تهالك النظام السوري جغرافياً وتهاوى مناطقياً .. ولكنه لم يسقط بعد

أصبحت نسبة كبيرة من الأراضي السورية محرّرة أو غير خاضعة لسيطرة النظام الأسدي على أقل تقدير، وزمن الاقتحامات والمداهمات للقرى والمدن السورية ولّى إلى غير رجعة، بل على العكس تماماً، بات الجيش السوري في موقع المدافع أكثر منه مهاجماً، ورأس النظام لم يعد بإمكانه التجّول في أي حارة أو حي دمشقي أو حتى مغادرة القصر الرئاسي إلا ما ندر، وخطاب القسم الرئاسي في القصر الرئاسي بدلاً من أن يكون تحت قبة البرلمان لهو خير دليل على ذلك، واللعنات والمسبّات على النظام وحكومته تنهال عليه من كل حدب وصوب في أوساط المؤيدين والجيش السوري قبل المعارضين والمعارضة المسلحة.

بإمكان النظام أن يرسل طيرانه وطحينه وكهربائه ومياهه إلى قرى وبلدات نائية في الأراضي السورية، ولكن ليس باستطاعته أن يدير حكم هذه المناطق أو يبسط سيطرته ونفوذه عليها، وتكاد محافظات المنطقة الشرقية الثلاث الرقة والحسكة ودير الزور أن تخرج عن نطاق حكمه لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، وليس له من حكم درعا وريف دمشق وإدلب وحماة وحلب إلا ما هو تحت أقدام رجالات جيشه وميليشياته الطائفية، إن لم تصلها قذيفة هاون أو سيارة مفخخة أو مدفعية جهنم أو جحيم باختلاف أنواعها، أو إن لم تكن محاصرة أو قادمة على تحرير أو تفجير.

تبقى اللاذقية وطرطوس أهم معاقل النظام، وأجزاء من حمص وحماة، وهي تُدار وتُحكم من قبل عصابات النظام وشبيحته وليس من قبل كيان سياسي له شرعية شعبية، ويدير النظام أمور حكمه في السويداء من خلال استرضاء رجالات دينها ووجهائها، وإعطاء مزايا لأبناء هذه المحافظة “ذات الغالبية الدرزية”، دون أن تصل إدارته إلى مستوى حكم هذه المحافظة.

أمّا العاصمة دمشق فلها خصوصية خاصة، فالنظام من خلالها يحافظ على شكله كنظام بوجود برلمان ومجلس وزراء وهيئة أركان وكلها هياكل شكلية، لا سيما في ظل ما توارد من معلومات عن وصول قوات الثوار إلى أبواب دمشق وساحة العباسيين وجوبر وجرمانا، وأزيز رصاصهم يصل إلى مسامع ”مختار المهاجرين” الذي يحاول أن يصمّ أذانه عن سماع أصوات الرصاص ورشقات الهاون، مفضلاً العيش في عالمه الخاص والانفصال عن الواقع.

تبقى المطارات عامل قوة بيد النظام ـو10 ضربات من التحالف قد تحسم الأمرـ، ولكنّ أغلب المعابر الحدودية خرجت عن سيطرته، وبات معروفاً أن السياحة شُلّت، والتجارة تكاد تكون توقفت، والزراعة تعطلت، ومعظم المعامل أُغلقت، والليرة السورية تدهورت، وحقول النفط والغاز اغتصبت، والكهرباء والماء صارت من أحلام السوريين، فعلامَ يُراهن أزلام النظام وأي معجزة ينتظرون؟؟

عبد الكريم عنكير

خاص بمركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

الوسم : سورية

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق