بِرِداءٍ أحوازي: المخابرات تستهدف المقاومة

منذ فترة انطلقت حملة تحت اسم «لا لإطلاق النار في المناسبات»، ولحد الآن لم تعرف الجهة الحقيقية التي تقف وراءها، بالرغم من محاولات إلصاقها ببعض من عامة الناس. يتخذ أصحاب هذه الحملة من بعض ضحايا إطلاق النار حجة لهم لترويج حملتهم المشبوهة ضد اقتناء السلاح وتعلم استخدامه من قبل الأحوازيين.

 تجاهل أصحاب هذه الحملة كل مصادر القتل في الأحواز، ألا وهي: المخدرات، والبطالة، والفقر، وتسلط الشرطة والأمن وتكثيف وجود الحرس الثوري والباسيج، إضافة إلى المستوطنين اللر. هذا عدا عن عشرات المصادر الأخرى التي تفتك بالشعب العربي الأحوازي، وركزوا على سلاح المواطنين الأحوازيين فقط.

ما يثير الريبة والخوف ليس فقط هوية أصحاب الحملة غير المعروفة، بل توقيت الحملة وغاياتها الراهنة والمستقبلية الغامضة. تأتي هذه الحملة المشبوهة في سياق تجريد الأحوازيين من السلاح، ووضعه تحت سيطرة الاحتلال الفارسي بينما رجال الاحتلال والمستوطنون يمتلكون أنواع السلاح والعتاد بدعم وغطاء رسمي وأمني.

من المفترض ألا ننظر إلى هذه الحملة منفصلة عن مشاريع العدو الفارسي في الأحواز، بل يجب علينا ربطها بمشاريعه الأمنية والسياسية، كي نصل لاستنتاج منطقي، ونقف عند أهداف أصحاب هذه الحملة. فقبل سنوات، وأيضاً قبل فترات ليست ببعيدة، صرّح العديد من رجالات الاحتلال الفارسي وقادة أمنه في الأحواز، حول ضرورة تسليم الأحوازيين سلاحهم للدولة، والكف عن إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية، رابطين انعدام الأمن بسبب انتشار السلاح في الأحواز. بالإضافة إلى محاولات رسمية لجمع سلاح الأحوازيين، وفرض عقوبات مشددة على من لم يسلم سلاحه. ثم أتت بعد ذلك هذه الحملة، واتخذت من الحفاظ على أرواح الأحوازيين حجة لها، واستغلت حالات قتل غير مقصودة، كي تستهدف من يملك السلاح أو يستخدمه في مناسبات اجتماعية.

في الواقع، هذه الحملة لم تطلق من أجل الحفاظ على أرواح الأحوازيين والحد من ضحايا إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية، كما يزعم أصحابها. وإلا لماذا لا يطلقون حملة شعبية مماثلة ضد مصدر قتل الأحوازيين؟، ألا وهو إطلاق النار المتعمد من قبل الشرطة والأمن ضد الأحوازيين العزل وأطفالهم، ولماذا لا يطلقون حملات شعبية أخرى ضد مصادر قتل الأحوازيين مثل البطالة والفقر والمخدرات وأصحابها؟

الأحوازيون يملكون السلاح منذ عشرات السنين، ويستخدمونه في مناسباتهم الاجتماعية، مثل سائر البلاد العربية، التي ما زالت فيها القبائل والعشائر محافظة على وجودها الاجتماعي، ولم تتبع نمط حياة الحضر. لذلك فإن إطلاق النار في المناسبات يعد جزء من ثقافتها وعاداتها العربية، ولا يمكن أن نتخلى عنه بحجة اصطنعها الاحتلال الفارسي وروجها أتباعه.

ومن يظن أن هذه الحملة أتت حفاظاً على أرواح الأحوازيين، عليه أن يسأل نفسه: أيعقل بين ليلة وضحاها، أن يصبح امتلاك الأحوازيين للسلاح خطراً على أرواحهم؟، وأن تصبح أرواح الأحوازيين غالية على الاحتلال الفارسي حتى يتم إطلاق هذه الحملة؟

كل هذا يمكن تفهمه، ما دمنا نعيش تحت الاحتلال الفارسي، والمخابرات تسرح وتمرح في الأحواز، بيد أن المفارقة تأتي عندما يحاول بعض من المحسوبين على الشعب الأحوازي، تجريد الأحوازيين من سلاحهم وتسليمه للاحتلال، بل ومنعهم من تعلم استخدامه، والقضاء على ثقافة حمل السلاح وإطلاق النار، في وقت تسعى كل الشعوب التي تعيش صراعات مع الاحتلال -مثل حالنا- لاقتناء السلاح  وتخزينه وتعلم استخدامه بكيفية عالية.

بدون أدنى شك، حملة «لا لإطلاق النار في المناسبات»، تخدم مصالح الدولة الفارسية، وتسعى لتجفيف منابع المقاومة الوطنية الأحوازية -ثقافة وسلاح-، وتقف وراءها المخابرات الفارسية. فيما يروجها العملاء والانتهازيون، ثم يعيد ترويجها قصيرو النظر والجهلاء.

لذلك من الضروري ألا ننجرف وراء أصحابها، أو أن ونؤيدهم دون معرفة تفاصيلها الكاملة وتأثيراتها في القضية الأحوازية، بل يجب علينا أن نتصدى لها ولأصحابها.

إبراهيم الفاخر

كاتب وبابحث أحوازي

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق