الجبهة العربية لتحرير الأحواز: ذكرى التأسيس، وانبثاق مجلس الشورى

بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس “الجبهة العربية لتحرير الأحواز”، والذي يتزامن أيضاً مع الذكرى التسعين لاحتلال الأحواز، فقد جرت احتفالية واسعة يوم السبت الموافق 18-4-2015 بمدينة ماسترخت الهولندية. وحضر الحفل عدد غفير من الأحوازيين والأخوة العرب الذين جاؤوا من مختلف أصقاع الأرض، وتجاوز حضورهم المئتين وعشرين فرداً، بضمنهم شخصيات وطنية وأكاديمية واجتماعية، علاوة على ممثلين عن أحزاب وحركات سياسية لها ثقلها ودورها، وجميعهم كانوا شهوداً على توقيع “البيان التأسيسي لمجلس الشورى الوطني الأحوازي” الذي تشكل من قوى لها باعها وتاريخها في القضية الأحوازية، وهم: الجبهة العربية لتحرير الأحواز، المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم)، التيار الوطني العربي الديموقراطي في الأحواز؛ علاوة على العديد من النشطاء الوطنيين المستقلين، ليكون جمعهم مستهلاً جديداً في ثمرة العمل الوطني الأحوازي المشترك من جهة، ومركزاً جامعاً لدائرة أحوازية قابلة للتوسع والإتساع من جهة أخرى.

ولقد جاء في فاتحة البيان التأسيسي النص التالي:

“إن المرحلة الحالية البالغة الدقة والحساسية من شأنها تحديد مصير قضيتنا العربية العالمية الأحوازية العادلة والمشروعة، والتي تتطلب تحقيق تكتل كل الطاقات والجهود والصفوف الثورية لشعبنا الأبي، إذ تعلن اليوم القوى الوطنية الأحوازية التحررية التي ولدت جميعها من رحم الشعب العربي الأحوازي الباسل عن تحقيقها وحدة العمل المصيري المشترك فيما بينها معلنة عن فجر جديد للثورة الأحوازية متمثلاً في ’مجلس الشورى الوطني الأحوازي‘ ليأخذ على عاتقه مهمة مواصلة النضال وبكافة السُبل والأوجه حتى إعلان الدولة العربية الأحوازية الحرة المستقلة”.

إن هكذا انبثاق أحوازي ينم عن وعي وإدراك هذه القوى الوطنية السياسية بالمنعطف التاريخي الخطير الذي تمر فيه الأمة العربية لا سيما في مشرقها، بعد أن تمكنت الأذرع الصفوية الإيرانية بفرض سيطرتها وسطوتها المباشرة على بعض البلدان: العراق، سوريا، لبنان، اليمن نموذجاً. ناهيك بالكلام عن الخلايا النائمة في المغرب العربي، حيث تتحين الفرص الملائمة لكي تكشف عن حقيقة أهدافها المرتبطة بالمشروع الصفوي الإيراني في الهيمنة على صناعة القرار السياسي، والإستلاب الإرادي، والتبعية الذيلية بمختلف النواحي والأصعدة.

وإذا كانت نيران محمد البو عزيزي في 17-12-2010 بولاية سيدي أبو زيد في تونس قد شكلت حافزاً دافعاً بإشعال اللهيب العربي الذي أسقط أنظمة أستبدادبة في تونس، ليبيا، مصر، اليمن، وسوريا مهما طال الوقت، فإن استشهاد يونس العساكرة الذي تحول تشيع جنازته في المحمرة بتاريخ 23-3-2015 إلى حراك جماهيري فعّال حفزت القوى الوطنية الثلاث الآنفة الذكر إلى تسريع انبثاق تكتلها على أرض الواقع كاستجابة واجبة لمتطلبات المرحلة، وكذلك محاكاة الأحداث والوقائع بالمستوى الواجب لها وطنياً وقومياً.

وبذا تجد الفقرات الثمانية في البيان تتضمن:

  • مطالبة “الجامعة العربية بتحمل مسؤوليتها” تجاه قضية الشعب العربي الأحوازي.
  • تأييد القضية الفلسطينية، والحق الفلسطيني الشرعي بإقامة دولتهم وعاصمتها القدس.
  • وكذلك التأييد التام لـ “عاصفة الحزم” ضد المشروع الفارسي التوسعي، من أجل دعم الشرعية في اليمن.
  • ومباركة وتأييد “الثورة العراقية وأذرعها الوطنية” الأصيلة التي تقدم التضحيات الجسام في سبيل تحرير العراق ضد الإحتلال الفارسي.
  • وقوف المجلس “مع الشعب السوري” وثورته المقدامة ضد الظلم والطغيان المتمثل بنظام بشار وحلفاءه، وفي مقدمتهم الدولة الفارسية وأذنابها.
  • تأكيد المجلس على “الحق التاريخي لدولة الإمارات العربية المتحدة” وسيادتها على الجزر الثلاث في الخليج العربي المُحتلة من قِبل الدولة الفارسية.
  • ينبذ المجلس التدخلات السافرة للدولة الفارسية “في الشأن الداخلي لمملكة البحرين” وبقية دول الخليج العربي الشقيقة.
  • تأكيد المجلس وتأييده “نضال كافة الشعوب غير الفارسية المُحتلة من قِبل ما تسمى بالدولة الإيرانية”، ومطالبة المجلس المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية تجاه الشعوب التي تعاني من الإحتلال والعنصرية الفارسية.

إن المراقب والمتابع للقضية الأحوازية بالقدر الذي يتفائل من ولادة “مجلس الشورى الوطني الأحوازي”، فإنه يأمل مع قادم الأيام أن تتبلور بقية الرؤى والأفكار بين المكونات السياسية الأحوازية أكثر فأكثر من أجل مستقبل الأحواز أرضاً وشعباً.

إن “مجلس الشورى الوطني الأحوازي” الذي سعى إلى تكوينه رجال صادقون ومؤمنون بعدالة قضيتهم، فإن هذا المبدأ ينطبق على كل مَنْ يرفع شعار التحرير للأحواز؛ وبالتالي مهما اختلفت السُبل والاتجاهات والمواقف، فإن الذين يتجنبون الانتماء لهذا المجلس، أو يتحاشون غمار الخوض فيه، أو يحاولون افتعال الحجج والأعذار بغية الابتعاد عنه؛ فإنني كمثقف عربي وكاتب قومي أرى: أن عملية تحرير الأحواز سوف تستمر على منوالها الإشكالي منذ جيلها الأول وصولاً إلى جيلها الثالث الحالي. حيث إن كثرة المسميات والمكونات لا تعني زيادة الرايات في تسريع عملية التحرير، بل إعاقة طريق التحرير بكثرتها المتوحدة الأهداف نظرياً، والمتضادة مع بعضها البعض عملياً.

وهنا لا أود الخوض في تفاصيل متشعبة قد تفقد البوصلة اتجاهها المطلوب، وبعقلية نقدية نقول إن قضية الأحواز ترتبط بالنظام العربي الرسمي، فهي تقوى أو تضعف بحسب الوضع السياسي السائد في الوطن العربي. ففي مطلع الستينات من القرن الماضي حققت القضية الأحوازية نتائج جمة، منها: نيلها كرسياً في مؤتمر القمة العربية لسنة 1964. وفي الثمانينات أيضاً تصدرت قضية الأحواز منزلة خاصة في العراق، لاسيما أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).

ونتيجة للتوغل واستفحال الأذرع الإيرانية داخل الوطن العربي في العقدين الماضيين، وقيام القوى العربية بقيادة المملكة العربية السعودية في “عاصفة الحزم” بمحاربة الذراع الإيراني الذي انقلب بقوة السلاح على الشرعية في اليمن، فإن الضرورة وسياق الأحداث جعلت قضية الأحواز تعود إلى الواجهة وبشكلٍ مُلح ومُتسارع. ولذا، فعلى فصائل المقاومة الأحوازية والأحزاب السياسية أن تستثمر هذه الفترة الزمنية لكي تحقق أعلى قدر ممكن في دعم قضيتهم الشرعية والمشروعة ضد الاحتلال الإيراني الفارسي العنصري. وإن انبثاق “مجلس الشورى الوطني الأحوازي” خطوة مهمة في الإتجاه الأصوب والأصلح للقضية الأحوازية، كونه نتاج إرادة سياسية أحوازية بحتة، وإن الإنتماء إليه أو الالتفاف حوله يُعزز ويُمتن أكثر الوضع الأحوازي في محيطه العربي والدولي.

ولا يسعنا في هذا الصدد، إلا أن نبارك “الجبهة العربية لتحرير الأحواز” في ذكرى تأسيسها، ونبارك أيضاً “المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم)”، و”التيار الوطني العربي الديموقراطي في الأحواز”، وبقية الوطنيين المخلصين الذين شاركوا الجبهة، وعملوا على مدى شهور لإنبثاق “مجلس الشورى الوطني الأحوازي” ليكون مركز استقطاب لكافة القوى الأحوازية، من أجل مسقبل الأحواز، وتحقيق كيانها كدولة عربية حرة، كما كانت شامخة باسقة في ماضيها.

د. عماد الدين الجبوري

كاتب وباحث عراقي

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق