الشارع الإيراني ونتائج اتفاق روحاني

ظهر روحاني وحكومته بعد الاتفاق النووي الذي تم في نهاية العام المنصرم مع الدول الغربية منتصراً رافعاً راية النصر!!، غير إن الواقع كان غير ذلك كلياً، حيث يمكن القول إن الاتفاق النووي الذي حصل في 24 نوفمبر من العام الماضي كان بمثابة إذلال حقيقي لنظام الملالي في طهران،

ظهر روحاني وحكومته بعد الاتفاق النووي الذي تم في نهاية العام المنصرم مع الدول الغربية منتصراً رافعاً راية النصر!!، غير إن الواقع كان غير ذلك كلياً، حيث يمكن القول إن الاتفاق النووي الذي حصل في 24 نوفمبر من العام الماضي كان بمثابة إذلال حقيقي لنظام الملالي في طهران، وتجلى هذا الإذلال في الأيام الماضية عندما شاهد العالم بأسره صفوف المواطنين الذين امتلأت شوارع الجمهورية الإسلامية ومدنها بهم لعل وعسى يحصلون على المعونات الغذائية التي خصصها رئيس الجمهورية حسن روحاني وحكومته “حكومة الأمل والاعتدال”، وسميت هذه المعونات بالسلة الغذائية والتي لا يتجاوز سعرها الـ 25 دولارا للعائلة الواحدة. هذه الهبة الحكومية التي خصصتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمواطنيها كشفت زيف هذا النظام الجائر والظالم الذي يتلذذ بقتل الشباب العربي الأحوازي المتعلم والمثقف خوفاً منه ذات يوم قد يتمكن هؤلاء الشباب وزملائهم من الشعوب الأخرى في جغرافيا ما تسمى إيران الحالية من سحق عرش الملالي وأذنابهم في أوطانهم التي اغتصبت في بداية القرن المنصرم.

شاهد العالم اجمع كيف تتصارع جموع المواطنين الإيرانيين، وخاصة في العاصمة طهران، والتي يتركز فيها 80% من مجمل الإمكانيات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية للحصول على المكرمة التي عرفت في الشارع الإيراني بـ”سبد كالا”، والتي تعني بالعربية بـ “السلة الغذائية”، وتحتوي هذه السلة على دجاجتين، ومن بيض الدجاج 24 بيضة، و10كيلوات من الأرز الباكستاني، وعلبتين من الجبنة ما يعادل 400 غرام، وكذلك علبتين من الزيت ما يعادل 810 غرام. هذه المشاهد التي تناقلتها معظم الصحف داخل وخارج حدود الجمهورية الإسلامية كانت كالصدمة على أبواق إيران من العرب، كما كانت خير دليل للمواطن العربي الذي خدعته الشعارات الرنانة طوال هذه السنوات من عمر النظام الطائفي في طهران، وإن الأنظمة الشمولية والدينية المتوحشة لا يمكن أن تبني مستقبل البلدان وتطلعات الشعوب في العيش الكريم.

والفاجعة الحقيقية التي ظهرت يوم أمس بتاريخ 3/2/2014 من خلال التقرير الذي عده موقع وكالة فارس للأنباء التابعة للحرس الثوري “خبرگزاری فارس” ومقرها العاصمة طهران عن وضع الشارع الإيراني الذي غطته جموع المواطنين في طهران والمدن الرئيسية الأخرى، حيث جاء في هذا التقرير “إن عدد المواطنين الذين اتصلوا  في اليومين الماضيين عبر الجوال من خلال خدمة الرسائل على الجهات المعنية لمعرفة الـ” كد” الذي يتمكنوا من خلاله الحصول على “الـسلة الغذائية” (سبد كالا) تجاوز الـ 12 مليون اتصال، وهذا الأمر في غاية من الأهمية حيث هذه السلة خصصت للعوائل الفقيرة والمحتاجة وأصحاب الدخل المحدود فقط، وإذا حددنا كل عائلة تتشكل من أربعة اشخاص، فإن عدد المواطنين الإيرانيين الذين هم بحاجة لهذه السلة الغذائية يتجاوز الـ 36 مليون نسمة، مما يعني هذا، إن أكثر من نصف الشعب الإيراني يعيش تحت خط الفقر. والعجيب في الأمر هذا التقرير الذي يتحدث عن المكرمة التي يوزعها النظام على مواطنيه ليس لها محل من الاعراب في قسم العربي للموقع نفسه، أي لم تذكر ابداً، وذلك لخداع الرأي العام العربي!!

بات الوضع المعيشي والأمني المزري في الجمهورية الإسلامية حديث الساعة لدى المواطن في إيران الذي فقد هيبته وانسانيته جراء سياسات النظام الاقتصادية والسياسية والأمنية. فالإعدامات شبه اليومية بحق أبناء الشعوب غير الفارسية تحولت إلى ظاهرة لدى السلطات الأمنية في إيران، هذه الإعدامات لم تتوقف منذ مجيء الخميني وإلى يومنا هذا، فذاكرة أبناء الشعوب مليئة بألماسي والقصص الحزينة من سلوك الجزار خلخالي المقبور رئيس محكمة الثورة الذي عينه الخميني بعد انتصار الثورة عام 1979. هذه الظاهرة التي يمتاز بها نظام الملالي في طهران تظهر بوضوح حبهم لتصفية خصومهم من السياسيين الذين يختلفون معهم في إدارة البلاد سياسياً ناهيك عن المطالب الحقة من قبل أبناء الشعوب في الأقاليم التي تشكل جغرافيا إيران الحالية، وعادة ما تكون هذه المطالب سياسية بامتياز تهدف لكسب الحقوق القومية المغتصبة من قبل السلطات المتعاقبة على سدة الحكم في إيران منذ ظهور الدولة الحديثة التي قامت على أنقاض حقوق هذه الشعوب التي تشكل أكثر من 70% من سكان إيران الحالية.

لا شك هذا الوضع الذي شاهده الجمهور العربي وخاصة في الجانب الثاني من خليجنا العربي، يتضح له وبوضوح إن الثورة الإسلامية في إيران قد فشلت فشلاً ذريعاً، بحيث أوصلت المواطن الإيراني إلى حالة ما لا يحمد عقباها أبداً.

جمال عبيدي 

رئيس مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث- لندن

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق