهدا لتجسيد أشواق التغيير والتقدم والازدهار، عبر الالتزام بمزيد من الممارسة الديموقراطية، رغم المعيقات البنيوية والعرضية التي تواجه مسيرته.

السؤال الثاني: يشكل إطلاق حزب الحضارة والتنمية، تطوّراً مهماً في الحياة السياسية والمدنية الموريتانية، فعن أيّ سياقٍ أتى إطلاق هذا الحزب؟ وما هي الإضافة التي تتوقعون أن يشكلها إلى قائمة الأحزاب الموجودة مسبقاً؟

ج: هذا سؤالٌ ينمّ عن وعيٍ بأهمية أن تنبثق الأحزاب كإجابةٍ عن سؤال؛ فلا شكّ أنّ أيّ حزبٍ جديد، مطروحٌ عليه وبقوةٍ سؤال تبرير وجوده، فالأصل في كلّ مبادرةٍ سياسية (سواءً أكانت حزباً أم حراكاً أم تياراً) أن تنشأ عن وعيٍ بمُشكِل. ولعلّ جوابنا على السياق العام يساعد الرأي العام الوطني -الذكي طبعاً- على إدراك العوامل الموضوعية لتحديث هذا الحزب –الذي كان موجوداً بالمناسبة– لرؤيته السياسية، وانتخاب قيادةٍ جديدة، وانخراطها في واقع الممارسة الفعلية.

على الصعيد الكليّ العام، وبناءً على فهمنا للفرصة التي يُتِيحها الموقع والتاريخ الحضاري والثقافي الخاصّ بموريتانيا، فضلاً عن الموارد والفرص المستجدة بفعل تطوّر العصر، فإننا نعتقد أن موريتانيا ليست في مكانتها الطبيعة والمتوقعة. وهو استنتاج من شأنه أن يدفع بالجميع، وخصوصاً النخبة، لتدارس سبب هذا الفوات التاريخي الذي تقبع فيه بلادنا، ومحاولة الخروج من نفق التخلف إلى سعة التقدم.

أمّا على مستوى الساحة السياسية، وما يجري فيها من الأحداث وما تعانيه، لهو سببٌ آخر يفسِّر تلك الدافعية التي امتلكناها للخروج بهذا الحزب، فهذه الساحة تعاني في المجمل من خمسة “أخلال” واختلالاتٍ محرِّضةٍ على البحث عن البدائل السياسية، وهي كما أشار بياننا السياسي الأول إلى بعضها:

أولاً: حالة “التمانع” التي تشهدها الساحة السياسية، حيث نلاحظ –وهو أمرٌ جليّ– دعوات “التلاغي” في سلوك الفاعلين السياسيين، بناءً على قراءاتٍ مجتزأةٍ للواقع، ومجانبةٍ للمصلحة العامة قطعاً. فمن بين الفاعلين من يعتبر أنّ هناك أزمةً دستورية، أو على الأقل يُروِّج لحالة الاحتقان السياسي، وهو ما جعله يبدو وكأنه غير معنيٍّ باحترام قواعد اللعبة الديموقراطية، محاولاً أن يفرض على خصومه اللعب منفرداً -رغم أنه لم ينجح تماماً في هذا المسعى-. وهذا “التمانع” هو ما ولّد حالةً من الاستقطاب السلبي، أصابت الكثيرين بالسأم من المنحى الراديكالي الذي تنتهجه مختلف أطراف العملية السياسية؛ وهو ما أثر بدوره في قواعد اللعبة السياسية، وانعكس سلباً على سير المؤسسات السياسية في البلد.

السؤال الثالث: ما بين المؤسَّسات وبِنيَة الدولة كأساس، في أيهما يقع الخلل الذي تستهدفونه؟ بمعنى: هل ترون أنّ الدولة الموريتانية باتت في أزمةٍ قد تودي إلى عجزها، أم أنّ ذلك قائمٌ في المؤسَّسات، وخاصّةً الوسيطة منها، مؤسَّسات المجتمع المدني والأحزاب؟

عموماً، يمكننا أن نتحدث عن تأثر سير بعض المؤسسات السياسية في البلد، وليس سير الدولة التي لم تتوقف يوماً. الإنصاف يقتضي القول بأنّ موريتانيا (الحمد لله)، لم تشهد –مثلاً– ما وقع في جمهورية مالي -المجاورة-، ولا بوركينا فاسو، أو بعض البلاد الأخرى، من عجز الدولة في أحد مجالاتها السيادية. والخطأ الذي وقع فيه من يرى أو يروّج لحالة “توقف الدولة”، ناتجٌ حتماً عن خطأٍ في التحليل –إذا نفينا سوء النية-، إذ يخلط بين الحالتين (سير المؤسسات، وسير الدولة)، وهو ما سهّل على السلطة الكشف عن ضعف الخطاب المعارض.

ثانيا: هناك سمةٌ أخرى إلى جانب “التمانع”، وهي ظاهرة الاحتقان داخل المؤسسات الحزبية، وهو ما يترجمه انسداد الأفق أمام الأجيال الصاعدة داخل هذه الأحزاب، حيث يغيب التداول على المناصب القيادية فيها. وللمفارقة، نحن شاهدنا هذا المشكل في كلّ فعاليات المجتمع الأخرى: من اتحاداتٍ ونقاباتٍ مختلفة. وهو ما يشي بضعف الروح الديمقراطية داخل الأحزاب وغيرها، الأمر الذي جعل هذه الهيئات عبارةً عن “أحزاب شخصيات”، فليس غريباً أن تسمع حزب فلان أو فلان، وفلان هذا قد يتربّع على قمة الحزب لعقود، ولا يكفّ عن المطالبة بالتداول على السلطة والتغزل بمحاسن النظام الديمقراطي.

ثالثاً: هناك سمةٌ لا تقلّ خطورةً عن السمات السابقة –وأدّت فعلاً لخلط الأوراق، بل ونزع غطاء المصداقية عن بعض الأحزاب السياسية-، وهي المراهنة الواعية أو غير الواعية على الحلول غير الديموقراطية: كالانقلابات والثورة.

رابعاً: فشل –حتى لا نقول إفشال– مؤسسات المجتمع المدني، واختراقها من قبل البنيات التقليدية، وهو ما جعلها -هذه الهيئات- تفشل في المعاونة والمساعدة الموازية في المجال العمومي، لكنّ النتيجة الأبرز والأخطر هي جعل اللعبة السياسية تقع خارج الأحزاب.

خامساً: ارتهان النخب السياسية للأجندات الخارجية، حتى في الأوقات العادية، والتي لا نمرّ فيها بأوضاعٍ استثنائية تهدِّد جوهر وسير النظام الدستوري، وتتطلّب طلب المساعدة من المجموعة الدولية (على غرار ما حدث عام 2008 مثلاً)، طبعاً نحن نفهم مدى التداخل بين الوضع الداخلي والخارجي، لكن في تقديري، يجب العمل على تحييد العامل الخارجي من التأثير في سياساتنا الداخلية، دون أن تعني هذه القراءة اتّخاذ موقفٍ حديٍّ ولا عقلانيٍّ في علاقتنا مع الخارج.

سادساً: نعرف مدى التداخل بين الحركة المطلبية في المجتمع والوضع السياسي، ونحن كفاعلين سياسيين نلاحظ -أحياناً– انتهاج مواقف سلبية من هذه الحركات، خاصةً حين تعمد الدولة إلى تبني سياسةٍ ليبراليةٍ شديدة الوقع –بدعوى الواقعية والحذر من تسييس هذا الحراك– فتترك بين الذئب والشاة أي بين رأس المال والعمال، ولاحظنا هذا في مختلف الأزمات العمالية الفائتة.

 

السؤال الرابع: ممّا تفضلتم به في جوابكم السابق، هل لنا أن نطّلع على برنامج عملكم لمواجهة تلك الأزمة البنيوية في الهيكلية المؤسّساتية لمنظمات المجتمع المدني والأحزاب الموريتانية؟ وهل ستنفردون به، أم أنكم في منفتحون على كافة المكوّنات السياسية الأخرى؟

لا يمكن لجهةٍ واحدةٍ أو حزبٍ واحد، أن يدّعي امتلاك حلّ المعضلات، وإنما يمكن البحث عن دور، وبذل مجهود، إلى جانب المجهودات الأخرى التي نعتقد بوجودها، وإن كانت محدودةً ومحاطةً بالكثير من اللغط. ففي مثل هذا الواقع العنيد، والذي سيجعل الدولة والمجتمع يفقد الفرصة للحاق بالمستقبل الذي يأمله الشعب الموريتاني، يحاول حزبنا أن يعمل ويدفع باتجاه تنمية الثقة وبنائها، ليس بين أطرافٍ معيّنة –فنحن لا نقدّم أنفسنا كوسيط–، وإنّما في الساحة السياسيّة عموماً، والتي تمرّ بظرفٍ دقيقٍ له آثاره الانعكاسية على الأوضاع العامة للبلد. كما أنّنا نعمل جاهدين على تطوير الأداء الحزبي، خاصة في البعدين: الفكري من خلال تنمية الوعي ورفع مستوى النقاش العمومي، حتى لا يبقى العمل الحزبي عملاً منبت الصلة عن أيّ أساس فكري عميق وحقيقي، كذلك تجاه المجتمع، وربط العمل السياسي بخدمة المجتمع، وهذا المجهود هو ما من شأنه أن يُعِين على كسب الرهان التنموي الذي نطمح إليه.

يبقى التحدي أيضاً متعلِّقاً بالعمل على تفعيل الديموقراطية في كل مستويات المجال السياسي والاجتماعي، وإشاعة ثقافة التداول والتناوب داخل الهيئات المختلفة، وإدانة شخصنة الأحزاب.

أمّا التحدي الأبرز، وهو من صميم استراتيجية عملنا السياسي: هو محاولة إعادة السياسة للمواطن واسترجاع المواطن للسياسة. فلابدّ أن نقضي على أسباب عزوف المواطنين عن المشاركة في الشأن العام، خاصة تلك الفئات المهمّشة والتي لا تحوز أدوات التأثير الحقيقي على القرار، خاصة فئة الشباب التي هي فئة استراتيجية، وتمثِّل مادةً للتغيير الحقيقي، والتي تعرضت للاستغلال من الساسة والسياسيين، دون أن يُشرَكُوا بشكلٍ فعليٍّ وحقيقي، في تصوّر وتنفيذ ما يرونه مناسباً للإقلاع بالبلاد من وهدة التخلف. فهم الأقدر؛ لما يحوزنه من الكفاءة والتعامل مع أدوات العصر، ليمثّلوا قوة تغيير آمنة وناجحة، تعبر بالبلاد إلى الرقي والازدهار.

ولاشكّ أنّ من الأوليات التي نناضل ونعمل من أجلها، هي الدفع بالحوار الاجتماعي، وتحمّل الجهات المعنية مسؤولياتها تجاه قوة العمل، والتجاوب مع المطالب المشروعة لتحسين أوضاع العمال، بل وتبني سياسة اجتماعية تزيح عن كاهل المواطن والأسرة الموريتانية –وعلى أساس اقتراح سياسات عامة وتدابير محددة– أثقال تكاليف التعليم والعلاج والنقل والأسعار والسكن … إلخ.

 

السؤال الخامس: وكيف تنوون إحداث هذه المشاركة، وتفعيل الديموقراطية، أو ما أسميتموه “إعادة السياسة للمواطن، واسترجاع المواطن للسياسة”؟

على المستوى النظري –دعني أقول الفلسفي– يدعو الحزب للقيام بأعباء البناء الوطني، إلى تبني فكرة “تحالف النخب”، ففي ظلّ أزمة وفشل قنوات التنشئة الاجتماعية والسياسية -المعتادة- داخل المجتمع والدولة، من أسرة ومدرسة وجامعة وأحزاب …إلخ، لا يمكن الحديث عن “صناعة للنخب”، وإنما لا مناص –حسب وجهة نظرنا– من تحالف النخب القائمة الثقافية الفكرية والسياسية والدينية والمالية …إلخ، وذلك من خلال التعارف –بالمعنى الفلسفي الواسع–، وتعبئة مواردها، والانتظام والتحرّك صوب تحقيق وإعادة تعريف وترميم المشروع الوطني في النهوض والبناء التنموي والحضاري.

وعلى المستوى العملي، فإنّ الحزب يمكنه التذرّع بمجموعةٍ كبيرةٍ من الأدوات الفكرية والثقافية والتنظيمية، وحتّى المادية المتاحة. فالتطورات الحديثة في الإدارة تبشِّرنا بإمكانية إدارة النشاط بكفاءة وإن بموارد شحيحة، ولن ندَّخر جهداً في ابداع المنهجيّات التي تحشد للتغيير والإصلاح في بلدنا.

 

السؤال السادس: أطلقت الرئاسة الموريتانية دعوة مفتوحة للحوار مع كافة القوى السياسية في البلاد، كيف تنظرون إلى هذه الدعوة، وأين ترون أنفسكم منها؟

هذه قضايا هامة جداً، ويتعلّق بها ويترتب عليها الكثير من القضايا الأخرى، كما ترى ذلك هو وضع الساحة السياسية، التي تشهد مستوياتٍ من التأزّم الذي نتمنّى أن يمثِّل فرصةً لتحسّن الأوضاع العامة في البلاد. في هذا المجال، تأتي طبعاً الدعوة للحوار من السلطة -لتحدث المفارقة، ويتمنّع بعضٌ من المعارضة، فالعادة تقتضي طلب المعارضات للحوار وتمنّع السلطات غالباً– هذا ما كنّا نلحظه دوماً.

وعلى كلّ حال، فنحن نرى في الحوار وبشكلٍ مبدئيٍّ قيمةً سياسية، قد يتوقّف عليها حلّ الكثير من المشكلات في الساحة الوطنية، فنحن مبدئيّاً مع الحوار، وإن كنّا نرى أنّ مشكل الحوار هو بناء الثقة، وهو ما يستلزم البعد عن شخصنة المجال السياسي.

الأمر الثاني: إذا تلقينا دعوة لهذا الحوار، فسنعمل على التأثير في مجرياته ومضامينه، لما نعتقد أنّه الأفضل، وهو أن يكون الحوار في جزءٍ منه حواراً تنموياً يعتني بالقضايا الحيوية للمواطن.

ونحن عموماً، سنعمل أن يبقى الحوار داخل ثوابت أسس النظام الموريتاني، ولن ندَّخر جهداً في العمل على تطوير متطلّبات الديمقراطية الموريتانية.

 

السؤال السابع: هل تسعون من خلال نظريتكم التحديثية للدولة الموريتانية إلى تغيير الدستور أو إدخال تعديلات جذرية عليه؟

نحن لن ندعم أي مجهودٍ أحاديٍّ لما من شأنه تغيير جوهر نظامٍ ارتضاه الشعب الموريتاني، وأيّ تعديلٍ أو تغييرٍ يمكن أن يحدث حين يكون معقول الأسباب والغايات، ولكن “بالتوافق” وبرضا الشعب الموريتاني. مع العلم أن الأهداف المعلنة للحوار لم تتطرّق لشيءٍ من هذه الفرضيات، وفي النهاية، لا زالت السياسة وفيّةً لتعريفها لكلاسيكي أنها “فعل الممكن”.

 

السؤال الثامن: من أبرز الإشكاليّات المجتمعيّة التي تختصّ بها موريتانيا عن غيرها من الدول، إشكالية الرقّ، كيف تنظرون إلى آليات اجتثاثها من المجتمع الموريتاني، والانتقال به إلى حالة المساواة التامة في المواطنة؟

يجب أن نعرف أن موضوع الرق حسم في موريتانيا، فقد أصبحت محاربته وتحريمه “إجماعاً وطنيا”، وغنيٌّ عن القول أنّ حزبنا يثمِّن هذا الإجماع ويلتزم به، فالشريعة الإسلامية والقوانين الموريتانية التي تمثِّل هذه الشريعة مصدراً لها ومبادئ حقوق الإنسان، كلّها تجرّم ما من شأنه أن يحطّ من كرامة وحرية الإنسان. ونحن ندعو أن يتم تنظيم وتأطير دور المجتمع المدني فيما يتعلق بهذا الموضوع؛ لأهميّته وانعكاساته الخطيرة على الوئام المجتمعي. ونشدد على ألّا أحد يحقّ له أن يلعب دور الدركي ليفتات على الدولة بالتسور على المجال الخصوصي للمواطنين، ونأكّد على الخطورة الكامنة من اتّخاذ هذا الملفّ ورقةً سياسيةً يستقوى لصالحها بقوى خارجية معينة، أو داخلية قد لا ترغب في العيش السعيد لأبناء الوطن الواحد، كما ندعو الدولة لبذل مزيدٍ من الجهود التنموية لإزالة الآثار الناتجة عن هذه الممارسة التاريخية المشينة، وتتبّع أيّة حالةٍ جديدةٍ لا تحترم القانون في هذا الشأن، وليس هذا الدور إلا للدولة وحدها، المناط بها إنفاذ القانون.

ختاماً، نشكركم جزيل الشكر على ما تفضلتم به، وعلى الوقت الذي منحتمونا إياه.

شكرا لكم.

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق