عاصفة الحزم تحشد أبناء العرب لمناصرة الأحواز

يجسد تأكيد رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز أن “قوة القضية الأحوازية تأتي من قوة العرب”، إشارةً جليّةً إلى أنّ عاصفة الحزم قد أعادت الروح العربية في الجسد العربي ثانية. ويتّضح جلّياً حجم الارتباط العضويّ بين قضيّة العمق العربيّ والقضيّة الأحوازية التي حرص أبناؤها دائماً على أن تتوافق تطلعاتهم ونضالهم الرامي لتحرير الأرض والإنسان، مع الرغبة العربية الصادقة لأبناء الخليج العربي، شعوباً وحكومات، في لجم المدّ التوسعي الطائفي الإيراني، لما لهذه المنطقة -الخليج العربي- من أهميةٍ قوميةٍ كبرى في مفهوم الأمن القومي العربي.

وفي ظلّ هذا التصور الذي يستمِدّ شرعيته من تطلعات الشارع الأحوازي، عقدت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز مؤتمراً تحت عنوان «تسعون عاماً من النضال الدؤوب للتحرّر من الاحتلال الإيراني» في مدينة لاهاي الهولندية، وحضر هذا المؤتمر لفيف من خيرة أبناء العرب من إعلاميين وكتّاب ومحامين ومفكرين وبرلمانيين وساسة، من كافة الأقطار العربية. وما ميّز هذا المؤتمر، ذاك الحضور اللافت للشخصيات الخليجية بمشاربها السياسية والفكرية المختلفة.

حيث عُقِد المؤتمر في يومي 18-19 نيسان/إبريل لعام 2015، في ذكرى حدثين مفصليَّين في التاريخ السياسي الأحوازي. ألا وهما، ذكرى الاحتلال الفارسي للأحواز في الـ 20 من شهر نيسان/إبريل لعام 1925 هذا أولاً. وثانياً، ذكرى الانتفاضة النيسانية التي اندلعت في 15 نيسان/إبريل لعام 2005 على إثر الوثيقة التي عرفت بـ “وثيقة أبطحي” الرامية لتهجير السكان العرب. كما أتى انعقاد هذا المؤتمر في ظلّ تطورات سياسية مهمة في منطقة الخليج العربي، وظهور تحالف عربي قوي، شكَّلت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصرية العربية قوامه، باعثاً روح الأمل أكثر من أي وقت مضى.

ومن أبرز ما قُدِّم في هذا المؤتمر، كلمة حبيب جبر الكعبي، رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، التي أتت متضمِّنة في طياتها عتاباً أخوياً، وتأكيداً على عمق الانتماء العربي للأحواز، قائلاً: “إنّ حضور أيّ إنسان عربي ومشاركته لنا في مناسباتنا الوطنية، بغض النظر عن مكانته ومدى تأثيره في الواقع، فإنّنا نعتبر مشاركته نصراً كبيراً لنا ولقضيتنا، ودعماً معنوياً سيزيدنا بالتأكيد قوةً ومنعة”. فهذه القناعة من قادة الأحواز لعمقهم العربي تؤكد انتماء أهلّ الأحواز للأمة العربية، وما احتلال الفرس لهذه الأرض، إلا سحابة صيف كانت بفعل فاعل، وستمضي.

وفي إطار التلازم بين المسارات النضالية العربية، وخاصة تلك المتصدِّية للتمدّد الإيراني، أتى تأكيد جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني السوري على “أنّ الشجاعة الفائقة والتضحيات التي يدفعها السوريون والأحوازيون كبيرة جداً، وإنّني باسم السوريين أوجّه من هنا الشكر للشعب العربي الأحوازي”. وأضاف صبرا قائلاً: “إنّ تسعين عاماً من الاحتلال الفارسي الغاشم لم تزد الأحوازيين إلا عزة وشموخاً، أيها الإخوة الأحوازيين معركتنا مع الفرس صعبة وشاقة … وإنّني أرى أنّ انتصار الشعب السوري هو مقدمة لانتصار الشعب العربي الأحوازي …”.

وفيما عانت وتعاني مملكة البحرين من تدخّلات إيرانية ما انفكت تتوالى، أكّد عبد الله بن عويل، رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان البحريني في كلمته على أنّ “القضية الأحوازية من القضايا ذات الحزن والشجن في النفوس، وأن جرائم نظام الملالي في إيران والعراق وسورية وغيرهما …  تثبت وحشيته وطغيانه …”.

وكان للقضية المركزية العربية الكبرى (فلسطين)، حضورها الجلّي في هذا المؤتمر، من خلال مأمون الرشيد، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي قال في كلمته “نحن من يعرف معنى الاحتلال، نحن من يقدر ويعرف ما تعانون منه بسبب الاحتلال الفارسي. إنّنا في فلسطين معكم، وسنبقى دوماً حاملين للراية …”.

كما شدّد دوخي الحصبان، نائب أمين عام المحامين العرب على أنّ “قضية الأحواز قضية عادلة، ويجب أن نسعى جاهدين لنحقق الحقوق، يجب أن ننصر كل قضية عادلة في العالم، فما بالكم بقضية الأحواز التي هي قضيتنا…”.

وتحدثت الدكتورة رلى الحروب، النائبة في البرلمان الأردني عن صعوبة صراع الأحوازيين مع الفرس، مؤكدة على أن “أبناء الأحواز قاوَمُوا سياسات طمس الهوية القومية، واعتقد أن نضال الأحوازيين سيطول، حيث إنّ منطقة الأحواز تشكل ثروة طبيعية لن تتخلى عنها إيران إلا ببحور من الدم والنضال الطويل …”.

وقد ربط راشد الفايد -السياسي اللبناني المخضرم، وعضو المكتب السياسي لتيار المستقبل اللبناني- بين القضية الأحوازية وعاصفة الحزم، على اعتبار أنّ “عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية اليوم هي فرصة كبيرة للقضية الأحوازية كي توسع دربها إلى كلّ بيت عربي …”. كما أشار الفايد النهج الذي تعتمده إيران في المنطقة العربية، سواء بشكل مباشر، أو عبر وكلائها: “اعتمدت طهران زعزعة الجوار الإقليمي، متلطية بشعار تحرير فلسطين، وراية الإسلام “الموحد”، فيما غذت المذهبية الدينية، بعدما صار للأصولية دولة مع نظام الملالي، وما تجربة “حزب الله” في لبنان إلا مصغر للتجربة الإيرانية، بدءا بـ “إزالة” الحلفاء، وتهميشهم، ثم التفرد بالقرار، وبعد “ضبط” الداخل، يأتي دور التخريب في الإقليم”.

وتتالت الكلمات التضامنية التي شدّد فيها المؤتمِرون على لزوم دعم القضية الأحوازية العادلة، في كافة المحافل السياسية والدولية والقانونية، ونشلها من النسيان، وتأكيدهم على أحقية هذه القضية العربية، مطالبين الحكومات العربية بدعم الأحواز وقواها السياسية، في مسعاهم للتحرر من الاحتلال الإيراني. وختم هذا المؤتمر أعماله بجملة من التوصيات، ومنها:

أولاً: العمل الجاد على تسهيل تعاطي الإعلام العربي مع القضية الاحوازية.

ثانياً: وجوب أن تحظى القضية الأحوازية على الاهتمام الكافي من الناحية القانونية عبر المؤسسات العربية المختصة.

ثالثاً: اتخاذ الأجواء العربية الإيجابية الناتجة عن عملية عاصفة الحزم، والعمل على جعلها نقطة انطلاق لبناء المشروع العربي المتكامل لحماية الأمة ومقدراتها.

رابعاً: إيجاد فرص دراسية في الجامعات والمعاهد العربية للطلاب الأحوازيين، وفتح مجالات العمل للجاليات الأحوازية في البلاد العربية.

جمال عبيدي

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق